الصفحات

الأحد، 21 مارس 2021

الطعنان 4296 ، 4896 لسنة 76 ق جلسة 23 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 72 ص 435

جلسة 23 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبدربه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز فرحات، أيمن يحيى الرفاعي، إيهاب إسماعيل عوض نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم الخلاوي.
--------------------
(72)
الطعنان 4296 ، 4896 لسنة 76 القضائية
(1 - 3) عقد "زوال العقد: فسخ العقد". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود: في فسخ العقد".
(1) تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه. من أمور الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها.
(2) الفسخ جزاء عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي. م 157/ 1 مدني.
(3) تضمن عقد الاتفاق موضوع الدعوى التزام الطاعن باستخراج رخصة بناء على الأرض المبينة به وبيع الوحدات بعد إتمام البناء بمعرفة الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثانية. خلو العقد من التزام الأخيرين بتسليم الطاعن توكيل رسمي أو السماح له بإقامة مبان دون ترخيص من الجهة المختصة. استخلاص الحكم المطعون فيه إخلال الطاعن بالتزامه من قيامه ببناء الطابق الثاني العلوي وحتى التاسع دون ترخيص وإقامته جزءا من البناء على أرض الغير وتصرفه بالبيع منفردا لبعض الوحدات والاستئثار لنفسه بثمنها وقضاؤه بفسخ العقد. صحيح. النعي عليه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لعدم استظهاره أوجه ذلك الإخلال وقيام المطعون ضدهما الأول والثانية بإلغاء التوكيل الرسمي لاستخراج الترخيص. على غير أساس.
(4 ، 5) التصاق "من أحكام الالتصاق: البناء في ملك الغير دون ترخيص بالبناء من الجهة الإدارية". ملكية "أسباب كسب الملكية: الالتصاق".
(4) صدور قرارات إدارية بإزالة الأدوار العلوية المقامة دون ترخيص. مؤداه. اعتبارها والعدم سواء. أثره. عدم تطبيق أحكام الالتصاق بشأنها إلا إذا ثبت العدول عن إزالتها لأي سبب وانتفع بها.
(5) تمليك الأرض بما عليها من منشآت. انعقاده لصاحب الأرض وليس لمن أقام المنشآت. م 925 مدني. النعي على الحكم المطعون فيه لقضائه بفسخ العقد وتسليم الأرض وما عليها من مباني رغم التمسك بإعمال م 925 مدني وباعتبار أن قيمة المباني تزيد عن قيمة الأرض. على غير أساس.
(6) عقد "زوال العقد: فسخ العقد: أثر الفسخ".
فسخ العقد. أثره. انحلاله بأثر رجعي منذ نشوئه وإعادة كل شيء إلى ما كان عليه من قبل. جواز الحكم بالتعويض إذا استحال ذلك. م 160 مدني.
(7) دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسبابه الواقعية. أثره. بطلانه.
(8 ، 9) التصاق "من أحكام الالتصاق: الاتفاق على إقامة المباني". حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، مخالفة القانون والخطأ في تطبيق القانون". ملكية "أسباب كسب الملكية: الالتصاق".
(8) إقامة منشآت بمواد من عند من أقامها على أرض مملوكة للغير بترخيص منه. عدم وجود اتفاق بشأن مآل هذه المنشآت. مؤداه. ليس لصاحب الأرض طلب إزالتها. التزامه بأداء إحدى القيمتين قيمة المواد وأجرة العمل أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب تلك المنشآت. م 925/ 1 مدني.
(9) قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم الأرض بما عليها من منشآت للمطعون ضدهما الأول والثانية كأثر لفسخ عقد الاتفاق المبرم بينهما وبين الطاعن بإقامتها. عدم إعماله أحكام المادتين 925، 926 مدني في شأن بعض هذه المنشآت المرخص بها رغم تمسك الطاعن بإعمالهما. قصور ومخالفة للقانون وخطأ.
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه، هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 157/ 1 من القانون المدني على أن "في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى "يدل على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي.
3 - إذ كان الثابت بعقد الاتفاق المؤرخ 23/ 6/ 1999 أنه تضمن في بنديه الثاني والسادس التزام الطاعن باستخراج رخصة بناء على قطعة الأرض المبينة به بأقصى ارتفاع تسمح به القوانين واللوائح في هذا الشأن، والاتفاق على أن يتم بيع وحدات العقار بعد إتمام بنائه بمعرفة طرفي العقد - الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثانية - وقد خلا العقد من التزام على الأخيرين بتسليم الطاعن توكيل رسمي أو السماح بإقامة أي مباني دون ترخيص من الجهة المختصة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها إخلال الطاعن بالتزاميه آنفي البيان بأن قام ببناء الطابق الثاني العلوي وحتى التاسع العلوي بغير ترخيص بناء، كما أنه أقام جزءا من البناء على أرض الغير وكذا تصرفه منفردا ببيع بعض وحدات العقار للمطعون ضدهم من الثالث حتى الثامن واستئثاره لنفسه بثمنها مرتبا على ذلك قضاءه بفسخ العقد وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن (عليه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لعدم استظهاره أوجه ذلك الإخلال وقيام المطعون ضدهما الأول والثانية بإلغاء التوكيل الرسمي لاستخراج الترخيص) يكون على غير أساس.
4 - إذ كان الثابت بالأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الأدوار العلوية من الثاني حتى الأخير قد صدر بشأنها قرارات إدارية بإزالتها لإقامتها دون ترخيص فأصبحت هي والعدم سواء، ومن ثم فلا تطبق في شأنها أحكام الالتصاق في القانون المدني، هذا إلا أنه إذا ثبت العدول عن إزالتها لأي سبب، وانتفع المطعون ضدهما الأولان بها، فحينئذ يمكن تطبيق هذه الأحكام عليها.
5 - إنه وفق نص الفقرة الثانية من المادة 925 من القانون المدني، أن حق طلب تمليك الأرض لمن أقام عليها المنشآت منعقد لصاحب الأرض وليس لمن أقام المنشآت، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه - لقضائه بفسخ العقد وتسليم الأرض وما عليها من مباني لمالكها رغم التمسك بإعمال المادة 925 مدني وباعتبار أن قيمة المباني تزيد عن قيمة الأرض - على غير أساس.
6 - إن نص المادة 160 من القانون المدني، أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية ومؤدي ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر أثره في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن لم تفعل كان حكمها قاصرا.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 926 من القانون المدني، أنه إذا أقام أحد منشآت بمواد من عنده على أرض مملوكه للغير بترخيص منه فلا يجوز لهذا الأخير إذا لم يوجد اتفاق في شأن هذه المنشآت أن يطلب إزالتها ويجب عليه إذا لم يطلب صاحب المنشآت نزعها أن يؤدي إليه إحدى القيمتين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من المادة 925 من القانون ذاته، وكانت الفقرة الأولى من هذا النص الأخير قد أعطت الخيار لمالك الأرض في أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو أن يدفع مبلغا يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب ما أقيم عليها من منشآت.
9 - إذ كان الثابت بالأوراق وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن "البدروم" والطابقين الأرضي والأول العلوي في العقار محل النزاع - المقامة من الطاعن استنادا إلى الاتفاق سند الدعوى - صدر بشأنها ترخيص بناء، ومن ثم لم يصدر قرار بإزالتها وأنه (الطاعن) تمسك أمام محكمة الاستئناف بتطبيق أحكام الالتصاق في القانون المدني في شأنها ...، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتسليم الأرض بما عليها من مباني للمطعون ضدهما الأول والثانية (المالكين لها) كأثر لفسخ عقد الاتفاق المبرم بينهما وبين الطاعن دون أن يعمل أحكام المادتين 925، 926 من القانون المدني المشار إليهما في شأن "البدروم" والطابقين الأرضي والأول العلوي المرخص بها ورغم تمسك الطاعن بإعمالهما في خصوص منشآتها، فإنه يكون - فضلا عن قصوره - معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية - في الطعنين - أقاما ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهم فيهما الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني محكمة الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الاتفاق المؤرخ 23/ 6/ 1999 المحرر بينهما وبين الطاعن، أو باعتباره مفسوخا عملا بإقرار الأخير بملحق العقد المؤرخ 4/ 1/ 2001 وتسليمهما الأرض موضوع ذلك العقد بما عليها من منشآت ليقوما بإزالتها تنفيذا لقرارات المطعون ضده التاسع بصفته، وقالا بيانا لذلك إنه بموجب العقد سالف البيان تسلم الطاعن منهما قطعة الأرض المبينة به ليشيد عليها من ماله الخاص المباني المتفق عليها بعد استخراج ترخيص بالبناء بأقصى ارتفاع مسموح به مقابل نسبة محددة من ثمن بيع الوحدات بعد إتمام البناء وأعمال التشطيب، إلا إنه أخل بالتزاماته العقدية بأن قام ببناء سبعة طوابق بغير ترخيص، وتصرف بمفرده في بعض وحدات العقار بالبيع للمطعون ضدهم من الثالث إلى الثامن وحصل منهم لنفسه على ثمن المبيع، لذا فقد أقاما الدعوى. وجه المطعون ضدهم من الثالث حتى السادس طلبا عارضا لكل من الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثانية للحكم بنفاذ عقدي البيع المؤرخين 5، 9/ 8/ 2000 الصادرين لهم من الطاعن باعتباره المالك الظاهر عن المحلين الكائنين بالعقار محل التداعي. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريرها قضت بالطلبات في الدعوى الأصلية وبرفض الطلب العارض. أستأنف المطعون ضدهم من الثالث حتى السادس هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 121ق، كما استأنفه الطاعن أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 121ق أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للأول، وبتاريخ 7/ 2/ 2006 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الطلب العارض وبعدم قبوله وتأييده فيما قضى به في الدعوى الأصلية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي ...، ... لسنة 76 ق، وأودعت النيابة مذكرة في الطعنين أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئيا، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة. - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضمهما، والتزمت النيابة رأيها.
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعنين أقيما على ثمانية أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الثالث والرابع من الطعن الأول والوجه السادس من السبب الأول من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ العقد موضوع الدعوى على سند من إخلاله بالتزاماته العقدية، دون أن يستظهر أوجه ذلك الإخلال معولا في ذلك على تقرير الخبير، ورغم أن الإخلال المدعي به ترتب حتما على تقصير المطعون ضدهما الأول والثانية في تنفيذ التزاماتهما العقدية والمتمثل في قيامهما بإلغاء التوكيل الرسمي الخاص الصادر منهما لصالحه واللازم لاستخراج تراخيص البناء، فإنه يكون معيباً ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه، هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها، وأن النص في المادة 157/ 1 من القانون المدني على أن "في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى "يدل على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي. لما كان ذلك، وكان الثابت بعقد الاتفاق المؤرخ 23/ 6/ 1999 أنه تضمن في بنديه الثاني والسادس التزام الطاعن باستخراج رخصة بناء على قطعة الأرض المبينة به بأقصى ارتفاع تسمح به القوانين واللوائح في هذا الشأن، والاتفاق على أن يتم بيع وحدات العقار - بعد إتمام بنائه - بمعرفة طرفي العقد - الطاعن والمطعون ضدهما الأول والثانية -، وقد خلا العقد من التزام على الأخيرين بتسليم الطاعن توكيل رسمي، أو السماح بإقامة أي مباني دون ترخيص من الجهة المختصة، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها إخلال الطاعن بالتزاميه آنفي البيان بأن قام ببناء الطابق الثاني العلوي وحتى التاسع العلوي بغير ترخيص بناء، كما أنه أقام جزءا من البناء على أرض الغير وكذا تصرفه منفردا ببيع بعض وحدات العقار للمطعون ضدهم من الثالث حتى الثامن، واستئثاره لنفسه بثمنها، مرتبا على ذلك قضاءه بفسخ العقد، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في باقي أسباب الطعنين على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أيد قضاء محكمة أول درجة بتسليم الأرض بما عليها من مباني للمطعون ضدهما الأولين كأثر للفسخ، رغم أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بإعمال نص الفقرة الثانية من المادة 925 من القانون المدني باعتبار أن قيمة الأرض لا تجاوز 528000 جنيه، بينما قيمتها بما عليها من مباني - "بدروم" وطابق أرضي وأحد عشر طابقا علويا - تجاوزت الأربعة ملايين جنيه، أي أن قيمة المباني بلغت حد الجسامة بما يرهق صاحب الأرض - المطعون ضدهما الأولان - فلا يتبق لهما إلا أن يطلبا تمليك الأرض له - الطاعن - والتعويض طبقا للفقرة الثانية من المادة 925 من القانون المدني المشار إليها، كما أنه تمسك بأنه أقام البناء في "البدروم" والطابقين الأرضي والأول العلوي، بترخيص بناء، استنادا إلى عقد الاتفاق المقضي بفسخه، ومن ثم لم يتقرر إزالتها، فينطبق عليها نص الفقرة الأولى من المادة 925 من القانون المدني، فليس للمطعون ضدهما المذكورين إلا أن يدفعا قيمة مواد البناء وأجرة العمل، أو مبلغا يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لدفاعه هذا في وجهيه وقضى بتسليم الأرض بما عليها من مباني، ودون إعمال النص القانوني المشار إليه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أن الثابت بالأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، أن الأدوار العلوية من الثاني حتى الأخير قد صدر بشأنها قرارات إدارية بإزالتها لإقامتها دون ترخيص، فأصبحت هي والعدم سواء، ومن ثم فلا تطبق في شأنها أحكام الالتصاق في القانون المدني، هذا إلا أنه إذا ثبت العدول عن إزالتها لأي سبب، وانتفع المطعون ضدهما الأولان بها فحينئذ يمكن تطبيق هذه الأحكام عليها، إلا أنه وفق نص الفقرة الثانية من المادة 925 من القانون المدني، أن حق طلب تمليك الأرض لمن أقام عليها المنشآت، منعقد لصاحب الأرض وليس لمن أقام المنشآت، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 160 من القانون المدني، أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع، كان عليها أن تنظر أثره في الدعوى، فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن لم تفعل كان حكمها قاصرا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن "البدروم" والطابقين الأرضي والأول العلوي في العقار محل النزاع - المقامة من الطاعن استنادا إلى الاتفاق سند الدعوى - صدر بشأنها ترخيص بناء، ومن ثم لم يصدر قرار بإزالتها، وأنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بتطبيق أحكام الالتصاق في القانون المدني في شأنها، وإذ كان مفاد نص المادة 926 من القانون المدني، أنه إذا أقام أحد منشآت بمواد من عنده على أرض مملوكه للغير بترخيص منه، فلا يجوز لهذا الأخير، إذا لم يوجد اتفاق في شأن هذه المنشآت، أن يطلب إزالتها، ويجب عليه إذا لم يطلب صاحب المنشآت نزعها، أن يؤدي إليه إحدى القيمتين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من المادة 925 من القانون ذاته، وكانت الفقرة الأولى من هذا النص الأخير قد أعطت الخيار لمالك الأرض في أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو أن يدفع مبلغا يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب ما أقيم عليها من منشآت، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتسليم الأرض بما عليها من مباني للمطعون ضدهما الأول والثانية كأثر لفسخ عقد الاتفاق المبرم بينهما وبين الطاعن، دون أن يعمل أحكام المادتين 925، 926 من القانون المدني المشار إليهما في شأن "البدروم" والطابقين الأرضي والأول العلوي المرخص بها، ورغم تمسك الطاعن بإعمالهما في خصوص منشآتها، فإنه يكون - فضلا عن قصوره - معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق