الصفحات

الثلاثاء، 22 مارس 2022

الطعن 372 لسنة 34 ق جلسة 26 /11 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 212 ص 1402

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعبد العليم الدهشان.

----------------

(212)
الطعن رقم 372 لسنة 34 القضائية

نيابة عامة. "تدخل النيابة في قضايا الوقف". وقف.
وجوب تدخل النيابة في دعاوى الوقف مما كانت تختص به المحاكم الشرعية. يستوي في ذلك كون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف، أم أن مسألة الوقف أثيرت في دعوى أخرى. جزاء مخالفة ذلك بطلان الحكم.

--------
مفاد نصوص المواد الأولى من القانون 628 لسنة 1955 والثانية والفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 المعدل بالقانونين 399 لسنة 1963 و277 لسنة 1954 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية وأحال الدعاوى التي تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية؛ فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً. يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى ملكية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 380 سنة 1960 مدني كلي الزقازيق ضد المطعون عليهما وطلبت الحكم بتثبيت ملكيتها إلى ثلث نصيب جدها المرحوم عمر محمد دقن من أعيان وقف المرحوم محمد دقن ومقدار ذلك الثلث 27 ف، 5 ط، 4 و2/ 3 س مبينة بصحيفة الدعوى وقالت بياناً لدعواها إن المرحوم محمد دقن وقف بمقتضى حجة صادرة أمام محكمة ههيا الشرعية بتاريخ 21 فبراير سنة 1903 أطياناً زراعية مساحتها 413 ف و5 ط و11 س مبينة بكتاب الوقف وجعل الاستحقاق لنفسه حال حياته ثم على أولاده الخمسة الذكور بعده وهم على وإسماعيل ومحمد صديق وعبد العزيز وعمر وعلى من يرزقه الله من الأولاد الذكور بالسوية فيما بينهم ثم من بعدهم على أولادهم الذكور أولاد وأولادهم الذكور فقط وهكذا طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره فإذا انقرضت الذرية الذكور يكون الاستحقاق للإناث من ورثته حسب الوارد في كتاب الوقف. وشرط الواقف أن من مات من أولاده الذكور وليس له ذرية يعود نصيبه إلى إخوته الذكور. واستطردت الطاعنة إلى القول بأن الواقف توفى بتاريخ 14 يوليه سنة 1904 ولم يترك من الأولاد الذكور سوى الخمسة الواردة أسماؤهم في حجة الوقف وفي سنة 1913 توفى عبد العزيز عن أولاد ذكور آلت إليهم حصته وفي سنة 1928 توفى محمد صديق عن أولاد ذكور آلت إليهم حصته أيضاً وفي سنة 1937 توفى عمر بن الواقف وجد الطاعنة عن بنتين هما ورده ومنيره وعن حفيدته الطاعنة التي توفى والدها عام 1933 قبل وفاة والدة عمر، وقد صدر بعد ذلك المرسوم بقانون 180 سنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات ونصت المادة الثالثة منه على أن يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين بالمادة الثانية ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق، فإذا كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين ولذرية من مات من طبقتهم كل بقدر حصته وحصة أصله في الاستحقاق، وإذ ينطبق هذا النص على الطاعنة لأن وقف المرحوم محمد دقن مرتب الطبقات مما يتعين معه تقسيم نصيب جدها في أعيان الوقف مثالثة بينها وبين عمتيها ورده ومنيره باعتبار أن لكل منهن حصة قدرها 1/ 15 من أعيان الوقف فقد أقامت الطاعنة دعواها بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 25 يونيه سنة 1963 قضت محكمة أول درجة بطلبات الطاعنة. فاستأنف المطعون عليهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 187 سنة 6 ق (مأمورية الزقازيق). وبتاريخ 6/ 4/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه لأن النيابة لم تتدخل في الدعوى وهي من الدعاوى المتعلقة بالوقف وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن القانون رقم 628 سنة 1955 في شأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 سنة 1955 إذ نص في مادته الأولى على "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 سنة 1955 المشار إليه. وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً" ونصت المادة الثانية من المرسوم بقانون 180 سنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات على "يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر" ونصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من المرسوم بقانون ذاته المعدلة بالقانونين رقمي 399 سنة 1963 و277 سنة 1954 على "وتستمر المحاكم الشرعية في نظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع في شأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضى هذا القانون" فإن مفاد هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 سنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية وأحال الدعاوى التي تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر هذا النزاع. وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى ملكية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت دعواها بتثبيت ملكيتها للقدر المطالب به في أعيان وقف المرحوم محمد دقن على أساس أن هذا القدر هو نصيبها الذي تستحقه من حصة جدها المرحوم عمر محمد دقن في الوقت السالف البيان واستندت إلى تفسيرها لكتاب الوقف وإلى أنه وقف مرتب الطبقات وأنها من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق ممن هم في طبقته المستحقين الحاليين طبقاً لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون 180 سنة 1952 وإذ تناول الحكم المطعون فيه بالبحث هذا الأساس الذي أقامت عليه الطاعنة دعواها وانتهى إلى عدم الاعتداد به ورفض الدعوى استناداً إلى قوله "الثابت في الصحيفة الثالثة عشر من حجة الوقف وهو بصدد بيان الاستحقاق أنه للأولاد الذكور وإن سفلوا دون سواهم ثم عبر عن إمكان الاستحقاق للإناث بأن ذلك لا يكون إلا إذا انقرضت ذرية الواقف من الذكور بأسرهم وأبائهم بالموت عن آخرهم وخلت بقاع الأرض منهم أجمعين ولم يكن من ذرية الواقف ذكر قط يكون ذلك وقفاً وأرصاداً على البنات الموجودات من ذرية الواقف إلى حين انقراض الطبقة الموجودة من البنات وقتئذ فإذا انقرضن جميعاً ولم يبق منهن أنثى واحدة يكون ذلك وقفاً وأرصاداً على جهات البر وهذا بذاته قاطع الدلالة على أن موقف المستأنف عليها الطاعنة - ووضعها هو ذاك يغلب عليه الوهن حين لا تسعفه نصوص القانون - الخاص بإلغاء الوقف أو تظاهره بأية وسيلة رغبة الواقف وأنه حتى إذا قيل أن الحكم في الدعوى 159 سنة 1957 أحوال شخصية حين عرض لما إذا كان الوقف مرتب الطبقات كان يريد بذلك أحكام المادة 22 من القانون رقم 48 سنة 1946 كما يفهم من صياغته الحرفية، فإن المستأنف ضدها (الطاعنة) وهي أنثى لا تعد عند وجود الذكر من ذرية الواقف فرداً من الطبقات التي جعل الواقف لها الاستحقاق لطبقات الذكور ولم يجعله للإناث مطلقاً إلا بعد انقراض الذكور جميعاً ثم لم يجعله إلا لطبقة واحدة منهن فقط وهي الموجودة في إبان انقراض طبقات الذكور، مما يمكن معه القول بأن المستأنف ضدها لا تعد من أفراد الطبقات الحاجبة ولا من أفراد الطبقات المحجوبة بالمعنى المراد من نص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون رقم 180 سنة 1952 وبعبارة أخرى أن مرد منع المستأنف عليها من الاستحقاق هو وجود أي ذكر من أي طبقة فليس منعها من الاستحقاق بسبب ترتيب الطبقات المنصوص عليه في عبارة القانون بل بسبب وجود الذكور"، لما كان ما تقدم، وكان النزاع بين الطاعنة والمطعون عليهما - على ما يبين من الحكم - يدور حول ما إذا كان وقف المرحوم محمد دقن الذي تدعي الطاعنة الاستحقاق في جزء من أعيانه وقفاً مرتب الطبقات وأنها من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق ممن هم في طبقة المستحقين الحاليين فيه، وكانت هذه المسألة متعلقة بالوقف من حيث إنشائه وشروطه ويستوجب الفصل فيها وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه الخوض في تفسير عبارات كتاب الوقف وتحديد ما ينطبق عليها من نصوص القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف، وكان الاختصاص بنظر هذه المسائل للمحاكم الشرعية طبقاً للمادة الثامنة من لائحة ترتيب تلك المحاكم والفقرة الثانية من المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بعد تعديله بالقانونين رقمي 399 سنة 1953، 277 سنة 1954 التي تقضي باستمرار المحاكم المذكورة في نظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع في شأن الأوقاف التي انتهت، وإذ خصت بنظر هذه المسائل بعد إلغاء المحاكم الشرعية دوائر الأحوال الشخصية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإنه يتعين تدخل النيابة العامة في الدعوى لإبداء رأيها فيها ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية. وإذ قضت محكمة الاستئناف في الدعوى دون تدخل النيابة العامة لإبداء الرأي فيها فإنه ينبني على ذلك قبول الدفع الذي أبدته النيابة وبطلان الحكم المطعون فيه مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.


 (1) نقض 17/ 5/ 1966 - الطعن 395 لسنة 31 ق مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1146 - ونقض 3/ 12/ 1964 الطعن رقم 36 لسنة 30 ق - المجموعة السابقة ص 1127.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق