الصفحات

الأربعاء، 3 فبراير 2021

الطعن 1150 لسنة 43 ق جلسة 30 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 263 ص 1292

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق.

---------------

(263)
الطعن رقم 1150 لسنة 43 القضائية

 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
حق محكمة الموضوع في تجزئة الدليل. لها الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود واطراح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال. مثال: تعويلها على شق من أقوال الشهود المتعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما دون الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من أعيرة نارية دون أن يعد ذلك بتراً للشهادة أو تعارضاً بين الدليلين القولي والفني.
(2) قتل عمد. قصد جنائي جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تعمد القتل. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في التدليل على قيام نية القتل(1).
 (3)أسباب الإباحة. "دفاع شرعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دامت الأدلة التي توردها محكمة الموضوع توصل عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.

-------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هى وحدها. ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال الشاهدين وهو ما تعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من الأعيرة - وعلى ما كشف عنه الدليل الفنى من إمكان حدوث إصابة المجنى عليهما من عيار واحد - ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
2 - تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون وهي أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقدير توافره أو عدم توفره إلى سلطة قاضى الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استعمال المتهم سلاحاً نارياً محشواً بمقذوفات نارية وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويبه نحو المجنى عليه الأول وإطلاقه العيار نحو مقتل من جسمه وعلى مسافة قريبة نجم عنها أن نفذ العيار منه إلى المجنى عليه الثاني الذى كان يقف بجواره فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أدت إلى وفاتهما. فإن ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغ واضح في إثبات توافرها لدى الطاعن.
3 - تقدير الوقائع المؤدية لقيام حالة الدفاع الشرعي أو عدم قيامها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بحسب ما يقوم لديها من الأدلة والظروف إثباتاً ونفياً دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت الأدلة التي توردها توصل عقلاً إلى النتيجة التي تنتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 4 يونيه سنة 1965 بدائرة بندر دمنهور محافظة البحيرة: (أولاً) قتل عمدا .... بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً..... بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وهو الأمر المنطبق عليه نص المادة 230 من قانون العقوبات (ثانياً) أحدث عمدا بـ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 234/ 1، 2 و241/ 1 من قانون العقوبات. وادعت..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً بتاريخ 8 نوفمبر سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مبلغ ألف جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 20 يناير سنة 1969 بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات دمنهور لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المشار إليها - مشكلة من دائرة أخرى - قضت حضورياً بتاريخ 11 من أبريل سنة 1973 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي والمصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة قتل المجنى عليهما عمدا قد شابه قصور وتناقض في التسبيب كما انطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأنه عول من – بين ما عول عليه - على شهادة ابن أخت المجنى عليه الأول وصهره ولم يلتزم في تحصيله لها ما جرت به في التحقيقات بل أتى بها مشوهة مبتورة إذ وقف بتلك الشهادة عند حد رؤية الطاعن يطلق النار صوب المجنى عليه الأول دون ذكر لما قال به الشاهدان من أن الطاعن اطلق عيارا ناريا مستقلا على كل من المجنى عليهما الأمر الذى يقوم به التعارض بين الدليل القولي والدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي الذى أورى بأن المجنى عليهما أصيبا من عيار واحد، وقد أخذ الحكم بالدليلين معاً وهذا يعيبه، كما أنه دلل على توافر نية القتل بما يكفى لثبوتها واطراح دفاع الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه بما لا يصلح عماداً لنفيها وأسند في هذا الصدد إلى..... قولاً لا أصل له في الأوراق، وكل هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها. ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال الشاهدين وهو ما تعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من الأعيرة - وعلى ما كشف عنه الدليل الفني من إمكان حدوث إصابة المجنى عليهما من عيار واحد - ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان - تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون وهي أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقرير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضى الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، فإذا كان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث أنه عن نية القتل لدى المتهم فهي ثابتة قبله ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها على الوجه سالف الذكر ومن استعمال المته سلاحاً نارياً محشواً بمقذوفات نارية وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويبه نحو المجنى عليه الأول وإطلاقه العيار نحو مقتل من جسمه وعلى مسافة قريبة نجم عنها أن نفذ العيار منه إلى المجنى عليه الثاني الذى كان يقف بجواره فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أدت إلى وفاتهما. كل ذلك قاطع الدلالة على ثبوت هذه النية لديه بالإضافة إلى أن الثابت أن المجنى عليه الأول عندما تقدم لمعاتبة المتهم لاعتدائه بالضرب على..... ثارت نفس المتهم وصوب مسدسه نحوه أرداه قتيلا". فإن ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغ واضح في إثبات توافرها لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثير بشأن توافر حالة الدفاع الشرعي ونفاها في قوله "وحيث إن ما أثاره المتهم والدفاع الحاضر معه من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بمقولة إنه بعد انتهاء الشجار بين .... وشهرته ..... ودخول هذا الأخير إلى المسكن طلب من زوجته إعداد كوب شاي له ودخل إلى نهاية الردهة ليغسل يديه من صنبور ماء وأثناء وجوده داخل الردهة سمع أصوات أناس تتصايح ثم أبصر جمعاً منهم يتقدم إلى صوب الباب وهم حاملين السكاكين والمدى والعصى وأن هؤلاء لم يدخل أحد منهم إلى داخل الدار فأطلق العيار الناري بقصد الإرهاب بينما جاء تصوير الواقعة على لسان زوجته بأنهم اقتحموا الدار "عتبة المنزل" ونزلوا إلى الردهة وصفعها أحدهم فأثار ذلك زوجها، هذا الذى قال به المتهم وزوجه يتعارض مع ماديات الدعوى وما ورد على لسان شهودها ذلك أن الثابت بالمعاينة وجود آثار دماء خارج المنزل وعلى مسافة مترين من الباب ولم يكن بداخل الدار أية آثار لتلك الدماء وأنه ليس هناك من شهد على ذلك التصوير سوى أقوال زوجة المتهم وهذه قد جاءت متأخرة بل لقد اختلفت روايتها مع المتهم في ناحية جوهرية وهى قولها أن الجميع دخلوا إلى ردهة المسكن وقام أحدهم بصفعها وهو الأمر الذى لم يذكره زوجها في روايته بالإضافة إلى أن ..... وهو قريب المتهم أفصح في أقواله مؤكداً أنه لم يبصر أحداً من الجموع يقترب من منزل المتهم وأنه لم يسمع بالضوضاء وقذف الطوب إلا بعد ساعة الطلق الناري هذا بالإضافة إلى أن الحادث قد وقع وفى أثناء وجود الحفل وقد ذهب رجال الحفظ إلى مسرح الجريمة فكان من المستساغ أن يتقدم شهود رؤية ولكن التحريات وأقوال كل من وصل من رجال الشرطة لم تتضمن أية بيانات عن وجود شهود تصادق هذا التصوير". لما كان ما تقدم، وكان تقدير الوقائع المؤدية لقيام حالة الدفاع الشرعي أو عدم قيامها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بحسب ما يقوم لديها من الأدلة والظروف إثباتاً ونفياً دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت الأدلة التي توردها توصل عقلاً إلى النتيجة التي تنتهى إليها – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. هذا ولا صحة لما ذهب إليه بشأن دعوى الخطأ في الإسناد إذ تبين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما أسنده الحكم - وهو في صدد نفى قيام حالة الدفاع الشرعي - إلى..... له أصله الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


 (1)هذا المبدأ مقرر أيضاً في الطعن رقم 656 لسنة 43 ق جلسة 15/ 10/ 1973 والطعن رقم 1138 لسنة 43 ق جلسة 30/ 12/ 1973 "لم ينشر".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق