الصفحات

السبت، 23 يوليو 2022

الطعون 18139 ، 18140 ، 16761 ، 18363 لسنة 50 ق جلسة 27 / 5 / 2006 إدارية عليا مكتب فني 51 ج 2 ق 123 ص 863

جلسة 27 من مايو سنة 2006

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد احمد الحسيني عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / غبريال جاد عبد الملاك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / د / محمد ماجد محمود نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / د. محمد عبد المجيد إسماعيل مفوض الدولة

وسكرتارية السيد الأستاذ / سيد سيف محمد سكرتير المحكمة

-------------

(123)

الطعون 18139 ، 18140 ، 16761 ، 18363 لسنة 50 ق

الجهاز المركزي للمحاسبات - اختصاص رئيس الجهاز بالتعقيب على قرارات الجزاء والإحالة إلى المحاكمة التأديبية اختصاص أصيل لا يجوز النزول عنه أو التفويض فيه.

المشرع في القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات ناط برئيس الجهاز وحده دون غيره سلطة التعقيب على قرار الجزاء وتقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية وهذا الاختصاص معقود له وحده ومقصور عليه لا يجوز له النزول عنه أو التفويض فيه – أساس ذلك: خلو القانون المشار إليه من أي نص يجيز ذلك لا سيما وأن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده تحقيقا للضمانات التي توخاها المشرع باعتبار أن شخص الرئيس المنوط به توقيع الجزاء محل اعتبار - تطبيق

----------------

الإجراءات

بتاريخ 26/8/2004 أودعت وكيلة الطاعنة في الطعن رقم 16761 لسنة 50 ق. عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالإسكندرية في الدعوى التأديبية رقم 14 لسنة 31 ق بجلسة 28/7/2004 والقاضي بمجازاة الطاعنة بالإحالة إلى المعاش.

وطلبت الطاعنة في تقريرها – وللأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعنة مما نسب إليها وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .

وبتاريخ 13/9/2004 أودع وكيل الطاعنة في الطعن رقم 18139 لسنة 50 ق. ع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت الرقم عاليه في الحكم المشار إليه – والقاضي بمجازاة الطاعنة بخصم خمسة عشر يوماً من أجرها .

وبتاريخ 13/9/2004 أودع وكيل الطاعنة في الطعن رقم 18140 لسنة 50 ق.ع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم المشار إليه والقاضي بمجازاة الطاعنة بخصم خمسة عشر يوماً من أجرها وطلبت الطاعنتان في تقريرهما – وللأسباب الواردة به – بقبول الطعنين شكلاً وبوقف تنفيذ – إلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وبتاريخ 23/9/2004 أودع وكيل الطاعنين في الطعن رقم 18363 لسنة 50 ق.ع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم المشار إليه والقاضي بمجازاة الطاعنة ليلى مصطفى درويش بخصم خمسة عشر يوماً من أجرها ، وبمجازاة الطاعن عبد المطلب محمد إبراهيم صادق بخصم شهر من أجره وطلب الطاعنان في تقريرهما للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه بالنسبة للطاعنين والقضاء ببراءتهما مما نسب إليهما مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وقد أعلنت التقارير الثلاثة على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعون الثلاثة ارتأت فيه الحكم بقبول الطعون الثلاثة شكلاً ، وبرفض الطعنين الأول 18139 لسنة 50 ق.ع والثالث 18363 لسنة 50 ق.ع موضوعاً وببراءة الطاعنة في الطعن الثاني 18140 لسنة 50 ق.ع من المخالفة الثانية في شقها الأول المنسوبة إليها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

وقد عين لنظر الطعن الأول أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14/3/2005 وبجلسة 11/7/2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع وحددت لنظره جلسة 22/10/2005، وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة وما تلاها وبجلسة 12/10/2005 قررت المحكمة ضم الطعون أرقام 18139، 18140، 18363 لسنة 50 ق. عليا لنظرها مع الطعن رقم 16761 لسنة 50 ق.ع وإحالة الطعون إلى هيئة مفوضي الدولة لتقديم تقرير بالرأي القانوني في كل منها لنظرها بجلسة 31/12/2005 حيث ورد التقرير المشار إليه وبجلسة 8/4/2006 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا .
من حيث أن الطعون قد استوفت أوضاعها الشكلية فهي مقبولة شكلاً .
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق وأنه قد ورد للنيابة الإدارية كتاب الجهاز المركزي للمحاسبات المؤرخ 13/5/2002 ومرفقاته بشان طلب إقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعنة / فاتن محمد مفيد خير الله، وبتاريخ 7/7/2002 طلب الجهاز إقامة الدعوى التأديبية ضد باقي الطاعنين ، وذلك بشأن المخالفات التي شابت الاعتماد المستندي استيراد رقم 384 المفتوح بتاريخ 19/5/1999 باسم شركة نولولجي إنترناشيونال جروب بمبلغ (2.097.200) دولار أمريكي مقابل الاعتماد المستندي تصدير رقم 10008,1041 المفتوح بتاريخ 6/5/1999 بمبلغ (2.458.300) دولار أمريكي وأرفق بأوراق البلاغ تقرير إدارة التفتيش بالبنك المتضمنة بياناً بالمخالفات التي شابت الاعتماد المستندي سالف الذكر ، كما أرفق بها أوراق التحقيقات التي أجرتها الشئون القانونية بالبنك وأوضحت الأوراق أنه قد صدرت قرارات بمجازاة المخالفين إلا أنه تم الاعتراض عليها من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات حيث أعدت مذكرة للعرض على الأستاذة وكيلة الجهاز لشئون الإدارة المركزية الثالثة للمخالفات المالية بطلب تحريك الدعوى التأديبية قبل المحالين ، وبناء عليه طلبت وكيلة الجهاز من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية قبل المذكورين لما نسب إليهم من إهمالهم في أداء أعمالهم على نحو سهل فتح الاعتماد المستندي رقم 384 بالمبلغ المشار إليه بالمخالفة للتعليمات .

وقد أجرت النيابة العامة تحقيقاتها في تلك الواقعة بموجب القضية رقم 2003 لسنة 2002 حيث انتهت إلى طلب محاكمة المحالين تأديبياً لما نسب إليهم بتقرير الاتهام .

وقد نظرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا الدعوى على النحو الثابت بالأوراق وبجلسة 28/7/2004 أصدرت حكمها المشار إليه.

وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أنه بالنسبة للطاعنة الأولي فإن المخالفات الأولي والثانية والثالثة والرابعة المنسوبة إليها ثابتة في حقها ومجازاتها عن هذه المخالفات بالإحالة إلى المعاش وبراءتها من التهمة الخامسة وذلك تأسيساً على ما جاء بأقوال إبراهيم رجب مصطفى المفتش بالإدارة العامة للتفتيش بفروع بنك مصر بالإسكندرية ومعد تقرير فحص الواقعة وآخرين وباعتراف الطاعنة لما نسب إليها.

وأنه بالنسبة لباقي الطاعنين فإن المخالفات ثابتة في حقهم على نحو ما ورد بأسباب حكمها الطعين طبقاً لما ورد بالتحقيقات وتقرير التفتيش المشار إليه وأوامر البنك وتعليماته .

ومن حيث إن مبنى الطعون الماثلة أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله باستناده إلى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 بشان التفويض في الاختصاصات للخلوص إلى مشروعية تفويض رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لاختصاصه الوارد في المادة (5) من القانون رقم 144 لسنة 1988 في شان الجهاز المركزي للمحاسبات إلى وكلاءه. كما شاب الحكم الطعين الفساد في الاستدلال وإهدار حق الدفاع .

ومن حيث إن الفصل في موضوع الطعون يغني عن الفصل في الشق العاجل منها.

ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المادة (2) من قانون الجهاز المشار إليه تنص علي أن :"يمارس الجهاز أنواع الرقابة الآتية: ....... 3- الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية".
وتنص المادة (5) على أن : "يباشر الجهاز اختصاصاته في الرقابة المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون على الوجه الآتي: ....... ثالثاً: في مجال الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شان المخالفات المالية يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التي تقع بها وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتخذت بالنسبة لتلك المخالفات وأن المسئولية عنها قد حددت ، وتمت محاسبة المسئولين عن ارتكابها ، ويتعين موافاة الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها مصحوبة بكافة أوراق الموضوع ولرئيس الجهاز ما يأتي : 1 أن يطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز – إذا رأي وجها لذلك – تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية ، وعلى الجهة المختصة بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يوماً التالية.
2 أن يطلب إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في شأن المخالفة المالية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وردود الأوراق كاملة للجهاز إعادة النظر في قرارها ، وعليها أن توافي الجهاز بما اتخذته في هذا الصدد خلال ثلاثين يوماً التالية لعلمها بطلب الجهاز. فإذا لم تستجب الجهة الإدارية لطلب الجهاز كان لرئيسه خلال الثلاثين يوماً التالية أن يطلب تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية ، وعلى الجهة التأديبية المختصة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يوماً التالية......... " .
وحيث أنه مفاد ما تقدم أن المشرع اختص الجهاز المركزي للمحاسبات – من خلال قطاعاته وإداراته المركزية والعامة التي يتكون منها هيكله التنظيمي – بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شان المخالفات المالية التي بها ، وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة لهذه المخالفات قد اتخذت وأن المسئولية عنها قد تحددت وتحت مساءلة المسئولين عن ارتكابها بما يردعهم عن العود إليها. وأوجب المشرع على الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز المذكور موافاته بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها مرفقاً بها كافة أوراق الموضوع لكي يتمكن من مباشرة ما عهد إليه من اختصاص بفحصها ومراجعتها ويبسط عليها رقابته على نحو ما قرر القانون بيد أن المشرع حين نظم أمر تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية وأوجب على الجهة المختصة بالإحالة إليها وهي النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية قبله خلال الثلاثين يوماً التالية غاير في الصياغة وناط ذلك برئيس الجهاز وحده دون غيره باعتبار أن العامل المطلوب تقديمه للمحاكمة سبق وأن اتخذت الإجراءات القانونية في مواجهته بنسبة المخالفة المالية إليه ، والتحقيق معه في شأنها، وإيقاع الجزاء الذي ارتأته السلطة المختصة مناسباً لها ومن ثم فإن قرارها بالجزاء في هذا الشأن يعد مكتمل الأركان . ولذلك ناط المشرع برئيس الجهاز وحده دون غيره سلطة التعقيب على قرار الجزاء الصادر من السلطة المختصة وإهداره وتقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية ، أو أن يطلب إليها خلال ثلاثين يوماً من ورود الأوراق كاملة للجهاز إعادة النظر في قرارها بالجزاء التي عليها الاستجابة لطلبه وإلا طلب إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية. وهذا الاختصاص الذي ناط المشرع برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات اختصاص معقود له ومقصور عليه لا يجوز له النزول عنه أو التفويض فيه، ذلك أن قانون الجهاز المذكور الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 قد ورد خلوا من ثمة نص يجيز ذلك وذلك بالمخالفة لقانونه الملغي والسابق عليه رقم 129 لسنة 1964 والتي كانت المادة (18) منه تجيز لرئيس الجهاز أن يفوض نائب الرئيس في مباشرة بعض اختصاصاته ، كما أجازت له تفويض الوكلاء في ذلك ، مما مقتضاه ونزولاً عند القاعدة الأصولية التي تعتبر المشرع منزها عن السهو واللغو ، وكل مغايرة في اللفظ يلجأ إليها بالنسبة إلى وضع تشريع سابق لابد وأن يقصد به غرضاً خاصاً ومعنى متميزاً ، وأن هذه المغايرة مقصورة ليس في ذاتها فحسب وإنما في آثارها ومداها القانوني . ومن ثم فإذا أسقط المشرع كلية فكرة (التفويض) من نص المادة (5) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم144 لسنة 1988 فهو إسقاط مقصود يمتنع معه على رئيس الجهاز اللجوء إليه ويتعين عليه تبعاً مباشرة ذلك الاختصاص بنفسه دون جواز تفويض غيره .
وهذا ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه " لما لموافقة رئيس الجهاز على إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية من أثر هام وخطير وهو تحريك الدعوى التأديبية قبل العامل فإنه يتعين أن تكون هذه الموافقة واضحة وصريحة، وان يكون تاريخها واضحاً تماماً لا يحوطه لبس أو غموض ........ ولما كانت مذكرة وكيل الجهاز التي انتهت إلى طلب الموافقة على إحالة المطعون ضدهم إلى المحاكمة التأديبية قد خلت من أي توقيع أو تأشيرة بالموافقة على ما تضمنته من رئيس الجهاز ..
ولا يوجد أي توقيع لرئيس الجهاز أو تأشير بالموافقة بما لا يمكن من التأكد من أن رئيس الجهاز قد وافق على إحالة المطعون ضدهم إلى المحاكمة التأديبية والأمر في هذا الشأن لا يفترض أو يستنتج وإنما يجب أن يكون قاطعا وصريحاً

وواضحاً لا غموض فيه ولا يعتوره شك . ومن ثم فلا يمكن القول بوجود أو صدور موافقة من رئيس الجهاز على إحالة المطعون ضدهم إلى المحاكمة التأديبية ، وبالتالي يكون قرار مجازاتهم من قبل الجهة الإدارية قد أصبح نهائياً وتكون الدعوى التأديبية قد سقطت قبلهما.
"حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 26/4/1997 في الطعن رقم 2449 لسنة 39 ق.عليا" .

ولا يجوز الحجاج في هذا الشأن بجواز تفويض رئيس الجهاز المذكور لاختصاصه في تقديم العامل إلى المحكمة التأديبية بسند من جواز التفويض في الاختصاصات التأديبية بحسبان أن القرار التأديبي يدخل الاختصاص بإصداره ضمن ولاية إصدار القرارات الإدارية عامة بما يخضع له من ضوابط وأحكام ، ودون محاجة في ذلك بان ولاية التأديب لها أهمية وطبيعة خاصة ، لأن هذه الأهمية تظل ولاية إصدار القرارات الإدارية بصفة عامة. لا يجوز الحجاج بذلك لأنه ولئن كان لا خلف في أن القرار التأديبي هو في حقيقته قرار إداري ومن زمرة القرارات الإدارية ويصدر عن سلطة عامة في نطاق الرابطة الوظيفية بين العامل وجهة الإدارة . بيد أن هذا القرار يصدر في نطاق ما رسمه القانون من إجراءات وما إستلزمه من ضمانات وممن عينه من سلطات فإذا لم تراع أياً من هذه الإجراءات أو تتوفر أياً من هذه الضمانات أو صدر عن غير السلطات المحددة لإصداره وقع القرار في درك البطلان . ذلك أن عدم جواز التفويض في السلطات التأديبية ليس من حق أن القرار التأديبي يخرج عن طبيعة القرارات الإداري ة، وإنما مرجعه أن القرار التأديبي يصدر في نطاق نظام يتأبى على ذلك التفويض لأمرين :
أولهما: أن المشرع حيث يعهد بالاختصاص التأديبي لسلطة معينة فإنه يعتبر ذلك ضمانة مقررة لا يسوغ لها من بعد إهدارها بتفويضها إلى سلطة أخرى غير التي عينها المشرع وكانت تحت بصره لدى تحديد السلطات التأديبية وتوزع الاختصاصات التأديبية بينها.
وثانيهما: أن المشرع حين نظم السلطات التأديبية وزعها بين سلطة تختص بتوقيع الجزاء وأخرى تتولى التعقيب عليها.

وهذا التنظيم والتوزيع يتأبى على التفويض ، والذي لو أجيز لاستجمعت السلطة المفوضة سلطة إيقاع الجزاء والتعقيب عليه الأمر الذي يخل بضمانات التأديب التي تقتضي الفصل بين سلطة إيقاع الجزاء وسلطة التعقيب عليه .
لذلك استقر قضاء هذه المحكمة على أن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده لما في ذلك من ضمانات قد رأتها لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع وترتيباً على ذلك تواترت التشريعات المنظمة لشئون العاملين على تحديد السلطات التي تملك توقيع الجزاءات على العاملين على سبيل الحصر ولم يخول هذه السلطات التفويض في اختصاصه ، ومن ثم لا يجوز للسلطات التأديبية أن تنزل عن هذا الاختصاص أو تفوض فيه تحقيقاً للضمانات التي توخاها المشرع باعتبار أن شخص الرئيس المنوط به توقيع الجزاء محل اعتبار . وعليه يتعين أن تتولى كل سلطة مباشرة الاختصاص المنوط بها دون أن يكون لها الحق في الخروج عليه صعوداً أو نزولاً، والقول بغير ذلك يؤدي على الخلط بين الاختصاصات المحددة لكل سلطة تأديبية. ويمتنع لذلك قانوناً ومنطقاً الخروج على هذا التقسيم والأخذ بنظام التفويض في الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 42 لسنة 1967 في شان التفويض في الاختصاص ذلك أن تحديد الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية يتنافى مع التفويض في الاختصاصات المنصوص عليه في القانون رقم 42 لسنة 1967، وبالتالي لا يجوز الجمع بين هذين النظامين لأنه حيث يوجد تنظيم خاص في أمر تحديد الاختصاصات بالنسبة للجزاءات التأديبية لا يجوز الأخذ بنظام التفويض العام المنصوص عليه في القانون رقم 42 لسنة 1967 سالف البيان .
"حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 8/12/1987 في الطعن رقم 1584 لسنة 32 ق. عليا، وبجلسة 14/2/1998 في الطعن رقم 2216 لسنة 40 ق. عليا".
كما لا يجوز الحجاج بما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بفتواها ملف رقم 86/2/214 الصادر بجلستها المنعقدة بتاريخ 5/12/1990 من جواز تفويض المحافظ لنوابه في اختصاصاته التأديبية ذلك أن هذا الإفتاء قد صدر محمولاً على حكم خاص ضمنه المشرع نص المادة 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الإدارة المحلية المعد بالقانونين رقمي 50 و145 لسنة 1988 وهو ما لم يتوافر في شان قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 بل والتحقق فيه عكس ذلك على ما سلف بيانه.
وأخيراً فإن قصر اختصاص إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية على رئيس الجهاز المذكور يجد سنده في أن المشرع في مجال التنسيق بين سلطات التأديب في التشريعات المختلفة ارتأت عدم جواز أن يناط بالتعقيب على قرارات الجزاء الصادرة من سلطات التأديب في قانون النظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهي الوزير المختص أو المحافظ المختص أو رئيس الهيئة العامة ، أو في نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وهي رئيس مجلس إدارة الشرطة أو مجلس إدارتها أو رئيس جمعيتها العمومية بسلطة تدنوها وهي رئيس إدارة مركزية في الجهاز المذكور ، وإنما قصر ذلك على رئيسه باعتباره سلطة تعلو السلطات التأديبية المشار إليها أو توازيها وذلك حتى يقع في بقية هذه السلطات سلامة تقدير رئيس الجهاز في تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية أو في طلب مع8اودة النظر في الجزاء الذي سبق وأن وقع عليه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد نسب إليهم الخروج على مقتضى واجبهم الوظيفي بأداء العمل المنوط بهم بدقة وأمانة ولم يحافظوا على أموال البنك الأهلي الذي يعملون به بأن ارتكبوا مخالفات ائتمانية ومخالفات في عملية إيداع البضائع بمخازن البنك كضمان متعلق بالتسهيلات الممنوحة للعميل أحمد يوسف وشريكه المصطفى للتصدير والاستيراد ودرفلة المعادن – وبناء عليه قامت الإدارة القانونية بالبنك بتحقيق المخالفات المشار إليها وانتهت إلى مسئولية بعض الطاعنين وحفظ التحقيق بالنسبة للبعض الآخر ، واعتمد مجلس إدارة البنك المذكور ذلك بيد أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعترض على ذلك وطلب إحالتهم إلى المحاكمة التأديبية بموجب كتاب وكيل الجهاز رئيس الإدارة المركزية الثالثة للمخالفات المالية (شعبة الإحالة للمحاكمة التأديبية) رقم 68/2000 المؤرخ 18/8/2002 إعمالاً لنص الفقرة الثانية من البند ثالثاً من المادة (5) من قانون الجهاز المشار إليه ، وذلك بسند من قرار رئيسه رقم 1830 لسنة 1999 بتفويض وكلاء الجهاز لشئون الإدارات المركزية للمخالفات المالية في الاختصاص المخول به بمقتضى البندين 1, 2 من ثالث من المادة (5) المشار إليها فمن ثم يكون طلب إحالة الطاعنين إلى المحاكمة التأديبية قد تم ممن لا يملكه قانوناً وهو رئيس الجهاز دون غيره على نحو ما أسلف هذا الحكم ومن ثم يضحى باطلاً ويستطيل هذا البطلان ليلحق بقرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية والحكم الطعين الصادر فيها الأمر الذي يغدو معه قرار مجازاة الطاعنين من قبل البنك التابعين له نهائياً بما لا يجوز إعادة مساءلتهم عن المخالفات التي أحيلوا عنها إلى المحاكمة التأديبية. وإذ خالف الحكم الطعين هذا القضاء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حرياً بالإلغاء ، وذلك دون ما حاجه إلى بحث أسباب الطعون الأخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعون شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء مجدداً ببطلان طلب إحالة الطاعنين الوارد إلى النيابة الإدارية من وكيلة الجهاز المركزي للمحاسبات ، على النحو المبين بالأسباب .

صدر هذا الحكم وتلي علنا فى يوم السبت 29 ربيع ثاني سنة 1927 هجرية الموافق 27/5/2006 بالهيئة المبينة بصدر هذا الحكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق