الصفحات

الجمعة، 29 يوليو 2022

الطعنان 5054 ، 6151 لسنة 85 ق جلسة 16 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 36 ص 215

جلسة 16 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ محمود سعيد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ خالد محمد سليم، إيهاب فوزي سلام، أحمد علي خليل ومحمد مصطفى قنديل نواب رئيس المحكمة.
----------------

(36)
الطعنان رقما 5054، 6151 لسنة 85 القضائية

(1 ، 2) نقض" الخصوم في الطعن.
(1) الاختصام في الطعن بالنقض. عدم جواز اختصام من لم يكن خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. لا يكفي لاعتباره كذلك أن يكون مختصما أمام محكمة أول درجة.

(2) قضاء محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى قبل الهيئة المطعون ضدها الثانية لرفعها على غير ذي صفة. مؤداه. عدم اعتبارها خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لها.

(3) إصلاح زراعي "المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية: التعويض عن الأراضي المستولى عليها".
دعوى المطالبة بالتعويض عن استيلاء الدولة على الأطيان الزراعية للخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي. شرطه. ملكية الخاضع للأطيان الزراعية المستولى عليها. منازعة الدولة في الملكية. مؤداه. بحث أمر الملكية وعلى أساس قيمة العقار يتحدد قيمة التعويض وعلى أساس ريعه يحدد مقابل الانتفاع. مؤداه. تعلق الدعوى بحق عيني. أثره. دخولها ضمن الاستثناءات التي أوردها المشرع في المادة الرابعة من القانون 7 لسنة 2000. فلا يتطلب رفعها اللجوء للجان فض المنازعات. علة ذلك.

(4 ، 5) دعوى "الطلبات في الدعوى".
(4) اتساع الطلبات في الدعوى لما قضت به المحكمة. أثره. لا تكون قد حكمت بما لم يطلبه الخصوم.

(5) طلب تقدير قيمة الأطيان المستولى عليها ومقابل الانتفاع عنها. اتساعه للقضاء بإلزام الطاعن بصفته بأداء المبلغ المقضي به. النعي على الحكم المطعون فيه بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم على غير أساس.

(6 - 10) إصلاح زراعي "المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية: التعويض عن الأراضي المستولى عليها". تقادم" التقادم المسقط: وقف التقادم: المانع الموقف لسريان التقادم". دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
(6) وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الأراضي المستولى عليها. مقتضاه. امتناع المطالبة بما يجاوزه. المادتان 5 من ق 178 لسنة 1952، 4 من ق 127 لسنة 1961.

(7) وقف التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا المطالبة به. م 382/1 مدني. اعتبار نص المادتين 5 من ق 178 لسنة 1952، 4 من ق 127 لسنة 1961 مانعا قانونيا يستحيل معه على أصحاب الأراضي المستولى عليها المطالبة بحقوقهم في التعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بهما. أثره. وقف سريان تقادم الحق بشأن تلك التعويضات منذ تاريخ العمل بهما.

(8) الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره. الاستثناء. ما استقر من مراكز وحقوق بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم. صدور الحكم بعدم دستورية المادتين الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961. مؤداه. انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بتلك المادتين اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية في 18/6/1998.

(9) إقامة المطعون ضدهم أولا الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه خلال عام 2006 قبل سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل. صحيح. أثره. النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. نعي على غير أساس.

(10) قضاء حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 28 لسنة 6ق. مؤداه. تحديد التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى بما فات أصحابها من مغانم وما لحقهم من خسران وضرر دائم وثابت ناتجا عن الاستيلاء عليها. لازمه. وجوب التعويض الجابر لهم.

(11 ، 12) استيلاء "استيلاء الحكومة على العقارات: تقدير التعويض".
(11) استيلاء الدولة على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى الذي يقرره القانون للملكية الزراعية. ماهيته. وجوب التعويض عنه تعويضا عادلا. مناطه. ما فاتهم من غنم وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوه عنهم. علة ذلك. تراخي صرف التعويض أو بخسه. وجوب أن يكون ذلك محل تقدير القاضي في الدعوى سواء في تقدير القيمة أو الريع دون النظر إلى تحديد الملكية والاستيلاء وفق المواد 5 مرسوم بق 178 لسنة 1952، 4 من القرار بق 127 لسنة 1961، 9 من القرار بق 50 لسنة 1969 قبل القضاء بعدم دستوريتها. مبدأ تكافؤ التعويض. لازمه. الأخذ في الاعتبار تفاقم الضرر حتى تاريخ الحكم بالتعويض. م 805 مدني.

(12) عدم تقاضي الطاعنين ومورثهم من قبلهم القيمة الفعلية للأرض المستولى عليها وقت الاستيلاء. مؤداه. مراعاة ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة عند تقدير التعويض وفق ما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضائه بتخفيض مبلغ التعويض المقضي به. خطأ في تطبيق القانون.

----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتباره كذلك أنه كان مختصما أمام محكمة أول درجة.

2 - إذ كان الثابت أن محكمة الاستئناف قد قضت بعدم قبول الدعوى قبل الهيئة المطعون ضدها الثانية لرفعها على غير ذي صفة وبذلك لم تعد خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة لها.

3 - إن دعوى المطالبة بقيمة التعويض عن استيلاء الدولة على الأطيان الزراعية قبل الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي مدار البحث فيها هو ملكية الخاضع للأطيان الزراعية المستولى عليها باعتباره شرطا لازما لاستحقاق التعويض الذي هو بديل عن حق الملكية، فإذا سلمت جهة الاستيلاء بملكية المدعي الخاضع مضت المحكمة إلى فحص قيمة التعويض، وإذا نازعت الدولة في ملكيته تعين عليها أن تبحث أمر الملكية، ويبقى العقار المستولى عليه محل الاعتبار دائما في الدعوى، فعلى أساس قيمته تحدد قيمة التعويض، وعلى أساس ريعه يحدد مقابل عدم الانتفاع به، وبهذه المثابة فإن هذه الدعوى تتعلق بالحق العيني، وبالتالي تدخل ضمن الاستثناء الذي أورده المشرع في المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في فض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها فلا يتطلب لرفعها اللجوء لتلك اللجان ويبين من الأعمال التحضيرية للقانون أن المشرع راعى ما تتسم به هذه المنازعات من دقة تتطلب عرضها بداءة على جهات القضاء وما تتطلبه في الغالب من خبرة فنية تستغرق وقتا أطول مما تتقيد به اللجنة بالتوفيق خلاله.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه إذا كانت الطلبات في الدعوى تتسع لما قضت به المحكمة، فإنها لا تكون قد حكمت بما لم يطلبه الخصوم.

5 - إذ كانت طلبات المطعون ضدهم أولا هي تقدير قيمة الأطيان المستولى عليها ومقابل الانتفاع عنها وهو ما ينطوي على طلب إلزام الطاعن بصفته بأداء المبلغ المقضي به وتتسع طلباتهم في الدعوى للقضاء به، ومن ثم يكون النعي (على الحكم المطعون فيه بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم) على غير أساس.

6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952، والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 قد وضعتا حدا أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الأراضي المستولى عليها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز هذا الحد.

7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ... " مما مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا أن يطالب بحقه، فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حالت بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة، وإذ كانت المادتان الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 وعلى ما سلف تعتبران مانعا قانونيا يستحيل معه على أصحاب الأراضي المستولى عليها المطالبة بحقوقهم في التعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بهاتين المادتين فإن التقادم بالنسبة لهم يكون موقوفا منذ تاريخ العمل بهذين القانونين.

8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- إذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 6ق دستورية بتاريخ 6/6/1998 بعدم دستورية المادتين الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعويض أصحاب الأراضي المستولى عليها تعويضا إجماليا، وكان من المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص- وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا- لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز لقوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بالمادتين سالفتي البيان اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 18/6/1998.

9 - إذ كان المطعون ضدهم أولا قد أقاموا الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه خلال عام 2006 قبل سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل والذي لم يبدأ سريانه إلا اعتبارا من تاريخ 19/6/1998، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى القضاء برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة قانونا ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذا الوجه يكون على غير أساس.

10 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 28 لسنة 6ق دستورية بتاريخ 6/6/1998 حدد أسس التعويض العادل للأراضي المستولى عليها بما فات أصحاب هذه الأراضي من مغانم وما لحقهم من خسران باعتبارها تمثل أضرارا دائمة لا مؤقتة ثابتة لا عرضية ناجمة جميعا عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها فلا يجبها إلا تعويض يكون جابرا لها.

11 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن الملكية الخاصة مصونة بالدستور وأن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى الذي يقرره القانون للملكية الزراعية يتضمن نزعا لهذه الملكية الخاصة للقدر الزائد جبرا عن صاحبها يفقدها محتواها ويجردها من مقوماتها، ومن ثم وجب أن يكون حرمانه من ملكه مقابل تعويض عادل وليس التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى للملكية الزراعية على ضوء الفائدة التي تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها، إنما الشأن في هذا التعويض إلى ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة جراء أخذها عنوة، تقديرا بأن هذه وتلك مضارة دائمة ناجمة عن تجريد ملكيتهم من مقوماتها وما يندرج تحتها من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها، ومن ثم فإنه باستثناء حالة المصادرة التي هي عقوبة جنائية توقع بحكم قضائي لا يجوز أن ينتقص من ملكية أحد الأفراد أو حقوقه إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب فالمعاصرة جزء من العدل، إذ إن تراخي صرف التعويض أو بخسه من الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومدى التعويض سواء بتغيير قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه فالبخس والمطل خطأ في حد ذاته ينبغي التعويض عما أحدثاه من ضرر وبالتالي إذا كان قرار الاستيلاء قد حدد قيمة الأرض على أساس سعر المثل ووضع المبلغ تحت تصرف صاحب الحق فيه، كانت العبرة بقيمة الأرض في هذا التاريخ، وإن تراخي التقدير أو بخسه يتعين على القاضي أن يراعي ذلك، سواء في تقدير القيمة أو الريع، بصرف النظر عن مشروعية تحديد الملكية والاستيلاء – وفقا لأحكام المواد 5 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، 4 من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1960 والمادة 9 من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 قبل القضاء بعدم دستوريتها كما أن مبدأ تكافؤ التعويض وفقا للمادة 805 من القانون المدني الذي يقتضي الأخذ في الاعتبار تفاقم الضرر بعد وقوعه منذ لحظة حدوثه حتى تاريخ الحكم بالتعويض.

12 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين ومن قبل مورثيهما لم يتقاضوا القيمة الفعلية للأرض المستولى عليها وقت الاستيلاء، ومن ثم فإن التعويض عنها يجب أن يراعي في تقديره ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة وفق ما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقدر قيمة الأطيان المستولى عليها في تاريخ الاستيلاء ودون أن يراعي عند تقدير التعويض ما تفاقم من أضرار قد حاقت بهم من جراء الاستيلاء على أرضهم عنوة وقت الاستيلاء وما تفاقم منها حتى رفع الدعوى من جراء حرمانهم من الانتفاع بها وما طرأ على سعر النقد والقوة الشرائية للنقود من هبوط وانتهى إلى تخفيض مبلغ التعويض المقضي به فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون.

---------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 5054 لسنة 85ق أقاموا على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم .... لسنة 2006 مدني المنيا الابتدائية- مأمورية بني مزار- بطلب الحكم بإلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية والمطعون ضده الأول بصفته كخصم مدخل في الدعوى بأن يؤديا لهم مبلغ عشرين مليون جنيه قيمة الأرض المستولى عليها وما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب وقالوا بيانا لذلك إن الهيئة المطعون ضدها الثانية استولت على الأطيان المملوكة لمورثهم محل النزاع باعتبارها زائدة على الحد الأقصى للملكية الخاصة للأراضي الزراعية وفقا لأحكام القانونين رقمي 178 لسنة 1952, 127 لسنة 1961 وإذ قضى بعدم دستورية المواد التي حدد فيها القانونان أسس تقدير التعويض المستحق عن الأراضي المستولى عليها ومن ثم يستحق لهم التعويض كاملا وما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب, ندبت المحكمة لجنة من الخبراء وبعد أن أودعت تقاريرها. حكمت بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بأن يؤديا للطاعنين مبلغ 7956813.45 جنيها. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف - مأمورية المنيا- بالاستئناف رقم .... لسنة 46ق, كما استأنفه المطعون ضدهما بصفتيهما الأول بالاستئناف رقم .... لسنة 46ق, والثاني بالاستئناف رقم .... لسنة 46ق- بعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة وندبت لجنة من الخبراء وبعد أن أودعت تقريرها قضت بتاريخ 27/1/2015 في موضوع الاستئناف الأول برفضه وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المطعون ضده الأول بصفته بأن يؤدي للطاعنين مبلغ وقدره 328131.40 جنيه وفي الاستئناف الأخير بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته- طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 5054 لسنة 85ق, كما طعن المطعون ضده الأول بصفته بالطعن رقم 6151 لسنة 85ق وأودعت النيابة مذكرة في كل منهما على حده أبدت الرأي في موضوعهما بنقض الأول ورفض الثاني, وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة أمرت بضمها وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر, والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للهيئة المطعون ضدها الثانية لرفعه على غير ذي صفة فإنه في محله ذلك أنه لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه, ولا يكفي لاعتباره كذلك أنه كان مختصما أمام محكمة أول درجة – وإذ كان الثابت أن محكمة الاستئناف قد قضت بعدم قبول الدعوى قبل الهيئة المطعون ضدها الثانية لرفعها على غير ذي صفة وبذلك لم تعد خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة لها.
وحيث إن الطعنين - فيما عدا ما تقدم- استوفيا أوضاعهما الشكلية.

أولا: الطعن رقم 6151 لسنة 85 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من أربعة أوجه ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون 7 لسنة 2000 استنادا إلى أن المطعون ضدهم في البند أولا تقدموا بطلب إلى لجنة فض المنازعات في حين أنه قدم إلى اللجنة المختصة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي وليس المختصة بوزارة المالية مما يجعل الدعوى غير مقبولة, الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن دعوى المطالبة بقيمة التعويض عن استيلاء الدولة على الأطيان الزراعية قبل الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي مدار البحث فيها هو ملكية الخاضع للأطيان الزراعية المستولى عليها باعتباره شرطا لازما لاستحقاق التعويض الذي هو بديل عن حق الملكية, فإذا سلمت جهة الاستيلاء بملكية المدعي الخاضع مضت المحكمة إلى فحص قيمة التعويض, وإذا نازعت الدولة في ملكيته تعين عليها أن تبحث أمر الملكية, ويبقى العقار المستولى عليه محل الاعتبار دائما في الدعوى, فعلى أساس قيمته تحدد قيمة التعويض, وعلى أساس ريعه يحدد مقابل عدم الانتفاع به, وبهذه المثابة فإن هذه الدعوى تتعلق بالحق العيني, وبالتالي تدخل ضمن الاستثناء الذي أورده المشرع في المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في فض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، فلا يتطلب لرفعها اللجوء لتلك اللجان ويبين من الأعمال التحضيرية للقانون أن المشرع راعى ما تتسم به هذه المنازعات من دقة تتطلب عرضها بداءة على جهات القضاء وما تتطلبه في الغالب من خبرة فنية تستغرق وقتا أطول مما تتقيد به اللجنة بالتوفيق خلاله, وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى قبول الدعوى فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة سليمة ويضحى النعي عليه غير صحيح.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بما لم يطلبه الخصوم ذلك إن طلبات المطعون ضدهم بصحيفة إدخاله تضمنت سماعه الحكم بالطلبات الواردة بأصل صحيفة الدعوى, دون طلب إلزامه بأداء المبلغ المقضي به وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت الطلبات في الدعوى تتسع لما قضت به المحكمة, فإنها لا تكون قد حكمت بما لم يطلبه الخصوم. لما كان ذلك, وكانت طلبات المطعون ضدهم أولا هي تقدير قيمة الأطيان المستولى عليها ومقابل الانتفاع عنها وهو ما ينطوي على طلب إلزام الطاعن بصفته بأداء المبلغ المقضي به وتتسع طلباتهم في الدعوى للقضاء به, ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من سبب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه قضى برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل حين حسب مدته اعتبارا من تاريخ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 6ق المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 18/6/1998 والذي قضى بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 وسقوط المادة الخامسة من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 مع أنه يجب حسابه من تاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية في الدعوى رقم 3 لسنة 1ق بتاريخ 7/7/1983 لتعلق النزاع بالمطالبة بالتعويض وليس مقداره وإذ أقاموا دعواهم في 7/12/2006 ومن ثم تكون قد سقطت بالتقادم, الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك بأن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952, والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 قد وضعتا حدا أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الأراضي المستولى عليها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز هذا الحد, وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا ..." مما مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق ماديا أو قانونيا أن يطالب بحقه, فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حالت بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة, وإذ كانت المادتان الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 وعلى ما سلف تعتبران مانعا قانونيا يستحيل معه على أصحاب الأراضي المستولى عليها المطالبة بحقوقهم في التعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بهاتين المادتين فإن التقادم بالنسبة لهم يكون موقوفا منذ تاريخ العمل بهذين القانونين, وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 6ق دستورية بتاريخ 6/6/1998 بعدم دستورية المادتين الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعويض أصحاب الأراضي المستولى عليها تعويضا إجماليا, وكان من المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية, إلا أن عدم تطبيق النص - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب, وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص, على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم جائز لقوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم, فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون 178 لسنة 1952 والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز القيمة المحددة بالمادتين سالفتي البيان اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 18/6/1998. لما كان ذلك, وكان المطعون ضدهم أولا قد أقاموا الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه خلال عام 2006 قبل سقوط حقهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل والذي لم يبدأ سريانه إلا اعتبارا من تاريخ 19/6/1998, فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى القضاء برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة قانونا ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من سبب الطعن خطأ الحكم المطعون فيه إذ احتسب ما لحق المطعون ضدهم أولا من خسارة من جراء حرمانهم من الانتفاع بقيمة التعويض وما طرأ على القيمة الشرائية للنقود من هبوط ضمن عناصر التعويض المستحق لهم بالمخالفة للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 28 لسنة 6ق دستورية بتقدير قيمة الأراضي المستولى عليها وفقا للسعر السائد في تاريخ الاستيلاء دون إضافة عناصر أخرى. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 28 لسنة 6ق دستورية بتاريخ 6/6/1998 حدد أسس التعويض العادل للأراضي المستولى عليها بما فات أصحاب هذه الأراضي من مغانم وما لحقهم من خسران باعتبارها تمثل أضرارا دائمة لا مؤقتة ثابتة لا عرضية ناجمة جميعا عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها فلا يجبها إلا تعويض يكون جابرا لها, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف قضاء المحكمة الدستورية المشار إليه ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانيا: الطعن رقم 5054 لسنة 85 ق:
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بوجهي الطعن الخطأ في تطبيق القانون حين قدر قيمة التعويض عن الأرض المستولى عليها بقيمتها وقت الاستيلاء استنادا منه إلى أن استيلاء الدولة عليها قد تم نفاذا لأحكام القوانين 178 لسنة 1952, 127 لسنة 1961, 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى للملكية, بما يعد أمرا مشروعا لا يستوجب سوى تعويض المالك بقيمة الأرض وقت الاستيلاء وليس وقت رفع الدعوى مع أنه يتعين أن يكون مقدار التعويض متناسبا مع ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب والعبرة في ذلك بما صار إليه الضرر وقت رفع الدعوى وليس بوقت وقوعه, الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك بأن الملكية الخاصة مصونة بالدستور وأن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى الذي يقرره القانون للملكية الزراعية يتضمن نزعا لهذه الملكية الخاصة للقدر الزائد جبرا عن صاحبها يفقدها محتواها ويجردها من مقوماتها, ومن ثم وجب أن يكون حرمانه من ملكه مقابل تعويض عادل وليس التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى للملكية الزراعية على ضوء الفائدة التي تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها, إنما الشأن في هذا التعويض إلى ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة جراء أخذها عنوة, تقديرا بأن هذه وتلك مضارة دائمة ناجمة عن تجريد ملكيتهم من مقوماتها وما يندرج تحتها من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها, ومن ثم فإنه باستثناء حالة المصادرة التي هي عقوبة جنائية توقع بحكم قضائي لا يجوز أن ينتقص من ملكية أحد الأفراد أو حقوقه إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب فالمعاصرة جزء من العدل, إذ أن تراخي صرف التعويض أو بخسه من الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومدى التعويض سواء بتغيير قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه فالبخس والمطل خطأ في حد ذاته ينبغي التعويض عما أحدثاه من ضرر وبالتالي إذا كان قرار الاستيلاء قد حدد قيمة الأرض على أساس سعر المثل ووضع المبلغ تحت تصرف صاحب الحق فيه, كانت العبرة بقيمة الأرض في هذا التاريخ, وإن تراخي التقدير أو بخسه يتعين على القاضي أن يراعي ذلك, سواء في تقدير القيمة أو الريع, بصرف النظر عن مشروعية تحديد الملكية والاستيلاء وفقا لأحكام المواد 5 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952, 4 من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1960 والمادة 9 من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 قبل القضاء بعدم دستوريتها كما أن مبدأ تكافؤ التعويض وفقا للمادة 805 من القانون المدني الذي يقتضي الأخذ في الاعتبار تفاقم الضرر بعد وقوعه منذ لحظة حدوثه حتى تاريخ الحكم بالتعويض. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق أن الطاعنين ومن قبل مورثيهما لم يتقاضوا القيمة الفعلية للأرض المستولى عليها وقت الاستيلاء ومن ثم فإن التعويض عنها يجب أن يراعي في تقديره ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة وفق ما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقدر قيمة الأطيان المستولى عليها في تاريخ الاستيلاء ودون أن يراعي عند تقدير التعويض ما تفاقم من أضرار قد حاقت بهم من جراء الاستيلاء على أرضهم عنوة وقت الاستيلاء وما تفاقم منها حتى رفع الدعوى من جراء حرمانهم من الانتفاع بها وما طرأ على سعر النقد والقوة الشرائية للنقود من هبوط وانتهى إلى تخفيض مبلغ التعويض المقضي به فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق