الصفحات

السبت، 19 فبراير 2022

الطعن 11712 لسنة 88 ق جلسة 10 / 3 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الأربعاء (ه)

-----

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / هانى مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله و عبد النبى عز الرجال محمد عبد الله الجندي و صابر جمعة نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد فوده .

وأمين السر السيد / حازم خيرى.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الأربعاء 26 من رجب سنة 1442ه الموافق 10 من مارس سنة 2021م

أصدرت الحكم الآتي :-

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11712 لسنة 88 قضائية.
المرفوع من
...... ( الطاعن )
ضد
النيابة العامة ( المطعون ضدها )

--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية رقم 882 لسنة 2014 مركز تمى الأمديد ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 49 لسنة 2014 جنوب المنصورة ) بوصف أنها في خلال الفترة من 1 من يناير سنة 2010 وحتى 25 من يوليه سنة 2013 بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية ...
أولاً : بصفتها موظفاً عاماً ومن الصيارفة [ مندوب صرف معاشات تمثل التأمينات والمعاشات بتمي الأمديد مركز السنبلاوین " الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي " ] اختلست مبلغ 1033788٫85 جنيهاً " مليون وثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية وثمانون جنيهاً وخمسة وثمانون قرشاً والمملوك لجهة عملها والمسلَّمة إليها بسبب وظيفتها وبصفتها آنفتی البيان ولصرفه لمستحقين إلا أنها اختلسته لنفسها إضراراً بأموال ومصالح لجهة عملها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
وقد ارتبطت تلك الجناية بجنایتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر : ارتكبت تزويراً في محررات رسمية منسوبة لجهة عملها ومن كشوف صرف المعاشات بمعرفتها وكان ذلك بالاشتراك مع آخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة وبضع إمضاءات وأختام مزوَّرة وبجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تأديته والمختص بوظيفته - إثبات صرف مبالغ المعاشات لمستحقيها حال كونهم متوفين في تاريخ صرفها وتزيلها من المجهول بتوقيعات أختام نُسبت زوراً إليهم بالمخالفة للحقيقة واستعملت تلك المحررات المزوَّرة فهي زُورت من أجله مع علمها بتزويرها بأن قدمتها لجهة عملها محتجة بصحَّة ما دُون بها زوراً ولإعمال أثرها ستراً لواقعة اختلاسها بالمبلغ المالي آنف البيان على النحو المبين بالتحقيقات وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات .
ثانياً : بصفتها آنفة البيان حصلت لنفسها بدون وجه حق على ربح من أعمال وظيفتها بأن ارتكبت الجناية موضوع الوصف السابق ممَّا ترتب على ذلك تحصلها بدون وجه حق تمثلت على المبلغ المالي آنف البيان والمملوك لجهة عملها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثا : بصفتها آنفة البيان أضرَّت عمداً بأموال ومصالح جهة عملها بأن ارتكبت الجناية موضوع الوصف أولاً وثانياً ممَّا ترتب على ذلك ضرراً تمثل في ضياع مبلغ 1194887.61 " مليون ومائة وأربعة وتسعون الف وثمانی مائة وسبعة وثمانون جنيهاً وواحد وستون قرشا " قيمة المبلغ المختلس مضافاً إليه الفائدة المستحقة عليها والمملوك لجهة عملها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
وأحالتها إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادَّعت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مدنياً قِبل المتهمة بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت ، حضورياً ، في 12 من فبراير سنة 2018 ، وعملاً بالمواد 30 ، 112/1 ، 2 بند أ ، ب ، 115 ، 116 مكرر/1 ، 118 ، 118 مكرر ، 119/ ب ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات وبعد استعمال المادتان 17 ، 32 من ذات القانون ، بمعاقبة راوية شحاته المرسى محمد بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليها مع إلزامها برد مبلغ 1033788.85 " مليون وثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية وثمانون جنيهاً وخمسة وثمانون قرشاً " وتغريمها لمبلغ مساوي لقيمة ما اختلسته مع نشر الحكم فى جريدة الأهرام اليومية على نفقة المحكوم عليها والعزل لمدة سنة واحدة مع إلزامها بالمصاريف الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها – بشخصها – في هذا الحكم بطريق النقض في 17 من فبراير سنة 2018 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعنة في 12 من أبريل سنة 2018 موقعٌ عليها من الأستاذ / محمد عبد السلام سلامة [ المحامي ] .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مُبيَّن بمحضر الجلسة .

------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
حيث إنَّ الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إنَّ الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنَّه إذ دانها بجرائم الاختلاس حال كونها موظف عام ومن الصيارفة المرتبطة بجريمتي الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والحصول لنفسها على ربح من أعمال وظيفتها بدون وجه حق والإضرار العمد بأموال ومصالح جهة عملها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والبطلان ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنَّه اعتوره الغموض والإبهام والإجمال ولم يبين الواقعة بياناً تتحقق به أركان جريمة الاختلاس التي دانها بها ولم يورد مضمون الأدلة التي عوَّل عليها في بيانٍ كافٍ إذ اكتفى في بيان ذلك بما ورد في وصف الاتهام ، ولم يستظهر عناصر الاشتراك في التزوير وركن القصد الجنائي في تلك الجريمة ولم يدلل على توافرهما بأسباب سائغة ، واستند فيما استند إليه إلى تقرير لجنة الجرد دون أن يورد الأسانيد المؤدية إلى تلك النتيجة وعوَّل عليه في إدانتها رغم أنَّ أحد أعضائها تحيط به مظنَّة الاتهام ممَّا يبعث على الشك فيه سيَّما وأنَّ ما وقع من الطاعنة لا يعدو أن يكون مجرد إهمال في العمل ، فضلاً عن انتفاء رابطة السببية بين الأفعال التي قارفها الطاعنة وبين وقوع جريمة الاختلاس بدلالة المستندات المقدَّمة منها بجلسة المحاكمة ، كما عوَّل الحكم في الإدانة على أقوال الشاهد / عبد الغفار إسماعيل عبد الغفار رغم وجود خصومة بينه وبين الطاعنة بدلالة المستندات المقدمة منها في هذا الشأن والتي لم تحفل بها المحكمة ، وعوَّل في قضائه على رأى لسواه بأن اتخذ من التحريات وأقوال مجريها دليلاً أساسياً في الدعوى واستند إليها رغم أنها جاءت قاصرة وكاذبة ومتناقضة وحال كونها لا تعدو أن تكون رأياً لمجريها تحتمل الصدق والكذب وبالرغم من أنها مجرد ترديد لأقوال الشهود – أعضاء لجنة الجرد – ولم يفصح مجريها عن مصدرها واطرح الدفع بعدم جديَّتها بما لا يصلح لاطراحه ، كما أنَّ المحكمة لم تقم بفض حرز الأوراق المقول بتزويرها في حضور الطاعنة أو محاميها بالجلسة ولم تطلع عليها ولم تثبت بمحضرها ماهية هذه الأوراق ومضمونها وخلا حكمها المطعون فيه ومحاضر الجلسات من إثبات هذا الإجراء رغم جوهريته ، ولم يعنْ بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير مكتب خبراء وزراء العدل المودع من أسباب تؤدى إلى براءة الطاعنة رغم تمسكها به ، وأغفل الحكم – إيراداً ورداً – دفاعها القائم على عدم ارتكابها الجرائم المسندة إليها لشواهد عدَّدتها بأسباب طعنها بدلالة المستندات الرسمية المقدمة منها بجلسة المحاكمة ، ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلَّة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتَّبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصَّتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أنَّ القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإنَّ ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبيَّنة في الحكم تعتبر جزء منه فيكفى في بيان الواقعة الإحالة عليها ، فإنَّ النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة – بفرض صحته – يكون لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعنة عن المبلغ محل الاختلاس أخذاً بأدلَّة الثبوت التي أوردها ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من وقائع يفيد بذاته أنَّ الطاعنة قصدت بفعلها إضافة المال المختلس إلى ملكها ، فإنَّ ذلك كافٍ وسائغ في بيان العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي قامت في حق الطاعنة . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثمَّ ، يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بيَّنها الحكم ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعى لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحةً وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإنَّ النعى على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنَّه أورد مؤدى تقرير لجنة الجرد والتي عوَّل عليه في قضائه بالإدانة ، فإنَّ هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنَّه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثمَّ ، تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أنَّ تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلَّة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها لأنَّ مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، ومن ثم َّ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لمَّا كان ذلك ، وكان النعى بأنَّ الواقعة مجرد إهمال في العمل لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ممَّا تستقل بالفصل فيه بغير معقّب مادام قضاؤها في ذلك سليماً – كحال هذه الدعوى – لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الاثبات ومن بينهم الشاهد / عبد الغفار إسماعيل عبد الغفار وعوَّل عليها ، فإنَّ النعى على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها ، ممَّا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الاثبات وتقرير لجنة الجرد ومن ثمَّ فإنَّه لم يبنْ حكمه على رأى لسواه ويضحى ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلَّة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما قرره الشهود لأنَّ مفاد ذلك أنَّ مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، كما أنَّه لا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحرى ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلَّتها ممَّا تستقل به محكمة الموضوع . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جديَّة التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديَّتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص فإنَّ منعاها في هذا الشأن لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنة بجرائم الاختلاس والاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتربح والاضرار العمد وأوقع عليها العقوبة المقررة في القانون للاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط فإنَّه لا يجدى الطاعنة ما تثيره بشأن عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المدَّعى بتزويرها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أنَّ المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلَّة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأنَّ إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها اطمئناناً إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلَّة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود وتقرير لجنة الجرد ، ومن ثمَّ ، فإنَّه لا يعيبه – من بعد – إغفاله الاشارة إلى تقرير مكتب خبراء وزارة العدل – بفرض إيداعه متضمناً ما زعمته الطاعنة – طالما أنه لم يكن بذى أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ممَّا يضحى معه منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان النعى بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنة بعدم ارتكابها الجرائم مردوداً بأنَّ نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلَّة الثبوت التي أوردها – كما هو الحال في الدعوى – كما أنَّ لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلَّة القائمة في الدعوى – والتي تكفى لحمل قضائها – ومن ثمَّ فلا على المحكمة إن هي أشاحت عن المستندات التي قدَّمتها الطاعنة تدليلاً على نفى الاتهام أو وجود خصومة بينها وبين أحد الشهود أو انقطاع رابطة السببية ، ذلك أنَّ المحكمة غير ملزمة بالرد صراحةً على أدلَّة النفى التي يتقدم بها المتهم ، مادام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلَّة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلَّة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأنَّ مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثمَّ فإنَّ مل ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد وما ساقته من شواهد للتدليل على نفى الاتهام في حقِّها – على نحو ما ذهبت إليه في أسباب طعنها – لا يعدو – جميعه – أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإنَّ الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعيَّناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق