الصفحات

السبت، 7 نوفمبر 2020

الطعن 429 لسنة 2012 ق جلسة 24 / 7 / 2013 مكتب فني 7 ج 1 هيئة عامة مدني أبو ظبي ص 1

برئاسة السيد المستشار/ علال لعبودي – رئيس المحكمة.
وعضوية المستشارين: الصديق أبو الحسن، محمد الأمين. أمام البدري، يوسف عبدالحليم. 
--------------- 
1 - ديه. شريعة إسلامية. مذاهب فقهيه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". تعويض. أرش. حكومة عدل.
-دية المرأة على النصف من ديه الرجل. أساس ذلك وعلته؟ 

2 - تعويض. ضرر. خطأ. محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
-تقدير مساهمة المضرور أو غيره في إحداث الضرر مع مرتكب الحادث ومقدار تلك المساهمة. من سلطة محكمة الموضوع. متى كان سائغاً. مثال لاستخلاص سائغ في عدم مساهمته المضرور في الخطأ. 

3 - دية. حكومة عدل. قصاص. تعويض. أرش. محكمة الموضوع "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها".
-القضاء للمجني عليها بالديه كاملة. مخالفة للشرعية والقانون. أساس ذلك؟
-وجوب القضاء لها بنصف دية الرجل في جرائم القصاص والدية. وبتعويض كامل في الجراح التي لا قصاص فيها. مثال. 

4 - دية. تعويض. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها".
-التعويض لا يجتمع مع الديه فيما تغطيه الدية. مثال. 
-------------------- 
1 - لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة1987 وتعديلاته قد نصت على أنه( تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وتحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى) ونصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم على أنه (فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى بنظر الجرائم الآتية وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها أو يكون مقدمة لها .....، جرائم الحدود والقصاص والدية.) ونصت المادة الثانية من ذات القانون على أن (تطبق على جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً على ألا تقل العقوبة التعزيرية عن الحدود الدنيا المقررة قانوناً) ونصت المادة 4 منه على ان يلغى كل حكم بخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون. ومفاد هذا أن جرائم القصاص والدية والجرائم الأخرى الواردة في مادتي القانونين 3/1987 و3/1996 أخضعهما المشرع لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستندة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وفقه السلف المستنبط من هذين المصدرين باجتهاد الفقهاء حسب الضوابط التي وضعوها في كتبهم وقد ترك المشرع الأحكام الشرعية المتعلقة بهده الجرائم دون تقنين فقهي محدد بالمواد كما هو الحال في قانون العقوبات. ولذلك تفسر الأحكام الشرعية المتعلقة بها حسب نصوص الفقه الشرعي، يؤيد ذلك أن الدية عقوبة وتعويض وتطبق عليها أحكام الفقه المالكي المعمول به في الدولة. وقد نصت المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1987 على أن ( تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصاً في هذا القانون حكم بمقتضى أحكام الشرعية الإسلامية على أن يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة ) ومن المعلوم أن المذاهب الفقهية المعتمدة هي مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام الشافعي. وقد نصت المادة 2 من القانون المذكور على أنه (يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي) وذلك حسبما ارتضاه أئمة هذا العلم وقواعد اللغة العربية . ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2003 تنص على أن ( تحدد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ 200000 درهم في جميع محاكم إمارات الدولة)أولاً: فإن التحديد العام الوارد بهذا القانون على ما استقر عليه قضاء النقض، ليس المقصود منه تدخل المشرع في تحديد مقدار الدية كعقوبة يتساوى فيها الذكر والأنثى وإنما مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالقيمة الورقية . ثانياً: لا تعني كلمة المتوفى في القانون التسوية بين الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة، ويبقى إعطاء ما تفرضه الشريعة الإسلامية لكل من يستحق الدية كاملة أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية سندا للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، وهما القانونان الاتحاديان النافذان المعمول بهما في قضاء محاكم إمارة أبوظبي عملا بالمادة 36 من قانون دائرة القضاء رقم 23 لسنة 2006. وإذ تبين من البحث في فقه الشريعة الإسلامية المستقى من مصادر فقهاء المذاهب الأربعة- وعلى وجه الخصوص مذهب الإمام مالك المعمول به في الدولة- أن أهل العلم قد أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عليه عملهم. فقد روى معاذ ابن جبل(رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( ودية المرأة نصف دية الرجل) سنن البيهقي ج 8 ص 95 , 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص 67،98. وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك. ففي الفقه المالكي في شرح الخرشي على متن خليل ج8 ص 30 ( ودية المرأة على النصف من دية الذكر)، وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي375:2 (وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن، لأن الله تبارك وتعالى جعل اثنتين منهن في واحد، فقال تعالى (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) وأعطاهما ما للواحد فقال ( للذكر مثل حظ الأنثيين)، كما روى البيهقي في سننه أيضا بسنده إلى مكحول وعطاء والزهري قالوا أدركنا الناس_ أي الصحابة _ على أن دية المسلم الحر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل فقدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف ردهم. فإن كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل) ج8 ص95، وقال مالك في الموطأ (( إذا بلغت جناية المرأة ثلث الدية كان عقلها -أي ديتها- على النصف من عقل الرجل)) وقال ابن عبد البر في الاستذكار 63:25 ((أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل)). وفي المذهب الحنفي في تنوير الأبصار((دية المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وما دونها)) انظر حاشية ابن عابدين 95:5، وفي أوجز المسالك ج 13 ص 28 للكاند هلوي قال ابن المنذر وابن عبد البر أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل. ففي كتاب عمرو بن حزم أنه صلى الله عليه وسلم قال ( دية المرأة على النصف من دية الرجل ) . وفي كتب السادة الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 531:9 (ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم) ، وفي الأم للإمام الشافعي( لم نعلم مخالفا من أهل العلم قديماً ولا حديثا ً في أن دية المرأة نصف دية الرجل). ويتبين من كل ما ذكر أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدَى به من علماء أهل السنة أقروا الحكم بنصف الدية للمرأة، اعتماداً على ما ثبت عندهم من أدلة واستقر إجماع الصحابة على ذلك مستدلين بما رُوي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم) أنهم قالوا "دية المرأة نصف دية الرجل ولا مخالف لهم من الصحابة أجمعين، فدل ذلك على إجماع الصحابة على هذا. ومن ثم فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة ، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة وأصحاب المذاهب الأربعة على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وقد نص علماء الأصول في المذاهب المتبعة على أن مخالفة الإجماع حرام ومعصية من الكبائر قال الإمام السبكي في كتاب الإجماع من جمع الجوامع: وخرقه-أي الإجماع-حرام اه وقال المحلي في شرحه 2/197:وخرقه بالمخالفة حرام للتوعد عليه حيث توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية اه. وقال البناني في حاشيته عليه: وقوله حرام أي من الكبائر لأنه توعد عليه بخصوصه في الآية اه يعني قوله تعالى:( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع للسبكي 2/233: قوله وخرقه حرام أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية. وقال ابن عاصم في مرتقى الوصول: وكل إجماع بعصر وجدا فواجب له اتباع سرمدا وقال الولاتي في شرحه عليه ص241 يعني أن كل إجماع وجد في عصر أي انعقد في عصر لم يخالف فيه واحد من أهله فإن ذلك الإجماع يجب اتباعه سرمدا ويحرم خرقه اه. وقال ابن الحاج إبراهيم في مراقي السعود: وخرقه فامنع لقول زائد إذ لم يكن ذاك سوى معاند وقال الولاتي في شرحه عليه ص132: أي امنع خرق الإجماع اتفاقا اه وقال السرخسي في أصوله 2/108: ومخالفة الإجماع بعد انعقاده كمخالفة النص اه. وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المتقدم إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن 81 لسنة 2013 نقض جزائي ومن ثم فأن الهيئة العامة تقر المبدأ الذي استقرت عليه في هذا الخصوص دون ما يخالفه من رأي. وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة. 

2 - لما كان من المقرر قضاءً أن تقدير ما إذا كان المضرور أو غيره قد ساهم مع مرتكب الحادث في إحداث الضرر يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائقا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى مساهمة والدة المطعون ضدها في الخطأ المنسوب إلى قائد السيارة أداة الحادث وأقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أنه (( لما كان الثابت من تقرير محضر المرور بالعين رقم 1627 لسنة 2011 بتاريخ 27/9/2011 بأن المتسبب في الحادث صرح بأنه فوجئ بالطفلة أمام سيارته ولم يشاهدها من أين قدمت علما بأنه كان يسير بالمسار الأوسط، مما يدل على أنه كان يقود السيارة دون انتباه، وأنه كان بإمكانه مشاهدتها ومن بعيد باعتباره يسير بالمسار الأوسط وتفادي الاصطدام بها بقيامه بمناورة بسيطة، إلا أنه لم يفعل فتسبب في إصابتها ومن ثم يكون الخطأ المرتكب منه قد استغرق خطأ أم الطفلة المطلوب تحميلها نصف مسؤولية الحادث وذلك برعونته وعدم انتباهه لما يمكن أن يظهر أمامه من خطر بالطريق العام لتفاديه، وعليه يبقى الدفع بخصوص مسؤولية أم الطفلة في غير محلة متعين الرفض.)) وإذ كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً بحمل قضائه، فضلا على أن الثابت من تقرير الحادث أن محرره أرجع الحادث إلى الإهمال وعدم الانتباه من قائد السيارة، وإن الأخير قدم للمحكمة الجزائية بتهمة قيادة مركبة على الطريق العام دون اتخاذ الحيطة والحذر ......الخ ومن ثم فإن النعي ينحل إلى جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحي النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض. 

3 - ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها شريطة ان يكون تقديرها سائغاً إلا انه لما كانت الهيئة العامة للمحكمة قد انتهت في قضائها على النحو المتقدم إلى إقراره مبدأ تنصيف دية المرأة بحيث تكون نصف دية الرجل وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف في قضائه عن إصابة المجني عليها بعدم القدرة على التحكم في البول بالدية المساوية لدية الرجل 200.000 درهم وعن دية اليد والرجل للشلل النصفي كذلك 200.000 درهم وعن باقي الإصابات تعويضاً ثدره 240.000 درهم وإذ قررت الهيئة لها دية المرأة عن كل فيكون لها عن كل احده من الحالتين 100.000 درهم ومجموع ذلك على الحالتين السالفتين 200.000 درهم. ولما كانت المحكمة الابتدائية قد قضت لها بمبلغ 240.000 درهم وكانت الإصابات كما أوردها تقرير اللجنة الطبية السالف ذكرها على النحو المبين بالواقعات وكانت جرائم القصاص والدية قد أخضعت لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا يضر تطبيقها أحداً، فإنه المقرر شرعاً وفق المذهب المالكي المعمول به في الدولة كما أورده الشيباني في شرحه على كتاب تبين المسالك ان الجرح الذي لا قصاص فيه، فيه حكومة بنسبة نقصان الجناية حيث كان خطأ ولم يقر الشرع فيه شيئاً... كعظم الصدر وكعظم الفخذ. والدية في إذهاب العقل وفي الحاسة دية كاملة كإذهاب سمعه أو بصره أو سمعه أو ذوقه أو لمسه. كما تلزم دية كاملة في إذهاب نطق المعصوم أو صوته.. ففي كل واحد مما ذكر دية كاملة وأمة وهي ما وصلت لأم الدفاع ومنها ثلث الدية وأورد نقلاً عن الباجي المالكي قوله ( ان أحببت من أطرافه ما فيه ديات كثيرة وبقيت نفسه فإنه يأخذ به كل شيء من ذلك وان بلغت عدة ديات نفوس كثيرة فإنها لا تتداخل مع بقاء النفس. وإنما تدخل كلها في النفس إذا تلفت النفس فيكون في كل ذلك دية واحدة. ومن ذلك ان في البينين دية وفي الشقين دية وفي اللسان دية وفي اليدين دية. وفي الصلب إذا كسر دية. وفي الذكر دية وفي الاثنين دية. وفي الرجلين دية. ففي الرجل تسع ديات غير مختلف فيها) وفي الكافي لابن عبد البر النمري ج2 ، وان في الصدر إذا هزم فلم يرجع إلى ما كان عليه الدية كاملة ومن ذهاب الصوت الدية. والدامعة وهي التي يقطر دمها كالدمع. لما كان ذلك، وكان تقرير اللجنة الطبية وهو التقرير الأخير فدين إصابات المجني عليها السالف الذكر فهي تستحق عن كل إصابة المقدار الشرعي المحدد لها حسب وصف الإصابة وتستحق عنه كل على النحو التالي بعد إقرار مقدار دية المرأة: 1- شلل نصفي بالجهة اليسرى. وتستحق عليه 100.000 درهم. 2 كسر في عظمة الفخد الأيمن نصف الدية 50.000 درهم.
3 عدم القدرة على التحكم في البول 100.000 درهم. 4- إصابة في الرأس مع نزيف بالمخ المأمومية وفيها ثلث الدية 33.334 درهم. 5- صعوبة في النطق وتستحق الدية 100.000 درهم. 6- رض الرئتين مما يدخل ضمن كسر الصدر ويقدر له حكومة حسب الحالة 33.000 درهم. فيكون جملة ما تستحق 416.334 درهم. 

4 - لما كان من المقرر انه لا يجتمع التعويض والدية فيما تغطيه الدية وإذ كان وكيل الطاعنة قد حصر نزاعه في مقدار دية إصابة الشلل النصفي وعدم التحكم في البول وطلب ردها إلى النصاب الشرعي للمرأة وفي إصابة اليد اليسرى بأنها لم ترد بالتقرير ولم ينازع في مقدار التعويض الذي قرره الحكم. ولما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بم يفرد المبلغ الذي حكم به تعويضاً على الإصابات فإنه إذا فرد عليها يدخل في نطاق المستحق شرعاً للمجني عليها إلا ما يزيد قليلاً فإن الدعوى تكون صالحة لإبداء الرأي فيها بتصحيح المقادير الواردة بالحكم المستأنف إذ أن الحكمين اندمجا وكونا حكماً واحداً فيمتد ذلك التصحيح إلى الحكم المستأنف على النحو الوارد بالمنطوق. 
----------------- 
الوقائع
وان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ان المطعون ضده ...... بصفته وليا على بنته القاصرة "......." البالغة من العمر ثلاث سنوات أقام الدعوى رقم 76 لسنة 2012 مدني كلي العين على الطاعنة/ شركة ...... للتأمين بطلب الحكم عليها بأن تؤدي له تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بابنته ....... من جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة. ومرد هذه الواقعة وفق محضر الاستدلال ان ....... عندما كان يقود السيارة رقم 29268 مكسيما خصوصي أبوظبي أحمر بمنطقة زاخر يوم الثلاثاء 27/9/2011 الساعة التاسعة مساء فوجئ بالمجني عليها أمام السيارة فدهسها بالزاوية الأمامية اليمنى للسيارة. ونتج عن ذلك إصابتها بإصابات جسيمة نقلت على أثرها إلى مستشفى ....... بالعين. وتم تحرير تقرير حادث بليغ وتحرير مخالفة للمتهم وأحالته النيابة العامة على الدائرة الجزائية دائرة جنح العين وقيدت الجنحة رقم 1144/2011 وقد وضح تقرير مستشفى ...... بالعين المؤرخ 14/10/2011 ان المريضة ....... عمرها 3 سنوات وأدخلت إلى وحدة العناية المركزة للأطفال في 27/9/2011 بسبب المشكلات الصحية التالية:
1 حادث مروري كبير. 2- أذية شديدة في الرأس. 3- وزمة دماغية. 4- رض في الرئتين. 5- كسر في الفخذ الأيمن. 6- كسر جسم الفخذ. 7-هتكات متعددة وسحجات على الخاصرة اليمنى والأطراف. 8- تورم دماغي في كلا الجانبين. وحالياً في حالة سيات ولا تستطيع البلع وتحتاج إلى إعادة تأهيل طويلة المدى. وعلاج وظيفي وعلاج طبيعي كذلك. وقد صدر هذا التقرير من الدكتورين جمال الدين الجزار قسم جراحة الأعصاب. و........ استشاري رئيس قسم جراحة الأعصاب. وبجلسة 14/11/2011 حكمت محكمة جنح مرور العين الابتدائية حضورياً بإدانة المتهم ...... عن تسببه خطأ في المساس بسلامة جسم المجني عليها ....... وتغريمه ألفي درهم عما أسند إليه للارتباط. ولم يستأنف هذا الحكم وفق الشهادة الصادرة من رئيس قلم نيابة استئناف العين فأقام ........ المطعون ضده بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصرة ....... الدعوى رقم 76/2012 مدني كلي العين على الطاعنة شركة أبوظبي للتأمين بطلب إلزامها بأن تؤدي له تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بابنته ........ جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة وبأنها تقررت من الحادث وأجريت لها عدة عمليات وطلب عرضها على لجنة طبية لبيان إصابتها. وتحديد نسبة العجز. وتحميل المدعى عليها الرسوم والمصاريف. وبجلسة 30/4/2013 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب اللجنة الطبية بمستشفى العين الحكومي لتوقيع الكشف على المجني عليها ........ لبيان حالتها الصحية وما لحقها من إصابات مع تقدير نسبة العجز لكل عضو على حدة إن كان أم تم الشفاء دون تخلف عاهة مستديمة. وقد ورد قرار اللجنة الطبية المنتدبة المؤرخ 9/5/2012 مفيداً انه بتاريخ 7/5/2012 تمت معاينة وكتاب المحكمة والاطلاع على التقرير الطبي الصادر من مستشفى ...... وان الحالة المرضية هي تعرض ......... إلى حادث مروري بتاريخ 27/9/2011 وأدخلت قسم العظام عن طريق قسم الحوادث/ مستشفى ...... وأجريت لها العلاجات اللازمة ثم أخرجت من المستشفى على ان تراجع العيادة الاستشارية لمتابعة العلاج وان التشخيص المرضي: إصابة بالرأس مع نزيف بالمخ + شلل نصفي الناحية اليسرى + رض بالرئتين + عدم القدرة على التحكم بالبول + كسر في عظمة الفخذ الأيمن + صعوبة في النطق. وفي توصية اللجنة الطبية قدرت للمريضة المذكورة نسبة عجز كلية نهائية بواقع 100% مائة في المائة ويترك للجهات المعنية تقدير الأضرار المادية والأدبية الأخرى الناجمة عن الحادث وبجلسة 28/5/2012 قدم محامي المدعي مذكرة تعقيب على تقرير الخبرة ورد فيه انه بناء على تقدير اللجنة نسبة العجز 100% فان ابنة المدعي يستحق الديات الآتية: 1- دية عن الإعاقة العقلية والنفسية 200.000 درهم. 2- دية عن النطق 200.000 درهم. 3- دية عن عدم التحكم في البول 200.000 درهم. 4- دية عن الشلل النصفي من الناحية اليسرى 400.000 درهم. 5- دية عن كسر في عظمة الفخذ الأيمن 100.000 درهم. 6- عن رضوض بالرئتين نصف الدية 100.000 درهم. مجموعها 1.200.000 درهم كما يطالب بتعويض نفسي وأدبي 200.000 درهم. وبجلسة 11/6/2012 حكمت محكمة العين الابتدائية الدائرة الكلية المدنية حضورياً بقبول تدخل النيابة العامة خصماً في الدعوى. وفي موضوع الدعوى والتدخل بإلزام المدعى عليها شركة أبوظبي الوطنية للتأمين بأدائها للمدعي .......... عثمان بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر/ .......... مبلغ مائتي ألف درهم (200.000) عن دية عدم القدرة على التحكم في البول ومبلغ مائتي ألف درهم (200.000) عن دية اليد والرجل اليسرى للشلل النصفي بالناحية اليسرى. وتعويضاً قدره مائتان وأربعون ألف درهم (240.000) عن باقي الإصابات والأضرار المعنوية ورفض ماعدا ذلك من طلبات مع تحميلها مصروفات الدعوى وخمسمائة درهم أتعاب المحاماة. فاستأنفه .......... برقم 194/2012 وشركة أبوظبي الوطنية برقم 214/2012. وبجلسة 12/9/2012 حكمت محكمة استئناف العين حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع تحميل كل مستأنف رسوم ومصاريف استئنافه. فطعنت شركة أبوظبي الوطنية للتأمين على الحكم الاستئنافي بالنقض المدني الماثل بصحيفة أودعها وكيلاها المحاميان عصمت إبراهيم وتوفيق المرزوقي قلم كتاب المحكمة في 22/10/2012. وقررت الدائرة المدنية في غرفة المشورة ان الطعن جدير بالنظر. وحددت جلسة للفصل فيه. وفي جلسة 21/5/2013 أحالت الدائرة الطعن إلى الهيئة العامة للمحكمة المشكلة وفقاً لنص المواد 2و3و7و10و36 من القانون رقم 23/2006 بشأن دائرة القضاء وتعديلاته والمادة 65 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 73 بشأن المحكمة الاتحادية العليا وتعديلاته، وذلك للفصل فيه على سند من أن الدائرة المحيلة كانت قد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 22/12/2009م في الطعن المدني رقم 1050/2009 بأن دية المرأة تساوي دية الرجل وأرفقت هذا الحكم كمثال بينما صدر حكم عن الدائرة الجزائية الأولى بهذه المحكمة بتاريخ 26/3/2013م في النقض رقم 81/2013 قد أكد أن دية المرأة على النصف من دية الرجل وهو القضاء المستقر عليه في هذه الدائرة، مما يجعل تضارباً في الأحكام استوجب عرض الطعن الماثل على الهيئة العامة للمحكمة لحسم الخلاف وإقرار أحد المبدأين دون الآخر، وحيث إن الهيئة العامة إذ نظرت الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة قررت حجزه للحكم فيه بجلسة اليوم. وحيث إن المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة1987 وتعديلاته قد نصت على أنه( تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وتحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى) ونصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم على أنه (فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى بنظر الجرائم الآتية وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها أو يكون مقدمة لها .....، جرائم الحدود والقصاص والدية.) ونصت المادة الثانية من ذات القانون على أن (تطبق على جميع الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً على ألا تقل العقوبة التعزيرية عن الحدود الدنيا المقررة قانوناً) ونصت المادة 4 منه على أن يلغى كل حكم بخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون. ومفاد هذا أن جرائم القصاص والدية والجرائم الأخرى الواردة في مادتي القانونين 3/1987 و3/1996 أخضعهما المشرع لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستندة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وفقه السلف المستنبط من هذين المصدرين باجتهاد الفقهاء حسب الضوابط التي وضعوها في كتبهم وقد ترك المشرع الأحكام الشرعية المتعلقة بهده الجرائم دون تقنين فقهي محدد بالمواد كما هو الحال في قانون العقوبات. ولذلك تفسر الأحكام الشرعية المتعلقة بها حسب نصوص الفقه الشرعي، يؤيد ذلك أن الدية عقوبة وتعويض وتطبق عليها أحكام الفقه المالكي المعمول به في الدولة. وقد نصت المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1987 على أن ( تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصاً في هذا القانون حكم بمقتضى أحكام الشرعية الإسلامية على أن يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة ) ومن المعلوم أن المذاهب الفقهية المعتمدة هي مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام أبي حنيفة ومذهب الإمام الشافعي. وقد نصت المادة 2 من القانون المذكور على أنه (يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي) وذلك حسبما ارتضاه أئمة هذا العلم وقواعد اللغة العربية .
ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2003 تنص على أن ( تحدد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ 200000 درهم في جميع محاكم إمارات الدولة)أولاً: فإن التحديد العام الوارد بهذا القانون على ما استقر عليه قضاء النقض، ليس المقصود منه تدخل المشرع في تحديد مقدار الدية كعقوبة يتساوى فيها الذكر والأنثى وإنما مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالقيمة الورقية .
ثانياً: لا تعني كلمة المتوفى في القانون التسوية بين الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة، ويبقى إعطاء ما تفرضه الشريعة الإسلامية لكل من يستحق الدية كاملة أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية سندا للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، وهما القانونان الاتحاديان النافذان المعمول بهما في قضاء محاكم إمارة أبوظبي عملا بالمادة 36 من قانون دائرة القضاء رقم 23 لسنة 2006. وإذ تبين من البحث في فقه الشريعة الإسلامية المستقى من مصادر فقهاء المذاهب الأربعة -وعلى وجه الخصوص مذهب الإمام مالك المعمول به في الدولة-أن أهل العلم قد أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عليه عملهم. فقد روى معاذ ابن جبل(رض) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ودية المرأة نصف دية الرجل) سنن البيهقي ج 8 ص 95 , 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص 67،98. وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك. ففي الفقه المالكي في شرح الخرشي على متن خليل ج8 ص 30 ( ودية المرأة على النصف من دية الذكر)، وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي375:2 (وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن، لأن الله تبارك وتعالى جعل اثنتين منهن في واحد، فقال تعالى (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) وأعطاهما ما للواحد فقال ( للذكر مثل حظ الأنثيين)، كما روى البيهقي في سننه أيضا بسنده إلى مكحول وعطاء والزهري قالوا أدركنا الناس_ أي الصحابة _ على أن دية المسلم الحر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل فقدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف ردهم. فإن كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل) ج8 ص95، وقال مالك في الموطأ (( إذا بلغت جناية المرأة ثلث الدية كان عقلها -أي ديتها- على النصف من عقل الرجل)) وقال ابن عبد البر في الاستذكار 63:25 ((أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل)). وفي المذهب الحنفي في تنوير الأبصار((دية المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وما دونها)) انظر حاشية ابن عابدين 95:5، وفي أوجز المسالك ج 13 ص 28 للكاند هلوي قال ابن المنذر وابن عبد البر أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
ففي كتاب عمرو بن حزم أنه صلى الله عليه وسلم قال ( دية المرأة على النصف من دية الرجل ). وفي كتب السادة الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 531:9 (ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم) ، وفي الأم للإمام الشافعي( لم نعلم مخالفا من أهل العلم قديماً ولا حديثا ً في أن دية المرأة نصف دية الرجل).
ويتبين من كل ما ذكر أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدَى به من علماء أهل السنة أقروا الحكم بنصف الدية للمرأة، اعتماداً على ما ثبت عندهم من أدلة واستقر إجماع الصحابة على ذلك مستدلين بما رُوي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم) أنهم قالوا "دية المرأة نصف دية الرجل ولا مخالف لهم من الصحابة أجمعين، فدل ذلك على إجماع الصحابة على هذا. ومن ثم فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة ، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة وأصحاب المذاهب الأربعة على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وقد نص علماء الأصول في المذاهب المتبعة على أن مخالفة الإجماع حرام ومعصية من الكبائر قال الإمام السبكي في كتاب الإجماع من جمع الجوامع: وخرقه-أي الإجماع-حرام اه وقال المحلي في شرحه 2/197:وخرقه بالمخالفة حرام للتوعد عليه حيث توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية اه. وقال البناني في حاشيته عليه: وقوله حرام أي من الكبائر لأنه توعد عليه بخصوصه في الآية اه يعني قوله تعالى:(( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) وقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع للسبكي 2/233: قوله وخرقه حرام أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية. وقال ابن عاصم في مرتقى الوصول:
وكل إجماع بعصر وجدا فواجب له اتباع سرمدا
وقال الولاتي في شرحه عليه ص241 يعني أن كل إجماع وجد في عصر أي انعقد في عصر لم يخالف فيه واحد من أهله فإن ذلك الإجماع يجب اتباعه سرمدا ويحرم خرقه اه. وقال ابن الحاج إبراهيم في مراقي السعود: وخرقه فامنع لقول زائد إذ لم يكن ذاك سوى معاند
وقال الولاتي في شرحه عليه ص132: أي امنع خرق الإجماع اتفاقا اه وقال السرخسي في أصوله 2/108: ومخالفة الإجماع بعد انعقاده كمخالفة النص اه.
وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المتقدم إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن 81 لسنة 2013 نقض جزائي ومن ثم فأن الهيئة العامة تقر المبدأ الذي استقرت عليه في هذا الخصوص دون ما يخالفه من رأي. وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة. 
------------------ 
المحكمة
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه لم يخصم نسبة مساهمة والدة الطفلة المصابة من التعويض الذي انتهى إليه مع أن قائد السيارة أداة الحادث أقر بتحقيقات الشرطة أنه فوجئ لدى سيره بالمسار الأوسط بالطفلة أمام السيارة وأنه شاهد والدتها بعد الحادث تقف بالجزيرة وأنه كان يسير بسرعة 60كم في الساعة ولا توجد بالشارع خطوط للمشاة، وإن والد الطفلة صرح بمحضر الشرطة أن الطفلة فلتت من يد والدتها أثناء العبور واندفعت من الرصيف الذي كانت تقف عليه ودخلت الشارع فدهستها السيارة وأحدثت إصابتها، وإن عمر الطفلة ثلاث سنوات وتسعة أشهر، وإن تقرير مخطط الحادث اثبت عدم وجود خطوط عبور مشاة ومع ذلك تركت والدة الطفلة ابنتها تعبر الطريق دون رعاية أو عناية وبالتالي تكون قد ساهمت ف الحادث المسبب للضرر بنسبة لا تقل عن 50% ، ومن ثم فلا تسأل الطاعنة إلا عن النسبة الباقية. إلا أن الحكم المطعون فيه رغم ذلك لم يخصم أية نسبة لهذه المساهمة من التعويض الذي انتهى إليه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود . ذلك أن من المقرر قضاءاً أن تقدير ما إذا كان المضرور أو غيره قد ساهم مع مرتكب الحادث في إحداث الضرر يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائقاًَ ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى مساهمة والدة المطعون ضدها في الخطأ المنسوب إلى قائد السيارة أداة الحادث وأقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أنه (( لما كان الثابت من تقرير محضر المرور بالعين رقم 1627 لسنة 2011 بتاريخ 27/9/2011 بأن المتسبب في الحادث صرح بأنه فوجئ بالطفلة أمام سيارته ولم يشاهدها من أين قدمت علما بأنه كان يسير بالمسار الأوسط، مما يدل على أنه كان يقود السيارة دون انتباه، وأنه كان بإمكانه مشاهدتها ومن بعيد باعتباره يسير بالمسار الأوسط وتفادي الاصطدام بها بقيامه بمناورة بسيطة، إلا أنه لم يفعل فتسبب في إصابتها ومن ثم يكون الخطأ المرتكب منه قد استغرق خطأ أم الطفلة المطلوب تحميلها نصف مسؤولية الحادث وذلك برعونته وعدم انتباهه لما يمكن أن يظهر أمامه من خطر بالطريق العام لتفاديه، وعليه يبقى الدفع بخصوص مسؤولية أم الطفلة في غير محلة متعين الرفض.)) وإذ كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً بحمل قضائه، فضلا على أن الثابت من تقرير الحادث أن محرره أرجع الحادث إلى الإهمال وعدم الانتباه من قائد السيارة، وإن الأخير قدم للمحكمة الجزائية بتهمة قيادة مركبة على الطريق العام دون اتخاذ الحيطة والحذر ......الخ ومن ثم فإن النعي ينحل إلى جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحي النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض.

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وفي ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى للطفلة المصابة بالديات على أساس أن ديتها مثل دية الرجل مع أن دية المرأة نصف دية الرجل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث ان هذا النعي سديد ذلك انه وان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها شريطة ان يكون تقديرها سائغاً إلا انه لما كانت الهيئة العامة للمحكمة قد انتهت في قضائها على النحو المتقدم إلى إقراره مبدأ تنصيف دية المرأة بحيث تكون نصف دية الرجل وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف في قضائه عن إصابة المجني عليها بعدم القدرة على التحكم في البول بالدية المساوية لدية الرجل 200.000 درهم وعن دية اليد والرجل للشلل النصفي كذلك 200.000 درهم وعن باقي الإصابات تعويضاً ثدره 240.000 درهم وإذ قررت الهيئة لها دية المرأة عن كل فيكون لها عن كل احده من الحالتين 100.000 درهم ومجموع ذلك على الحالتين السالفتين 200.000 درهم. ولما كانت المحكمة الابتدائية قد قضت لها بمبلغ 240.000 درهم وكانت الإصابات كما أوردها تقرير اللجنة الطبية السالف ذكرها على النحو المبين بالواقعات وكانت جرائم القصاص والدية قد أخضعت لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا يضر تطبيقها أحداً، فإنه المقرر شرعاً وفق المذهب المالكي المعمول به في الدولة كما أورده الشيباني في شرحه على كتاب تبين المسالك ان الجرح الذي لا قصاص فيه، فيه حكومة بنسبة نقصان الجناية حيث كان خطأ ولم يقر الشرع فيه شيئاً... كعظم الصدر وكعظم الفخد. والدية في إذهاب العقل وفي الحاسة دية كاملة كإذهاب سمعه أو بصره أو سمعه أو ذوقه أو لمسه.كما تلزم دية كاملة في إذهاب نطق المعصوم أو صوته.. ففي كل واحد مما ذكر دية كاملة وأمة وهي ما وصلت لأم الدفاع ومنها ثلث الدية وأورد نقلاً عن الباجي المالكي قوله ( ان أحببت من أطرافه ما فيه ديات كثيرة وبقيت نفسه فإنه يأخذ به كل شيء من ذلك وان بلغت عدة ديات نفوس كثيرة فإنها لا تتداخل مع بقاء النفس. وإنما تدخل كلها في النفس إذا تلفت النفس فيكون في كل ذلك دية واحدة. ومن ذلك ان في البينين دية وفي الشقين دية وفي اللسان دية وفي اليدين دية. وفي الصلب إذا كسر دية. وفي الذكر دية وفي الاثنين دية. وفي الرجلين دية. ففي الرجل تسع ديات غير مختلف فيها) وفي الكافي لابن عبد البر النمري ج2 ، وان في الصدر إذا هزم فلم يرجع إلى ما كان عليه الدية كاملة ومن ذهاب الصوت الدية. والدامعة وهي التي يقطر دمها كالدمع. لما كان ذلك، وكان تقرير اللجنة الطبية وهو التقرير الأخير فدين إصابات المجني عليها السالف الذكر فهي تستحق عن كل إصابة المقدار الشرعي المحدد لها حسب وصف الإصابة وتستحق عنه كل على النحو التالي بعد إقرار مقدار دية المرأة: 1- شلل نصفي بالجهة اليسرى. وتستحق عليه 100.000 درهم.

2 كسر في عظمة الفخد الأيمن نصف الدية 50.000 درهم.
3 عدم القدرة على التحكم في البول 100.000 درهم.
4- إصابة في الرأس مع نزيف بالمخ الماموية وفيها ثلث الدية 33.334 درهم.
5- صعوبة في النطق وتستحق الدية 100.000 درهم.
6- رض الرئتين مما يدخل ضمن كسر الصدر ويقدر له حكومة حسب الحالة 33.000 درهم.
فيكون جملة ما تستحق 416.334 درهم.
ولما كان من المقرر انه لا يجتمع التعويض والدية فيما تغطيه الدية وإذ كان وكيل الطاعنة قد حصر نزاعه في مقدار دية إصابة الشلل النصفي وعدم التحكم في البول وطلب ردها إلى النصاب الشرعي للمرأة وفي إصابة اليد اليسرى بأنها لم ترد بالتقرير ولم ينازع في مقدار التعويض الذي قرره الحكم. ولما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بم يفرد المبلغ الذي حكم به تعويضاً على الإصابات فإنه إذا فرد عليها يدخل في نطاق المستحق شرعاً للمجني عليها إلا ما يزيد قليلاً فإن الدعوى تكون صالحة لإبداء الرأي فيها بتصحيح المقادير الواردة بالحكم المستأنف إذ ان الحكمين اندمجا وكونا حكماً واحداً فيمتد ذلك التصحيح إلى الحكم المستأنف على النحو الوارد بالمنطوق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق