الصفحات

الجمعة، 20 أغسطس 2021

الطعن 16 لسنة 43 ق جلسة 19 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 272 ص 1444

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد محمد المهدي، وعضوية السادة المستشارين: سعد الشاذلي، والدكتور رفعت خفاجى، وحسن مهران حسن، وزكي الصاوي.

--------------

(272)
الطعن رقم 16 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1) حكم "الخطأ المادي". إثبات.
خطأ الحكم في ذكر عدد الشهود دون أن يؤثر على جوهر قضائه وتقدير الدليل. خطأ مادي لا أثر له.
 (2)أحوال شخصية "الزواج" "عقد الغلط". محكمة الموضوع. نقض.
الغلط في صفة جوهرية. استقلال محكمة الموضوع بتقدير أدلة القضاء بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب. إقامة الحكم على ما يحمله. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(3) أحوال شخصية "زواج". إثبات "عبء الإثبات". "عقد الغلط".
شريعة الأقباط الأرثوذكس. الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج. توافره بمجرد ادعاء الزوجة بأنها بكر على خلاف الحقيقة. على الزوج إثبات أن بكارتها قد أزيلت بسبب سوء سلوكها.
(4،  ) أحوال شخصية. "زواج". بطلان.
 (4)بطلان الزواج. اختلافه عن أسباب انحلاله من طلاق أو فسخ.
 (5)القضاء ببطلان الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس. تأسيسه على الغش في بكارة الزوجة. استناده إلى أقوال شاهدي الزوج المؤيدة بإقرارها. لا خطأ. لا محل لاستناد الزوجة إلى المادة 58 من تقنين سنة 1955. علة ذلك.
 (6)أحوال شخصية "زواج". بطلان. صلح. عقد. إثبات "الإقرار".
عقد الصلح. ماهيته. نزول الزوجة عن حقوقها إزاء إقرارها بفض بكارتها قبل الزواج. الادعاء ببطلانه استناداً للمادة 551 مدني. لا محل له.
(7) عقد "الإكراه". محكمة الموضوع. نقض "السبب الجديد".
تمسك الطاعنة بإكراهها على التوقيع على الإقرار. وجوب عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز بدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.

---------------
1 - لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن درس أوراق الدعوى، وأنه يجب على المحكمة أن تبين في أسبابها مؤدى أقوال الشهود والحقيقة التي تثبتت منها والتي أسست عليها قضاءها، إلا أنه لما كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما أورده الحكم هو ذاته ما قرره شاهدها الذي سمعت أقواله بالتحقيقات، وكانت لا تدعي أن أقوال الشاهد الثالث المطعون عليه - والتي أغفلها الحكم - تخالف أو تناقض أقوال شاهديه الآخرين اللذين خصهما بالذكر، فإن الخطأ في ذكر عدد شهود الطاعنة والمطعون عليه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر على جوهر ما قضى به الحكم ولا يوهن من مدى تقدير المحكمة الاستئنافية للدليل، ويكون النعي على الحكم بعدم إحاطته بأوراق الدعوى غير منتج.
2 - من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أسباباً موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي - عليه بالقصور في التسبيب - على غير أساس.
3 - مفاد المادة 36 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 والمقابلة للمادة 37 من مجموعة سنة 1938 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الغش في بكارة الزوجية يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة، وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة، ثم يتبين فيما بعد أنها لم تكن بكراً ولم يكن الزوج على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها قد أزيلت بسبب سوء سلوكها.
4 - بطلان الزواج هو الجزاء المترتب على عدم استجماع شروط إنشائه الموضوعية منها والشكلية وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر أن الزواج لم يقم أصلاً بخلاف أسباب انحلال الزواج من طلاق أو فسخ والتي تعتبر إنهاء له بالنسبة للمستقبل من الاعتراف بكافة آثاره في الماضي.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه أسس قضاء ببطلان عقد زواج الطاعنة من المطعون عليه على أن الزوجة قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها، وأنها أدخلت الغش على الزوج بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب، الأمر الذي يجعل إرادته مشوبة لغلط في صفة جوهرية استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه المؤيدة بالإقرار الذي حررته الطاعنة ليلة زفافها، وكان هذا القرار قد حول اعترافاً صريحاً من الزوجة بذلك، وكان ما أثبت في ذلك الإقرار بالإضافة إلى ما سبق لا يشير إلى اتفاق على فسخ الزواج وإنما ينطوي على تأكيد للقول ببطلانه. فإنه لا تثريب على الحكم إن اعتد بدلالة ذلك الإقرار. وليس يجوز التذرع في هذا الصدد بما جاء بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 من أنه لا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود لأن هذه المادة جاءت ضمن الباب الثاني الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها بالمادة 36 الواردة في الفصل السادس من الباب الأول والخاصة ببطلان الزواج وهو مغاير للطلاق. ولا محل أيضاً في هذا المجال لإثارة واقعة سبق فسخ الخطبة والعود لإتمام الزواج لأنه جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
6 - من اللازم لاعتبار العقد صلحاً في معنى المادة 549 من القانون المدني وجوب أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر فلا يعد الاتفاق صلحاً. وإذ كان البين أن الإقرار المنسوب للزوجة أنه مقصور على نزول الزوجة عن كافة حقوقها إزاء ما أقرت به من فض بكارتها قبل عقد الزواج، فإنه لا وجه للقول ببطلان الإقرار، على سند من المادة 551 من القانون المدني.
7 - متى كانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأنها كانت مكرهة على التوقيع على الإقرار، فإنه لا يجوز إبداء هذا القول ولأول مرة أمام محكمة النقض لما تضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع للتحقق من قيام ذلك الإكراه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعنة الدعوى رقم 26 سنة 1967 قنا الابتدائية للأحوال الشخصية طالباً الحكم ببطلان عقد زواجه منها المبرم في 5/ 3/ 1967. وقال بياناً لذلك، أنه تزوج من الطاعنة بالعقد المشار إليه طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس على أنها بكر، وإذ ظهر أنها أدخلت عليه الغش لأنه تبين عند دخوله بها أن بكارتها قد أزيلت قبل العقد وحصل منا على إقرار بذلك في 6/ 3/ 1967 وهو مما يعيب رضاه ويبطل العقد فقد أقام دعواه للحكم ببطلانه. وبتاريخ 16/ 5/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعنة لم تكن بكراً حينما دخل بها لسبب لا يرجع إلى فعله، وأنه لم يكن يعلم بذلك عند الدخول بها وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 2/ 4/ 1968 فحكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 43 ق أحوال شخصية أسيوط. وبتاريخ 18/ 2/ 1969 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فطعن المطعون عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 9 لسنة 39 ق "أحوال شخصية" وفى 3/ 5/ 1972 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف أسيوط. وعقب تعجيل الدعوى حكمت المحكمة في 22/ 2/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن بكارة الطاعنة قد أزيلت قبل الدخول لسبب سوء سلوكها وأنه لم يكن يعلم قبل الدخول بزوال البكارة، وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 21/ 6/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبطلان عقد زواج المطعون عليه بالطاعنة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه دون أقوال شاهدي الطاعنة في حين أن الثابت بالأوراق أن المطعون عليه أشهد ثلاثة شهود ولم تشهد الطاعنة سوى شاهداً واحداً، وهو ما يفيد أن المحكمة لم تدرس الأوراق الدراسة الكافية المقنعة بأنها فحصت الأدلة المقدمة وبذلت في سبيل ذلك كافة الوسائل المؤدية، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن درس أوراق الدعوى، وأنه يجب على المحكمة أن تبين في أسبابها مؤدى أقوال الشهود والحقيقة التي ثبتت منها والتي أسست عليها قضاءها. إلا أنه لما كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما أورده الحكم هو ذاته ما قرره شاهدها الذي سمعت أقواله بالتحقيقات، أو كانت لا تدعي - أن أقوال الشاهد الثالث للمطعون عليه - والتي أغفلها الحكم - تخالف أو تناقض أقوال شاهديه الآخرين اللذين خصهما بالذكر، فإن الخطأ في ذكر عدد شهود الطاعنة والمطعون عليه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر على جوهر ما قضى به الحكم، ولا يبرهن من مدى تقدير المحكمة الاستئنافية للدليل، ويكون النعي على الحكم بعدم إحاطته بأوراق الدعوى غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول أن الحكم عول على أقوال شاهدي المطعون عليه من أن الطاعنة أزيلت بكارتها قبل الزواج بسبب سوء سلوكها وأنه لم يكن يعلم بأنها ثيب وأن إرادته قد شابها غلط في صفة جوهرية، في حين أن أوراق الدعوى زاخرة بما يفيد علمه بواقعة إزالة البكارة بدليل سبق فسخه لخطبة الطاعنة ثم عقد زواجه عليها من جديد وتعهده بدفع خمسمائة جنيه كتعويض لها في حالة عدم إتمام زواجه، بالإضافة إلى ما قرره شهوده من أنه عرف عنها سوء السلوك الأمر الذي لا يسوغ له الإدعاء بأن عيباً شاب إرادته، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته: "وحيث إن المحكمة تأخذ بشهادة شاهدي المستأنف (المطعون عليه) التي ظاهرت الدلالة المستمدة من تحرير المستأنف عليها (الطاعنة) إقراراً في ليلة دخلتها تقر فيه بما حواه من إقرار بالذنب تأيد بأقوال الشاهدين مما يقطع بأن المستأنف عليها قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها وأنها أدخلت الغش على المستأنف بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب ومن ثم يكون قد شاب إرادة المستأنف غلط في صفة جوهرية يعيب إرادته ويبطل العقد".
وهى أسباب موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم اعتد في قضائه ببطلان الزواج على الإقرار الصادر منها والذي لا تعترف فيه بأن شخصاً غير زوجها أزال بكارتها، في حين أن هذا الإقرار لا يصح الاستناد إليه لتضمنه اتفاقاً بين الزوجين على فصم عروة الزوجية رغم مخالفته للنظام العام في الشريعة المسيحية التي لا تجيز الاتفاق على فسخ الزواج أخذاً بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955، بالإضافة إلى أن الصلح لا يجوز أن يتناول مسائل متعلقة بالأحوال الشخصية طبقاً للمادة 551 من التقنين المدني، وإذ قامت شبهة على صحة ادعاء الزوجة الطاعنة بأن المطعون عليه كان يتردد عليها وأنه هو الذي فض بكارتها وأنه كان قد خطبها وفسخ خطبتها ثم عاد وأتم زواجه منها فإن هذه الشبهة هي التي ينبغي أن تغلب أخذاً بقاعدة درء الحدود بالشبهات، هذا إلى أن الطاعنة كانت مكرهة على توقيع الإقرار بدليل ما ثبت من وجود آثار اعتداء عليها، ولم يعرض الحكم لهذه الواقعة رغم ما لها من أثر على صحة الإقرار ذاته، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 36 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 والمقابلة للمادة 37 من مجموعة سنة 1938 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة، وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة، ثم يتبين فيما بعد أنها لم تكن بكراً ولم يكن الزوج على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها، قد أزيلت بسبب سوء سلوكها، وكان بطلان الزواج هو الجزاء المترتب على عدم استجماع شروط إنشائه الموضوعية منها والشكلية، وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر أن الزواج لم يقم أصلاً، بخلاف أسباب انحلال الزواج من طلاق أو فسخ والتي تعتبر إنهاء له بالنسبة للمستقبل مع الاعتراف بكافة آثاره في الماضي، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه ببطلان عقد زواج الطاعنة من المطعون عليه على أن الزوجة قد أزيلت بكارتها بسبب سوء سلوكها قبل عقد قرانها، وأنها أدخلت الغش على الزوج بادعائها في عقد الزواج أنها بكر ولم يكن هو يعلم بأنها ثيب، الأمر الذي يجعل إرادته مشوبة بغلط في صفة جوهرية استناداً إلى أقوال شاهدي المطعون عليه المؤيدة بالإقرار الذي حررته الطاعنة ليلة زفافها، وكان هذا الإقرار قد حوى اعترافاً صريحاً من الزوجة بذلك، وكان ما أثبت في ذلك الإقرار بالإضافة إلى ما سبق... "أننا أصبحنا منفصلين نهائياً وللزوج الحق أن يتزوج بغيري إن شاء للأسباب المشار إليها وليس لي أي حق بمطالبته بأي تعويض وأصبحت من اليوم منفصلة عنه برضاي التام". لا يشير إلى اتفاق على فسخ الزواج وإنما ينطوي على تأكيد القول ببطلانه، فإنه لا تثريب على الحكم إن اعتد بدلالة ذلك الإقرار. وليس يجوز التذرع في هذا الصدد بما جاء بالمادة 58 من قواعد التقنين العرفي سالف الإشارة من أنه "لا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود..."، لأن هذه المادة جاءت ضمن الباب الثاني الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها بالمادة 36 آنفة الذكر الواردة في الفصل السادس من الباب الأول والخاصة ببطلان الزواج وهو مغاير للطلاق على ما سلف بيانه. ولا محل أيضاً في هذا المجال لإثارة واقعة سبق فسخ الخطبة والعود لإتمام الزواج لأنه جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض على ما سبق تفصيله عند الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان من اللازم لاعتبار العقد صلحاً في معنى المادة 546 من القانون المدني وجوب أن يتنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه في سبيل الحصول على الجزء الباقي فإن لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة واقتصر التنازل على أحد الطرفين دون الآخر فلا يعد الاتفاق صلحاً، وكان البين من الإقرار المنسوب للزوجة والمؤرخ 6 من مارس سنة 1967 أنه مقصور على نزول الزوجة عن كافة حقوقها إزاء ما أقرت به من فض بكارتها قبل عقد الزواج فإنه لا وجه للقول ببطلان الإقرار على سند من المادة 551 من القانون المدني. لما كان ما تقدم، وكانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة النقض بأنها كانت مكرهة على التوقيع على هذا الإقرار فإنه لا يجوز إبداء هذا القول ولأول مرة أمام محكمة النقض لما تضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع للتحقق من قيام ذلك الإكراه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق