الصفحات

السبت، 2 يناير 2021

الطعن 212 لسنة 42 ق جلسة 10 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 293 ص 1563

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، ومحمد الباجوري، وصلاح الدين نصار، وإبراهيم هاشم.

--------------------

(293)
الطعن رقم 212 لسنة 42 القضائية

 (1)إيجار "إيجار أماكن" "انتهاء مدة الإيجار".
التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن. تقييدها لنصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار. امتداد العقود الخاضعة لتلك التشريعات تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محدودة. خضوعها لأحكام تلك التشريعات وأحكام القانون المدني التي لا تتعارض معها. المدة ركن في العقد وإن غدت غير محدودة لامتدادها.
 (2)إيجار "إيجار أماكن" "امتداد الإيجار".
امتداد عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية لمدة غير محدودة وفقاً لأحكام هذه التشريعات. عدم توقف هذا الامتداد على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمناً. لا محل في هذا الصدد لإعمال المادتين 563، 599 مدني.
 (3)إيجار "إيجار أماكن". امتداد الإيجار "انتهاء الإيجار".
عقود الإيجار الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن. امتدادها إلى مدة غير محددة. فقد التنبيه بالإخلاء فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة. نتيجة حتمية للامتداد القانوني.
 (4)إيجار "إيجار أماكن". دعوى. استئناف. "نصاب الاستئناف". حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها".
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر للتأجير من الباطن. دعوى بفسخ عقد الإيجار. غير قابلة لتقدير قيمتها. علة ذلك. جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
 (5)إيجار "إيجار أماكن" "التنازل عن الإيجار". عقد. بيع.
بيع المستأجر للمكان الذي أنشئ به مصنع أو متجر. مادة 594/ 2 مدني. عدم اشتراط الحصول على موافقة المؤجر. عقد بيع المحل. عقد رضائي. تعهد البائع والمشتري الحصول على موافقة المؤجر. لا أثر له.
 (6)محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
خلو المادة 594/ 2 مدني من ضابط يستهدى به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، سلطة قاضي الموضوع في مدى توافرها.

-----------------
1 - إذ كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذي فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاصة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محددة بالنسبة للمؤجر والمستأجر على سواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحق معه للمؤجر اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي بينتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تتهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة، المدة ركن من أركانه وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد.
2 - لا محل لإطلاق القول بأن الامتداد القانوني - لعقد إيجار الأماكن - يقتصر على حالة انقضاء مدة العقد الاتفاقية أو التي صار امتداده إليها طبقاً لأحكامه وبعد ثبوت عدم قابلية العقد للامتداد الاتفاقي بإبداء التنبيه بالإخلاء دون الأحوال التي تكون المدة المعينة التي صار امتداده إليها وفقاً لأحكام العقد ذاته لما تنقص لعدم إبداء التنبيه بالإخلاء في الميعاد، لأن المشرع قد فرض بنصوصه الآمرة امتداد عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة العاقدين صريحة أو ضمنية ما دامت مدة العقد الأصلية المتفق عليها فيه قد انتهت، ولا اعتداد بكون هذه المدة قد صار تحديدها بعدم توجيه التنبيه بالإخلاء من أي من الطرفين أو امتدت اتفاقاً، أو اعتبر عقد الإيجار منعقداً للفترة المعنية لدفع الأجرة تبعاً لعدم الاتفاق على المدة أصلاً أو عدم تعيينها أو تعذر إثباتها في معنى المادتين 563، 599 من القانون المدني.
3 - المقرر أنه طالما سلب المشرع من المؤجر حقه في عدم تجديد العقد أو عدم امتداده بإرادته المنفردة فلم يعد ثمة جدوى من التذرع بأن عدم توجيه التنبيه يتضمن تجديداً للعقد لأن عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الخاصة بإيجار الأماكن لا تنتهي بانتهاء مدتها بل تمتد إلى مدة غير محدودة، وتنظم هذا الامتداد وتضع ضوابطه وتحكم آثاره قوانين إيجار الأماكن على نحو يغاير أحكام القانون المدني، لا يوهن من ذلك أنه قد يكون للتنبيه بالإخلاء بعض الآثار المترتبة على التفرقة بين العلاقة الإيجارية خلال مدة العقد الاتفاقية أو الممتدة اتفاقياً وتلك التي تليها بسبب الامتداد القانوني لأن هذه الآثار تنفي أن التنبيه المشار إليه قد فقد فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة كنتيجة حتمية للامتداد القانوني.
4 - إذ كانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار بمعنى إنهائه وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كانت الدعوى بطلب فسخ العقد كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد. كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها، فإن مفاد ذلك أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد غير محدودة فإن المقابل النقدي يكون غير محدد ويكون طلب الإخلاء غير قابل لتقدير قيمته، وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، لما كان ما تقدم وكان عقد الإيجار مثار النزاع المحرر بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول قد انعقد مشاهرة بتاريخ أول أكتوبر 1963، فإنه يكون قد امتد تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محدودة بعد أن انتهت مدته الأصلية ويكون طلب الإخلاء غير مقدر القيمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
5 - النص في المادة 594/ 2 من القانون المدني على أنه ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت "الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط القائم أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" يدل على أن القانون أباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً، إذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر متى توافرت الشروط المبينة فيه وليس من بينها الحصول على إذن خاص من المؤجر وقت التنازل، هذا إلى أن بيع المحل التجاري عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد تلاقي الإرادة، فلا يتطلب المشرع اتخاذ أي إجراء معين قبل انعقاده، وكل ما خوله القانون للمؤجر عند رفضه الموافقة على التنازل قبل أو بعد إتمامه أن يلجأ إلى القضاء الذي يصبح له حق مراقبة توافر الضرورة الملجئة التي تجيز هذا البيع، لا يغير من هذه القاعدة أن يتعهد البائع والمشتري في عقد البيع بالحصول على موافقة المؤجر على التنازل لأنه ليس اشتراطاً للمصلحة يكسبه حقاً يحل له التمسك بإعماله.
6 - لم يضع المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع، بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهما الدعوى رقم 3751 لسنة 1970 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائهما من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها سليمة خالية من التلف، وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1963 استأجر منه المطعون عليه الأول شقة بالدور الأول من العقار رقم 6 بدرب البرابرة تبع قسم الموسكي لاستعمالها مصنعاً للحلوى، لقاء أجرة شهرية 15 جنيهاً، وإذ أجرها المطعون عليه الأول من باطنه إلى المطعون عليه الثاني بدون إذن كتابي صريح منه مخالفاً البند الثامن من العقد، فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان، أجاب المطعون ضدهما على الدعوى بأن أولهما باع المصنع للثاني وفق المادة 594/ 2 من القانون المدني، وبتاريخ 25/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإخلاء المطعون عليهما من العين المؤجرة وتسليمها للطاعن. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1105 لسنة 88 ق القاهرة طالبين إلغاءه، ودفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف، وبتاريخ 16/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف برفض الطعن وبقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أإن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على سند من القول بأن قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية قيدت أحكام القانون المدني فيما يتعلق بإنهاء مدة الإيجار وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائياً وبحكم القانون بعد انقضاء مدتها أياً كانت طريقة تعيين هذه المدة، ورتب الحكم على ذلك أن دعوى الإخلاء لمخالفة المستأجر شرط التأجير من الباطن لا يمكن تقديرها بمقابل نقدي معين لعدم إمكان تحديد المدة التي امتد إليها العقد فتكون الدعوى غير قابلة للتقدير ويكون الحكم الصادر فيها مما يجوز استئنافه، في حين أنه يتعين التمييز بين مدة العقد الاتفاقية وبين مدة الامتداد القانوني الذي فرضه المشرع على المؤجر بعد انقضاء مدته الاتفاقية، فلا تعتبر الدعوى غير قابلة للتقدير إلا بعد انقضاء المدة الأصلية المتفق عليها في عقد الإيجار، وطالما أن المدة المتفق عليها أو تلك التي امتد العقد إليها لم تنقض ولم يوضع حد لامتدادها بحصول تنبيه بإبداء الرغبة في عدم الامتداد فلا يكون ثمة محل للامتداد القانوني إلى أجل غير مسمى، وتبقى العلاقة الأصلية قائمة، وتظل المدة معينة سواء كانت هي المدة الأصلية أو مدة الامتداد وتحدد على أساسها قيمة الدعوى وليس يصح القول بأن التشريع الاستثنائي قد أفقد التنبيه بالرغبة في إنهاء العقد فائدته، تبعاً لأنه لا يترتب عليه إمكان إخلاء المستأجر، لأنه لا يزال للتنبيه آثار عملية في مواطن أخرى يمتنع معها القول بأن مدة العقد أصبحت تنتهي بمجرد انتهائها ودون حاجة إلى تنبيه بالرغبة في عدم امتدادها. وإذ أبرم العقد في واقعة الدعوى مشاهرة ونص فيه على امتداده من شهر إلى آخر ما لم يحصل تنبيه من أحد الطرفين بعدم الرغبة في امتداده، وعلم الطرفان بعدم حصوله من أيهما، وكانت الأجرة محددة بخمسة عشر جنيهاً شهرياً، فإن قيمة الدعوى إنما تقدر بقيمة الأجرة عن المدة الباقية من الشهر الجاري وقت رفعها. وهي تدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية، ويكون الحكم فيها غير قابل للاستئناف خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذ منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذي فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة بالنسبة إلى المؤجر والمستأجر على سواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء، أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحقق معه للمؤجر اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي بينتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة، المدة ركن من أركانه، وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد، لما كان ذلك وكان لا محل لإطلاق القول بأن الامتداد القانوني يقتصر على حالة انقضاء مدة العقد الاتفاقية أو التي صار امتداده إليها طبقاً لأحكامه وبعد ثبوت عدم قابلية العقد للامتداد الاتفاقي بإبداء التنبيه بالرغبة، دون الأحوال التي تكون المدة المعينة التي صار امتداده إليها وفقاً لأحكام العقد ذاته لما تنقض تبعاً لعدم إبداء التنبيه بالإخلاء في الميعاد لأن المشرع قد فرض بنصوصه الآمرة امتداد عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة العاقدين صريحة أو ضمنية ما دامت مدة العقد الأصلية المتفق عليها فيه قد انتهت ولا اعتداد في هذا المجال بكون هذه المدة قد صار تحديدها بعدم توجيه التنبيه بالإخلاء من أي من الطرفين، أو امتدت اتفاقاً، أو اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة تبعاً لعدم الاتفاق على المدة أصلاً أو عدم تعيينها أو تعذر إثباتها في معنى المادتين 563، 599 من القانون المدني، يؤيد ذلك أنه طالما سلب المشرع من المؤجر حقه في عدم تجديد العقد أو عدم امتداده بإرادته المنفردة فلم يعد ثمة جدوى من التذرع بأن عدم توجيه التنبيه يتضمن تجديداً للعقد لأن عقود إيجار الأماكن المشار إليها لا تنتهي بانتهاء مدتها بل تمتد إلى مدة غير محدودة كما سلف القول وتنظم هذا الامتداد وتضع ضوابطه وتحكم آثاره قوانين إيجار الأماكن على نحو يغاير أحكام القانون المدني، لا يوهن من ذلك أنه قد يكون للتبعية بالإخلاء بعض الآثار المترتبة على التفرقة بين العلاقة الإيجارية خلال مدة العقد الاتفاقية أو الممتدة اتفاقاً وتلك التي تليها بسبب الامتداد القانوني لأن هذه الآثار لا تنفي أن التنبيه المشار إليه فقد فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة كنتيجة حتمية للامتداد القانوني، لما كان ذلك وكانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار بمعنى إنهائه، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه، إذا كانت الدعوى بطلب فسخ العقد كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها"، مما مفاده أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد غير محددة فإن المقابل النقدي يكون غير محدد ويكون طلب الإخلاء غير قابل لتقدير قيمته، وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، لما كان ما تقدم وكان عقد الإيجار مثار النزاع المحرر بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول قد انعقد مشاهرة بتاريخ أول أكتوبر 1963، فإنه يكون قد امتد تلقائياً بحكم القانون لمدة غير محدودة بعد أن انتهت مدته الأصلية، ويكون طلب الإخلاء غير مقدر القيمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الرخصة المقررة للمستأجر وفق المادة 564/ 2 من القانون المدني مرهونة بموافقة المؤجر وتقدير القاضي إذا ما توافرت الشروط التي تتطلبها، بمعنى أنه يتعين على بائع المحل التجاري والمشتري له أن يطلبا موافقة المؤجر ويستأذناه في إحلال المشتري محل المستأجر البائع في عقد الإيجار، ولا يخول النص المستأجر حقاً في رفع الخطر المفروض عليه وأن يقضي لنفسه بتوافر حالة الضرورة الملجئة التي تسوغ التنازل، وقد أثبت المطعون عليهما صراحة في عقد بيع المتجر المبرم بينهما تعهدهما بالحصول على موافقة المؤجر؛ وإذ التفت الحكم عن هذا الدفع ولم يبين وجه الرأي فيما إذا كان لازماً بحكم القانون أو بحكم التعهد طلب موافقة المؤجر، رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى واكتفى بتقرير صحة ما سلكه المطعون عليهما دون أن يبين سنده، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح رداً عليه ويعتبر تقريراً لرأي قانوني غير مسبب، فإنه يكون قد عاره القصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 594/ 2 من القانون المدني على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق"، يدل على أن الطاعن أباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً إذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر متى توافرت الشروط المبينة فيه وليس من بينها الحصول على إذن خاص من المؤجر وقت التنازل، هذا إلى أن بيع المحل التجاري عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد تلاقي الإرادة فلا يتطلب المشرع اتخاذ أي إجراء معين قبل انعقاده وكل ما خوله القانون للمؤجر عند رفضه الموافقة على التنازل قبل أو بعد إتمامه أن يلجأ إلى القضاء الذي يصبح له حق مراقبة توافر الضرورة الملجئة التي تجيز هذا البيع، لا يغير من هذه القاعدة أن يتعهد البائع والمشتري في عقد البيع بالحصول على موافقة المؤجر على التنازل لأنه ليس اشتراطاً لمصلحته يكسبه حقاً يحل له التمسك بإعماله. لما كان ذلك فإن إيجاب موافقة مالك العقار المؤجر على بيع المتجر أو المصنع لا يظاهره القانون. لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الصدد قوله "... فإن الرأي في صحيح القانون هو أنه في حالة وجود شرط مانع في عقد إيجار متجر أو مصنع واقتضت الضرورة بيعه فإما أن يرفع المشتري الدعوى للقضاء بطلب حصوله محل البائع الذي استأجر المحل أصلاً من المؤجر وإلغاء عقد الإيجار بشروطه وإما أن يتربص حتى ترفع عليه الدعوى من المؤجر بفسخ عقد الإيجار وعندئذ يثير للمشتري واقعة البيع الاضطراري في صورة دفع في الدعوى وهذا الحل الأخير هو الذي سلكه المستأنفان - المطعون عليهما - ومن ثم فلا تثريب عليهما في موقفهما...."، فإن هذا الذي ساقه الحكم سديد كاف لحمل قضائه ويتضمن مواجهة لدفاع الطاعن والرد عليه من أنه ليس بلازم الحصول مسبقاً على موافقة المؤجر على التنازل بما لا ينطوي على قصور في التسبيب أو إخلال بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى إخلاء المكان المؤجر على سند من توافر الضرورة الملجئة لبيع المتجر اعتباراً بأنه ليس لها ضابط يقيني، مع أنه يقصد بها أن تضع حداً لنوع النشاط الذي كان يزاوله المستأجر وبحيث يكون بيع المتجر هو آخر عمل تجاري يقوم به، والثابت استمرار المطعون عليه الأول - البائع - في ممارسة نفس نشاطه في مصنع مجاور مملوك له. هذا إلى أن الطاعن استدل ببخس الثمن المقدر بالعقد للمصنع المبيع على حقيقة ما تساويه مقوماته المادية والمعنوية وما يوحي به من صورية البيع، كما اتخذ من تعهد المطعون عليهما بالسعي لديه للحصول على، موافقته قرينة على انتفاء الضرورة، غير أن الحكم أطرح دفاعه بما يدل على عدم استيعابه له، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني لم يضع ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع يستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب على محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ممتدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر الضرورة في قوله ".... أن البائع رجل بلغ من السن عتيا (قارب السابعة والستين) وقد وهن العظم منه ولم يرزق بأولاد تعاونه في نشاطه التجاري فلا يقوى على إدارة المصنع الذي باعه مع وجود أتون فرن به تنساب منه تيارات الهواء الساخن فتلفح جسده وتؤذي صحته مع ما انتابه من مرض فإنه فضلاً عن ذلك آثر أن يقتصر في نشاطه على إدارة مصنع آخر صغير له حتى إذا كان خفيف العمل محدود النشاط، هذا وذلك تتوفر به قانوناً حالة الضرورة أو الاضطرار لبيع المصنع خلافاً لما رأته المحكمة الابتدائية، إذ أن هذه العوامل تتفق والمجرى الطبيعي للأمور.... ولا يقدح في توفر حالة الضرورة ما ساقه الحكم المستأنف على انتفاء هذه الحالة من أن المستأنفين - المطعون عليهما - تعهدا بالحصول على موافقة المستأنف عليه - الطاعن - وما جاء بمدونات الحكم في هذا الشأن ليس فيها ما يؤخذ على مسلك المستأنفين، فبصرف النظر عما قرر المستأنف الثاني - المطعون عليه الثاني - من أنه قابل المستأنف عليه لإخطاره بما تم في بيع المصنع فطلب منه زيادة الأجرة الشهرية للعين المؤجرة إلى عشرين جنيهاً بدلاً من خمسة عشر وإلا امتنع عن الموافقة على التنازل عن عقد الإيجار له، فإن إثبات المتعاقدين في البيع لمثل هذا الشرط أو التعهد بما يفيد التجائهما إلى المؤجر ليحصلا منه على موافقته على تغيير عقد الإيجار باسم المشتري - رضاء أو قضاء - وهذا التعهد لا يمت بصلة على توفر أو انتفاء حالة الضرورة لبيع المصنع" وأورد في سياق آخر "آذنت ساعة الرحيل عن الديار بعد انتهاء مدة إقامته بصفته أجنبياً ليس في الأوراق ما يبعث على الشك والصورية في البيع أو أن الهدف الأصلي منه تحقيق الربح الوفير، ومن ثم يتعين إطراح دفاع المستأنف عليه في هذا الصدد" وهي تقريرات موضوعية سائغة لها سندها من الأوراق وتؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق