الصفحات

الخميس، 29 أكتوبر 2020

الطعن 856 لسنة 52 ق جلسة 28/ 3/ 1982 مكتب فني 33 ق 84 ص 413

جلسة 28 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور وعبد العزيز عبد العاطي ومحمد صلاح خاطر وحسين لبيب.

------------------------

(84)
الطعن رقم 856 لسنة 52 القضائية

1، 6  إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". قانون "تطبيقه". دستور. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب".
 (1)جواز الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر.
 (2)قرابة شاهد الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادته.
(3) نص الدستور على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. مدلوله؟
(4) عدم تقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة. مثال.
 (5)تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفتي. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(6) حق محكمة الموضوع في المفاضلة بين تقارير الخبراء.
7 - إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره.
8 - سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي مثال لتسبيب غير معيب.

--------------------
1 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة، وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
2 - قرابة شاهدة الإثبات للمجني عليه لا تمنع الأخذ بشهادتها متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
3 - ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته، إنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يستنه من قوانين، ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل إلى نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ.
4 - الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة واقعاً ترك حرية عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهدة رؤية واحدة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ليس فيه مخالفة للقانون.
5 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل الفني غير متناقض مع الدليل القولي تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
6 - للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الصدد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الطبي الابتدائي دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن في غير محله.
7 - من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يستطع الخبير الجزم به ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
8 - من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من وقائع الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ذلك الظرف في حق الطاعنين من وجود خلافات سابقة بينهما وبين المجني عليه، وذلك لاعتقادهما أنه قد أبلغ ضدهما في قضايا إحراز سلاح، فإن ما استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما. أولاً - قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك سلاحاً نارياً وآلات راضة "فرد وعصي" وما أن ظفرا به حتى انهالا عليه ضرباً بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر - قتلا عمداً ومع سبق الإصرار....... بأن بيتا النية على قتل..... شقيق المجني عليه الأول وأطلق عليه الأول عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأخطأ وأصاب المجني عليها سالفة الذكر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها الأمر المنطبق على المواد 230، 231، 234/ 2 عقوبات. ثانياً: المتهم الأول: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد" ثالثاً: - أحرز ذخيرة نارية، ثلاث طلقات" مما تستعمل على الأسلحة النارية المششخنة حالة كونه غير مرخص له بحيازة سلاح ناري. وطلب من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. وادعت.... عن نفسها وبصفتها... قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 2 من قانون العقوبات و1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقوانين رقم 546 سنة 1954، 75 سنة 1958، 26 سنة 1978 والجدول رقم 2 الملحق مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من...... و...... بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهما المصاريف المدنية ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وذلك باعتبار أن الواقعة ضرباً أفضى إلى الموت مع سبق الإصرار.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه تساند في قضائه إلى أقوال العمدة وشيخ الخفراء رغم أن شهادتهما سماعية، ولا يبقى بعد استبعاد شهادتهما إلا شهادة زوجة المجني عليه وهي وحدها لا تكفي للقضاء بالإدانة لأنها دون نصاب الشهادة شرعاً، فضلاً عن عدم الاطمئنان إليها لشبهة التلفيق والكذب لصلة الزوجية، كما عول الحكم على الدليلين القولي والفني معاً رغم ما بينهما من تعارض لم يعن برفعه الحكم، إذ بينما قرر الشهود أن الاعتداء وقع على المجني عليه بعصي - أثبت التقرير الطبي الابتدائي أن إصابات المجني عليه قطعية وهي لا تنشأ إلا من آلات حادة. وخلص الحكم إلى قدرة المجني عليه التحدث بتعقل لفترة وجيزة بعد إصابته والإفضاء بأسماء الجناة استناداً إلى مجرد احتمال أورده الطبيب الشرعي بأقوال دون أن تستعين المحكمة برأي كبير الأطباء الشرعيين. هذا إلى أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر ظرف سبق الإصرار والتي تؤكد ظروف الحادث انتفاءه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ براوية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة، وكانت تمثل الواقع في الدعوى، كما أن قرابة شاهدة الإثبات للمجني عليه لا تمنع الأخذ بشهادتها متى اقتنعت المحكمة بصدقها، وكان ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريع ليس واجب الإعمال بذاته، إنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يستنه من قوانين، ومن ثم فإن أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل إلى نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ - لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك حرية عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهدة رؤية واحدة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ليس فيه مخالفة للقانون. وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه للعمدة وشيخ الخفراء وعول على ما نقلاه عنه من أن أفضى إليهما بأن الطاعنين هما ضارباه، فإن ما أثير حول استناد الحكم لهذه الأقوال بالإضافة إلى أقوال زوجة المجني عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية على جثة المجني عليه أن إصاباته كانت رضية وتحدث من جسم صلب راض وتعزي وفاته إلى الإصابة بالرأس وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزيف على سطح المخ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل الفني غير متناقض مع الدليل القولي تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل من أقوال شهود الإثبات أن الطاعنين ضربا المجني عليه بعصي على رأسه، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن وفاته تعزي إلى إصابة الرأس وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزيف ضاغط على سطح المخ، فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني، ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر قالة التناقض بينهما ويضحى النعي في هذا الصدد في غير محله. ولما كان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الصدد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الطبي الابتدائي دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين فيه نازع في قدرة المجني عليه التحدث بتعقل بعد إصابته، واستجابت المحكمة إلى طلبه دعوة الطبيب الشرعي لمناقشته فقرر أن المجني عليه يستطيع التحدث بعد إصابته بتعقل لفترة وجيزة لا يمكن تحديدها، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها الموضوعية - إلى أقوال الشاهدين من أن المجني عليه تكلم بعد إصابته وأفضى إليهما باسمي الطاعنين خاصة وأن تلك الشهادة تتفق مع ما ذكرته زوجة المجني عليه من رؤيتها لهما حال الاعتداء على زوجها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يستطع الخبير الجزم به ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد - ولما كان المدافع عن الطاعنين لم يطلب سماع شهادة كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاعه الذي لم يستهدف منه في الواقع سوى التشكيك في أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبد أمامها، ولا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هي لم تر من جانبها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من وقائع الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ذلك الظرف في حق الطاعنين من وجود خلافات سابقة بينهما وبين المجني عليه، وذلك لاعتقادهما أنه قد أبلغ ضدهما في قضايا إحراز سلاح، فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون. لما كان ما تقدم جميعه فإن الحكم يكون قد برئ من قالة الفساد في الاستدلال أو الإخلال بحق الدفاع، ويضحى الطعن برمته في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق