الصفحات

الجمعة، 24 فبراير 2023

الطعن 320 لسنة 20 ق جلسة 9/ 5/ 1950 مكتب فني 1 ق 206 ص 629

جلسة 9 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

---------------

(206)
القضية رقم 320 سنة 20 القضائية

إجراءات الغيبة. 

الإجراءات الواجب اتباعها أمام محكمة الجنايات في حالة الحكم في غيبة المتهم. متهم بجناية أحيل إلى محكمة الجنايات. حكمها غيابياً باعتبار ما وقع منه جنحة. حضوره . اعتبارها الحكم الغيابي قائماً. خطأ. هذا الحكم يسقط حتما بحضوره وتتعين إعادة محاكمته أمامها.

-------------
الأصل في الإجراءات الواجب اتباعها أمام محاكم الجنايات في حالة الحكم في غيبة المتهم أنها يحكمها الفصل الثالث من الباب الثالث من قانون تحقيق الجنايات بما في ذلك المادة 224 منه إلا ما استثنته الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون تشكيل محاكم الجنايات المستحدثة بالقانون رقم 39 لسنة 1934 بشأن المتهمين في الجنح التي تقدم لمحاكم الجنايات لارتباطها بالجناية. والعبرة فيما يتعلق بتطبيق الضوابط التي يضعها القانون لإجراءات المحاكمة وحق الطعن في الأحكام هي طبقاً للقواعد العامة بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى لا بما تقضى به المحكمة في موضوعها. وإذن فإذا كانت الدعوى قد رفعت بجناية سرقة بإكراه فقضت محكمة الجنايات غيابيا باعتبار ما وقع من المتهم جنحة ضرب ثم ضبط المتهم فأعيد تقديمه لقاضي الإحالة فأحاله إلى محكمة الجنايات فقضت باعتبار الحكم الغيابي قائما فإنها تكون قد أخطأت؛ إذ هذا الحكم قد سقط حتما بحضور المتهم أمامها وكان من المتعين أن تعاد محاكمته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- نصيف يواقيم قناوي. 2- فتحي أبو زيد (الطاعن) بأنهما سرقا حافظة نقود بداخلها مبلغ خمسة وثلاثين قرشا لزينهم عبد الحليم حسن بطريق الإكراه بأن ضرباه ليعطلا مقاومته فتمكنا بذلك من السرقة وقد ترك الإكراه بالمجني عليه أثر جروح مبينة بالكشف الطبي، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للمادة 314/1-2 من قانون العقوبات، فقرر بذلك بتاريخ 28 سبتمبر سنة 1947.
سمعت محكمة جنايات مصر هذه الدعوى ثم قضت فيها عملا بالمادة 242/1 من قانون العقوبات حضوريا للأول وغيابيا للثاني (الطاعن) بمعاقبة كل من نصيف يواقيم قناوي وفتحي محمد أبو زيد بتغريم كل منهما 300 قرش وذلك على اعتبار أن ما وقع من المتهمين واقعة ضرب، وبعد أن أعيد المتهم المحكوم عليه غيابيا (فتحي محمد أبو زيد) لقاضي الإحالة الذي أحاله إلى محكمة الجنايات قضت هذه المحكمة فيها حضوريا باعتبار الحكم الغيابي لا زال قائما.
فطعن حضرة صاحب العزة محمد عطية إسماعيل بك رئيس نيابة جنوب القاهرة في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تقول في أسباب طعنها إن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار الحكم الغيابي لا زال قائما يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه. ذلك لأن المطعون ضده كان متهما بجناية هي سرقة بالإكراه وأحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بوصف كونه مرتكباً لهذه الجناية، فصدر الحكم عليه غيابيا ثم أعيدت الإجراءات ضده إلى أن حضر أمام المحكمة. وإذن فإن الحكم الغيابي يكون قد سقط بمجرد مثوله أمامها وأصبح لا وجود له قانونا، وهو ما كان يقتضي أن تعيد محاكمته، أما وهي لم تفعل بل اعتبرت الحكم الغيابي لا زال قائما فتكون قد أخطأت.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده وآخر بأنهما سرقا حافظة نقود بداخلها مبلغ 35 قرشاً للمجني عليه بطريق الإكراه بأن ضرباه ليعطلا مقاومته فتمكنا بذلك من السرقة وقد ترك الإكراه بالمجني عليه أثر جروح مبينة بالكشف الطبي، وطلبت من قاضي الإحالة إحالة المتهمين على محكمة جنايات مصر لمحاكمتهما بالمادة 314/1 و2 من قانون العقوبات، فقرر إحالتهما لمعاقبتهما طبقا للمادة المذكورة وقد كان قراره غيابيا بالنسبة للمطعون ضده، فنظرت محكمة الجنايات القضية وقضت بتاريخ 17 فبراير سنة 1948 حضوريا بالنسبة للمتهم الآخر وغيابيا بالنسبة للمطعون ضده باعتبار أن ما وقع من المتهمين جنحة ضرب وبمعاقبة كل منهما بغرامة مقدارها 300 قرش، ثم ضبط بعدئذ المطعون ضده فأعيدت الإجراءات بالنسبة إليه بأن أعيد تقديمه لقاضي الإحالة الذي قرر في 22 من فبراير سنة 1948 حضوريا بإحالته إلى محكمة جنايات مصر لمحاكمته طبقاً لقرار الاتهام السابق تقديمه من النيابة، وحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 16 من يناير سنة 1949 وفيها لم يحضر المتهم المطعون ضده، فقضى باعتبار الحكم الغيابي لا زال قائما. ثم ضبط ذلك المتهم مرة أخرى وحددت لنظر القضية جلسة 27 من نوفمبر سنة 1949 وبهذه الجلسة حضر المطعون ضده أمام محكمة الجنايات التي قضت في هذا التاريخ باعتبار الحكم الغيابي لا زال قائما، وهذا هو الحكم المطعون فيه من النيابة والذي قال تبريراً لقضائه: "إن محكمة الجنايات أصدرت حكمها على المتهم المذكور بتاريخ 17/2/1948 بمعاقبته بغرامة ثلاثمائة قرش باعتبار أن ما وقع منه جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/1 عقوبات وأعيد المتهم لحضرة قاضي الإحالة الذي أحاله على هذه المحكمة بتاريخ 22 من فبراير سنة 1948. وبتاريخ 16 يناير سنة 1949 أصدرت محكمة جنايات مصر حكما غيابيا يقضي باعتبار الحكم الغيابي السابق ما زال قائما. وحيث إنه بجلسة اليوم حضر المتهم وقرر بقبوله الحكم الغيابي الصادر ضده. وحيث إن محكمة جنايات مصر نظرت القضية بالنسبة للمتهمين نصيف يواقيم بباوي وفتحي محمد أبو زيد، فأصدرت حكمها الرقيم 17 فبراير سنة 1948 باعتبار ما وقع من المتهمين جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/1 من قانون العقوبات وقد صدر هذا الحكم حضوريا بالنسبة (لنصيف يواقيم بباوي) وغيابيا بالنسبة (لفتحي محمد أبو زيد) المطعون ضده بتغريم كل من المتهمين ثلاثمائة قرش. وبجلسة 22 فبراير سنة 1948 قدم هذا المتهم لحضرة قاضي الإحالة، وفي هذا التاريخ بالذات صدر قرار بإحالة (فتحي محمد أبو زيد) على هذه المحكمة لمحاكمته بالمادة 314/2 من قانون العقوبات على أساس أن ما نسب إلى المذكور جناية سرقة بالإكراه، وبعد أن أخذت القضية دورها حكمت المحكمة باعتبار الحكم الغيابي الصادر ضد المتهم- وهو صادر في جنحة ضرب - حكما غيابيا لا زال قائما. وقد يبدو عجيبا بعد هذا أن تظل النيابة العامة على رأيها في هذا الشأن فتقدم المتهم مرة أخرى لحضرة قاضي الإحالة حيث يحيل حضرته المتهم على هذه المحكمة باعتبار أن ما وقع منه جناية منطبقة على المادة 314/2 عقوبات. والواقع أن هذا إضاعة لجهود غير مجدية فالحادثة قضى فيها على المتهم باعتبار أنها جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/1 عقوبات. وليس للنيابة بعد هذا ومع قيام الحكم الغيابي الصادر في القضية باعتبارها جنحة، ليس لها بعد هذا أن تلجأ إلى قاضي الإحالة لأن هذا قلب للأوضاع القانونية. على أن المحكمة لم يفتها أن تسأل المتهم عما إذا كان قد عارض في الحكم فكان رده أنه لم يفعل وأنه قبل الحكم. ومع هذا وتطبيقا لما تقدم ترى المحكمة الحكم في الدعوى باعتبار أن الحكم الغيابي لا زال قائماً".
وحيث إن المادة 224 من قانون تحقيق الجنايات إذ نصت على أنه: "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتما الحكم السابق صدوره، فإذا لم يسبق حضور المتهم أمام قاضي الإحالة يكون الإجراء كما لو كانت القضية لم تقدم إليه الخ" قد أفادت صراحة أنه يترتب على حضور المتهم سقوط الحكم الغيابي حتما بقوة القانون. ولكن في ذلك يختلف الحكم الصادر في الغيبة من محكمة الجنايات عن الحكم الغيابي الصادر من محاكم الجنح والمخالفات. فالحكم الأخير لا يسقط بحضور المتهم بل للمتهم، كما يشاء، أن يعارض فيه أو أن يقبله ويترك ميعاد المعارضة ينقضي دون أن يرفعها. أما الحكم الصادر في الغيبة من محكمة الجنايات في قضية قدمت إليها بوصف كونها جناية فلا يتوقف أمره على إرادة المتهم، إن شاء قبله وإن شاء طعن فيه، إذ هو يسقط حتما بحضوره، ومتى كان المقرر أن الحكم الغيابي في مواد الجنايات يسقط حتما بقوة القانون، فإن المتهم لا يجوز له عند إعادة محاكمته أن يتمسك بالعقوبة المقضى بها فيها، بل إن المحكمة تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء في الحكم المذكور، لأن إعادة الإجراءات لم تشرع لمصلحة المحكوم عليه فقط بل لمصلحة عامة. ومن الخطأ قياس سقوط الأحكام الغيابية في مواد الجنايات على حالة المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات. ولما كان هذا مقرراً بشأن ما تنظره محاكم الجنايات من قضايا تحال عليها من قاضي الإحالة بوصف كونها جنايات، خلافا لتلك التي تحال إليها بوصف كونها جنحة مرتبطة بالجناية، فإن المشرع قد أورد بشأنها نصا خاصا بالقانون رقم 39 الصادر في 28 من يونية سنة 1934 بإضافة فقرة ثانية للمادة 53 من قانون تشكيل محاكم الجنايات فأصبح نصها يجري "بأن المتهم الغائب تحكم في غيبته محكمة الجنايات حسب أحكام قانون تحقيق الجنايات. ومع ذلك فالشخص الغائب الذي يكون متهما في جنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات، يقضي في غيبته طبقا للإجراءات المعمول بها أمام محاكم الجنح". ولما كان مفهوم هذه المادة بشقيها هو أن الأصل في الإجراءات أمام محاكم الجنايات التي يجب اتباعها في غيبة المتهم يحكمها الفصل الثالث من الباب الثالث من قانون تحقيق الجنايات بما في ذلك المادة 224 السالفة الذكر إلا ما استثنته الفقرة الثانية من المادة 53 من قانون تشكيل محاكم الجنايات المستحدثة بالقانون رقم 39 لسنة 1934 بشأن المتهمين في الجنح التي تقدم لمحاكم الجنايات لارتباطها بالجناية. ولما كانت العبرة فيما يتعلق بتطبيق الضوابط التي يضعها القانون لإجراءات المحاكمة وحق الطعن في الأحكام هي، طبقاً للقواعد العامة، بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى وليست كما تقضي به المحكمة في موضوعها، وكان لا يسوغ بداهة أن تستند محكمة الجنايات في خصوص هذه الدعوى إلى أسباب الحكم الغيابي بصدد ما انتهى إليه من وصف للواقعة ما دام أن ذلك الحكم قد سقط بقوة القانون بمثول المتهم أمام المحكمة كما سلف القول وسقطت معه بالبداهة الأسباب التي أقام عليها قضاءه. ولما كانت الدعوى كما رفعت هي جناية سرقة بإكراه، فإنه كان يتعين إعادة المحاكمة على أساس هذا الوصف، أما وقد تنكبت المحكمة هذا الطريق وقضت باعتبار الحكم الغيابي قائماً على الرغم من سقوطه قانونا فإنها تكون قد أخطأت في تأويل القانون وفي تطبيقه بما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لإعادة محاكمة المتهم فيها بعد أن سقط الحكم الغيابي الصادر فيها ولم يبق قائماً من الإجراءات غير قرار قاضي الإحالة الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1948.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق