الصفحات

الجمعة، 1 يوليو 2022

القضية 283 لسنة 23 ق جلسة 6 / 6 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 145 ص 873

جلسة 6 يونيه سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري وعدلي محمود منصور وإلهام نجيب نوار ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف.

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-------------

قاعدة رقم (145)

القضية رقم 283 لسنة 23 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "التصريح بإقامتها: تربص محكمة الموضوع".
المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، يعني دخولها في حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكماً يحول دون الفصل في المسائل الدستورية التي قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها، بل عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فيها، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التي تنتفي فيها المصلحة في الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التي يكون عدولها فيها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن ذات النصوص التي كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية.
(2) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة - مناطها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية. تطبيق.
(3) شريعة إسلامية "تعديل نص المادة الثانية من الدستور. مؤداه".
مؤدى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980، أنه اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل، قيد الدستور السلطة التشريعية فيما تقر من تشريعات، بألا تكون مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على هذه السلطة في ممارستها لاختصاصاتها التشريعية، أساس ذلك.
(4) شريعة إسلامية "تشريعات سابقة على 22 مايو سنة 1980".
القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، ومنها نص المادة (563) من القانون المدني والذي لم يلحقه أي تعديل بعد التاريخ المذكور - النعي عليه بمخالفة المادة الثانية من الدستور غير سديد.

-----------------
1 - المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، يعني دخولها في حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها أن تتخذ محكمة الموضوع إجراًء أو تصدر حكماً يحول دون الفصل في المسائل الدستورية التي قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها، بل عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فيها، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التي تنتفي فيها المصلحة في الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة، أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التي يكون عدولها فيها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن ذات النصوص التي كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية، فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم تقديرها السابق لجدية الدفع، وإلا كان عملها مخالفاً لنصوص المواد (65، 68، 175) من الدستور، وعلى ذلك يتعين على المحكمة الدستورية العليا المضي في نظر الدعوى الراهنة لتقول كلمتها فيما تعرضه من مسائل دستورية، دون التقيد بقضاء محكمة الموضوع آنف الذكر.
2 - المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان نص المادة (563) من القانون المدني - في الحدود التي اختصمها المدعي بصحيفة دعواه - هو الحاكم لموضوع النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ولمسألة تحديد مدة عقد الإيجار في الحالة المعروضة، فإن الفصل في مدى دستورية هذا النص سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء المحكمة فيها، وبالتالي فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي تكون متحققة في الطعن على النص المشار إليه.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980، يدل على أن الدستور - واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل - قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية، بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية، وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه، يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً في وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقامها الدستور معياراً للقياس في مجال الشرعية الدستورية، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بتلك المبادئ، وتراقبها هذه المحكمة صادرة بعد نشوء القيد الذي أتى به نص المادة الثانية من الدستور والذي تقاس على مقتضاه، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد، أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، هي تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذي أدخله الدستور على المادة الثانية، بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، فإن النصوص الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه.
4 - إذ كان مبنى الطعن الماثل هو مخالفة نص المادة (563) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 لنص المادة الثانية من الدستور، وكان البين مما تقدم أن القيد المقرر بمقتضى هذه المادة بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، ومنها نص المادة (563) المطعون فيه، والذي لم يلحقه أي تعديل بعد التاريخ المذكور، فإن النعي عليه بمخالفة نص المادة الثانية من الدستور - أياً كان وجه الرأي في مدى تعارضه معها - يكون غير سديد.


الإجراءات

بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 2001، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (563) من القانون المدني فيما تضمنته من اعتبار مدة عقد الإيجار الذي لم تحدد مدته أو تعذر إثبات مدته هي المدة المحددة لدفع الأجرة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الرابعة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 167 لسنة 2001 مدني أمام محكمة مركز إمبابة الجزئية، بطلب الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية موضوع العقد المؤرخ 1/ 2/ 1996، وتسليمها العين المؤجرة خالية، قولاً بأنها قامت بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1996 بتأجير المحل الكائن بالعقار رقم (50) شارع محمد مصطفى هندي بوراق العرب إلى المدعي، ولم يتضمن العقد تحديداً لمدة الإجارة، ولعدم رغبتها في تجديد العقد قامت بإنذار المدعي بإخلاء العين، إلا أنه لم يمتثل لذلك، مما حدا بها إلى إقامة دعواها سالفة الذكر استناداً لنص المادة (563) من القانون المدني، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (563) المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة، وحدد بصحيفتها طلباته التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، والتي حصرها فيما نصت عليه المادة (563) المشار إليها من أنه "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة"، بيد أن محكمة الموضوع مضت في نظر الدعوى وقضت فيها بجلسة 27/ 5/ 2002 بفسخ عقد الإيجار وإخلاء المدعي من عين التداعي وتسليمها للمدعى عليها الرابعة.
وحيث إن المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، يعني دخولها في حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكماً يحول دون الفصل في المسائل الدستورية التي قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها، بل عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فيها، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التي تنتفي فيها المصلحة في الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة، أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التي يكون عدولها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن ذات النصوص التي كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية، فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم تقديرها السابق لجدية الدفع، وإلا كان عملها مخالفاً لنصوص المواد (65، 68، 175) من الدستور، وعلى ذلك يتعين على المحكمة الدستورية العليا المضي في نظر الدعوى الراهنة لتقول كلمتها فيما تعرضه من مسائل دستورية، دون التقيد بقضاء محكمة الموضوع آنف الذكر.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان نص المادة (563) من القانون المدني في الحدود التي اختصمها المدعي بصحيفة دعواه هو الحاكم لموضوع النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ولمسألة تحديد مدة عقد الإيجار في الحالة المعروضة، فإن الفصل في مدى دستورية هذا النص سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها وقضاء المحكمة فيها، وبالتالي فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي تكون متحققة في الطعن على النص المشار إليه.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه مخالفة نص المادة الثانية من الدستور ومبادئ الشريعة الإسلامية، قولاً بأن تلك المبادئ تعتد في حالة عدم تحديد مدة العقد بالقصد المشترك للمتعاقدين والغرض من الإجارة دون وضع مدة حكمية لعقد الإيجار.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980، يدل على أن الدستور - واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل - قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية، بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية، وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه، يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً في وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقامها الدستور معياراً للقياس في مجال الشرعية الدستورية، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية المدعي إخلالها بتلك المبادئ، وتراقبها هذه المحكمة صادرة بعد نشوء القيد الذي أتى به نص المادة الثانية من الدستور والذي تقاس على مقتضاه، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد، أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، هي تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذي أدخله الدستور على المادة الثانية، بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، فإن النصوص الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان مبنى الطعن الماثل هو مخالفة نص المادة (563) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 لنص المادة الثانية من الدستور، وكان البين مما تقدم أن القيد المقرر بمقتضى هذه المادة بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، ومنها نص المادة (563) المطعون فيه، والذي لم يلحقه أي تعديل بعد التاريخ المذكور، فإن النعي عليه بمخالفة نص المادة الثانية من الدستور - أياً كان وجه الرأي في مدى تعارضه معها - يكون غير سديد، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق