الصفحات

السبت، 3 يوليو 2021

الطعن 17 لسنة 13 ق جلسة 21 / 10 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 73 ص 200

جلسة 21 أكتوبر سنة 1943

برياسة حضرة صاحب السعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

----------------

(73)
القضية رقم 17 سنة 13 القضائية

شفعة:
أ - علم الشفيع بالبيع وبأسماء البائعين. مسألة موضوعية. استخلاصها من وقائع تؤدي إليها.
ب وجـ - دعوى الشفعة. وجوب توجيهها إلى البائع هو والمشتري، وإلا سقط الحق فيها.

(المواد 14 و15 و19 من قانون الشفعة الصادر في 23 مارس سنة 1901)

---------------
1 - إن واقعة علم الشفيع ببيع الأرض التي يشفع فيها وبأسماء البائعين مسألة موضوعية تستخلصها المحكمة مما في الدعوى من أدلة وقرائن يصح أن تؤدي إليها عقلاً. فإذا دفع في دعوى الشفعة بسقوط الحق في رفعها لعدم توجيهها إلى جميع البائعين، فطلب المدعي التأجيل لإدخال من لم توجه إليه منهم، فأجابته المحكمة إلى طلبه، فطلب صورة عقد البيع لمعرفة أسماء جميع البائعين ودفع رسم الصورة وسلمت الصورة في التاريخ الذي ذكرته المحكمة في حكمها إلى وكيله في دعوى الشفعة بالذات، ولكنه تأخر في إعلان باقي البائعين أكثر من شهرين من تاريخ تسلم وكيله الصورة، فاستخلصت المحكمة من ذلك وغيره مما ذكرته في حكمها أنه كان يعلم بأسماء البائعين الباقين من تاريخ تسلم وكيله الصورة أو بعد ذلك بزمن وجيز، فإن استخلاصها ذلك سائغ وفي حدود سلطتها. ثم إذا هي رتبت على ذلك سقوط حق المدعي في الشفعة فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، إذ أن دعوى الشفعة يجب رفعها في الميعاد المحدد وإلا سقط الحق فيها طبقاً للمادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة. وهذا الميعاد هو ثلاثون يوماً من وقت إعلان الرغبة في الشفعة (أو من وقت العلم بأسماء باقي البائعين والدعوى قائمة مع سبق إبداء الرغبة كما هي الحال هنا).
2 - إن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة قد نصت على أن دعوى الشفعة ترفع على البائع وعلى المشتري وإلا سقط الحق فيها. ومع وجود هذا النص الصريح لا محل للاجتهاد والقول بأن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة وأنه لا يترتب على عدم إعلانه سقوط الحق فيها.
3 - إنه إن صح القول بعدم وجوب إعلان الرغبة في الشفعة إلى البائع لعدم النص صراحة على السقوط في المادة الرابعة عشرة من قانون الشفعة وعدم ذكر البائع صراحة في الفقرة (ثانياً) من المادة التاسعة عشرة فإن ذلك لا يؤثر في سقوط الحق في دعوى الشفعة إذا لم ترفع على البائع مع المشتري في ميعاد ثلاثين يوماً من وقت إعلان الرغبة ما دام الشارع - كما سلف - قد نص على السقوط عند عدم مراعاة ذلك.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له ومن الأوراق والمستندات المقدمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل مقدمة لمحكمة الاستئناف - في أن الطاعنين أقاموا لدى محكمة أسيوط الابتدائية الدعوى رقم 267 سنة 1941 على المطعون ضدهم الأول والثاني والرابع وآخرين بعريضة أعلنت في 13 و14 من مايو سنة 1941 قالوا فيها إنهم علموا منذ يومين فقط بأن المطعون ضدهما الثاني والرابع باعا للمطعون ضده الأول والآخرين 16 س و11 ط و4 ف شيوعاً في 4 س و7 ف مبينة الحدود والمعالم بالعريضة، وإن الطاعنين شركاء على الشيوع في تلك الأطيان المبيعة، ولهذا فإنهم يطالبون بحقهم في أخذ هذا القدر المبيع بالشفعة في نظير قيامهم بدفع الثمن وقدره 360 ج والمصاريف والملحقات محتفظين بحقهم في استرداد ما قد يكون زائداً منه مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة والنفاذ المعجل بلا كفالة.
وبجلسة 2 من يونيه سنة 1941 دفع الحاضر مع المطعون ضده الأول بسقوط حق المدعين في دعوى الشفعة لعدم رفعها على جميع البائعين فطلب الطاعنون التأجيل لإدخال باقيهم وهم باقي المطعون ضدهم فأجلت الدعوى لهذا السبب وأعلنوهم بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1941.
وبجلسة 23 من فبراير سنة 1942 دفع الحاضر مع المطعون ضده الأول بسقوط الدعوى لعدم رفعها على بعض البائعين في الميعاد القانوني. وبعد أن سمعت المحكمة دفاع طرفي الخصومة في هذا الدفع حكمت في 16 من إبريل سنة 1942 بقبول الدفع وسقوط حق الطاعنين في الأخذ بالشفعة وألزمتهم بالمصاريف و200 قرش أتعاباً للمحاماة.
استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 191 سنة 17 قضائية طالبين للأسباب الواردة في صحيفة استئنافهم إلغاءه والقضاء بطلباتهم المقدمة لمحكمة أول درجة مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وفي 12 من نوفمبر سنة 1942 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الأول.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 29 من ديسمبر سنة 1942 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 24 من يناير سنة 1942 بتقرير أعلن للمطعون ضدهم في 30 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن محصل أوجه الطعن هو: -
أولاً - أن الحكم المطعون فيه استخلص علم الطاعنين بالبيع بالنسبة إلى بعض البائعين من واقعة لا تنتج هذا العلم. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم رتب علمهم على أن وكيلهم (أو نائبه) في دعوى الشفعة بالذات هو الذي تسلم صورة عقد البيع (وفيها بيان أسماء جميع البائعين) في تاريخ معين وأنهم هم الذين دفعوا له رسم هذه الصورة. وهذا غير كاف في أن يستخلص منه علمهم هم أنفسهم في ذلك التاريخ.
ثانياً - أن دعوى الشفعة رفعت صحيحة في الميعاد القانوني على المشترين وبعض البائعين. ولما كان الأمر كذلك فقد تأكدت الرغبة في الشفعة وهي لا تتجزأ، هذا فضلاً عن أن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة، ولا يترتب على عدم إعلانه بالرغبة فيها أي بطلان.
ثالثاً - لا يصح أن يترتب على سقوط الحق في دعوى الشفعة بالنسبة لبعض البائعين سقوطه بالنسبة إلى البعض الآخر الذي رفعت عليه الدعوى في الميعاد فكان يجب على المحكمة أن تحكم للشفعاء بنصيب هذا البعض على الأقل.
وحيث إنه عن الأمر الأول فإن حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قال في صدد ما أثاره الطاعنون خاصاً بعلمهم بحصول الصفقة ما يأتي: "إن ما ذهب إليه المدعون (الطاعنون) من أن علمهم بهؤلاء البائعين الذين لم ترفع عليهم الدعوى لم يكن علماً تاماً نافياً للجهالة حتى يوم 15 أغسطس سنة 1941 - هذا القول مردود بما هو ثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لعقد البيع موضوع الشفعة والمقدمة من المدعين أنفسهم (بالحافظة رقم 6 دوسيه 8 حافظة) إذ أنه ثابت في هذه الصورة أنها سلمت لطالبها بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 من قلم الرهون المختلطة بأسيوط.
وحيث إنه يخلص من ذلك أن المدعين عقب جلسة 2 يونيه سنة 1941 التي دفع فيها الحاضر مع المدعى عليه الأول بالسقوط والتي طلب فيها المدعون التأجيل لإدخال خصوم آخرين طلبوا صورة من عقد البيع من قلم الرهون المختلطة بأسيوط فسلمت إليهم تلك الصورة بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 ولكنهم سكتوا عن رفع الدعوى على باقي البائعين حتى تاريخ 28 أغسطس سنة 1941. وحيث إن المحكمة تستخلص مما تقدم أن علم المدعين بجميع البائعين كان بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 علماً تاماً نافياً للجهالة". وزاد الحكم المطعون فيه على ذلك قوله: "إن الوكيل الذي استلم العقد (يقصد صورته الرسمية) عن المستأنفين (الطاعنين) ليس وكيلاً عاماً لإدارة أعمالهم أو بعضها بل وكيلهم في دعوى الشفعة بالذات والمفروض أنه على اتصال دائم بهم، وهم الذين دفعوا له رسوم استخراج صورة عقد البيع التي استلمها ثم أعطوه بيان محال إقامة باقي البائعين في العقد لإدخالهم في الدعوى. والقول من جانب المستأنفين بأنهم يقيمون في بلد أخرى غير بلد وكيلهم، وأن الفترة التي انقضت بين تأجيل الدعوى من جلسة 2 يونيه سنة 1941 إلى جلسة 15 سبتمبر كانت فترة العطلة القضائية لا يمنع استمرار الاتصال بين المستأنفين بمحاميهم لأن المفهوم أن الدعوى أجلت من التاريخ الأول لإعلان باقي البائعين، وأن هذا الإعلان لا يجب أن ينتظر انتهاء العطلة القضائية بل يجب أن يتم في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ العلم بأسماء باقي البائعين بغض النظر عن تاريخ الجلسة التي حددتها المحكمة للنظر في هذا الإعلان. فالواقع إذن أن المستأنفين قد علموا باستلام وكيلهم العقد بمجرد استلامه أو عقب ذلك بقليل وقد مضى من تاريخ هذا الاستلام إلى تاريخ إعلان باقي البائعين أكثر من شهرين".
وحيث إن واقعة العلم بالبيع مسألة موضوعية تستخلصها محكمة الموضوع مما في الدعوى من دلائل وقرائن يصح أن تؤدي إليها عقلاً، ولما كانت المحكمة قد استخلصت من الدفع بالسقوط، ومن طلب الطاعنين التأجيل لإدخال باقي البائعين وإجابة المحكمة هذا الطلب في 2 يونيه سنة 1941، ومن مبادرة الطاعنين إلى طلب صورة العقد عقب هذا التأجيل للوصول إلى معرفة أسماء جميع البائعين، ومن الحصول على هذه الصورة في 11 يونيه سنة 1941 - لما كانت المحكمة قد استخلصت من كل ذلك أن الطاعنين قد علموا بأسماء باقي البائعين يوم 11 يونيه سنة 1941 أو بعده بزمن وجيز، وكان استخلاصها هذا سائغاً عقلاً - هذا مع العلم بوجوب رفع دعوى الشفعة في ميعاد محدد وإلا سقط الحق فيها طبقاً للمادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة وهذا الميعاد هو ثلاثون يوماً من وقت إعلان الرغبة في الشفعة (أو من وقت العلم بأسماء باقي البائعين والدعوى قائمة مع سبق إبداء الرغبة كما حصل في هذه الدعوى) - فإن ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون نقاشاً موضوعياً من خصائص محكمة الموضوع وحدها البت فيه، ولا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه عن الأمر الثاني فإن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة قد نصت صراحة على أن دعوى الشفعة ترفع على البائع والمشتري وإلا سقط الحق فيها فلا محل للاجتهاد مع هذا النص والقول بأن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة وأنه لا يترتب على عدم إعلانه بها سقوط الدعوى. أما ما يتمسك به الطاعنون من عدم وجوب إعلان الرغبة في الشفعة للبائع فإنه إذا أخذ به فيما يتعلق بإعلان الرغبة (لا رفع الدعوى) لعدم النص صراحة على السقوط في المادة الرابعة عشرة وعدم ذكر البائع صراحة في (ثانياً) من المادة التاسعة عشرة فذلك لا يؤثر على سقوط الحق في دعوى الشفعة إذا لم ترفع في ميعاد ثلاثين يوماً من وقت إعلان الرغبة ما دام الشارع قد نص صراحة على هذا السقوط في المادة الخامسة عشرة كما تقدم.
وحيث إنه عن الأمر الثالث فإن الطاعنين لم يتقدموا به إلى محكمة الموضوع فلا يجوز عرضه لأول مرة أمام محكمة النقض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق