الصفحات

الخميس، 5 مايو 2022

الطعن رقم 171 لسنة 37 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 2 / 4 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من أبريل سنة 2022م، الموافق الأول من رمضان سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيـم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 171 لسنة 37 قضائية دستورية.

المقامة من
صبحي بشرى جورج إسكندر
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
4- النائب العام

-------------

" الإجراءات "

بتاريخ الرابع والعشرين من نوفمبر سنة 2015، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند (2) من المادة (44) من هذا القانـون، وما تضمنته المادة (46) من القانون ذاته، وسقوط نص المادة (43) في مجال تطبيقه على البند رقم (2) من المادة (44) من القانون المشار إليه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة,
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 5247 لسنة 2015، جنح العطارين، متهمة إياه: أنه خلال الفترة من عام 2004 حتى عام 2011 - بدائرة قسم العطارين - محافظة الإسكندرية - بصفته مكلفًا خاضعًا للضريبة العامة على المبيعات (المدير المسئول لمنشأة البناءون العرب)، تهرب من أداء الضريبة، وذلك بأن قام بأداء الخدمة دون الإقرار عنها، وسداد ضريبة المبيعات المستحقة عنها، المبينة قدرًا بالأوراق، في الميعاد القانوني. وطلبت عقابه بالمواد (2/ 2و 3/ 2و 5، 6/ 1و 32/ 1،3و 43/ 1، 3 و44/ 2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991. تدوولت الدعوى أمام المحكمة، وبجلسة 11/ 11/ 2015، دفع المدعي بعدم دستورية البند رقم (2) من المادة (44)، وسقوط نص المادة (43) في مجال تطبيقها على البند المشار إليه، وعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها، والمادة (46) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، فصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن نص البند (2) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 يجري على أنه: يُعد تهربًا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليهـا في المادة السابقة ما يأتي: 1- ..........2- بيع السلعة أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة.
وتنص المادة (46) من القانون ذاته على أنه في حالة وقوع أي فعل من أفعال التهرب من الضريبة من أحد الأشخاص المعنوية، يكون المسئول عنه الشريك المسئول أو المدير أو عضو مجلس الإدارة المنتدب أو رئيس مجلس الإدارة ممن يتولون الإدارة الفعلية على حسب الأحوال.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بالنسبة لنص البند (2) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 5/ 5/ 2018، برفض الدعوى رقم 24 لسنة 29 قضائية دستورية، المقامة طعنًا على دستورية هذا النص. وقد نشر الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 19 مكرر (ب) بتاريخ 13/ 5/ 2018. وحيث إن نطاق الدعوى المعروضة بالنسبة لنص المادة (46) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، في ضوء حقيقة طلبات المدعى الختامية التي ضمنها صحيفة دعـواه، إنما ينصب على مسئولية أي من ممثلي الشخص المعنوي الذين عددتهم هذه المادة ممن يتولى إدارته إدارة فعلية، عن أفعال التهرب من الضريبة التي تقع منه، وكانت المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص، محددًا نطاقه على النحو المتقدم، بحكمها الصادر بجلسة 3/ 2/ 2018، برفض الدعوى رقم 61 لسنة 21 قضائية دستورية، المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص. وقد نشـر الحكم في الجريدة الرسمية، بالعدد 6 مكرر (ب)، بتاريخ 12/ 2/ 2018. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولاً فصلاً في المسألة الدستورية المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها، الأمر الذي تغدو معه الدعوى الدستورية المقامة قبل هذين النصين غير مقبولة.
وحيث إنه عن طلب سقوط نص المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، في مجال تطبيقها على نص البند (2) من المادة (44) من القانون ذاته، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السقوط لا يُعد طلبًا مستقلاً بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقريرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا، بمناسبة قضائها في الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة. وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى المقامة طعنًا على دستورية نص البند (2) من المادة (44) من القانون الآنف الذكر، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون حقيقًا بالالتفات عنه.
وحيث إن نص المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بعد تعديله بالقانون رقم 91 لسنة 1996، مقروءًا في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4 نوفمبر 2007، في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية دستورية، يجري على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية.
وفي حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض.
وتنظر قضايا التهرب عند إحالتها إلى المحاكم على وجه الاستعجال.
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية والمباشرة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان المدعي قد ووجه من النيابة العامة باتهام جنائي بالتهرب من الضريبة العامة على المبيعات، وقُدم إلى المحاكمة الجنائية على هذا الأساس، وكان نص الفقرة الأخيرة من المادة (43) المشار إليه، هو الحاكم لأوضاع نظر قضايا التهرب عند إحالتها إلى المحاكم، ويحث المحكمة الجنائية أن تنظر الدعوى الجنائية المقامة عن جريمة التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات على وجه الاستعجال، فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي تكون متحققة في الطعن على هذا النص، ذلك أن الفصل في دستوريته سيكون ذا أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية والفصل فيها.
ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة من أن يلغى قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 كما يلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون .........، ذلك أن إلغاء النص التشريعي الإجرائي المطعون فيه، لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قِبَلِ من طُبّقَ عليهم خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن عليه، طالما كان هذا الإلغاء لا يكشف عن عدول المشـرع عـن سياسته الجنائية والإجرائيـة. لما كان ذلك، وكان المشرع قد أكد في قانون الضريبة على القيمة المضافة، المار ذكره، مضمون النص المطعون عليه بمقتضى الفقرة الخامسة من المادة (67) من القانون الأخير، وقرن جريمة التهرب بعقوبات أشد جسامة، ومن ثم فإن النص المحدد نطاقًا في هذه الدعوى على النحو المتقدم، يكون هو الواجب الإعمال على الجريمة التي وقعت في ظله، وتمضي المحكمة في الفصل في دستوريته.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون عليه، في النطاق المحدد سلفًا، إخلاله بالحق في التقاضي، لتدخل المشرع في سلطة القاضي في تكوين عقيدته، والتحقق من ثبوت أركان هذه الجريمة العمدية بكامل عناصرها، وافتئاته على قرينة البراءة.
وحيث إن الحق في التقاضي يفترض - ابتداء وبداهة - تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذا ميسرًا لا تثقله أعباء مالية، ولا تحول دونه عوائق إجرائية، ولا يعدو هذا النفاذ - بما يعنيه من حق كل شخص في اللجوء إلى القضاء وأن أبوابه المختلفة غير موصدة في وجـه من يلوذ بها، وأن الطريق إليها معبد قانونًـا. ولا يستقيم هذا الحق، إلا إذا كان الفصل في الحقوق التي تقام الدعوى لطلبها موكولاً إلى أيد أمينة عليها تتوافر لديها - ووفقا للنظم المعمول بها أمامها - كل ضمانة تقتضيها إدارة العدالة إدارة فعالة، بما يعكس حيدة المحكمة واستقلالها، وحصانة أعضائها والأسس الموضوعية لضماناتها العملية، وهي بذلك تكفل بتكاملها المقاييس المعاصرة التي توفر لكل شخص حقا مكتملاً ومتكافئا مع غيره في محاكمة منصفة وعلنية تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة ينشئها القانون، تتولى الفصل - خلال مدة معقولة - في حقوقه والتزاماته المدنية أو في التهمة الجنائية الموجهة إليه، ويتمكن في كنفها من عرض دعواه وتحقيق دفاعه ومواجهة أدلة خصمه ردًّا وتعقيبًا في إطار من الفرص المتكافئة، وبمراعاة أن تشكيل المحكمة، وأسس تنظيمها، وطبيعة القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها في نطاقها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، هي التي تحدد الملامح الرئيسية التي يتطلبها الدستور في الجهة التي يعهد إليها بالفصل في الأنزعة القضائية.
متى كان ذلك، وكان المشرع، وإن أوجب على المحكمة الجنائية أن تنظر جرائم التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات على وجه السرعة، فإنه أسند نظر هـذه الطائفة من الجرائم- في ظل العمل بقانون الضرائب العامة على المبيعات - إلى محكمة الجنح شأنها شأن سائر الجنح، وهي محكمة من محاكم جهة القضاء العادي، يتمتع قضاتهـا المؤهلين قانونًا بسائر الضمانات القانونية التي يتطلبها الدستور ويتمتعون بالحيدة والاستقلال، وكانت هذه المحكمة تتحدد سلطاتها وصلاحياتها بموجب أحكام قانون الإجراءات الجنائية والقوانين المكملة له، وهي قوانين تتيح لمن يقدم إلى المحاكمة الجنائية أن يبسط دفاعه كاملًا، وأن يفند الأدلة المقدمة ضده بسائر وسائل الدفاع والرد دحضًا لها، وتشكيكًا في دلالاتها، توصلاً لنفي التهمة، ولم يفترض المشرع أية قرينة تقيد سلطة المحكمة المعقود لها الاختصاص في استخلاص النتيجة التي تطمئن إليها، ولم يحل دون حقها في التثبت من توفر أركان الجريمة، متمثلة في الركن المادي، والركن المعنوي لكل جريمة منها، وفي التحقق من انتفاء أسباب الإباحة بأنواعها، وموانع المسئولية بشأنها، ولا من القضاء ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه إذا تمكن المتهم من نفي الأدلة المواجـه بها، أو التشكيك فيها، استصحابًا لأصل البراءة، أو إثبات تحقق سببٍ للإباحة، أو مانعٍ للمسئولية. ومن ثم فإن النص المطعون عليـه يتماهى مع ما أوجبه المشـرع من أن يولي قضاة هـذه النوعية من القضايـا أولوية خاصة لسرعة إنجازهـا، دون إخلال بسائر أحكام المنظومة الإجرائية التي يوجبها الدستور لسلامة المحاكمة الجنائية.
لما كان ذلك، وكان ما قرره المشرع من حث المحكمة الجنائية على الفصـل في جرائم التهرب مـن الضرائب على المبيعـات على وجـه الاستعجال لا يعدو أن يكـون تطبيقًا للالتزام الدستـوري المنصوص عليـه فـي المـادة (97) منـه، الذي أوجب علـى الدولـة أن تعمـل على سرعـة الفصل في القضايا جميعها تحقيقًا للعدالة الناجـزة، فإنـه يكون قـد وافـق التزامات الدولة المقررة بموجب أحكام الدستور، وإذ كان المشرع قد قرر أولوية خاصة في سرعة الفصل في هذه النوعية من الجرائم، فإن ذلك، وبالنظر للمصلحة العامة التي تركن وراء هذا الحكم الخاص، متمثلة في استقرار المراكز القانونية للمواجهين بتهمة التهرب الضريبي، وحسم مراكزهم القانونية، بالحد من المدة التي يسلط عليهم فيها سيف الاتهام بها - من جهة- ومصلحة الدولة في أن تضمن للخزانة العامة سرعة حصولها على العائد من هذه الضرائب، ومواجهة حالات التهرب من عبئها، من جهة أخرى، فإن ما أوجبه المشرع من سرعة الفصل فيها يكون قد قام على أسباب محمولة تبررها، دون مساس بالحق في التقاضي، أو الانتقاص من محتواه أو مقاصده، ويكون تبعًا لذلك قد وقع في دائرة السلطة التقديرية للمشرع، بما ينأى بهذا النص عن أي مخالفة لنص المادة (97) من الدستور.
لما كان ذلك، وكان النص المطعـون عليه، في النطـاق المحـدد سلفًا، لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور، فإن المحكمة تقضي تبعًا لذلك برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي بالمصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق