الصفحات

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

الطعن 22031 لسنة 86 ق جلسة 24 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 117 ص 934

 جلسة 24 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / محمد محمود محاميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / على سليمان ومحمود عبد الحفيظ نائبي رئيس المحكمة وليد عثمان وأحمد الخولي .
-----------

(117)

الطعن رقم 22031 لسنة 86 القضائية

(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.

 عدم رسم القانون شكلاً معيناً يصوغ فيه الحكم الواقعة بأركانها وظروفها . متي كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن ".

 لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جرائم إحراز الذخيرة والإصابة الخطأ وإطلاق أعيرة نارية . ما دام الحكم اعتبر الجرائم المسندة إليه جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري بوصفها الأشد .

(3) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إيراد الحكم مضمون تقرير الطب الشرعي الذي عوّل عليه . كفايته .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات . موضوعي . المجادلة في ذلك . غير جائزة .

التقارير الطبية لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم . الاستناد إليها كدليل مؤيد لأقوال الشاهد . جائز . المجادلة في ذلك . غير مقبولة .

(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(6) إثبات " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بشأن تحريات الشرطة التي لم يستند إليها الحكم في الإدانة . غير مقبول .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .

حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

(7) إصابة خطأ . ضرر . رابطة السببية . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .

تقدير توافر رابطة السببية أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .

رابطة السببية . مناط توافرها ؟

عدم تدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية . أثره : مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتملة نتيجة فعله الإجرامي .

الخطأ المشترك . لا يخلي المتهم من مسئوليته الجنائية .

النعي بانقطاع رابطة السببية وأن إصابة المجني عليه تعزو لخطئه . غير مقبول. ما دام استخلاص الحكم أنه لولا خطأ المتهم لما وقع الضرر .

(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة من التحقيقات . لا بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة . تأخر الشاهد في أداء شهادته . لا يمنع المحكمة من الأخذ بها . الجدل بشأنه . موضوعي . التفات الحكم عن الرد عليه . لا عيب . علة ذلك ؟

(9) إثبات " أوراق رسمية " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟

الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

عدم كشف الطاعن عن أوجه الدفاع التي أمسكت المحكمة عن التعرض لها ومواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق . غير مقبول .

(11) وصف التهمة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . نقض " المصلحة في الطعن " .

تغيير محكمة الجنايات وصف التهمة من الشروع في القتل العمد إلى الإصابة الخطأ . تعديل يتضمن إسناد واقعة لم يشملها أمر الإحالة . وجوب لفت نظر الدفاع إليه . نعي الطاعن في هذا الصدد . غير مجد . علة ذلك ؟

(12) سلاح . إصابة خطأ . ارتباط . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجريمة الأشد " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " المصلحة في الطعن " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " .

اختلاف جريمة إحراز السلاح الناري عن جريمة الإصابة الخطأ . أثر ذلك : وجوب توقيع عقوبة مستقلة عن كلٍ منهما . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة الإصابة الخطأ . ما دامت المحكمة دانته بجريمة إحراز سلاح ناري بوصفها الأشد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتهم في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له .

  2- لمّا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة ، وعاقبه بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة إحراز سلاح ناري " فرد خرطوش " بغير ترخيص ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم إحراز ذخيرة بغير ترخيص والإصابة الخطأ وإطلاق أعيرة نارية داخل القرية ، ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .

  3- لمّا كان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .

 4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما وجه إليه من اعتراضات ، وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم ، إلَّا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشاهد في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أنها عولت على التقارير الطبية في نسبة إحداث إصابات المجنى عليه إليه لا يكون لها محل .

 5- لمّا كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وأن تناقض أقوال الشهود - بفرض حدوثه - لا يعيب الحكم ، ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه وصحة تصويره للواقعة ، واطرحت للأسباب السائغة التي أوردتها ما دفع به الطاعن في هذا الصدد ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهــــو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .

 6- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى تحريات الشرطة ، ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في خصوص تحريات الشرطة لا يكون له محل ، فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد .

 7 - لمّا كان تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق ، وكان يكفى لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر ، وكان الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمـــل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ، ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية، وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض حدوثه - لا يخلي المتهم من المسئولية . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة ، وهي الإصابة الخطأ للمجني عليه التي دين الطاعن بها ، فإن ما يثيره الطاعن من انقطاع رابطة السببية وأن إصابات المجني عليه تعزو إلى خطأ منه ، يكون لا محل له .

 8- من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما اســـــتخلصته من التحقيقات ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .

 9- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملتها أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، مردودُ بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول .

        10- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان دفاع الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها والرد عليها ، كما لم يكشف عن مواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .

11- لمّا كان التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة ، مما تملك محكمة الجنايات إجراءه ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة ، وهى واقعة الإصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلاً في شأنها ، مما كان يقتضى من المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل ، إلَّا أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الوجه من الطعن ، ما دام الحكم قد عاقبه على جريمتي الإصابة الخطأ وإحراز السلاح الناري بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها .

12- من المقرر أن جرائم إحراز السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص وحمل السلاح وإطلاقه داخل القرية قد نشأت عن فعل واحد يختلف عن جريمة إصابة المجني عليه خطأ التي نشأت عن فعل إطلاق النار المستقل تمام الاستقلال عن الفعل الذي أنتج الجرائم سالفة البيان ، مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة لجريمة الإصابة الخطأ . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز السلاح الناري باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة الإصابة الخطأ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، ممّا كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلَّا أنه لا محل لذلك ، لأنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الإصابة الخطأ ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحراز السلاح الناري ، وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الإصابة الخطأ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- شرع في قتل المجني عليه .... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد ، وأعدّ لهذا الغرض السلاح الناري تالي الوصف ، وما إن ظفر به حتى أطلق صوبه عدة أعيرة نارية من السلاح الناري آنف البيان قاصداً من ذلك قتله ، فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الطي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات .

2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً " مسدس فردى الإطلاق " .

3- أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه .

4- أطلق أعيرة نارية داخل قرية .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على تعويضاً مدنياً مؤقتاً .

 والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 244/1 ، 2 ، 377/6 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1981 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه عمّا أسند إليه عن جميع التهم للارتباط وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . وذلك بعد أن عدلت القيد والوصف في شقه الأول من جناية الشروع في القتل إلى جنحة الإصابة الخطأ ، وفي شقه الثاني باعتبار أن السلاح الناري غير مششخن .

 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى ، قد شابه القصور في التسبيب ، والخطأ في تطبيق القانون ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم صيغ في عبارات عامة مجملة ، وجاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها ، وأركان جريمة الإصابة الخطأ بعنصريها ، وتوافر علاقة السببية بشأنها التي دانه بها ، وعوّل على تقرير الطب الشرعي دون أن يورد مضمونه أو مؤداه في بيان جلّى ومفصّل وكونه دليل إصابة وليس إدانة ، كما عوّل على شهادة شاهد الإثبات وحدها رغم عدم معقوليتها وتناقضها مع ما توصلت إليه تحريات الشرطة بنفيها ارتكاب الطاعن للواقعة واختلاف نوع السلاح المستخدم فيها ، ولاستغراق خطأ المجني عليه لخطأ الطاعن بتواجده بمكان المشاجرة ، والتفت عن دفعه بعدم ارتكاب الواقعة بدلالة عدم اتهامه إلَّا بعد مضى خمسة شهور من ارتكابها والمحرر عنها الشكوى المؤرخة في 9/11/2013 ورغم أنها لا تتعلق بشخصه أو الاتهام محل الواقعة ، وكذا لتناقض وتضارب أقوال من سئل بالواقعة ، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف تهمة شروع الطاعن في القتل وإحرازه لسلاح ناري مششخن إلى تهمة الإصابة الخطأ وإحرازه لسلاح ناري غير مششخن دون أن تنبه الدفاع عن الطاعن ، ممّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتهم في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له . لمّا كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة ، وعاقبه بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهى جريمة إحراز سلاح ناري " فرد خرطوش " بغير ترخيص ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم إحراز ذخيرة بغير ترخيص والإصابة الخطأ وإطــلاق أعــيرة نارية داخــل القرية ، ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيـــم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما وجه إليه من اعتراضات ، وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم ، إلَّا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشاهد في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أنها عولت على التقارير الطبية في نسبة إحداث إصابات المجني عليه إليه لا يكون لها محل . لمّا كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وأن تناقض أقوال الشهود - بفرض حدوثه - لا يعيب الحكم ، ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة ، واطرحت للأسباب السائغة التي أوردتها ما دفع به الطاعن في هذا الصدد ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لمّا كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى تحريات الشرطة ، ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في خصوص تحريات الشرطة لا يكون له محل ، فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة ، ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد . لمّا كان ذلك ، وكان تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق ، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ، ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية ، وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض حدوثه - لا يخلي المتهم من المسئولية . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة ، وهى الإصابة الخطأ للمجنى عليه التي دين الطاعن بها ، فإن ما يثيره الطاعن من انقطاع رابطة السببية وأن إصابات المجنى عليه تعزو إلى خطأ منه يكون لا محل له . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، مردودُ بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان دفاع الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها والرد عليها ، كما لم يكشف عن مواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لمّا كان ذلك ، وكان التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة ، مما تملك محكمة الجنايات إجراءه ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة ، وهى واقعة الإصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلاً في شأنها ، مما كان يقتضي من المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل ، إلَّا أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الوجه من الطعن ، ما دام الحكم قد عاقبه على جريمتي الإصابة الخطأ وإحراز السلاح الناري بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن جرائم إحراز السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص وحمل السلاح وإطلاقه داخل القرية قد نشأت عن فعل واحد يختلف عن جريمة إصابة المجنى عليه خطأ التي نشأت عن فعل إطلاق النار المستقل تمام الاستقلال عن الفعل الذي أنتج الجرائم سالفة البيان ، مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة لجريمة الإصابة الخطأ . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز السلاح الناري باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة الإصابة الخطأ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، ممّا كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلَّا أنه لا محل لذلك ، لأنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الإصابة الخطأ ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحراز السلاح الناري ، وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الإصابة الخطأ . لمّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق