الصفحات

الخميس، 21 أكتوبر 2021

الطعن 214 لسنة 60 ق جلسة 21 / 2 /1991 مكتب فني 42 ق 55 ص 397

جلسة 21 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نواب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف.

------------------

(55)
الطعن رقم 214 لسنة 60 القضائية

(1) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(2) إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة".
رابطة السببية. استقلال قاضي الموضوع بتقدير توافرها. المجادلة في ذلك أمام النقض غير جائزة.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر رابطة السببية في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
(4) إثبات "بوجه عام".
مبدأ تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة ووزن أقوال الشهود. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
الجدل في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(6) ارتباط. جريمة "عقوبة الجرائم المرتبطة". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها". حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي. ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطبيق المادة 32 عقوبات. مقتضاه الحكم بالعقوبة المقررة لأشد الجرائم المرتبطة. سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة. لا يمنع محاكمته عن تلك الجناية. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
2 - لما كان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت استناداً إلى ما أورده من أدلة أن الطاعن ألقى بزجاجة بها حامض كبريتيك على المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه وبالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب جفنها السفلي للخارج، وأورد الحكم مؤدى أوراق العلاج والتقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد أورى التقرير الطبي وأوراق علاج المجني عليه بالمستشفى أن المجني عليه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية في الوجه واليد اليمنى والصدر، كما أشار التقرير الطبي الشرعي إلى أن المجني عليه أصيب من جراء الحادث بجرح رضي بأعلى يمين مقدم الجبهة يحدث من مثل القذف بزجاجة، كما وجدت به عدة إصابات نتيجة ملامسة الجلد لمادة كاوية تبين من التحليل أنها حامض كبريتيك مركز وتعدد وصف تلك الإصابات تفصيلاً بالتقرير وتخلف لدى المجني عليه من جرائها عاهة مستديمة تتمثل في فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يؤدي إلى فقد القدرة على غلق العينين تماماً بالإضافة إلى إعاقة بنهاية حركة بسط العنق وحركته الجانبية نحو اليمين وتيبس المرفق الأيمن ومن شأنه ذلك تقليل كفاءته عن العمل بنحو ستين في المائة" فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف العاهة ارتباط السبب بالمسبب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد.
3 - الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله كل منهم بالقدر الذي رواه مع ما رواه الآخرون.
4 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شاهدة النفي ثم أفصح عن عدم اطمئنانه إليها، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود وأن تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن تعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
6 - لما كن مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإن سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة لا يمنع من محاكمته عن هذه الجناية، لأن العقوبة التي قضى عليه بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين، وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب..... عمداً بأن قذفه بزجاجة بها مادة كاوية (حامض كبريتيك مركز) فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد ما تتمتع به العين اليمنى من إبصار وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يقلل من كفاءته وقدرته على العمل بنحو 60%. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 20000 جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 20000 جنيه تعويضاً نهائياً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أغفل بيان إصابات المجني عليه وأحال في ذلك إلى التقرير الطبي الشرعي مكتفياً بعبارة مرسلة لا تكفي لبيان رابطة السببية بين الفعل والعاهة التي تخلفت بالمجني عليه، كما عول - ضمن ما عول عليه - في إدانة الطاعن على شهادة كل من....... و....... رغم أن أقوالهما - كما حصلها الحكم لا تجدي في إثبات ارتكاب الطاعن للجريمة، وأطرح الحكم أقوال شاهدة النفي...... رغم صدق شهادتها، ورد بما لا يصلح رداً على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم..... لسنة..... جنح...... التي قضي فيها بإدانة الطاعن بجريمة مرتبطة. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وسائر شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الابتدائي والتقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وأن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت استناداً إلى ما أورده من أدلة أن الطاعن ألقى بزجاجة بها حامض كبريتيك على المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه وبالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب جفنها السفلي للخارج، وأورد الحكم مؤدى أوراق العلاج والتقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد أورى التقرير الطبي وأوراق علاج المجني عليه بالمستشفى أو المجني عليه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية في الوجه واليد اليمنى والصدر، كما أشار التقرير الطبي الشرعي إلى أن المجني عليه أصيب من جراء الحادث بجرح رضي بأعلى يمين مقدم الجبهة يحدث من مثل القذف بزجاجة، كما وجدت به عدة إصابات نتيجة ملامسة الجلد لمادة كاوية تبين من التحليل أنها حامض كبريتيك مركز وتعدد وصف تلك الإصابات تفصيلاً بالتقرير وتخلف لدى المجني عليه من جرائها عاهة مستديمة تتمثل في فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يؤدي إلى فقد القدرة على غلق العينين تماماً بالإضافة إلى إعاقة بنهاية حركة بسط العنق وحركته الجانبية نحو اليمين وتيبس المرفق الأيمن ومن شأن ذلك تقليل كفاءته عن العمل بنحو ستين في المائة". فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف العاهة ارتباط السبب بالمسبب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن شهود الإثبات الثلاثة الأول أن الطاعن قذف أولهم وهو المجني عليه بزجاجة الحامض فأصابه، كما نقل عن الشاهدين.. أنهما شاهدا الزجاجة تقذف من محل الطاعن فتصيب المجني عليه، وكان الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله كل منهم بالقدر الذي رواه مع ما رواه الآخرون، كما لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص الإدانة استخلاصاً سائغاً من مجموع ما أورده من عناصر، فإن ما يثيره الطاعن من عدم جدوى الاستدلال بأقوال الشاهدين الأخيرين من شهود الإثبات لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شاهدة النفي ثم أفصح عن عدم اطمئنانه إليها، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود وأن تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن تعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإن سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة لا يمنع من محاكمته عن هذه الجناية، لأن العقوبة التي قضى عليه بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين، وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق