الصفحات

الأحد، 21 نوفمبر 2021

الطعن 162 لسنة 43 ق جلسة 29 / 4 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 ق 114 ص 552

جلسة 29 من أبريل سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربيني، ومحمود كامل عطيفه، ومحمد عبد المجيد سلامة.

-----------------

(114)
الطعن رقم 162 لسنة 43 القضائية

 (1)خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية والمدنية. موضوعي. مثال لتسبيب سائغ على توافره.
(2) تعويض. مسئولية مدنية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير التعويض". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع بشرط أن تحيط في حكمها بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية. دفاع المدعى بعدم استقرار حالة الضرر لديه وتقديمه مستندات بذلك. دفاع حيوي وهام ومؤثر في مصير الدعوى المدنية. قعود المحكمة عن بحثه. قصور وفساد في الاستدلال.

----------------

1 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا ومدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه دلل على توافر الخطأ في حق الطاعن بقوله: "أنه يتمثل في قيادته السيارة الرمسيس بحالة ينجم عنها الخطر إذ أخذا بأقوال الشاهدين سالفى الذكر وأقوال هذا المتهم نفسه، فإنه كان يتعين على الأخير عند مواجهته بسيارة أخرى تبادله الإشارات الضوئية ليلا أن يضع في حسبانه ظروف الطريق وملابساته من الجانب الذى يلتزمه ولو أدى الأمر أن يتوقف عن السير أو تهدئة السرعة إلى الحد الذى يضمن معه الأمان.. أما وأنه ظل سائرا بذات السرعة رغم الإشارات الضوئية العاكسة وما تسببه من إبهار للبصر للشخص العادي حالة كونه عليما بمثل هذه الظروف بحكم خبرته فهذا هو الخطأ بعينه". فإن هذا الذى أورده الحكم سائغ في العقل والمنطق ويكفى لحمله، وما يثيره الطاعن في هذا الخصوص من منازعه في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق التحقيق وأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة الموضوع.
2 - أنه وإن كان من المقرر أن تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضى بما تراه مناسبا وفقا لما تتبينه من ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه، إلا أن هذا مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن يكون ما أورده في هذا الخصوص مؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قعد عن بحث ركن الضرر كما تحدث عنه الطاعن (المدعى بالحقوق المدنية) ولم يعن بتحقيق ما أثاره الطاعن من عدم استقرار حالة الضرر لديه وهو دفاع حيوي يعد هاما ومؤثرا في مصير الدعوى المدنية مما كان يقتضى من المحكمة أن تمحصه وتقف على مبلغ صحته وأن تتحدث عن تلك المستندات التي قدمها الطاعن وتمسك بدلالتها على عدم استقرار حالة الضرر لديه، ولو أنها عنيت ببحثها وتمحيص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، أما وهى لم تفعل واكتفت بتلك العبارة القاصرة التي أوردتها وهي أنها ترى أن المبلغ المحكوم به مناسب، فإن ذلك لما ينبئ بأنها لم تلم بعناصر الدعوى المدنية إلماما شاملا ولم تحط بظروفها إحاطة كافية مما يعيب حكمها بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من (1)........ (الطاعن) (2)........ بأنهما في ليلة 25/ 3/ 1967 بدائرة مركز ميت غمر محافظة الدقهلية: (أولا) تسببا خطأ في موت...... وكان ذلك بإهمالهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قاد أولهما السيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الأشخاص فاصطدم بالسيارة التي كان يقف بها المتهم الثاني بالطريق دون أن يضئ النور الخلفي لها فتسبب عن ذلك إصابة المجنى عليه سالف الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (ثانيا) تسببا خطأ في إصابة كل من..... و...... و...... وكان ذلك بإهمالهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قاد أولهما سيارة بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الأشخاص فاصطدم بالسيارة التي كان يقف بها المتهم الثاني بالطريق دون أن يضئ النور الخلفي لها فتسبب عن ذلك إصابة المجني عليهم سالفي الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. (ثالثا) المتهم الأول: قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. المتهم الثاني: لم يتبع تعليمات المرور بأن سير سيارة غير مستوفية لشروط الأمن. 

وطلبت معاقبتهما بالمادتين 238/ 1 و244 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و81 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية. 

وادعى كل من ورثة المجنى عليه – وهم والدته وزوجته وشقيقه و...... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى....... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 3000 جنيه على سبيل التعويض. 

ومحكمة ميت غمر الجزئية قضت حضوريا اعتباريا للأول وحضوريا للثاني بتاريخ 26/ 3/ 1969 عملا بمواد الاتهام (أولا) بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبحبس المتهم الثاني ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ لما هو منسوب إليهما. (ثانيا) بإلزام المتهمين بأن يدفعا لوالدة زوجة وشقيق المرحوم...... مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت ولـ...... مبلغ خمسين جنيها على سبيل التعويض و لـ....... عشرة جنيهات على سبيل التعويض والمصاريف المناسبة ومبلغ جنيهين مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنسبة لورثة...... بالنفاذ المعجل ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. 

فاستأنف المتهمان والمدعيان بالحقوق المدنية....... و....... هذا الحكم. ومحكمة المنصور الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 15/ 6/ 1970 (أولا) بعدم قبول استئناف كل من المدعيين بالحقوق المدنية شكلا للتقرير به بعد الميعاد (ثانيا) بقبول استئناف المتهمين شكلا وفى الموضوع (1) بالنسبة للمتهم الأول بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه سنة واحدة مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك (2) بالنسبة للمتهم الثاني بتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. 

فطعن المحكوم عليه الأول والمدعى بالحقوق المدنية...... في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 16/ 11/ 1970 قضت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر والمدعى بالحقوق المدنية........ وإحالة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المتهم المصاريف. 

والمحكمة المذكورة – مشكلة من هيئة استئنافية أخرى – قضت حضوريا في 10/ 6/ 1972 (أولا) بقبول استئناف كل من المدعيين بالحقوق المدنية والمتهمين شكلا. (ثانيا) وفى الموضوع (1) بالنسبة للمتهم الأول بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك (2) بالنسبة للمتهم الثاني بتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم (3) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعويين المدنيتين. 

فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، كما قرر المدعى بالحقوق المدنية...... بالطعن بطريق النقض للمرة الثانية على ذلك الحكم.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم القتل والإصابة الخطأ قد شابه البطلان والفساد في الاستدلال ذلك بأنه لو يورد أسبابا مستقلة لقضائه إذ أورد في ختام أسبابه ما يفيد ارتكانه في الإدانة إلى أسباب حكم محكمة أول درجة رغم قضاء محكمة النقض بإبطاله لما شابه من قصور في البيان. كما أنه استدل على توافر الخطأ في حق الطاعن بأقوال الشاهدين....... و..... مع أنهما شهدا بأن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة لا تتجاوز خمسين كيلو مترا، وأنه كان يتبادل الإشارات الضوئية مع السيارات المقبلة من الاتجاه المضاد بما مفاده نفى ركن الخطأ عنه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل والإصابة الخطأ التي دانه بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن المعاينة والتقرير النفي، وأورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة ومؤداه بما يكشف عن وجه استشهاده بها، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أنشأ بذلك لنفسه أسبابا جديدة، فإن النعي عليه بالبطلان بقالة أنه اعتمد في قضائه على أسباب حكم محكمة أول درجة رغم إبطاله يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا ومدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ركن الخطأ في حق الطاعن بقوله: "أنه يتمثل في قيادته السيارة الرمسيس بحالة ينجم عنها الخطر إذ أخذا بأقوال الشاهدين سالفى الذكر وأقوال هذا المتهم نفسه فإنه كان يتعين على الأخير عند مواجهته أخرى تبادله الإشارات الضوئية ليلا أن يضع في حسبانه ظروف الطريق وملابساته من الجانب الذى يلتزمه ولو أدى الأمر أن يتوقف عن المسير أو تهدئة السرعة إلى الحد الذى يضمن معه الأمان. أما وأنه ظل سائر بذات السرعة رغم الإشارات الضوئية العاكسة وما تسببه من إبهار للبصر للشخص العادي حالة كونه عليم بمثل هذه الظروف بحكم خبرته فهذا هو الخطأ بعينه". فإن هذا الذى أورده الحكم سائغ في العقل والمنطق ويكفى لحمله، وما يثيره الطاعن في هذا الخصوص من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق التحقيق وأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعى بالحقوق المدنية....... هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى له بتعويض قدره خمسون جنيها، واعتبره تعويضا نهائيا عن الضرر الذى لحق به، وهو أقل من التعويض المؤقت المطالب به، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع بعدم استقرار حالة الضرر لديه حتى تاريخ الحكم، وأن هذا الضرر صار إلى الزيادة، وآية ذلك صعود الخط البياني للضرر حتى حد العاهة المستديمة بقصر عظمة الفخذ الأيمن بمقدار 7 سم، وقدم المستندات والتقارير الطبية المؤيدة لدفاعه في هذا الشأن إلا أن المحكمة التفتت عنها فلم تمحصها ولم تدل برأيها فيها مما ينبئ عن عدم إحاطته بعناصر الدعوى وعدم إلمامها بها إلماما شاملا بما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه ضمنها أن حقه في التعويض ناشئ عن خطأ المطعون ضده والمحكوم عليه الآخر بما يستتبع تعويضه عما أصابه من أضرار مادية تتمثل فيما هو ثابت بالتقارير الطبية المتضمنة إصابة بكسر عنق عظمة الفخذ الأيمن وكسر أسفل الساعد الأيسر وجروح رضية بالرقبة والشفة السفلى والركبة اليمنى وهى التقارير المؤرخة 17/ 4/ 1968 و 9/ 9/ 1969 و 16/ 3/ 1970 والمؤيدة بالشهادة المؤرخة 6/ 6/ 1970 من أنه لا يزال تحت العلاج ولم يتم شفاؤه حتى تاريخ تحريرها، وإن من شأن ذلك كله أن يجعل تحديد مقدار التعويض في الدعوى غير متيسر على القاضي لعدم تبين مدى الضرر، ولأنه متغير ويتجه إلى الزيادة وإلى ما هو أشد خطورة عما كان عليه بعد وقوع الحادث مباشرة، وإن المطاف في علاجه قد انتهى إلى صعود الخط البياني للضرر حتى حد العاهة المستديمة بقصر في عظمة الفخذ الأيمن قدره 7 سم الأمر الذي يحول دون القضاء بتعويض كامل لعدم استقرار عنصر الضرر، وقدم الطاعن تأييدا لهذا الدفاع حوافظ اشتملت على الشهادات والتقارير الطبية المثبتة له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضى بما تراه مناسبا وفقا لما تتبينه من ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه، إلا أن هذا مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن يكون ما أورده في هذا الخصوص مؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد قعد عن بحث ركن الضرر كما تحدث عن الطاعن (المدعى بالحقوق المدنية) ولم يعن بتحقيق ما أثاره الطاعن من عدم استقرار حالة الضرر لديه وهو دفاع حيوي يعد هاما ومؤثرا في مصير الدعوى المدنية مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه وتقف على مبلغ صحته وأن تتحدث عن تلك المستندات التي قدمها الطاعن وتمسك بدلالتها على عدم استقرار حالة الضرر لديه، ولو أنها عنيت ببحث وتمحيص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، أما وهي لم تفعل واكتفت بتلك العبارة القاصرة التي أوردتها وهي أنها ترى أن المبلغ المحكوم به مناسب، فإن ذلك لما ينبئ بأنها لم تلم بعناصر الدعوى المدنية إلماما شاملا ولم تحط بظروفها إحاطة كافية مما يعيب حكمها بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه وإلزام المطعون ضده مصاريف الطعن. ولما كان الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين – بالنسبة إلى الدعوى – تحديد جلسة لنظر الموضوع عملا بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق