الصفحات

الثلاثاء، 3 مايو 2022

الطعن 22924 لسنة 85 ق جلسة 24 / 4 / 2017 مكتب فني 68 ق 37 ص 286

جلسة 24 من أبريل سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد ، مهاد خليفة ، يحيي منصور وأيمن الصاوي نواب رئيس المحكمة
----------

(37)

الطعن رقم 22924 لسنة 85 القضائية

(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .

التقرير بالطعن بعد الميعاد . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .

(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها. النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .

بيانات حكم الإدانة . المادة 310 إجراءات جنائية.

(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(4) اثبات " بوجه عام " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم . موضوعي . للمحكمة أن تطمئن إليها في حق متهم دون الآخر . لها تجزئة التحريات والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

(5) طفل . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        النعي على الحكم عدم استظهار سن المتهمين بموجب مستند رسمي . غير مقبول . ما دام الثابت من الصور الضوئية لشهادتي ميلادهما المقدمة من الدفاع أنهما طفلين .

(6) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .

تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟

تدليل الحكم على قيام حالة التلبس واطراحه دفاع الطاعن في هذا الشأن بردٍ سائغ . كفايته .

(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم وتناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

(8) إجراءات " إجراءات التحريز " . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " .

إجراءات التحريز طبقاً للمواد 55 ، 56 ، 57 إجراءات . لا بطلان على مخالفتها .

رد سائغ على الدفع ببطلان إجراءات التحريز .

(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة . دفاع موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .

مثال .

(10) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(11) تجمهر . تظاهر . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تدليل الحكم بمدوناته على توافر العناصر الجوهرية لجريمتي الاشتراك في التجمهر والتظاهر . كفايته للرد على الدفاع بعدم توافر الجريمة في حق الطاعنين .

(12) مفرقعات . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

عقاب الطاعن بعقوبة جريمة إحراز وحيازة مواد في حكم المفرقعات بوصفها الأشد . النعي على الحكم في شأن باقي الجرائم . غير مجد . أساس ذلك ؟

(13) إثبات " معاينة " . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي بعدم وجود معاينة وتجهيل محضر الضبط . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن .

عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه .

(14) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .

النعي بعدم انطباق القيد والوصف على الواقعة . منازعة وجدل موضوعي في سلطة المحكمة في استخلاصها لصورتها مما تستقل به بغير معقب .

(15) تجمهر . تظاهر .

حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق . كفايته لاستحقاق المتجمهرين للعقاب .

اتخاذ إجراءات فض قوات الأمن للتظاهر بالزي الرسمي . غير لازم . ما دامت دون إخطار .

(16) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

عدم إفصاح الطاعن عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع الذي يعني على الحكم الالتفات عنها . أثره : عدم قبول النعي .

(17) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها .

(18) طفل . مصاريف . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين الطفلين المصاريف الجنائية . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها . أساس ذلك ؟

(19) عقوبة " تطبيقها " . مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

إغفال الحكم على الطاعنين بوضعهم تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليهم . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك النقض تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟

(20) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء بالبراءة . عدم التزامها بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت . حد ذلك ؟

تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم . موضوعي . للمحكمة أن تطمئن إليها بالنسبة لمتهم دون الآخر .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول إثارته أمام النقض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر في .... وقدم الطاعن الثالث .... مذكرة بأسباب طعنه في .... ، بيد أن التقرير بالطعن ـــ منه ــ لم يحصل إلَّا في .... أي بعد الميعاد المحددة بالمادة 34/1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ، فإن الطعن من المحكوم عليه الثالث يكون غير مقبول شكلاً .

2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وبين مضمون تلك الأدلة في بيان وافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس .

3- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كانت المحكمة قد عولت في إدانة الطاعنين على تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثار في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .

4- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر ، فلها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، فإن ما يثيره الطاعنان بصدد ما أخذ به الحكم وما اطرح من تحريات الشرطة واعتماده على القرينة المستمدة منها في حق الطاعنين دون باقي المتهمين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما لا شأن لمحكمة النقض به .

5- لما كان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها إلى ملف الطعن أنها تحتوى على حافظة مستندات مقدمة من دفاع الطاعن الأول والمحكوم عليه الثالث تنطوي على صورة ضوئية من شهادة قيد ميلاد الطاعن الأول ثبت منها أنه مواليد 1/1/1997 وكذا صورة ضوئية لشهادة قيد المحكوم عليه الثالث ثبت منها أنه مواليد 21/4/1997 ، ومن ثم فإن سن كل منهما يكون قد جاوز الخامسة عشرة سنة ولم يتجاوز الثمانية عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة ، وعليه فإن ما أثبته الحكم من أنهما طفلين قد قام على أساس يسانده الواقع وتكون المحاكمة والحكم الصادر فيها قد اقترنا بصحيح القانون .

6- لما كان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع بغير معقب ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الوجه لا يكون سديداً .

7- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم و تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته ـــ كما هو الحال في الدعوى الراهنة، ومن ثم فإن ما ينعي به الطاعن الأول في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به.

8- من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد به تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن الأول بشأن بطلان الدليل المستمد من الأحراز ورد عليه رداً سائغاً أفصح فيه عن اطمئنان المحكمة إلى أن الأحراز التي ضبطت هي ذاتها التي عرضت على النيابة العامة وهى ذاتها التي تم فحصها بمعرفة قسم الأدلة الجنائية وأن البارود الأسود المضبوط داخل البراشوتات تم استهلاكه في الفحص ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون على سند .

9- لما كان النعي بخلو دفتر أحوال المرور من بلاغ بقطع الطريق أو تعطيل حركة المرور إنما لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة ، بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة أو يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم يضحى النعي في غير محله .

10- لما كان النعي بالتفات الحكم عن الدفاع بانتفاء الجرائم لعدم وجود دليل عليها بالأوراق ، وما يثيره الطاعنان من اطراح الحكم لإنكارهما الاتهام المسند إليهما مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

11- لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يدلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية لجريمتي الاشتراك في التجمهر والتظاهر ـــ على ما هي معرفة به في القانون ـــ فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ، وإذ كان ما أثبتته المحكمة في حكمها يستفاد منه الرد على ما أثاره الدفاع من عدم توافر الجريمة في حق الطاعنين ، فإن النعي بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً .

12- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص واستعراض القوة والعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم حال كون بعضهم يحملون مواد في حكم المفرقعات والمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار والترويج بالقول والكتابة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحيازة وإحراز بالذات والواسطة مواد في حكم المفرقعات بغير ترخيص ومطبوعات معدة للتوزيع ، وأعمل في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات ، وأوقع عليهما عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية حيازة وإحراز مواد في حكم المفرقعات التي أثبتتها في حقهما باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا يجدي الطاعنين ما يثُار تعييباً للحكم في خصوص جرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص واستعراض القوة والعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم والمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن العام والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار .

13- لما كان النعي بعدم وجود معاينة وتجهيل محضر الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما قد طلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهما من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطُلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون قويماً .

14- لما كان ما يثُار بشأن عدم انطباق القيد والوصف على الواقعة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب ، ومن ثم فإن هذا النعي لا يكون مقبولاً .

15- من المقرر أنه يكفى في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين العقاب ، وكان كل من الطاعنين لا يمارى أن التظاهر كان بدون إخطار ، وكان صدور الأمر عن القائد الميداني لقوات الأمن بالزي الرسمي المعينين لاتخاذها ما يلزم من إجراءات وتدابير لتأمين التظاهر والتنبيه المتكرر على المتظاهرين ليس بلازم ما دامت المظاهرة ممنوعة في ذاتها بسبب عدم الإخطار عنها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

16- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التي ساقاها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، كما لم يفحصا عن ماهية التناقض الذي عاباه على الحكم في طعنهما ، وكانت مدوناته قد خلت من هذا التناقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

17- لما كان البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلباً إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد دفاعهما ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها .

18- لما كانت المادة 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل قد نصت على أنه لا يلزم الأطفال بأداء أي رسوم أو مصاريف أمام جميع المحاكم في الدعاوي المتعلقة بهذا الباب المعاملة الجنائية للأطفال ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول والطاعن الثالث ـــ الذي لم يُقبل طعنه شكلاً ـــ كانا طفلين وقت الواقعة ، فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من الحكم المطعون فيه أن تقضي بإلزامهما بالمصاريف الجنائية ، أما وأنها فعلت فإنها تكون - في هذا الصدد - قد أخطأت في تطبيق القانون ، ومن ثم يتعين القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من الزام الطاعنين الأول والثالث بالمصاريف الجنائية عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 وتقضي برفض الطعن موضوعاً فيما عدا ذلك .

19- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بوضع الطاعنين تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليهما إعمالاً لنص المادة 375 مكرر أ/1، 4 من قانون العقوبات ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أن هذه المحكمة - محكمة النقض - لا تملك تصحيح هذا الخطأ ، لأن طعن النيابة العامة لم تتضمن أسبابه النعي على الحكم في هذا الصدد، وإعمالاً لقاعدة عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه ، طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض المار ذكره .

20- من المقرر أنه حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كان البيّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلَّا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها ، كما وأن الأسباب التي ساقتها من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه الحكم عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضدهم ، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم : حال كون المتهمين الأول والثالث طفلين تجاوزا الخمس عشرة سنة ولم يبلغا الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة :

1- اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص بغرض منع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة والتهديد وجعل السلم العام في خطر بأن تجمعوا بميدان .... معطلين الحركة المرورية للسيارات وحال قيام رجال السلطة العامة بأمرهم بالتفرق رفضوا طاعتهم وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم بالجرائم الأتية :

- استعرضوا وآخرون مجهولون القوة والتهديد بالعنف واستخدموهما لترويع المواطنين بإلحاق الأذى البدني وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وإلحاق الضرر بممتلكاتهم وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب في نفوس المارة وتكدير أمنهم وسكينتهم حال كونهم أكثر من شخصين حاملين لمواد في حكم المفرقعات " بارشوتات " .

- تظاهروا وآخرون مجهولون دون إخطار مسبق .

- اشتركوا وآخرون مجهولون في تظاهرة وفقاً للاتهام السابق بعالية والتي نتج عنها الإخلال بالأمن والنظام العام وتعطيل مصالح المواطنين وتعريضهم للخطر وتعطيل الحركة المرورية للسيارات .

- تظاهروا وآخرون مجهولون حال كونهم حاملين لمواد في حكم المفرقعات " بارشوتات " .

2- روجوا بالقول والكتابة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي بأن اشتركوا في تجمهر مرددين هتافات معادية بإسقاط مؤسسات الدولة وضد القوات المسلحة والشرطة " يسقط حكم العسكر ، الداخلية بلطجية ، مرسى رئيسي " وقاموا برفع لافتات تضمنت شعارات رابعة وعبارات مسيئة للجيش والشرطة .

3- حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة مواد في حكم المفرقعات " مخلوط البارود الأسود ومخلوط الألعاب النارية " دون الحصول على ترخيص بذلك .

4- حازوا وأحرزوا بالذات والوساطة مطبوعات " عدد ثلاثة عشر شعار رابعة " معدة للتوزيع ولاطلاع الغير عليها تتضمن بيانات من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1 ، 2/1 ، 3 ، 3 مكرراً/1 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 ، والمواد 1 ، 4 ، 5 ، 7 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20 ، 22 من القانون رقم 107 لسنة 2013 ، والمواد 30 ، 32 ، 86 مكرراً/3 ، 102 مكرراً/1 ، 375 مكرراً ، 375 مكرر(أ)/1 من قانون العقوبات والبنود 69 ، 75 ، 77 من قرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 بشأن المواد التي تعتبر في حكم المفرقعات والمواد 2 ، 95 ، 111/1 ، 2 ، 122/2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وبعد إعمال المادة 32 من قانون العقوبات .

حضورياً للمتهمين من الأول للثالث بمعاقبة الأول والثالث بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمعاقبة الثاني بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وغيابياً ببراءة المتهمين من الرابع للثاني عشر وبمصادرة المضبوطات وألزمتهم بالمصاريف الجنائية .

فطعن المحكوم عليهم حضورياً والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

أولاً - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث .... :

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في .... وقدم الطاعن الثالث .... مذكرة بأسباب طعنه في .... ، بيد أن التقرير بالطعن - منه - لم يحصل إلَّا في .... أي بعد الميعاد المحددة بالمادة 34/1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ، فإن الطعن من المحكوم عليه الثالث يكون غير مقبول شكلاً .

ثانياً - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول .... والمحكوم عليه الثاني .... :

من حيث إن الطاعنين ينعيان - في مذكراتهم الثلاث - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما والمحكوم عليه الثالث بجرائم الاشتراك في تجمهر الغرض منه منع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة وحملهما مسئولية ما وقع من جرائم استعراض القوة والعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم حال كون بعضهم يحملون مواداً في حكم المفرقعات والمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار والترويج بالقول والكتابة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وإحراز وحيازة بالذات والواسطة مواد في حكم المفرقعات ( مخلوط البارود الأسود ومخلوط الألعاب النارية ) بغير ترخيص ومطبوعات معدة للتوزيع شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها والأدلة التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ولم يستظهر سن المتهمين الأطفال بموجب مستند رسمي ، وعول على تحريات الأمن الوطني دون أن يورد مضمونها ومع أنه اعتبرها دليلاً أساسياً في إثبات الاتهام قبل الطاعنين فقد اطرحها ولم يطمئن إليها بالنسبة لمتهمين آخرين قضى ببراءتهم مما يصمه بالتناقض ، ويضيف الطاعن الأول أن الحكم اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما دون إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ، واستند إلى أقوال شهود الإثبات رغم تناقض أقوال الشاهدين الأول والثاني بشأن الأحراز المضبوطة بحوزة الطاعنين ، فضلاً عن خلو دفتر أحوال قسم مرور .... من ثمة بلاغ بقطع الطريق أو تعطيل حركة المرور ، كما تمسك الدفاع ببطلان الدليل المستمد من الأحراز لامتداد يد العبث إليها ولعدم وجود بعض المضبوطات بالحرز المعروض على المحكمة إلَّا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً ، ويضيف الطاعن الثاني أن المحكمة التفتت عما أُبدى من دفوع بانتفاء الجرائم المسندة إلى الطاعنين وانتفاء الدليل عليها وخلو الأوراق من هدف معين للمتظاهرين أو اتفاق مسبق بينهم ، فضلاً عن تجهيل محضر الضبط وعدم إجراء معاينة وعدم انطباق القيد والوصف المسبغين على الواقعة ، وخلو الأوراق من أمر بتفريق المتظاهرين ، هذا ولم يعرض الحكم لما حوته حوافظ المستندات المقدمة من دفاع الطاعنين ، ولم يرد على أوجه الدفوع والدفاع الأخرى التي أُبديت بجلسة المحاكمة لا سيما ما تعلق منها بمدى صحة الدليل ، وقعدت المحكمة عن إجراء تحقيق لهذه الأوجه ، وأخيراً فإن الحكم ألزم الطاعن الأول بالمصاريف الجنائية رغم كونه طفلاً ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وبين مضمون تلك الأدلة في بيان وافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كانت المحكمة قد عولت في إدانة الطاعنين على تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثار في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر ، فلها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، فإن ما يثيره الطاعنان بصدد ما أخذ به الحكم وما اطرح من تحريات الشرطة واعتماده على القرينة المستمدة منها في حق الطاعنين دون باقي المتهمين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها إلى ملف الطعن أنها تحتوى على حافظة مستندات مقدمة من دفاع الطاعن الأول والمحكوم عليه الثالث تنطوي على صورة ضوئية من شهادة قيد ميلاد الطاعن الأول ثبت منها أنه مواليد 1/1/1997 وكذا صورة ضوئية لشهادة قيد المحكوم عليه الثالث ثبت منها أنه مواليد 21/4/1997 ، ومن ثم فإن سن كل منهما يكون قد جاوز الخامسة عشرة سنة ولم يتجاوز الثمانية عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة ، وعليه فإن ما أثبته الحكم من أنهما طفلين قد قام على أساس يسانده الواقع وتكون المحاكمة والحكم الصادر فيها قد اقترنا بصحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع بغير معقب ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الوجه لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم و تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته ـــ كما هو الحال في الدعوى الراهنة ، ومن ثم فإن ما ينعي به الطاعن الأول في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56 ، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد به تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن الأول بشأن بطلان الدليل المستمد من الأحراز ورد عليه رداً سائغاً أفصح فيه عن اطمئنان المحكمة إلى أن الأحراز التي ضبطت هي ذاتها التي عرضت على النيابة العامة وهى ذاتها التي تم فحصها بمعرفة قسم الأدلة الجنائية وأن البارود الأسود المضبوط داخل البارشوتات تم استهلاكه في الفحص ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون على سند . لما كان ذلك ، وكان النعي بخلو دفتر أحوال المرور من بلاغ بقطع الطريق أو تعطيل حركة المرور إنما لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة ، بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة أو يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم يضحى النعي في غير محله . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن الدفاع بانتفاء الجرائم لعدم وجود دليل عليها بالأوراق ، وما يثيره الطاعنان من اطراح الحكم لإنكارهما الاتهام المسند إليهما مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يدلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية لجريمتي الاشتراك في التجمهر والتظاهر ـــ على ما هي معرفة به في القانون ـــ فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ، وإذ كان ما أثبتته المحكمة في حكمها يستفاد منه الرد على ما أثاره الدفاع من عدم توافر الجريمة في حق الطاعنين ، فإن النعي بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً . هـذا إلى أنه لمـــا كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص واستعراض القوة والعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم حال كون بعضهم يحملون مواد في حكم المفرقعات والمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار والترويج بالقول والكتابة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحيازة وإحراز بالذات والواسطة مواد في حكم المفرقعات بغير ترخيص ومطبوعات معدة للتوزيع ، وأعمل في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات ، وأوقع عليهما عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية حيازة وإحراز مواد في حكم المفرقعات التي أثبتتها في حقهما باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا يجدي الطاعنين ما يثُار تعييباً للحكم في خصوص جرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص واستعراض القوة والعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم والمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن العام والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار . لما كان ذلك ، وكان النعي بعدم وجود معاينة وتجهيل محضر الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما قد طلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهما من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطُلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان ما يثُار بشأن عدم انطباق القيد والوصف على الواقعة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب ، ومن ثم فإن هذا النعي لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين العقاب ، وكان كل من الطاعنين لا يماري أن التظاهر كان بدون إخطار ، وكان صدور الأمر عن القائد الميداني لقوات الأمن بالزي الرسمي المعينين لاتخاذها ما يلزم من إجراءات وتدابير لتأمين التظاهر والتنبيه المتكرر على المتظاهرين ليس بلازم ما دامت المظاهرة ممنوعة في ذاتها بسبب عدم الإخطار عنها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكــان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التي ساقاها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، كما لم يفحصا عن ماهية التناقض الذي عاباه على الحكم في طعنهما ، وكانت مدوناته قد خلت من هذا التناقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبا إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد دفاعهما ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل قد نصت على أنه لا يلزم الأطفال بأداء أي رسوم أو مصاريف أمام جميع المحاكم في الدعاوي المتعلقة بهذا الباب المعاملة الجنائية للأطفال ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول والطاعن الثالث - الذي لم يُقبل طعنه شكلاً - كانا طفلين وقت الواقعة ، فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من الحكم المطعون فيه أن تقضي بإلزامهما بالمصاريف الجنائية ، أما وأنها فعلت فإنها تكون - في هذا الصدد - قد أخطأت في تطبيق القانون ، ومن ثم يتعين القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من الزام الطاعنين الأول والثالث بالمصاريف الجنائية عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 وتقضي برفض الطعن موضوعاً فيما عدا ذلك . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بوضع الطاعنين تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليهما إعمالاً لنص المادة 375 مكرر(أ)/1، 4 من قانون العقوبات، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، إلَّا أن هذه المحكمة - محكمة النقض - لا تملك تصحيح هذا الخطأ، لأن طعن النيابة العامة لم تتضمن أسبابه النعي على الحكم في هذا الصدد، وإعمالاً لقاعدة عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه ، طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض المار ذكره .

ثالثاً - عن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليهم ببراءتهم :

ومن حيث إن الطاعنة - النيابة العامة - تنعي على الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة المطعون ضدهم من جرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة باستعراضها والتهديد بالعنف لترويع المواطنين وإلحاق الأذى بهم حال كون بعضهم يحملون مواداً في حكم المفرقعات والمشاركة في مظاهرة أخلت بالأمن العام والنظام العام وعطلت حركة المرور دون إخطار مع حملهم مواد في حكم المفرقعات والترويج بالقول والكتابة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وحيازة وإحراز بالذات والواسطة مواداً في حكم المفرقعات بغير ترخيص ومطبوعات معدة للتوزيع شابه القصور والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة مجملة ، ولم يعرض لأدلة الثبوت في الدعوى ، واطرح تحريات الشرطة وأقوال مجريها بالنسبة للمطعون ضدهم بينما عول عليها في إدانة آخرين في ذات الدعوى ودون أن يفصح لذلك سبباً ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إنه لما كان من المقرر أنه حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كان البيّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلَّا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها ، كما وأن الأسباب التي ساقتها من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه الحكم عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضدهم ، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .       

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق