الصفحات

السبت، 2 يناير 2021

الطعن 136 لسنة 42 ق جلسة 10 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 292 ص 1554

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح الدين نصار، وإبراهيم هاشم.

---------------------

(292)
الطعن رقم 136 سنة 42 القضائية

 (1)إثبات. خبرة.
تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول أو الخبراء الحكوميين إلى غيرهم. عدم الإفصاح في الحكم عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز. لا بطلان. مادة 226 مرافعات سابق المقابلة للمادة 136 من قانون الإثبات.
 (2)خبرة. نقض "أسباب الطعن".
الاعتراض على شخص الخبير أو على عمله. وجوب إبدائه أمام الخبير أو أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (3)إيجار. "إيجار أماكن".
الأماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944. تحديد أجرتها. ق 121 لسنة 1947. إحداث تعديلات جوهرية بهذه الأماكن تغير من طبيعتها وطريقة استعمالها. وجوب اعتبارها في حكم المنشأة حديثاً. خروجهاً عن نطاق تطبيق القانون. الإصلاحات والتجديدات لا تخرج المكان عن نطاق القانون المذكور.
 (4)إيجار "إيجار أماكن". نقض "أسباب الطعن".
تكييف التعديلات بأنها جوهرية أو بسيطة. تكييف قانوني يستند إلى تقرير واقعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (5)محكمة الموضوع.
توافر التماثل بين عين النزاع وعين المثل. واقع يستقل بتقديره قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
 (6)إيجار "إيجار أماكن". "تحديد الأجرة".
مفاد نص المادة 4 ق 121 سنة 1947. وجوب الاعتداد بأجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر. علة ذلك. لا عبرة للاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وعين المثل. علة ذلك.

----------------
1 - مفاد نص المادة 226 مرافعات سابق المقابلة للمادة 136/ 1، 2 من قانون الإثبات 25 لسنة 1968، والمادة 50 من المرسوم بقانون 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، أن المشروع لم يرتب البطلان على تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول إلى غيرهم دون أن يفصح في حكمه عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز لأنه بسلوكه هذا السبيل يكون قد شف عن أنه لا يرتاح إلى من تم تخطيه وأنه يطمئن إلى من صار ندبه.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بدا لأحد خصوم الدعوى اعتراض على شخص الخبير أو على عمله فعليه أن يثبت هذا الاعتراض عند مباشرة الخبير عمله فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع، فإن أغفل ذلك أيضاً فلا يجديه الطعن بذلك أمام محكمة النقض باعتباره سبباً جديداً غير جدير بالالتفات إليه.
3 - النص في المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي...... ولا تسري أحكام هذه المادة على المباني المنشأة منذ أول يناير سنة 1944" يدل على أن المشرع جعل أجرة الأماكن المعنية بهذا النص لا تزيد على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر، وحددها بأنها تلك التي يكون قد تم إنشاؤها فعلاً قبل أول يناير سنة 1944، و لا يكفي أن يكون قد بدئ في إنشائها قبل هذا التاريخ وأن مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يخرجها عن القيود الواردة بتلك المادة وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر أبريل سنة 1941، غير أنه إذا حدثت تعديلات جوهرية فيها غيرت من طبيعتها ومن طريقة استعمالها بعد أول يناير 1944 فإن الجزء الذي أصابه التعديل يعتبر في حكم المنشأ حديثاً ولا تسري عليه وحده أحكام تحديد الأجرة الواردة بالمادة.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف التعديلات بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو بسيطة لا تحدث به مثل هذا التغيير وإن كان يعتبر تكييفاً قانونياً إلا أنه يستند إلى تقرير واقعي، فإنه لا يجوز للطاعن إبداء هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه بداءة على محكمه الموضوع.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن توافر التماثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
6 - مفاد ما تقض به المادة الرابعة من القانون 121 لسنه 1947 أنها اعتدت بتحديد أجره شهر أبريل 1941 أو بأجرة المثل لهذا الشهر باعتباره الشهر السابق مباشرة على ظهور أزمة المساكن في الحرب العالمية الثانية، على تقدير أن الأجرة فيه لا تزيد على الأسعار الطبيعية التي كانت سائدة قبلها، دون أن تحفل بالاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وتكاليف عين المثل بسبب الظروف الاقتصادية التي أدت إلى أن الأماكن التي شيدت بعد قيام الحرب العالمية الثانية زادت تكاليفها عما تم بناؤها قبل نشوبها اكتفاء بما قدره المشرع من أن هذا الفرق يقابله النسبة المئوية التي يضيفها القانون إلى أجرة ذلك الشهر، يؤيد ذلك أن المشرع كان بوسعه النص على ذلك حسبما فعل بالنسبة لمباني مدينه الإسكندرية والتي جعل الخيار فيها بين أجرة شهر أغسطس 1939 أو أبريل سنة 1941 للظروف الخاصة بتلك المدينة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 650 لسنة 1967 مدني أمام محكمة أسيوط الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتخفيض أجرة الشقة الموضحة بالصحيفة إلى مبلغ جنيهين و500 مليم شهرياً، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 9/ 8/ 1960 أجره الطاعن الدور الأول من المنزل رقم 3 بشارع الإمام علي بندر أسيوط بأجرة شهرية قدرها سبعة جنيهات، وإذ علم أن الأجرة القانونية لا تتجاوز جنيهين و500 مليم، فقد أقام دعواه. وبتاريخ 19/ 2/ 1968 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لمعاينة عين النزاع وبيان تاريخ إنشائها وتحديد أجرتها الفعلية أو المثلية، وبعد أن قدم الخبير تقريره وعدل مورث المطعون عليهم طلباته وفق ما انتهى إليه التقرير حكمت بتاريخ 10/ 11/ 1969 بإعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق أجرة شهر أبريل سنه 1931، فإن تعذر فتقدر على أساس أجرة المثل في شهر أبريل سنة 1941،
وعقب أن قدم الخبير تقريره التكميلي حكمت في 22/ 3/ 1971 بتحديد أجرة شقة النزاع بمبلغ 2.195 اعتباراً من تاريخ إنشائها حتى آخر ديسمبر سنة 1961 وبمبلغ جنيهين و870 مليماً ابتداء من 1/ 1/ 1962. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 70 سنة 46 ق مدني أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 20/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد بتقرير الخبير الذي ندبته محكمه أول درجة رغم أنه ليس من بين الخبراء المقبولين أمام المحاكم وقد حلف اليمين قبل مباشرته مأموريته، ورغم أنها لم تبين في حكمها الظروف الخاصة التي اقتضت تجاوزهم إليه بالتطبيق للمادة 136 من قانون الإثبات، في حين أن هذه القاعدة إنما شرعت ضماناً لعدم تحيز المحكمة لأحد الخصوم بندب خبير يحقق له مصلحته. وحرصاً على اطمئنان المتقاضين للحيدة في تعيين شخص الخبير وفي قيامه بعمله، وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة ما اتخذته محكمة الموضوع من إجراء فيها، وإغفال المحكمة لبيان هذه الظروف من شأنه تفويت الغاية التي قصدها المشرع ويستتبع بطلان إجراءات ندب الخبير وجميع الأعمال التي ترتبت بالابتناء عليه ويصم الحكم بالبطلان.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 226 من قانون المرافعات السابق الذي صدر حكم ندب الخبير في ظله - والمقابلة للمادة 136/ 1 و2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - على أنه "إذا اتفق الخصوم على اختيار خبير أو ثلاثة خبراء تقر المحكمة اتفاقهم. وفيما عدا هذه الحالة تختار المحكمة الخبراء من بين المقبولين أمامها إلا إذا قضت بغير ذلك ظروف خاصة، وعليها حينئذ أن تبين هذه الظروف في الحكم". والنص في المادة 50 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء على أن "لجهات القضاء أن تندب للقيام بأعمال الخبرة خبيراً أو أكثر من خبراء الجدول أو تندب مكتب خبراء وزارة العدل أو قسم الطب الشرعي أو إحدى المصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة، فإذا رأت لظروف خاصة أن تندب غير هؤلاء وجب أن تبين ذلك في الحكم...."، يدل على أن المشرع لم يرتب البطلان على تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول أو الخبراء الحكوميين إلى غيرهم دون أن يفصح في حكمه عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز، لأنه بسلوكه هذا السبيل يكون قد شف عن أنه لا يرتاح إلى من تم تخطيه وأنه يطمئن إلى من صار ندبه، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بدا لأحد خصوم الدعوى اعتراض على شخص الخبير أو على عمله فعليه أن يثبت هذا الاعتراض عند مباشرة الخبير عمله، فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع، فإن أغفل ذلك أيضاً فلا يجديه الطعن بذلك أمام محكمة النقض باعتباره سبباً جديداً غير جدير بالالتفات إليه. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يعترض على شخص الخبير طيلة مراحل التقاضي بل أبدى أقواله أمامه ونعى على ما خلص إليه في تقريريه باعتبار أن إجراء ندبه تم صحيحاً وله مسوغاته، فإنه لا يجوز التحدي بذلك أمام محكمة النقض ابتداء، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الأولين من السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفساده في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم حدد أجرة شقة النزاع مطبقاً المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أخذاً بما خلص إليه الخبير من أنها أنشئت في النصف الأخير من سنة 1941 وتم جردها وربط العوايد عليها في شهر يناير 1942، في حين أن المادة آنفة الذكر لا تسري إلا على الأماكن التي تم إنشاؤها قبل أول يناير سنة 1944، وإذ كان الثابت من الكشف الرسمي للعوايد الخاص بالعين المؤجرة أنه بدئ في إنشائها عام 1942، إلا أنه لم يتم بناؤها وتشييدها دفعة واحدة بل على عدة مراحل استغرقت من سنة 1942 حتى سنة 1949، يشهد بذلك التعديلات المتتالية التي جرت على العوايد المفروضة وزيادتها خلالها، وكذلك رخص البناء الدالة على التدرج في إقامة العين المؤجرة حتى صار تمامها فعلاً في سنة 1949، وكان الخبير قد عمد إلى اجتزاء بعض بيانات الكشوف والرخص المقدمة وأطرح دلالة سائرها منحرفاً عن الدقة اللازمة في تحديد تاريخ إتمام الإنشاء، وكان القانون الواجب التطبيق بهذه المثابة هو المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 الذي يحدد الأجرة على أساس مغاير، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون يكون قد عاره الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الربعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي..... ولا تسري أحكام هذه المادة على المباني المنشأة منذ أول يناير 1944" يدل على أن المشرع جعل أجرة الأماكن المعنية بهذا النص لا تزيد على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر، وحددها بأنها تلك التي يكون قد تم إنشاؤها فعلاً قبل أول يناير 1944، لا يكفي أن يكون قد بدئ في إنشائها قبل هذا التاريخ، وأن مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يخرجها عن القيود الواردة بتلك المادة، وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر أبريل 1941، غير أنه إذا حدثت تعديلات جوهرية فيها غيرت من طبيعتها ومن طريقة استعمالها بعد أول يناير 1944 فإن الجزء الذي أصابه التعديل يعتبر في حكم المنشأ حديثاً ولا تسري عليه وحده أحكام تحديد الأجرة الواردة بالمادة، ولما كان البين من الإطلاع على تقريري الخبير اللذين اتخذت منهما محكمة الموضوع محمولين على أسبابهما أساساً لقضائها ويعتبران جزءاً لا يتجزأ من الحكم المطعون فيه، أن الخبير أثبت أنه عاين شقة النزاع وأنها أنشئت في سنة 1941 مستنداً إلى الكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الأموال المقررة والثابت فيه أنه تم بناؤها في سنة 1942 وربطت عليها العوايد في تلك السنة وأن رخصة البناء استخرجت في 26/ 6/ 1941، وكانت أوراق الدعوى خلواً مما يشير إلى أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن العين المؤجرة لم يتم إنشاؤها قبل أول يناير سنة 1944، أو أنه نعى على تقرير الخبير اجتزاءه بعض ما ورد في كشوف العوائد ورخص البناء وأنها تشير إلى أن البناء لم يتم بأكمله قبل ذلك التاريخ، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف التعديلات بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو بسيطة لا تحدث به مثل هذا التغيير وإن كان يعتبر تكييفاً قانونياً إلا أنه يستند إلى تقرير واقعي، فإنه لا يجوز للطاعن إبداء هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه بداءة على محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه نعى على تقرير الخبرة الأول ما خلص إليه من تشابه شقة النزاع والشقة المسترشد بها لتحديد أجرة المثل، وحدد أوجه الاختلاف الجوهرية بينهما والتي تجعل الشقة الأخيرة غير صالحة لاتخاذها أساساً للمقارنة من نواحي الموقع والمساحة وعدد الحجرات، مما حدا بالمحكمة إلى إعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق هذه الاعتراضات، وإذ لم يعن الخبير ببحثها واكتفى بقوله إن المنزلين متلاصقان ولا يفصلهما سوى سور من المباني، وتبنى الحكم ما انتهى إليه التقرير، فإنه يكون مشوباً بالقصور. هذا إلى أن الحكم لم يستجب لما أثاره الطاعن من عدم جواز إجراء المقارنة بين شقة المثل والعين المؤجرة بسبب ارتفاع ثمن الأراضي وتكاليف البناء بعد قيام الحرب على سند من أنه لا ينبغي مراعاة هذه التكاليف، في حين أن الثابت أن شقة المثل أنشئت في سنة 1939 في وقت كانت التكاليف تقل كثيراً عنها عند إتمام بناء العين المؤجرة، فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن توافر التماثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان البين من تقريري الخبرة اللذين أخذ بهما الحكم المطعون فيه أن الشقة موضوع النزاع والشقة المسترشد بها متجاورتان وفي حي واحد وتقعان في شارعين متماثلين وأنهما متشابهتان في مواد البناء، وأوضح في رسمه التخطيطي مساحة كل منهما وعدد حجراتهما والمنافع المتصلة بهما، ثم عقد مقارنة بين الشقتين وقوم الفروق بينهما وبين الأسانيد التي بنى عليها صلاحية الشقة المسترشد بها لتكون شقة مثل، وكان التقرير التكميلي قد تضمن الرد على أوجه الاعتراض التي ساقها الطاعن، وكان رده في هذا الصدد سائغاً، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة - متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه - بالرد استقلالاً على كافة المطاعن الموجهة إلى ذلك التقرير لأن أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستأهل الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، فإن النعي على الحكم بالقصور يكون غير وارد. لما كان ما تقدم وكان مفاد ما تقضي به المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أنها اعتدت بتحديد أجرة المثل لهذا الشهر باعتباره الشهر السابق مباشرة على ظهور أزمة المساكن في الحرب العالمية الثانية، على تقدير أن الأجرة فيه لا تزيد على الأسعار الطبيعية التي كانت سائدة قبلها، دون أن تحفل بالاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وتكاليف عين المثل بسبب الظروف الاقتصادية التي أدت إلى أن الأماكن التي شيدت بعد قيام الحرب العالمية الثانية زادت تكاليفها عما تم بناؤها قبل نشوبها، اكتفاء بما قدره المشرع من أن هذا الفرق يقابله النسبة المئوية التي يضيفها القانون إلى أجرة ذلك الشهر، يؤيد ذلك أن المشرع كان بوسعه النص على ذلك حسبما فعل بالنسبة لمباني مدينة الإسكندرية والتي جعل الخيار فيها بين أجرة شهر أغسطس 1939 أو أبريل 1941 للظروف الخاصة بتلك المدينة، وإذ ساير الحكم هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق