الصفحات

السبت، 3 سبتمبر 2022

الطعن 195 لسنة 22 ق جلسة 19/ 6/ 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 417 ص 1118

جلسة 19 من يونيه سنة 1952

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسني بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: إبراهيم خليل بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

--------------

(417)
القضية رقم 195 سنة 22 القضائية

تفتيش.

إجراؤه بمعرفة ضابط مكتب المخدرات. تفتيش باطل.

---------------
إنه لا القانون رقم 140 لسنة 1944 الخاص بنظام هيئات البوليس ولا قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1929 بإنشاء مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة ولا قرار وزير الداخلية الصادر في سنة 1947 بإنشاء إدارة مكافحة المخدرات تابعة لإدارة الأمن العام يصلح أساساً لتخويل ضابط مكتب المخدرات التابع لإدارة مكافحة المخدرات بإدارة الأمن العام صفة مأمور الضبط القضائي. فإذا كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الذي فتش منزل الطاعن هو أحد ضباط ذلك المكتب وإن ضابط مباحث المديرية الذي كان يرافقه لم يكن مأذوناً من النيابة في إجراء التفتيش ولا منتدباً لذلك ممن يملك هذه الندب، فهذا التفتيش يكون قد جاء مخالفاً للأصول والأوضاع التي أوجبها القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - الورداني محمد محمد عبد النبي 2 - صبحه محمد علي 3 - سالمه عبد الله الشافعي. بأنهم بدائرة مركز أبو كبير أحرزوا مواد مخدرة (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبقصد الاتجار وطلبت عقابهم بالمواد 35 ،36 ،40 ،41 ،45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أبو كبير الجزئية دفع كل من المتهمين ببطلان التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات. والمحكمة قضت عملاً بمواد الاتهام للأول والثالثة. أولاً برفض دفعي بطلان التفتيش المقدمين من دفاع المتهمين الأول والثالثة (الورداني محمد محمد عبد النبي وسالمه عبد الله الشافعي) وبصحته وحبس كل منهما سنة مع الشغل والنفاذ وغرامة 200 جنيه والمصادرة. وثانياً قبول الدفع ببطلان التفتيش المقدم من دفاع المتهمة الثانية (صبحه محمد علي) وبراءتها مما نسب إليها مع المصادرة. فاستأنف المتهمان وفي أثناء نظر الدعوى دفع محامي المتهمين دفعاً فرعياً بأن ضباط مكتب مكافحة المخدرات وضباط المباحث بما فيهم ضابط مباحث مركز أبو كبير ليسوا من رجال الضبطية القضائية. والمحكمة قضت برفض الدفع وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين دان الطاعنين بإحراز المخدر، استناداً إلى دليل مستمد من تفتيش أجراه رجال مكتب مكافحة المخدرات بالزقازيق وضابط المباحث الجنائية بمركز أبو كبير واعتماداً على شهادة من أجروا ذلك التفتيش. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن مكتب مكافحة المخدرات بالزقازيق لا وجود له قانوناً فقد أنشئ بقرار من وزير الداخلية وهو لا يملك سلطة إنشاء هذا المكتب، فضلاً عن أن هذا المكتب يتبع إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وهذه الإدارة تتبع إدارة الأمن العام مباشرة. ولم يراع في إنشاء هذا المكتب وفروعه نظام التقسيم الداخلي للقطر المصري الذي كان ملحوظاً عند وضع المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات رقم 4 لسنة 1904 وهي التي بينت الموظفين الذين يعتبرون من مأموري الضبط القضائي وهذا البيان لا يشمل رجال مكتب مكافحة المخدرات وضباط المباحث الجنائية ولم يصدر أمر عال باعتبار هؤلاء من رجال الضبط القضائي ومن ثم يكون التفتيش الذي أجروه باطلاً ولا يصح الاعتماد عليه وعلى شهادة من أجروه كدليل في الدعوى.
وحيث إن الذي يبين من الرجوع إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من مارس سنة 1929 خاصاً بإنشاء مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة أن مهمته كانت قاصرة على القيام بالمخابرات والاستعلامات والتحريات بشأن المواد المخدرة وتقديم المساعدة اللازمة للسلطات المختصة سواء في داخل البلاد أو في غيرها من البلاد الأجنبية وقد صار لهذا المكتب فروع عدة. ثم أصدر وزير الداخلية في 30 من أكتوبر سنة 1947 قراراَ بإنشاء إدارة بوزارة الداخلية تسمى "إدارة مكافحة المخدرات" تكون تابعة لإدارة الأمن العام على أن يكون لهذه الإدارة فروع يرأسها ضباط وأن تستمر الفروع التي كانت موجودة وقتئذ في أداء أعمالها على أن يزاد عليها غيرها أو تعدل مقارها حسب مقتضيات الأحوال مستقبلاً وأن يستمر الضباط وصف الضباط والعساكر والموظفون المدنيون المنتدبون لشئون مكافحة المخدرات وقت صدور هذا القرار في عملهم حتى يتم إدراج الوظائف اللازمة لهذه الإدارة في ميزانية الدولة. وقد جاء بديباجة هذا القرار "إن صالح العمل يقتضي إنشاء إدارة خاصة بوزارة الداخلية للنهوض بالأعباء التي كان يؤديها مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة الذي أنشئ بقرار من مجلس الوزراء في 20 من مارس سنة 1929" ويدل هذا على أن إدارة مكافحة المخدرات المنشأة بقرار وزير الداخلية آنف الذكر قد جعلت وحدة قائمة بذاتها تابعة لإدارة الأمن العام مباشرة وتباشر أعمالها مستقلة تماماً عن سلطات البوليس في المحافظات والمديريات وأن مهمتها لا تعدو مهمة مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة المنشأة في 20 من مارس سنة 1929 وليس في ذلك ما يخول رجال هذه الإدارة سلطة الضبط القضائي والتحقيق. لما كان ذلك وكانت المادة 5 من قانون تحقيق الجنايات تنص على أنه "لا يجوز لأحد بغير أمر من المحكمة أن يدخل في بيت مسكون لم يكن مفتوحاً للعامة ولا مخصصاً لصناعة أو تجارة يكون عملها تحت ملاحظة الضبطية القضائية إلا في الأحوال المبينة في القوانين أو في حالة تلبس الجاني بالجناية أو في حالة الاستغاثة أو طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق" وكانت المادة 30 من قانون تحقيق الجنايات تنص على أن "للنيابة العمومية الحق في تفتيش منازل المتهمين بجناية أو جنحة أو انتداب أحد مأموري الضبط القضائي لذلك" مما مفاده أنه لا يجوز للنيابة ندب أحد من غير مأموري الضبط القضائي لإجراء التفتيش وكان قانون تحقيق الجنايات إذ تحدث في المادة 4 منه عن مأموري الضبطية القضائية قد بين طوائف معينة من الموظفين واعتبرهم من مأموري الضبط القضائي بالنسبة لكافة الجرائم في دوائر اختصاصهم وأجاز إسباغ هذه الصفة على غيرهم بمقتضى أمر عال إما في محال معينة بالنسبة لكافة الجرائم أو بالنسبة لجرائم خاصة بوظائفهم، مما مفاده أن هذه الصفة لا يكتسبها رجل البوليس لمجرد كونه كذلك وإنما تكون له هذه الصفة إذا كان من بين من عددتهم المادة الرابعة سالفة الذكر أو كان من الموظفين الذين صدر أمر عال - أو قانون (حسبما تقضي بذلك المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية الجديد) بإسباغ هذه الصفة عليهم - يؤيد هذا النظر أن الشارع لو قصد إلى اعتبار جميع رجال البوليس من مأموري الضبط القضائي لأطلق نص المادة الرابعة سالفة الذكر عليهم بصفة عامة ولما جاء محدداً لفئات منهم دون أخرى. هذا ولم يأت القانون رقم 140 لسنة 1944 الخاص بنظام هيئات البوليس واختصاصاتها بما يمس الأحكام المتقدمة ولم يغير منها شيئاً ولم يسبغ على رجال البوليس عامة صفة مأموري الضبط القضائي بل أنه قد نص في مادته الثانية على أن "يختص البوليس بالمحافظة على النظام والأمن العام وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأموال وتنفيذ ما تفرضه عليه القوانين واللوائح من تكاليف" كما نص في مادته الرابعة على أن "تباشر هيئات البوليس اختصاصاتها تحت سلطة وزير الداخلية ورئاسته وهو الذي يضع اللوائح والقرارات اللازمة لتنظيم شئونها وله أن ينشئ الإدارات النظامية والمدنية لمراقبة أعمالها" ونصت المادة الخامسة منه على أن "يتولى المحافظون والمديرون والحكمدارون ومأمورو المراكز والأقسام رئاسة البوليس كل منهم في حدود اختصاصه" وهذه الأحكام تتفق وأحكام قانون تحقيق الجنايات بالنسبة للاختصاص المكاني لمأموري الضبط القضائي وتبعيتهم للمحافظين والمديرين مما يخلص منه أنه لا القانون رقم 140 لسنة 1944 ولا قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1929 ولا قرار وزير الداخلية الصادر في سنة 1947 يصلح أساساً لتخويل ضابط مكتب المخدرات التابع لإدارة مكافحة المخدرات بإدارة الأمن العام صفة مأمور الضبط القضائي. لما كان ذلك جميعه وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الذي فتش منزل الطاعنة الثانية هو أحد ضباط ذلك المكتب وأن ضابط مباحث المديرية الذي كان يرافقه وقتئذ لم يكن مأذوناً من النيابة بإجراء التفتيش ولا منتدباً لذلك ممن يملك هذا الندب. لما كان ما تقدم فإن هذا التفتيش يكون قد جاء مخالفاً للأصول والأوضاع التي أوجبها القانون ولا يجوز الاستناد في إدانة تلك الطاعنة إلى الدليل المستمد منه ولا إلى شهادة من أجراه. ولما كانت الدعوى - علي ما هو ظاهر من الحكم - خالية من أي دليل آخر فإن الحكم يكون إذن في غير محله ويتعين نقضه والقضاء لهذه الطاعنة بالبراءة. أما بالنسبة إلى الطاعن الأول فإنه لما كان الثابت بالحكم أن ضابط مباحث أبو كبير هو الذي فتش منزل هذا الطاعن وضبط المخدر فيه، وكان هذا الضابط يعمل ملاحظاً للبوليس بمركز أبو حماد ويخضع مباشرة لسلطان مأمور هذا المركز ومدير المديرية وحكمدارها ويعتبر طبقاً للمادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات مأمورا للضبط القضائي في دائرة اختصاصه وكانت النيابة قد أذنت هذا الضابط بإجراء التفتيش فإن التفتيش الذي أجراه يكون إذن صحيحاً قانوناً ويجوز الاستناد إليه في إدانة الطاعن المذكور ولا يغير من هذا النظر أن يكون أحد رجال مكتب المخدرات قد رافق هذا الضابط متى كان الثابت بالحكم أن هذا الضابط المأذون قد باشر بنفسه إجراءات التفتيش والضبط. لما كان ذلك فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق