الصفحات

الجمعة، 20 أغسطس 2021

الطعنان 39 ، 45 لسنة 40 ق جلسة 11 / 6 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 226 ص 1180

جلسة 11 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد زكي عبد البر، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

---------------

(226)
الطعنان رقما 39 و45 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1) قضاة "عدم الصلاحية". حكم "إصدار الحكم".
إحالة الدعوى لدائرة أخرى لوجود مانع، إعادتها للدائرة مرة أخرى بعد تغيير العضوين فيها. عدم إفصاح رئيس الدائرة عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى. النعي على الحكم بالبطلان لوجود مانع لدى رئيس الدائرة. غير صحيح.
(2 و 3) أحوال شخصية "النسب". إثبات "القرائن" حكم "تسبيب الحكم".
(2) القضاء في دعوى النسب استناداً إلى البينة الشرعية وإلى المستندات التي اشتملت على إقرارات بالنسب باعتبارها قرائن في الدعوى. لا عيب.
 (3)الشهادة في إصلاح الفقهاء. ماهيتها. العبرة بمضمون الشهادة وليس بألفاظ أدائها.
 (4)إثبات "البينة" نقض "أسباب الطعن".
النعي بأن بعض الأسئلة وجهتها محكمة الموضوع للشاهد إيحائية. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
( 5 و6) أحوال شخصية "سماع الدعوى". دعوى. إثبات. نقض.
 (5)سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها عند الإنكار. شرطه. م 99 من اللائحة الشرعية.
 (6)تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة من عدمه. من مسائل الواقع. عدم جواز المجادلة فيها أمام محكمة النقض متى أقام الحكم قضاءه على أسباب مقبولة.
 (7)أحوال شخصية. إرث. استئناف. حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الاستئناف الفرعي. طريق الطعن لا تعرفه لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. استئناف بعض الورثة للحكم الصادر في دعوى الوراثة. عدم اعتبارهم نائبين عن باقي الورثة الذين لم يستأنفوا الحكم. صيرورة الحكم الابتدائي حائزاً قوى الشيء المقضي بالنسبة للآخرين.

---------------
1 - إذ خلت أوراق الدعوى مما يدل على أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أفصح عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى بالجلستين اللتين أحيلت فيهما الدعوى إلى دائرة أخرى، بل إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الاستئناف إن إحالة القضية إلى دائرة أخرى كانت لمانع لدى أحد أعضاء الدائرة، وكان عدم زوال هذا المانع هو السبب في إحالتها للمرة الثانية، ولما تغير عضوا الدائرة الأصلية بعد إعادة الدعوى إليها استمر السيد رئيس الدائرة في نظرها حتى صدر الحكم فيها، مما يدل على أن ذلك المانع لم يكن قائماً لدى الأخير، فإن النعي على الحكم بالبطلان لوجود مانع لدى رئيس الدائرة، يكون غير صحيح.
2 - إذ يبين مما أورده الحكم أنه لم يأخذ بما جاء بمستندات المطعون عليه الأول بوصفها تحوي إقرارات بنسب هذا الأخير إلى المتوفاة سواء أكانت إقرارات بنسب مباشر أو غير مباشر، وإنما أخذ بها بالإضافة إلى الدليل المستمد من البينة الشرعية باعتبارها قرائن استخلص منها الحكم قرابة المطعون عليه الأول للمتوفاة بوصفه ابن عم لأب لها، وهو ما يجوز.
3 - إنه وإن كانت الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، إلا أن العبرة هي بمضمون الشهادة وفهم القاضي للواقع فيها وليس بألفاظ أدائها.
4 - النعي على الحكم بأن بعض الأسئلة - الموجهة للشاهد أثناء التحقيق كانت إيجابية وتلقينية هو دفاع يخالطه واقع، ولم يثبت تمسك الطاعن به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931 ووفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من القانون رقم 78 لسنة 1931 لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية تصدر أو يصدر الإقرار بها من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها.
6 - تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة - في دعوى الوراثة - من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ما دام يقوم على أسباب مقبولة تكفي لحمله.
7 - متى كان الثابت من الأوراق أن كلاً من المطعون عليهما الثانية والرابع كان حاضراً في الدعوى الابتدائية - دعوى إثبات وراثة - وقد حكم عليه من محكمة أول درجة لمصلحة مورث الطاعنين بأن الأخير زوج المتوفاة ويستحق نصف تركتها فرضاً - ولم يستأنف أي منهما هذا الحكم، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1931 لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يرجع إليه في التعرف على أحوال استئناف الأحكام وضوابطه وإجراءاته، وهي لا تعرف طريق الاستئناف الفرعي ولم تنص عليه، وكان لا يصح في صورة الدعوى المطروحة اعتبار المطعون عليهما الأولى والثالث - اللذين استأنفا الحكم المشار إليه نائبين عن باقي الورثة وهما المطعون عليهما الثانية والرابع اللذين لم يستأنفا الحكم الابتدائي، ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة يقصد بها اقتضاء ما للميت وقضاء ما عليه من تكاليف وديون ووصايا، والدعوى الحالية هي مطالبة بميراث يشترط لاستحقاقه الوفاة، فلا تسري عليها تلك القاعدة، ومن ثم يكون هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة إليهما بعدم طعنهما فيه بالاستئناف، ولا يفيدان من الاستئنافين المرفوعين من المطعون عليهما الأولى والثالث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية بإلغائه الحكم المذكور الذي أصبح نهائياً في حقهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لهذا نقضه فيما قضى به لصالحهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن....... أقام الدعوى رقم 698 سنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة وطلب فيها الحكم بوفاة المرحومة..... وأنه من ورثتها بصفته ابن عمها لأب يستحق أربعة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة، وقال شرحاً لدعواه، إن السيدة....... توفيت عقيماً في 18/ 4/ 1962 وتركت ما يورث عنها شرعاً الأعيان المبيعة بصحيفة الدعوى، وانحصر ميراثها في شقيقتيها....... و.......، وتستحق كل منهما ثلث تركتها فرضاً، وفي ولدي عمها لأب........ و........ ولدي....... ابن......، ويستحق كل منهما السدس في التركة تعصيباً من غير شريك ولا وراث لها سواهم. ولما تقدم لمحكمة عابدين طالباً صدور إشهاد بذلك، قررت حفظ المادة إزاء منازعة بعض المدعى عليهم له في استحقاقه في الميراث، فرفع هذه الدعوى بطلباته. وأقام...... الدعوى رقم 738 سنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة بوصفه ابن ابن عم للمتوفاة طالباً الحكم بأنه من ورثتها ويستحق جزءاً من أربعة عشر جزءاً من الثلث الذي آل إلى العصبة، وأقام المرحوم........... الدعوى رقم 1127 لسنة 1962 كلي أحوال شخصية القاهرة طالباً الحكم بوفاة المورثة المذكورة، وأنه من ورثتها بصفته زوجها بعقد عرفي مؤرخ 2/ 1/ 1962 ويستحق في تركتها النصف فرضاً. وأقام....... الدعوى رقم 1114 سنة 1963 كلي أحوال شخصية القاهرة، كما أقام المرحوم....... الدعوى رقم 1151 سنة 1963 كلي أحوال شخصية القاهرة وطلب كل منهما في دعواه بطلان إشهاد الوراثة الصادر من محكمة بولاق الجزئية للأحوال الشخصية بتاريخ 18/ 7/ 1963 في مادة الوراثة رقم 227 سنة 1963 المقدمة من........ وبعد أن قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى حكمت في 8/ 6/ 1965 (أولاً) بضم الدفع بعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 المبدى من...... إلى الموضوع (ثانياً) وقبل الفصل في موضوع الدعاوى بإحالتها إلى التحقيق ليثبت كل من...... و....... و......، وراثته للمتوفاة واستحقاقه في تركتها القدر الذي يدعيه، وبعد سماع الشهود، وانضمام...... لـ....... في الدفع بعدم سماع الدعوى، حكمت المحكمة في 29/ 3/ 1966 (أولاً) في الدعوى رقم 1127 سنة 1962 برفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها، والحكم للمرحوم........ بوفاة المرحومة....... وأنه من بين ورثتها بصفته زوجها ويستحق في تركتها النصف فرضاً، ثلاثة أجزاء من سبعة أجزاء تنقسم إليها التركة (ثانياً) برفض الدعويين 698 و738 سنة 1962 (ثالثاً) وفي كل من الدعويين 1114 و1151 سنة 1963 ببطلان الإشهاد الصادر في مادة الوراثة رقم 227 سنة 1963 بولاق. استأنف....... هذا الحكم بالاستئناف رقم 48 سنة 83 ق القاهرة، واستأنفته....... بالاستئناف رقم 50 سنة 83 ق القاهرة. وطلبا إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعاوى رقم 698 سنة 1962 و1127 سنة 1962 و1114 سنة 1963 و1151 سنة 1963 وعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 وفي الدعوى رقم 698 سنة 1962 بوفاة المرحومة......... في 18/ 4/ 1962 وانحصار إرثها في شقيقتيها...... و....... بحق الثلث فرضاً لكل منهما وفي ولدي عمهما لأب...... و...... بحق السدس لكل منهما تعصيباً، وفي الدعويين رقمي 1114، 1151 سنة 1963 برفضهما. كما استأنفه........ بالاستئناف رقم 52 سنة 83 ق وطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعواه رقم 738 سنة 1962 والقضاء له بطلباته فيها. ضمت المحكمة هذه الاستئنافات، وحكمت في 24 من مايو سنة 1970 (أولاً) بالنسبة للاستئنافين 48، 50 سنة 83 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعاوى 698، 1127 سنة 1962، 1114، 1151 سنة 1963 و(ثانياً) بقبول الدفع وعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 ورفض الدعويين 1114، 1151 سنة 1963 و(ثالثاً) وفي الدعوى رقم 698 سنة 1962 بثبوت وفاة المرحومة....... بتاريخ 18/ 4/ 1962 وانحصار إرثها الشرعي في شقيقتيها السيدتين...... و...... وتستحق كل منهما ثلث تركتها فرضاً - ثمانية قراريط من 24 قيراطاً - وفي ولدي عمها لأب وهما...... و....... الشهير....... ويستحقان باقي تركتها مناصفة بينهما تعصيباً لكل منهما أربعة قراريط من 24 قيراطاً. (رابعاً) رفض الاستئناف رقم 52 سنة 83 ق وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 738 سنة 1962. طعن....... في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 39 سنة 40 ق، كما طعن فيه ورثة المرحوم...... وقيد طعنهم برقم 45 سنة 40 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفضه. وعرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر، وبالجلسة المحددة قررت المحكم ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وأصرت النيابة على رأيها.
عن الطعن رقم 39 سنة 40 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لانعدام ولاية المحكمة التي أصدرته، ذلك أن السيد المستشار....... كان قد تنحى عن نظر الدعوى بجلستي 7/ 10/ 1967، 19/ 11/ 1967، وأحيلت إلى دائرة أخرى لمانع لديه أقره عليه زميلاه، إلا أنه بعد أن أعيدت القضية إلى دائرتها الأصلية، اشترك في نظرها والفصل فيها مما يجعل الحكم باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه ليس في أوراق الدعوى ما يدل على أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد أفصح عن عدم صلاحيته شخصياً لنظر الدعوى بالجلستين اللتين أحيلت فيهما الدعوى إلى دائرة أخرى، بل إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الاستئناف أن إحالة القضية إلى دائرة أخرى بجلسة 7/ 10/ 1967 كانت لمانع لدى أحد أعضاء الدائرة، وكان عدم زوال هذا المانع هو السبب في إحالتها للمرة الثانية بجلسة 19/ 11/ 1967 ولما تغير عضوا الدائرة الأصلية بعد إعادة الدعوى إليها، استمر السيد رئيس الدائرة في نظرها حتى صدر الحكم فيها، مما يدل على أن ذلك المانع لم يكن قائماً لدى الأخير.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة وذلك من وجهين الأول: أنه استند في قضائه بأن والد المطعون عليه الأول...... هو ابن...... الذي هو أخ لأب لوالد المتوفاة، إلى إقرار استخلصه من الأوراق المقدمة من المطعون عليه وهي رخصة سلاح والده، ووثيقة زواجه، وشهادة وفاة كل من......... و........، وإشهاد طلاق........ لزوجته......، ونشرات نعي الورثة بالصحف، في حين أن ما جاء بهذه الأوراق وهو إما إقرار فيه تحميل النسب على النفس لم يقابله تصديق من الطرف الآخر أو إقرار فيه تحميل النسب على الغير وهو لا يثبت به نسب والثاني أن من شروط صحة الشهادة شرعاً أن تؤدى بلفظ "أشهد" وأن يذكر الشاهد أن ما تركه المتوفى وذكر بالدعوى كان مالكاً له وبقى على ذلك حتى وفاته، والبادي من شهادة شهود المطعون عليه الأول التي أخذ بها الحكم أنها لم تستوف هذه الشروط، وكل ما ذكروه مما يفيد في الإثبات، كان بناء على أسئلة إيحائية وتلقينية وجهها وكيل المطعون عليه المذكور لهم، وهو ما يهدر شهادتهم شرعاً.
وحيث إن هذا السبب في غير محله، فهو مردود في وجهه الأول، بأن الحكم المطعون فيه أورد في شأن المستندات المقدمة من المطعون عليه أنه "من ثنايا السطور في تلك المستندات يتضح أن المرحوم...... والد المطعون عليه الأول، هو ابن المرحوم....... وجد المتوفاة لأبيها، وأن المرحوم....... المذكور كان زوجاً للسيدة....... بنت....... وقد أشهد المطعون عليه الأول تنفيذاً لحكم التحقيق أمام محكمة الدرجة الأولى شاهدين من ذوي الصلة الوثيقة بالأسرة إذ أن أحدهما وهو/....... قرر أن كلاً من المدعي والمتوفاة ابن عم والده، وقرر الثاني........، أن المتوفاة بنت المرحوم....... الذي هو جده لأمه، وأن........ ابن جده...... وقد شهدا بأن المطعون عليه المذكور هو وأخوه....... الشهير....... هما ولدا........ الذي هو أخ لأب للمرحوم....... والد المتوفاة، وقد شهدا بتسلسل القرابة إلى الجد الجامع للمطعون عليه الأول والمتوفاة، وهو المرحوم......، وذكر كل منهما بالتفصيل ذرية الجد الجامع وذرية أولاده إظهاراً لدرجة قرابة كل منهم بالمتوفاة، وقرر الثاني منهما أن والدة....... والد المطعون عليه الأول هي....... وأن أم باقي أولاد المرحوم........ هي......." ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه لم يأخذ بما جاء بمستندات المطعون عليه الأول بوصفها تحوي إقرارات بنسب هذا الأخير إلى المتوفاة سواء أكانت إقرارات بنسب مباشر أو غير مباشر وإنما أخذ بها بالإضافة إلى الدليل المستمد من البينة الشرعية باعتبارها قرائن يستخلص منها الحكم قرابة المطعون عليه الأول للمتوفاة بوصفه ابن عم لأب لها وهو ما يجوز، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. وهو مردود في وجهه الثاني، بأنه وإن كانت الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق الغير، إلا أن العبرة هي بمضمون الشهادة، وفهم القاضي للواقع فيها وليس بألفاظ أدائها، والنعي هنا إنما ينصب على اشتراط التلفظ بكلمة "أشهد" ولا يتصل بالموضوع، لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر التحقيق المؤرخ 18/ 1/ 1966 أن شاهدي المطعون عليه الأول قد شهدا بأن المتوفاة تركت من المال ما هو مبين بصحيفة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد عدم اشتمال الشهادة على المال يكون على غير أساس. أما ما ينعاه الطاعن من أن بعض الأسئلة كانت إيحائية وتلقينية فهو دفاع يخالطه واقع ولم يثبت أنه تمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وعلى هذا يكون النعي في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
عن الطعن رقم 45 سنة 40 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه مرددين في ذلك ما سبق وأن ذكره الطاعن في الطعن رقم 39 سنة 40 ق في السبب الأول منه. وهذا النعي مردود بما سبق بيانه في هذا الصدد.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث هو مخالفة القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم سماع الدعوى رقم 1127 سنة 1962 المرفوعة من مورثهم لعدم تقديم المسوغ وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وعلى أن المطعون عليهما الأولى والثانية أنكرتا الزوجية ولم يثبت سبق إقرارهما بها، ودفعتا بعدم سماع هذه الدعوى لعدم تقديم المسوغ بجلسة 10/ 12/ 1962، وظل هذا الدفع قائماً إلى أن فصل فيه في 29/ 3/ 1966 وذلك على الرغم من توافر حالة الإقرار بالزوجية إذ أن المتوفاة أقرت بالزوجية وأعلنتها على مسمع من شقيقتيها في حياتها فأقرتاها، وكان موقفهما بعد وفاتها السكوت فلم تنكر أيهما الزوجية صراحة أو ضمناً، وبعد رفع الدعوى نكلتا عن يمين العلم بأن الإمضاء الموقع بها على العقد هي لمورثتهما، وهذا الموقف منهما إنما ينطوي على إقرار بالزوجية وقع قبل الخصومة ثم لازمها، إذ أن السكوت يعتبر هنا إقراراً استثناء من قاعدة لا ينسب لساكت قول. هذا إلى أن المحكمة لم تلق بالاً إلى تغير موقف المطعون عليها الثانية من الدفع بعدم السماع، إذ أنها بعد صدور الحكم بالإحالة إلى التحقيق، وسماع الشهود ناقشت في مذكراتها الموضوع دون الدفع، ثم قبلت الحكم الابتدائي ولم تستأنفه، وإذ لم تلتزم المحكمة حجية هذا الحكم بالنسبة لها بأن حكمت لها باعتبارها خصماً في الاستئناف فإنها تكون قد خالفت المادة 101 من قانون الإثبات، كما أنها تكون قد استدلت على إصرارها على الدفع استدلالاً فاسداً، وخالفت فيه الثابت بالأوراق علاوة على القصور في التسبيب، وهذا بذاته ما ينطبق على موقف المطعون عليه الرابع الذي لم يستأنف الحكم الابتدائي القاضي ببطلان إشهاد الوراثة الصادر لصالحه، ولم تقبل منه المحكمة أو من أخيه الدفع بعدم سماع الدعوى ومع ذلك حكمت لهما بالباقي تعصيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود بالنسبة للمطعون عليهما الأولى والثالث، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه في الحوادث الواقعية من أول أغسطس سنة 1931 ووفقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 من القانون 78 لسنة 1931، لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية تصدر أو يصدر الإقرار بها من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في خصوص دعوى مورث الطاعنين على ما أورده بأسبابه من أن "النعي عن السماع حسبما جرى به نص هذه الفقرة الرابعة مقيد بحالة الإنكار وبديهي أن حق الإنكار هنا للمدعى عليهما وهما السيدتان...... و....... وحيث إن إنكار المدعى عليهما لدعوى زوجية السيد....... للمتوفاة التي جعلها سبباً للميراث الذي يدعيه في تركتها - ثابت من الأوراق - فقد أنكرت السيدة....... تلك الزوجية إنكاراً صريحاً كما أنكرتها المدعى عليها الثانية السيدة....... حينما دفعت مع شقيقتها السيدة....... الدعوى رقم 1127 سنة 1962 بعدم السماع لعدم تقديم مسوغ سماعها وهو وثيقة الزواج الرسمية وأصرتا على هذا الدفع حتى فصل فيه مع الموضوع بجلسة 19/ 3/ 1966 ومؤدى ذلك أنهما تنكران تلك الزوجية المدعاة طالما كانت كلتاهما تصر على دفعها وكان النهي عن السماع مقيداً قانوناً بحالة الإنكار - فإن ذلك يكون إنكار ضمنياً فضلاً عن الإنكار الصريح الذي انفردت به السيدة........ ولم يثبت من الأوراق أن واحدة منهما قد أقرت بهذه الزوجية المدعاة حتى يتخذ ذلك ذريعة للقول بسقوط حقها في الدفع بعدم السماع بمقولة إن هذا الإنكار لم يكن قاطعاً مطرداً بل سبقه إقرار يجعله غير ذي أثر مما ترتب عليه عدم استكمال الدفع بعدم السماع لعناصره وفي هذا الصدد يتحدث الحكم المستأنف مجاراة للمدعي السيد/........ عن الورقة العرفية المؤرخة 3/ 1/ 1962. ومن حيث إن هذه المحكمة لا ترى وجهاً لتحدي محكمة أول درجة في حكمها المستأنف بمدونات الورقة العرفية المنوه عنها آنفاً ولا ترى في تقديمها من المدعي ما يؤثر على موقف المدعى عليها من إنكار الزوجية وتمسكها بالدفع بعدم السماع تطبيقاً للفقرة الرابعة من المادة 99 المذكورة، ذلك أن تسليم وكيل المدعى عليها بمطابقة صورة هذه الورقة لأصلها وسكوتها عن الطعن في محتواها ليس فيه ما يدل من قريب أو بعيد على اعترافهما بالزوجية المدعاة - إذ أن التسليم بأن الصورة مطابقة لأصلها لا يعدو واقعة المطابقة بحال ولا يمكن استخلاص الإقرار بمدونات ورقة ما من الموافقة على مطابقة صورتها لها وإلا كان استخلاصاً غير سائغ لا يقوم على برهان وسكوت المدعى عليهما في الطعن في مدونات الورقة كذلك لا يجدي شيئاً في مقام الاستدلال على عدم إنكار الزوجية طالما كان دفاعهما من قبيل تقديم الورقة قائماً على أساس الدفع بعدم السماع وإنكار الزوجية على ما أوضحناه من قبل. وإذ كان هذا الدفع قد ظل قائماً حتى ضم الدفع للموضوع في الحكم التمهيدي ثم فصل فيه مع الموضوع، فإن المدعى عليهما لا يكونان في حاجة للتعرض للورقة العرفية طالما لم يقدم مسوغ سماع الدعوى المنصوص عليه في المادة 99 فقرة 4 وهو وثيقة الزواج الرسمية والتي بدونها يكون القاضي منهياً عن سماع الدعوى في مثل هذه الحالة وترى هذه المحكمة كذلك أن ما نحا إليه السيد........ من القول بقيام الإقرار الذي ينفي وجود الإنكار الذي هو شرط النهي عن السماع في الفقرة الرابعة والذي أوجزه وكيله بالصحيفة 13 من مذكرته لجلسة 11/ 1/ 1967 دفاع لا يجدي في هذا المقام شيئاً. ذلك أن ما يخص مدونات الورقة العرفية وتسليم وكيل المدعى عيلهما بمطابقة صورتها لأصلها وإعراضهما عن الطعن فيها، قد وأشارت المحكم إلى فساد الاستدلال به على وجود إقرار بالزوجية وما قدمناه من الرد على أسباب الحكم المستأنف في هذا الصدد كاف لرد ما جاء بهذه المذكرة. والحديث في المذكرة عن إقامة الزوجين معاً في مصر ومغاغة ومستشفى دار الشفاء دون اعتراض من الورثة فقول مرسل لم يسلم لقائله، وليس فيه ما يشير إلى إقرار المدعى عليها لهذه الزوجية المدعاة ومثله ما جاء عن محضر جرد تركة المتوفاة وظهور ملابس ومنقولات خاصة بالسيد....... في منزلي المتوفاة بالقاهرة ومغاغة كل ذلك بعيد عن الإقرار بالزوجية على الوجه الشرعي الصحيح والاتفاق على تصفية التركة والمؤرخ 12/ 2/ 1966 والذي صدق عليه أمام المحكمة في تصفية التركة بتاريخ 14/ 3/ 1966 ليس فيه ما يفيد الإقرار من المدعى عليها بالزوجية المدعاة بعد أن أشير فيه إلى أن مهمة المصفي تصفية تركة المرحومة السيدة........ بجميع مالها وما عليها وتسليم شقيقتيها السيدتين....... و....... نصيبهما غير المتنازع فيه وإيداع الباقي خزانة المحكمة وإبقائه على ذمة المدعى عليهم يوزع عليهم فيما بعد بنسبة ما عساه أن يحكم لهم به نهائياً في دعاوى الميراث المرفوعة منهم أمام محكمة الأحوال الشخصية، وفي هذا إشارة إلى نزاع قائم على الميراث بين مدعي الإرث عدا الشقيقتين المذكورتين ومنهم السيد......... الذي وقع بالموافقة على جميع ما جاء بهذا الاتفاق - فأين ذلك من اعتبار هذا إقراراً من المدعى عليهما (الشقيقتين) بالزوجية المدعاة مع ملاحظة أن هذا الاتفاق قد صدق عليه أمام المحكمة في 14/ 3/ 1966 - ولم يصدر الحكم المستأنف في موضوع النزاع في الميراث إلا بتاريخ 29/ 3/ 1966 ولم يكن المدعى عليهما قد تنازلتا عن دفعهما بعدم السماع"، لما كان ذلك، وكان تقدير إنكار الخصم للزوجية المدعاة من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض، ما دام يقوم على أسباب مقبولة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص إنكار المطعون عليها الأولى للزوجية وتمسكها بالدفع بعدم سماع دعوى الزوجية حتى الفصل فيه استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق، فإن النعي عليه بالنسبة لما قضى به لصالح المطعون عليها المذكورة، ثم القضاء لأقرب عاصب لها من الورثة وهو المطعون عليه الثالث الذي استأنف بدوره الحكم الابتدائي، وثبتت أولويته في الوراثة يكون على غير أساس ويتعين رفضه بالنسبة لهما.
وحيث إن هذا النعي في محله بالنسبة للمطعون عليهما الثانية والرابع، ذلك أن الثابت من الأوراق أن كلاً منهما كان حاضراً في الدعوى الابتدائية، وقد حكم عليه من محكمة أول درجة لمصلحة مورث الطاعنين، ولم يستأنف أي منهما هذا الحكم، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1931 لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يرجع إليه في التعرف على أحوال استئناف الأحكام وضوابطه وإجراءاته وهي لا تعرف طريق الاستئناف الفرعي، ولم تنص عليه وكان لا يصح في صورة الدعوى المطروحة اعتبار المطعون عليهما الأولى والثالث نائبين عن باقي الورثة وهما المطعون عليهما الثانية والرابع اللذين لم يستأنف الحكم الابتدائي ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة يقصد بها اقتضاء ما للميت وقضاء ما عليه من تكاليف وديون ووصايا، والدعوى الحالية هي مطالبة بميراث يشترط لاستحقاقه الوفاة فلا تسري عليها تلك القاعدة، ومن ثم يكون هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة إليهما بعدم طعنهما فيه بالاستئناف، ولا يفيدان من الاستئنافين المرفوعين من المطعون عليهما الأولى والثالث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية بإلغائه الحكم المذكور الذي أصبح نهائياً في حقهما، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لهذا نقضه فيما قضى به لصالحهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق