الصفحات

السبت، 25 فبراير 2023

الطعن 1327 لسنة 19 ق جلسة 23/ 5/ 1950 مكتب فني 1 ق 224 ص 687

جلسة 23 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة حسن إسماعيل الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

-----------------

(224)
القضية رقم 1327 سنة 19 القضائية

اختلاس أشياء محجوزة. 

طلب تسوية ديون من بينها دين الحاجز. قبول الطلب من جهة الشكل ونشر القرار بالوقائع الرسمية. لا تجوز إدانة المتهم في الاختلاس إلا على أساس التبديد الفعلي.

----------------
إن المادة 17 من القانون رقم 12 لسنة 1942 الذي حل محل القانون رقم 3 لسنة 1939 بتسوية الديون العقارية قد نصت على أن "اللجنة في أية حالة كانت عليها الإجراءات أن تقرر أن الطلب (طلب التسوية) جائز القبول وتنشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويترتب على هذا النشر إيقاف بيع عقارات المدين وأمواله الأخرى حتى تفصل اللجنة نهائياً في موضوع الطلب". ومؤدى هذا النص أن الدائن، ولو أن له أن يوقع الحجز على أموال مدينه الذي قبل طلب تسوية ديونه شكلا وفاء لدينه، ممنوع من إجراء بيع الأموال المحجوزة. وإذن فإذا كان الثابت بالحكم أن لجنة تسوية الديون العقارية قد قررت قبول طلب التسوية المقدم من المحجوز عليه من جهة الشكل وأن هذا القرار قد نشر بالوقائع الرسمية قبل الحجز، فإنه لا تصح إدانة المتهم في جريمة اختلاس هذا المحجوز إلا على أساس ثبوت التبديد الفعلي بتصرفه في المحجوز مع قيام الحجز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين الثلاثة بأنهم: الأول بدد الأشياء المبينة بمحضر الحجز والمحجوز عليها قضائيا لصالح شاكر ملطي ميخائيل وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالحاجز حالة كونه حارساً عليها. والثاني بدد ماكينة الحرث والأشياء الأخرى المبينة بمحضر الحجز والمحجوز عليها قضائيا لصالح ذات الحاجز السابق وكانت قد سلمت إليه أيضاً على سبيل الوديعة فاختلسها لنفسه إضراراً بالحاجز حالة كونه مالكا لها وحارسا عليها. والثاني والثالث اشتركا معاً في التحريض والاتفاق مع الأول في ارتكاب تبديد الأشياء المحجوزة، وذلك بأن حرضاه على عدم تقديمها يوم البيع واتفقا معه على ذلك فوقعت الجريمة الأولى بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق، وطلبت عقابهم بالمواد 40 و41/1، 2 و341 و342 من قانون العقوبات.
سمعت محكمة أبو قرقاص الجزئية الدعوى وقضت فيها غيابياً عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين الثلاثة ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لإيقاف التنفيذ. فعارضوا، ولكنهم لم يحضروا الجلسة المحددة لنظر معارضتهم فقضت المحكمة باعتبارها كأن لم تكن مع إلزامهم بمصاريفها فاستأنفوا جميعهم وطلبوا إلغاء هذا الحكم والقضاء ببراءتهم مما هو منسوب إليهم، واستأنفت النيابة كذلك طالبة التشديد لوجود السوابق، ومحكمة المنيا الابتدائية نظرت الدعوى وقضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف التنفيذ لمدة خمس سنوات من اليوم.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في الحكم الأخير بطريق النقض الخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر بالقانون. وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه دانهما بتبديد أشياء محجوز عليها قضائياً بالرغم من عدم توفر القصد الجنائي لديهما، ومما تمسك به الحاضر عنهما أمام المحكمة من قبول لجنة تسوية الديون العقارية للطلب المقدم من الطاعن الثاني بتسوية ديونه ومن بينها دين الحاجز وذلك من قبل توقيع الحجز، ثم صدور قرار تلك اللجنة بتخفيض هذا الدين فعلا وبراءة ذمة المدين من القدر المحجوز بموجبه وإقرار الحاجز نفسه بذلك وتنازله عن دعواه المدنية لهذا السبب ولو أنه ذكر أن قبول التسوية من اللجنة إنما كان لاحقا لحصول الحجز والتبديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في أن الطاعنين الثاني والثالث كانا مدينين للحاجز بموجب حكم في مبلغ 800 جنيه و60 مليما، سددا منه مبلغ 300 جنيه، وأن المجني عليه أوقع الحجز بتاريخ 25 من أغسطس سنة 1947 وفاء لباقي دينه على سيارة وزراعة قطن، وعين الطاعنان الأول والثالث حارسين وتحدد للبيع يوم 22 من سبتمبر سنة 1947، وفي هذا اليوم قدم المخاطب معه إلى المحضر ورقة صادرة من الحاجز بطلب وقف بيع السيارة وورقة أخرى تفيد توريد القطن المحجوز شونة بنك التسليف الزراعي، وقد أوقف المحضر بيع السيارة كطلب الحاجز كما أوقف بيع القطن لعدم حضور مشترين، وأنه في ذات اليوم توقع حجز آخر وفاء لنفس المبلغ بما زاد عليه من ملحقات على ماكينة حرث وزراعة ذرة وفرس، وعين الطاعنان الأول والثاني حارسين، وتحدد يوم 15 من ديسمبر سنة 1947 لبيع الأشياء المحجوزة في كلا الحجزين سالفي الذكر، وأنه في هذا اليوم لم يقدم الطاعنون شيئاً من المحجوزات وأن المحضر بحث عنها فلم يجدها، وقال له المخاطب معه إن القطن قد بيع بمعرفة الصراف، ولم يقدم ما يؤيد ذلك كما أجاب بعدم وجود باقي الأشياء - حصل الحكم واقعة الدعوى فيما تقدم بعد أن أثبت إقرار الحاجز باستلامه دينه وتنازله عن دعواه المدنية، ثم أورد دفاع الطاعنين المبين بوجه الطعن من أن الدين دخل التسوية العقارية، وأنه قد نشر عن ذلك بعدد الوقائع المصرية رقم 152 غير الاعتيادي والصادر بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1939 والمشار إليه بحافظة مستنداتهما. أورد الحكم هذا الدفاع، وانتهى إلى القول بأن سوء نية المتهمين (الطاعنين) واضح من تهربهم وعدم إبدائهم لأي دفاع، ثم تمسكهم بدفوع لا دليل عليها، وبأن هذا الدفاع (المبين بوجه الطعن) قد جاء متأخراً، وبعد تنازل الدائن عن دينه باقراره استلامه وبأن التسوية لم تتم إلا بعد مقارفة الجريمة مما لا يعفيهم من نتيجة التبديد وعرقلة إجراءات البيع بقصد كسب الوقت ليس غير، وقضي من أجل ذلك بإدانتهم.
وحيث إنه لما كان ثابتاً مما أورده الحكم، على ما تقدم، أن لجنة تسوية الديون العقارية قد قررت قبول طلب التسوية المقدم من الطاعن الثاني من جهة الشكل، وأن هذا القرار قد صار نشره بعدد الوقائع الرسمية رقم 152 الصادر بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1939، أي قبل الحجز واليوم المحدد للبيع، وكانت المادة 17 من القانون رقم 12 لسنة 1942 الذي حل محل القانون رقم 3 لسنة 1939 بتسوية الديون العقارية، قد نصت على أن "للجنة في أية حالة كانت عليها الإجراءات أن تقرر أن الطلب حائز القبول" وتنشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويترتب على هذا النشر إيقاف بيع عقارات المدين وأمواله الأخرى حتى تفصل اللجنة نهائياً في موضوع الطلب، وكان مؤدى هذا النص أن الدائن، ولو كان له أن يوقع الحجز على أموال مدينه الذي قبل طلب تسوية ديونه شكلا، وفاء لدينه، إلا أن هذا الدائن ممنوع من إجراء بيع هذه الأموال المحجوزة، وكان يلزم عن ذلك أنه لم يكن للمدعي بالحقوق المدنية في خصوص هذه الدعوى أن يحدد يوماً لبيع المحجوزات وأن لا يقال بتبديدها، إذ أن إجراءات البيع والتبديد الحاصلة بعد قبول التسوية شكلا قد وقعت باطلة لصدورها على خلاف مقتضى النص سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت في حق المتهمين أنهم قد تصرفوا فعلا في شيء مما حجز عليه، فإن الأسباب التي أقام عليها توفر سوء القصد لديهم لا تكون مؤدية إلى ذلك، ويكون الحكم بذلك قد جاء قاصراً مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث يقتضي نقضه بالنسبة إلى الطاعن الأول أيضاً الذي وإن قرر الطعن في الميعاد لم يقدم أسباباً لطعنه وذلك نظراً لوحدة الواقعة وتحقيقاً لحسن سير العدالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق