الصفحات

الأربعاء، 18 أغسطس 2021

الطعن 18 لسنة 45 ق جلسة 3 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 أحوال شخصية ق 285 ص 1509

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار، وإبراهيم هاشم.

----------------

(285)
الطعن رقم 18 لسنة 45 "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "النسب". إثبات.
(1) النسب يثبت بالفراش. المقصود بالفراش. الزنا لا يثبت نسباً. زواج الزاني بمزنيته لا يثبت نسب الوليد إذا أتت به لأقل من ستة أشهر.
 (2)الولد للفراش. المقصود به. قيام الزوجية عند بدء الحمل لا عند حصول الولادة.
 (3)أحوال شخصية. إثبات.
الأصل الفقهي. لا ينسب لساكت قول. الاستثناء. اعتبار السكوت بمثابة الإقرار. سكوت الزوج عن نسبة الحمل: الحاصل قبل الزواج لأقل من ستة أشهر. لا يعد إقراراً.
 (4)نقض "نعي مجهل".
خلو تقرير الطعن من بيان مواطن العيب بالحكم المطعون فيه. نعي مجهل غير مقبول.
 (5)أحوال شخصية. دعوى.
التناقض مانع من سماع الدعوى ومن صحتها فيما لا يخفي سببه. التناقض فيما هو محل خفاء ومنه النسب عضو مغتفر. دعوى العلاقة المنتجة للنسب ليس محل خفاء.

-------------
1 - من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) أن النسب يثبت بالفراش وهو الزواج الصحيح وما يلحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو شبيهه، ورتب الفقهاء على ذلك أن الزنا لا يثبت نسباً، وأساس الأخذ بهذه القاعدة هو ولادة الزوجة أو المطلقة في زمن لا يقل عن ستة أشهر من تاريخ الزواج، لما هو مجمع عليه من أنها أقل مدة للحمل أخذاً بقوله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقوله تعالى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصال الواردة في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة في الآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر، وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج رجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لم يثبت نسبه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه، ومن الراجح في مذهب الحنفية سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة الزنا، فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل له أن يطأها في هذا النكاح ولكن لا يثبت الولد منه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر لأنه لم يكن وليد مدة حمل تام.
2 - النص أن الولد للفراش إنما يراد به الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الطاعنة أتت بالبنت المدعى نسبها للمطعون عليه لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد فلا يثبت نسبها به لتحقق قيام الوطء في غير عصمة وتيقن العلوق قبل قيام الفراش، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
3 - استثنى فقهاء الأحناف من الأصل الفقهي بألا ينسب لساكت قوله، بعض مسائل جعلوا السكوت فيها بمثابة الإقرار، ليس من بينها السكوت عند نسبة الحمل الحاصل قبل الزواج وولادته لأقل من أدنى فترة الحمل.
4 - خلو تقرير الطعن من المواطن التي تنعاها الطاعنة على التأويلات التي لجأت إليها محكمة الموضوع توصلاً لنفي النسب المدعى أو أوجه الاحتيال التي يمكن الركون إليها في إثباته وغفل عنها الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
5 - من الأصول المقررة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التناقض مانع من سماع الدعوى ومن صحتها فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو بقول المتناقض تركت الكلام الأول، مع إمكان التوفيق بين الكلامين وحمل أحدهما على الآخر وهو يتحقق متى كان الكلامان قد صدرا من شخص واحد وكان أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكن ثبت أمام القاضي حصوله، إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أفصحت في صحيفة الدعوى أنه لم يكن لها أي علاقة مشروعة بالمطعون عليه قبل العقد الرسمي الموثق بعد تقديمها شكواها، وأكدت ذلك في مراحل تحقيق الشكوى بالشرطة وأمام النيابة، كما أقرت في محضر جلسة محكمة أول درجة بأنه لم يكن بينها وبين المطعون عليه عقد زواج عرفي قبل عقد زواجها الرسمي فإن ذلك يتناقض مع ما أوردته في صحيفة الاستئناف من أنه تزوجها زواجاً عرفياً أمام شهود على وعد منه بإتمام العقد الرسمي، وهو تناقض يتعذر معه التوفيق بين الكلامين. لا يغير من ذلك ما هو مقرر من أن التناقض فيما هو محل خفاء ومنه النسب عفو مغتفر لأن التناقض هنا في دعوى العلاقة المنتجة للنسب وهي الزوجية والفراش الصحيح وهو ليس محل خفاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 152 لسنة 1973 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب الحكم بثبوت نسب البنت....... المرزوقة بها منه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لها إنهما تعارفا وتولدت الألفة والمحبة بينهما واتفقا على الزواج غير أن عقبات مادية وأدبية حالت دون ذلك مما أدى إلى قيام علاقة جنسية بينهما وحملت منه وإذ عقد قرانه عليها أمام الشرطة في 4/ 10/ 1971 عند تقدمها بشكوى في حقه، ثم عمد إلى تطليقها بعد قرابة أسبوعين، وأنكر نسب أبنته التي وضعتها في 5/ 12/ 1971 ورفض الإنفاق عليها فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 10/ 6/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 100 لسنة 90 ق طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وبتاريخ 15/ 2/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبعرض الطعن على هذه المحكمة بهيئة غرفة مشورة رأت أنها جديرة بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الثابت أن الطاعنة حملت من المطعون عليه وبدت عليها أثاره قبل أن يكون بينهما عقد صحيح أو فاسد أو وطء بشبهة، فتكون المولودة المطلوب ثبوت نسبها ثمرة علاقة غير شرعية لا يثبت بها النسب شرعاً، لأن ولد الزنا لا يلحق الزاني أدعاه أو لم يدعه استناداً إلى الحديث النبوي الشريف أن الولد للفراش وللعاهر الحجر، في حين أن المقرر في فقه الحنفية أن الزانية إذا تزوجت بالزاني الذي حملت منه يحل له وطؤها اتفاقاً وبكون الولد له وألزمته النفقة، هذا إلى أن المقصود بالفراش في الحديث الشريف هو الفراش القائم وقت الولادة لا وقت بدء الحمل، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النسب يثبت بالفراش وهو الزواج الصحيح وما يلحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو شبيهه ورتب الفقهاء على ذلك أن الزنا لا يثبت نسباً، إلا أن أساس الأخذ بهذه القاعدة هو ولادة الزوجة أو المطلقة في زمن لا يقل عن ستة أشهر من تاريخ الزواج، لما هو مجمع عليه من أنها أقل مدة للحمل أخذاً بقوله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقوله تعالى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصال الواردة في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة في الآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر، وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لم يثبت نسبه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه، ولما كان الراجح في مذهب الحنفية سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة الزنا، فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل له أن يطأها في هذا النكاح ولكن لا يثبت الولد منه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر لأنه لم يكن وليد مدة حمل تام، لما كان ذلك وكان النص أن الولد للفراش إنما يراد به الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الطاعنة أتت بالبنت المدعى نسبها للمطعون عليه لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد فلا يثبت نسبها به لتحقق قيام الوطء في غير عصمة وتيقن العلوق قبل قيام الفراش، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك أنه نفى صدور إقرار من المطعون عليه في التحقيقات الإدارية بنسبه المولودة إليه حالة أن موقفه المتمثل في تهربه من الإدلاء بأقواله والظروف المحيطة بتوثيقه عقد الزواج الرسمي تستقيم دليلاً قاطعاً على إقراره بأن الحمل منه وأنه نتيجة معاشرته الطاعنة هذا إلى أن الحكم لجأ إلى التأويلات البعيدة لنفي نسب المولودة على خلاف القاعدة الفقهية التي تقضي بأن النسب يحتال لإثباته.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه وإن استثنى فقهاء الأحناف من الأصل الفقهي بألا ينسب لساكت قول بعض مسائل جعلوا السكوت فيها بمثابة الإقرار، إلا أنه من ليس من بينها السكوت عند نسبه الحمل الحاصل قبل الزواج وولادته لأقل من أدنى فترة الحمل، ولما كانت الطاعنة تسلم بأنه ليس للمطعون عليه من إقرار بنسب المولودة إليه كما لا يوجد منه إنكار له، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله ".... فلا يوجد في صورة محاضر تحقيقات الشرطة والنيابة العسكرية المرفقة بأوراق الدعوى أي إقرار منسوب للمستأنف عليه - المطعون عليه - بالبنوة ولا بأن الحمل من مائه، هذا على أن الإقرار بكون الحمل من مائه لا يلزم منه ثبوت النسب لجواز أن يكون من ماء حرام. وأما عن عقد الزواج الذي وثق رسمياً بعد تقديمها الشكوى للشرطة فلا يحتج به لاحتمال الخلف وانفكاك الجهة فلا ينهض العقد عليها بعد الحمل دليلاً على أنه ثمرة لعلاقة مشروعة بل تعين دليلاً على عكس ذلك....، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان تقرير الطعن جاء خلواً من المواطن التي تنعاها الطاعنة على التأويلات التي لجأت إليها محكمة الموضوع توصلاً لنفي النسب المدعى، أو أوجه الاحتيال التي يمكن الركون إليها في إثباته وغفل عنها الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه في هذا الشق يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أهدر ما أثارته الطاعنة أمام محكمة الاستئناف من أن المطعون عليه تزوجها زواجاً عرفياً أمام شهود قبل العقد عليها رسمياً بدعوى وجود تناقض بين هذا القول وبين سبق إقرارها بأنه لم يعقد عليها عرفياً وأن التناقض في دعوى النكاح غير مغتفر، في حين أن الدعوى الماثلة هي دعوى نسب طفلة لأبيها، وإجماع الفقه الحنفي على اغتفار التناقض فيها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من الأصول المقررة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التناقض مانع من سماع الدعوى ومن صحتها فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو بقول المتناقض تركت الكلام الأول، مع إمكان التوفيق بين الكلامين وحمل أحدهما على الآخر وهو يتحقق متى كان الكلامان قد صدرا من شخص واحد وكان أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكن يثبت أمام القاضي حصوله، إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أفصحت في صحيفة الدعوى أنه لم يكن لها أية علاقة مشروعة بالمطعون عليه قبل العقد الرسمي الموثق بعد تقديمها شكواها، وأكدت ذلك في مراحل تحقيق الشكوى بالشرطة وأمام النيابة، كما أقرت في محضر جلسة محكمة أول درجه بأنه لم يكن بينها وبين المطعون عليه عقد زواج عرفي قبل عقد زواجها الرسمي، فإن ذلك يتناقض مع ما أوردته في صحيفة الاستئناف من أنه تزوجها زواجاً عرفياً أمام شهود على وعد منه بإتمام العقد الرسمي، وهو تناقض يتعذر معه التوفيق بين الكلامين. لا يغير من ذلك ما هو مقرر من أن التناقض فيما هو محل خفاء ومنه النسب عفو مغتفر لأن التناقض هنا في دعوى العلاقة المنتجة للنسب وهي الزوجية والفراش الصحيح وهو ليس محل خفاء، وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


 (1)راجع نقض طعن رقم 10 سنة 41 ق جلسة 5/ 2/ 1975.
راجع نقض طعن رقم 412 سنة 42 ق جلسة 25/ 6/ 1975.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق