الصفحات

الثلاثاء، 5 أبريل 2022

الطعن 8171 لسنة 81 ق جلسة 22 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 140 ص 931

جلسة 22 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد صادق، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني وخالد السعدوني نواب رئيس المحكمة.
-------------

(140)
الطعن رقم 8171 لسنة 81 القضائية

(1) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية".
اختصام الطاعن الممثل القانوني لاتحاد الإذاعة والتليفزيون صاحب الصفة في الدعوى مع المطعون ضده الثالث رئيس قطاع القنوات المتخصصة رغم انتفاء صفة الأخير. اعتبار هذا التعدد في الخصومة تعددا صوريا. علة ذلك. الطاعن هو المعني بالخصومة. مؤداه. انصراف آثار الحكم الذي يصدر فيها إيجابا أو سلبا إليه. النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته. غير منتج. أثره. عدم قبوله.
(2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة".
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3 ، 4) دعوى "شروط قبول الدعوى: اللجوء للجان التوفيق وفقا للقانون 7 لسنة 2000". محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية".
(3) المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة. عدم خضوعها لأحكام القانون 7 لسنة 2000. المادتين 1، 4 من ذات القانون. علة ذلك.
(4) المنازعات التي تختص المحاكم الاقتصادية بنظرها. استثناؤها من العرض على لجان التوفيق في المنازعات المنصوص عليها في ق 7 لسنة 2000. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على تلك اللجان. صحيح. قصوره في أسبابه القانونية. لمحكمة النقض استكمالها دون نقضه.
(5) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب الجديدة".
اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى. مناطه. صدور الحكم بندبه ومباشرته مأموريته بين خصوم ممثلين فيها. علة ذلك. تمسك الطاعن بعدم حجية تقرير الخبير المودع قبل اختصامه في مواجهته. سبب جديد. إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. أثره. عدم قبوله.
(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها وأعمال أهل الخبرة وتقدير التعويض الجابر للضرر. شرطه. (مثال بشأن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون للقضاء بتعويض لا يتناسب والطالبات في الدعوى).
(7 - 9) نقض "أسباب الطعن بالنقض: أسباب قانونية يخالطها واقع" "السبب المفتقر للدليل".
(7) الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(8) الطعن بالنقض. عدم تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن. أثره. نعي مفتقر إلى دليل.
(9) خلو الأوراق من دليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث وخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم. دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. النعي عليه. أثره. عدم قبوله.

---------------

1 - بقاء المطعون ضده الثالث - قطاع القنوات المتخصصة - في خصومة الدعوى بعد اختصام الطاعن - صاحب الصفة فيها - للحكم عليهما بالتعويض المطالب به رغم انتفاء صفة المطعون ضده الثالث بشأن موضوعها - إذ يمثله الطاعن - لا يعدو أن يكون تعددا صوريا ذلك أن الطاعن هو المعني بالخصومة وتتصرف إليه آثار الحكم الذي يصدر فيها إن إيجابا أو سلبا، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته فيها - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ومن ثم غير مقبول.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.

3 - مفاد نص المادتين 1، 4 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى.

4 - إذ كان المشرع - ورغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد - قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة، فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض، وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة - فيما عدا ما استثناه منها - بدرجتيها الابتدائية والاستئنافية، وخص الأولى بالمنازعات التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي ينظر استئناف الأحكام الصادرة منها أمام المحاكم الاقتصادية بهيئة استئنافية، والتي خصها في ذات الوقت بالمنازعات التي تزيد قيمتها عن خمسة ملايين جنيه وتلك غير مقدرة القيمة، والتي أجاز الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة منها كمحكمة ابتدائية، وأوجب على محكمة النقض إذا ما نقضت الحكم أن تتصدى للفصل في الموضوع ولو كان الطعن لأول مرة خلافا لما جاء بالمادة 269 من قانون المرافعات، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية، وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة، وألزم عرضها على هيئة للتحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية، الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع في إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على لجان التوفيق في المنازعات، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى هو صدور الحكم بندبه ومباشرته لمأموريته بين خصوم ممثلين فيها، وأن الهدف من ذلك هو تمكينهم من إبداء دفاعهم وتحقق الغرض من إجراءات الإثبات، إلا أنه إذا انتفت هذه الحكمة المبتغاة من تطبيق تلك القاعدة بأن أهمل الخصم المودع التقرير في غيبته عن طرح أوجه دفاع جديدة لم يبحثها الخبير، فلا يكون ثمة مسوغ لتطبيقها، ومن ثم فإن دفع أحد الخصوم بأن تقرير الخبير المودع في الدعوى قبل اختصامه فيها لا يصلح حجة عليه هو من الدفوع الواجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع مع تقديم أوجه الدفاع التي لم يبحثها الخبير وإلا انتفت الحكمة من تطبيق تلك القاعدة، لا سيما وأن تقرير الطاعن في نعيه بحضور وكيله أمام الخبير واستماعه له يؤكد انتفاءها، وإذ خلت الأوراق من الدليل على سبق تمسك الطاعن بهذا الدفع أو طرحه لأوجه دفاع جديدة بعد إيداع التقرير أمام محكمة الموضوع، فإن إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا غير مقبول.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وأعمال أهل الخبرة دون معقب عليها من محكمة النقض، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله لها معينها الثابت بالأوراق، وأن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطتها ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من خطأ الطاعن والمطعون ضده الثالث ببث مصنفات فنية مملوكة للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها والذي ترتب عليه ضرر قدره بالمبلغ المقضي به، وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي عليه بما ورد بالشق الأول (النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتعويض لا يتناسب مع الطلبات في الدعوى) لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على الخصوم في الطعن بطريق النقض أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن، وإلا أصبح النعي مفتقرا إلى دليله.

9 - إذ كانت الأوراق قد خلت من الدليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث والتمسك بخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم، وهو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق غير مقبول.

----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم .... لسنة 1 ق اقتصادية استئنافية القاهرة بطلب الحكم بإلزام باقي المطعون ضدهم بسداد مبلغ مليون دولار تعويض، وقال بيانا لذلك إن المطعون ضده الثالث استغل 41 مصنف فني مملوك للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها وقام ببثها على قمر النايل سات على الحيز الممنوح له من المطعون ضدها الثانية. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره أدخلت المطعون ضدها الأولى الطاعن خصما في الدعوى للحكم عليه بذات طلباتها. بتاريخ 15 مارس سنة 2011 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية، وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث بمبلغ 500.000 جنيه تعويض عن الأضرار المادية والأدبية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الطاعن هو الممثل القانوني لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وليس المطعون ضده الثالث، إذ يمثله الطاعن، ومن ثم فإن الدعوى تكون غير مقبولة بالنسبة للمطعون ضده الثالث لرفعها على غير ذي صفة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن بقاء المطعون ضده الثالث - قطاع القنوات المتخصصة - في خصومة الدعوى بعد اختصام الطاعن - صاحب الصفة فيها - للحكم عليهما بالتعويض المطالب به رغم انتفاء صفة المطعون ضده الثالث بشأن موضوعها - إذ يمثله الطاعن - لا يعدو أن يكون تعددا صوريا، ذلك أن الطاعن هو المعني بالخصومة وتنصرف إليه آثار الحكم الذي يصدر فيها إن كان إيجابا أو سلبا، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته فيها - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبق اللجوء للجان التوفيق في المنازعات على سند من أن أحد الخصوم - المطعون ضدها الثانية - ليس من الجهات الحكومية، في حين أن نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 صريحة وفي وجوب اللجوء لتلك اللجان قبل رفع الدعوى من أو على الجهات الحكومية وإلا كانت غير مقبولة، فضلا عن أن المطعون ضدها الثانية ليس لها صفة في الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادتين 1، 4 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان المشرع - ورغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد - قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة، فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض، وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة - فيما عدا ما استثناه منها - بدرجتيها الابتدائية والاستئنافية وخص الأولى بالمنازعات التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيها، والتي ينظر استئناف الأحكام الصادرة منها أمام المحاكم الاقتصادية بهيئة استئنافية، والتي خصها في ذات الوقت بالمنازعات التي تزيد قيمتها عن خمسة ملايين جنيه وتلك غير مقدرة القيمة والتي أجاز الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة منها كمحكمة ابتدائية، وأوجب على محكمة النقض إذا ما نقضت الحكم أن تتصدى للفصل في الموضوع ولو كان الطعن لأول مرة خلافا لما جاء بالمادة 269 من قانون المرافعات، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية، وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة، وألزم عرضها على هيئة للتحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية، الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع في إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على لجان التوفيق في المنازعات، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم استند في قضائه على تقرير الخبير الذي ندب وأودع تقريره في الدعوى قبل اختصامه فيها فلا يصلح دليلا ضده - وإن استمع لوكيل الطاعن الحاضر أمامه - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى هو صدور الحكم بندبه ومباشرته لمأموريته بين خصوم ممثلين فيها، وأن الهدف من ذلك هو تمكينهم من إبداء دفاعهم وتحقق الغرض من إجراءات الإثبات، إلا أنه إذا انتفت هذه الحكمة المبتغاة من تطبيق تلك القاعدة بأن أهمل الخصم المودع التقرير في غيبته عن طرح أوجه دفاع جديدة لم يبحثها الخبير فلا يكون ثمة مسوغ لتطبيقها، ومن ثم فإن دفع أحد الخصوم بأن تقرير الخبير المودع في الدعوى قبل اختصامه فيها لا يصلح حجة عليه هو من الدفوع الواجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع مع تقديم أوجه الدفاع التي لم يبحثها الخبير وإلا انتفت الحكمة من تطبيق تلك القاعدة، لا سيما وأن تقرير الطاعن في نعيه بحضور وكيله أمام الخبير واستماعه له يؤكد انتفاءها، وإذ خلت الأوراق من الدليل على سبق تمسك الطاعن بهذا الدفع أو طرحه لأوجه دفاع جديدة بعد إيداع التقرير أمام محكمة الموضوع، فإن إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بتعويض لا يتناسب مع الطلبات في الدعوى ذلك أن طلب المطعون ضدها الأولى - ابتداء - في الدعوى مبلغ مليون دولار تعويض عن بث عدد 41 مصنف، إلا إن الحكم المطعون فيه قضى لها بنصف ذلك المبلغ رغم قصرها الدعوى على عدد 13 مصنف فقط، كما وأن الخبير خلص في تقريره إلى ملكية المطعون ضدها الأولى لعدد 13 مصنف في حين أنها لم تقدم مستندات ملكيتها سوى لعدد خمس مصنفات فقط وباقي المستندات تنازلات من دولة لبنان غير موثقة من وزارة الخارجية المصرية، كما تطرق الخبير لتقدير قيمة المنفعة المترتبة على البث والأرباح المتحققة، وهو ما يخرج عن نطاق الخبرة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وأعمال أهل الخبرة دون معقب عليها من محكمة النقض، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله لها معينها الثابت بالأوراق، وأن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطتها ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من خطأ الطاعن والمطعون ضده الثالث ببث مصنفات فنية مملوكة للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها والذي ترتب عليه ضرر قدره بالمبلغ المقضي به، وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي عليه بما ورد بالشق الأول لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول، كما أن النعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وأنه يتعين على الخصوم في الطعن بطريق النقض أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن وإلا أصبح النعي مفتقرا إلى دليله. لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من الدليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث والتمسك بخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم، وهو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق غير مقبول.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق