الصفحات

السبت، 6 أغسطس 2022

الطعن رقم 104 لسنة 39 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 2 / 7 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني مـن يوليه سنة 2022م، الموافق الثالث من ذي الحجة سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيــم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 39 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها، بموجب حكمها الصادر بجلسة 29/ 4/ 2017، ملف الدعوى رقم 1124 لسنة 63 قضائية.

المقامة من
وليد محمد ضياء محمد
ضـد
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ الثاني عشر من يوليه سنة 2017، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 1124 لسنة 63 قضائية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها بتاريخ 29/ 4/ 2017، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984، على النحو المبين بالأسباب.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1124 لسنة 63 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، بطلب الحكم بأحقيته فى الاحتفاظ بأجره السابق الذي كان يتقاضــاه أثناء عمله بمكافأة شاملة قبل تعيينــه على درجة دائمة بالهيئة بتاريخ 24/ 2/ 2014، بوظيفة محام بالمجموعة النوعية لوظائف القانون، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استرداد ما سبق خصمه من الأجر والمكافآت السنوية التى صرفت له من تاريخ التعيين، والتي كان يتم احتسابها على أساس الأجر الجديد المخفض بعد التعيين. وقال بيانًا لدعواه إنه كان يعمل بالجهة الإدارية المدعى عليها بعقد مؤقت بمكافأة شاملة، ثم عُين بوظيفة دائمة، ومن ثم فإنه يستحق الأجر الذي كان يتقاضاه بنظام المكافأة الشاملة، لكونه يزيد على بداية الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها، إلا أن جهة عمله امتنعت عن صرف هذا الأجر، بالمخالفة لنص المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984، فقد أقام دعواه بالطلبات السالفة.
وإذ تراءى لمحكمة الموضوع أن نص الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984 حين قضى باحتفاظ العامل المعين بمكافأة شاملة بأجره عند تعيينه على وظيفة دائمة ولو كانت هذه المكافأة تزيد على بداية الأجر المقرر لدرجة الوظيفة، الذي يمنح لزملائه الذين عُينوا في الوظيفة ذاتها، وذلك بالرغم من أن الوظيفة التي يشغلها كل من الفريقين واحدة، ومن ثم يكون هذا النص قد أخل بقاعدة التماثل في الأجر للأعمال ذاتها، التي تقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها، كما يتعارض مع حق العامل في اقتضاء الأجر العادل لقاء عمله الذي يتكافأ مع عمل نظيره، مما يقيم شبهة مخالفة أحكام الدستور، فقد قضت تلك المحكمة بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ذلك النص.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولهــا، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها.
متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول طلب المدعى إعمال حكم الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984، الذي يقضى باحتفاظه بالمكافأة الشاملة التي كان يتقاضاها إبان عمله بالهيئة قبل تعيينه في وظيفة دائمة بها إذا كان يزيد على بداية الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها. وقد تراءى لمحكمة الموضوع أن النص المطلوب إنزال حكمه على النزاع المعروض عليها يشوبه من وجهة أولية عوار دستوري مما يقتضى عرض أمره على المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فإن حسم هذه المسألة الدستورية يكون لازمًا للفصل فى الطلب الموضوعي المرتبط بها، المعروض على محكمة الموضوع، مما يتوافر معه شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، محددًا نطاقها فيما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984 من احتفاظ العاملين المعينين بمكافأة شاملة بأجرهم السابق عند تعيينهم فى وظائف دائمة إذا كان يزيد على بداية الأجر المقرر للوظيفة المعينين عليها.
ولا ينال من ذلك أن المدعي، في الدعوى الموضوعية، يعمل محاميًا لدى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، الأمر الذي يخضعه لجدول مرتبات الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، فذلك مردود بما نصت عليه المادة (24) من القانون المشار إليه من أنه يعمل فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشـأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال، وكذلك باللوائح والنظم المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية . متى كان ذلك، وكان القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية قد خلا من نص ينظم احتفاظ المحامين بالإدارات القانونية بما كانوا يحصلون عليه من مكافآت شاملة قبل التعيين في وظائف دائمة بالإدارات القانونية بجهات عملهم، فإن تنظيم الاحتفاظ بالمكافأة الشاملة لمحامى الإدارة القانونية بالجهة المدعى عليها يكون وفقًا لما أوردته النظم المعمول بها في تلك الهيئة، والمتمثل فى نص الفقرة الثالثة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984 (النص المحال)، باعتباره الحاكم للمسألة المثارة، ويضحى الفصل في دستوريته لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي، وهـو ما تتوافر به المصلحة في الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984، تنص على أن: يستحق العامل أجره اعتبارًا من تاريخ تسلمه العمل ما لم يكن مُستبقى بالقوات المسلحة فيستحق أجره من تاريخ تعيينه.
ويستحق العامل عند التعيين بداية الأجر المقرر لدرجة وظيفته.
واستثناء من ذلك إذا أعيد تعيين العامل في وظيفة من مجموعة أخرى فى نفس درجته أو فى درجة أخرى احتُفظ له بالأجر الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة إذا كان يزيد على بداية الأجــر المقـرر للوظيفـة المعين عليها بشرط ألا يجاوز نهايته. ويسرى هذا الحكم على العاملين السابقين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع العام والعاملين بنظم وظيفية خاصة الذين يُعاد تعيينهم بالهيئة. كما يسرى هذا الحكم على العاملين المعينين بمكافآت شاملة عند تعيينهم في وظائف دائمة .
وحيث إن مفاد ذلك النص أن الأصل هو استحقاق العامل عند التعيين بداية مربوط الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها، واستثناء من هذا الأصل، احتفظت الفقرة الأخيرة من المادة (15) من اللائحة المشار إليها، لمن كان معينًا بمكافأة شاملة ثم عُين فى وظيفة دائمة، بأجر يساوى المكافأة التي كان يتقاضاها، إذا كان يزيد على بداية الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها، وذلك بشرط ألا يجاوز نهاية الأجر المقرر لتلك الوظيفة.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها وتعتبر تخومًـا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد إلى السلطة التشريعية بتنظيم موضوع معين، فإن ما تقره من القواعد القانونية في هذا النطاق لا يجوز أن ينال من الحقوق التي كفل الدستور أصلها، سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العمل - وفى إطار الخصائص التي يقوم عليها باعتباره حقًّا وواجبًا وشرفًا وفقًــا للمادة (12) من الدستور - مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير. وإعلاؤها لقدر العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز فى أداء العاملين مدخلاً للمفاضلة بينهم، وهو ما يعنى بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها هي التي يعتد بها في تقدير العمل وتحديد المقابل المستحق عنه، والأوضاع التي ينبغي أن يمارس فيها، والحقوق التي يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها. وأن ما تنص عليه المادة (12) من الدستور من أن العمل لا يجوز أن يفرض جبرًا على المواطنين إلا بمقتضى قانون، أو لأداء خدمة عامة، لمدة محددة، وبمقابل عادل، مؤداه أن الأصل في العمل أن يكون إراديًّا قائمًا على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة على أحد، إلا أن يكون ذلك وفق القانون وبمقابل عادل، وهو ما يعنى أن عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التي يؤديها العامل سواء في نوعها أو كمها، فلا عمل بلا أجر، ولا يكون الأجر مقابلاً للعمل إلا بشرطين، أولهما : أن يكون متناسبًا مع الأعمال التي أداها العامل، مقدرًا بمراعاة أهميتها أو صعوبتها أو تعقدها وزمن إنجازها، وغير ذلك من العناصر الواقعية التي يتحدد على ضوئها نطاقها ووزنها. ثانيهما: أن يكون ضابط التقدير موحدًا، فلا تتعدد معايير هذا التقدير بما يباعد بينها وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر. وهو ما يعنى بالضرورة ألا يكون مقدار الأجر محددًا التواءً أو انحرافًا، فلا يمتاز بعض العمال عن بعض إلا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يؤدونها وأهميتها، فإذا كان عملهم واحدًا فإن الأجر المقرر لجميعهم ينبغي أن يكون متماثلاً، بما مؤداه: أن قاعدة التماثل في الأجر للأعمال ذاتها، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها.
وحيث إن من المقرر أن الوظيفة العامة باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسئوليات يلزم للقيام بها توافر اشتراطات معينة في شاغلها تتفق مع نوعها وأهميتهـا وتسمــح بتحقيق الهدف من إيجادها، وأن هذا الاعتبار الموضوعي لا يتعارض مع الجانب الآخر للوظيفة المتمثل في العامل الذي يقوم بأعبائها وما يتطلبه هذا الجانب البشــرى لا الشخصي من الاعتداد بالخبرة النظرية أو المكتسبة اللازمة للقيام بأعباء الوظيفة ومراعاة ذلك فى الأجر الذي يحصل عليه بوصفه مقابلاً موضوعيًّا لا شخصيًّا لما يناط به من مسئوليات.
وحيث إن من المقرر - أيضًا - أن النصوص القانونية أو اللائحية التي تنظم موضوعًا محددًا، لا يجـوز أن تنفصل عن أهدافهـا، ذلك أن كل تنظيم تشريعـي أو لائحي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقيم عليها هذا التنظيم.
متى كان ما تقدم، وكان النص التشريعي الذي تحدد فيه نطاق الدعوى المعروضة، قد قضى باحتفاظ العامل المعين بمكافأة شاملة بأجر يساوى تلك المكافأة عند تعيينه على وظيفة دائمة، ولو كانت هذه المكافأة تزيد على بداية الأجر المقرر لدرجة الوظيفة المعين عليها، الذي يمنح لزملائه الذين عينوا في الوظيفة ذاتها، وذلك بالرغم من أن الوظيفة التي يشغلها كلٌّ من الفريقين واحدة، ومن ثم يكون هذا النص قد أخل بقاعدة التماثل في الأجر للأعمال ذاتها التي تقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها، كما يتعارض مع حق العامل فى اقتضاء الأجر العادل لقاء عمله الذي يتكافأ مع عمل نظيره، وذلك بالمخالفة لنص المادة (12) من الدستور.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه، مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًــا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية. وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًــا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصي المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما، هو ذلك الذي يكون تحكميًّــا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون فيه - بما ينطوي عليه من تمييز - مصادمًــا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن التمييز يكون تحكميًّا، وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًــا لمبدأ المساواة.
متى كان ما تقدم، وكان النص التشريعي المحال قد مايز بين فئتين من العاملين الخاضعين لنظام قانوني واحـد، هو لائحة نظـام العاملين بالهيئة العامـة لتنمية الثروة السمكية، إذ قضى باحتفاظ من كان منهم معينًا بمكافأة شاملة بأجره السابق عند تعيينه على وظيفة دائمة، في حين أن زملاءهم الذين عُينوا في الجهة ذاتها وفى الوظيفة عينها، لا يستحقون إلا بداية الأجر المقرر للوظيفة طبقًـا للجدول الأساسي لدرجات الوظائف وفئات الأجور، دون أن يستند هذا التمييز إلى أساس موضوعي يبرره، ومن ثم يضحى هذا التمييز تحكميًّا بالمخالفة لنص المادة (53) من الدستور.
ولا ينال مما تقدم، قالة إن من كان معينًــا بمكافأة شاملة قد اكتسب خبرة في مجال الوظيفة التي كان يباشر أعمالها، بما يلزم أن ينعكس أثر ذلك على أجره، ذلك أن المواد (16، 17، 18) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984 قد عالجت هذه المسألة، فأجازت حساب مدة الخبرة العملية، ويدخل ضمنها مدة العمل بمكافأة شاملة، على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين قيمة علاوة من علاوات درجة الوظيفة عن كل سنة من سنوات الخبرة، التي يتقرر حسابها والتي تزيد على الحد الأدنى للخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة، بشــرط ألا يسبق زميله المعين في الهيئة في وظيفة لها نفس طبيعة وظيفته وعلى درجة من نفس درجتها في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجات الوظيفة أو الأجر.
وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لنشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا ما استقر من حقوق ومراكز صدرت بشأنها أحكام حازت قوة الأمر المقضي، أو إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخًا آخر لسريانه. لما كان ذلك، وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984 سيؤدى إلى زعزعة كثير من المراكز القانونية التي استقرت للعاملين الذين أفادوا من حكمه، ومن ثم فإن هذه المحكمة حفاظًــا منها على ما استقر من هذه المراكز القانونية، فإنها تُعْمِل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد لسريان هذا الحكم تاريخًا آخر هو اليوم التالي لنشره.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم دستورية ما نص عليه عجز الفقرة الأخيرة من المادة (15) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984، من عبارة كما يسرى هذا الحكم على العاملين بمكافآت شاملة عند تعيينهم فى وظائف دائمة .
ثانيًا : بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق