الصفحات

الاثنين، 5 أكتوبر 2020

الطعن 32891 لسنة 83 ق جلسة 11 / 11 / 2015 مكتب فني 66 ق 116 ص 778

 جلسة 11 من نوفمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أبو بكر البسيوني ، محسن البكري وعلي سليمان نواب رئيس المحكمة وياسر كـرام .
--------

(116)

الطعن رقم 32891 لسنة 83 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

    بيان الحُكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللَّتين دان الطاعنة بهما وإيراده على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة وإشارته لنصوص القانون التي عاقبها بمقتضاها . لا قصور .

(2) خطف . طفل . جريمة "أركانها" . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

جريمة خطف الأطفال . مناط تحققها ؟

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء أركان جريمة خطف الأطفال .

(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . طفل . استدلالات . احتجاز بدون أمر أحد الحكام . خطف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ محكمة الموضوع بأقوال شاهد . مفاده ؟

تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحُكم . حد ذلك ؟

لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية . علة ذلك ؟

 وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمتي الخطف والاحتجاز والحكم على مرتكبها . غير لازم . للمحكمة أن تكون اعتقادها من ظروف الدعوى وأدلتها . نعي الطاعنة على الحكم في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمتي خطف طفل لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة من غير تحيل ولا إكراه واحتجازه بعيدًا عن ذويه بدون وجه حق .

(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجوب أن يكون وجه الطعن واضحًا مبيناً ما يُرمى به إليه .

نعي الطاعنة بتناقض أقوال الشهود دون الكشف عن أوجهه . غير مقبول .

(5) قانون " تطبيقه " . عقوبة " تطبيقها " . طفل . ظروف مشددة .

إدانة الحكم الطاعنة بجريمتي خطف طفل واحتجازه . مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة بمقدار المثل إعمالاً للمادة 116 مكرراً من قانون الطفل المشار إليها ضمن مواد الاتهام . صحيح .

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " وصفه ". دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها ". محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .

تمام المرافعة . العبرة فيه بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن ذلك في صورة قرار أم لا . حد ذلك ؟

حضور الطاعنة بالجلسة المنظورة فيها الدعوى واستيفاء الدفاع عنها مُرافعته . مُؤداه : الحُكم حضوريًا بالنسبة لها ولو تخلفت عن الجلسة التي أُجلت إليها الدعوى في مواجهتها . علة ذلك ؟

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كَافة العناصر القانونية للجريمتين اللَّتين دان الطاعنة بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات وتحريات الشرطة - أورد الحُكم مُؤداها في بيانٍ وافٍ - وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يُؤديا إلى ما رَتَّبه الحُكم عليهما ، وأشار إلى نصوص القانون التي عَاقب الطاعنة بمُقتضاها ، وكَان مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كَافياً في تَفهُّم الواقعة بظروفها ، - حسبما استخلصتها المحكمة - ، ومُبيناً لفحوى أدلتها ، ولنصوص القانون التي حكم بمُوجبها ، فإن ذلك يكون مُحققاً لحُكم القانون ، ويضحى منعى الطاعنة عليه بالقصور والبُطلان في هذا المنحى - بشقيه - في غير محله .

2- من المُقرَّر أنه يَكفي لقيام واقعة الخطف التي تَتَحقق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته ، وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال يَتحقق بتعمُد الجاني انتزاع المخطوف من يد ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم ، مهما كَان غرضه من ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في حقها ، واطرحه في قوله : " أن الثابت من أقوال شاهد الإثبات الأول ، والتي تطمئن إليها المحكمة ، وقد أيَّدها ما ورد بتحريات الشاهد الثاني والتي جاءت صريحة وواضحة من قيام المتهمة بخطف الطفل حال تواجده بالطريق العام ، وهو ما يتوافر معه أركان الجريمة في حق المتهمة ، ويضحى الدفع على غير سند متعينًا الرفض " ، وهو من الحُكم رد كَافٍ وسائغ لاطراح هذا الدفع ، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن ، يكون - بدوره كسابقه - على غير أساس .

3- من المُقرَّر أن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تَطمئن إليه ، طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن حقها أن تَستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البــــحث الصـــورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي إليه اقتناعها ، وأن تَزن أقوال الشهود ، وتُقدِّرها التقدير الذي تَطمئن إليه ، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكَان تنَاقُض الشاهد ، أو تضَارُبه في أقواله لا يعيب الحُكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تنَاقُض فيه ، ولها أن تأخُذ بأقوال الشاهد ولو كَانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لِمَا يكون قد رآه أو سمعه بنفسه ، أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكَانت الطاعنة لا تُماري في طعنها أن والد المجني عليه يَتمتَّع بسائر الحواس الطبيعية ، فلا على الحُكم إن هو أخذ بشهادته ، وكَان لا يُشتَرط لثبوت جريمتي الخطف من غير تحيل ولا إكراه لطفل لم يَبلُغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة ، واحتجازه بعيدًا عن ذويه بدون وجه حق ، والحُكم على مُرتكبها ، وجود شهود رؤية ، أو قيام أدلة مُعيَّنة ، بل للمحكمة أن تُكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمتين من كُل ما تَطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، وأنه لا تثريب عليها إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر من أن لها أن تُعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة ، التي لا يقدح في جدية ما تَضمَّنته عدم الإفصاح عن مصدرها ، وإذ كَانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليه - وتحريات الشرطة وصحة تصويرهما للواقعة - على النحو الذي حَصَّله حُكمها - فإن كُل ما تثيره الطاعنة من مُنَازعة في صورة الواقعة ، وأقوال شاهد الإثبات والد المجني عليه ، وتحريات الشرطة ، وقولها بعدم وجود شاهد رؤية للواقعة - على نحو ما ذهبت إليه بأسباب طعنها - ينحل - جميعه - إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة ، وتقدير أدلتها ، وهو ما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

4- من المُقرَّر أنه يَتعيَّن لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً مُبيّناً ما يرمي إليه مُقدِّمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، وكونه مُنتجاً مما تَلتزم محكمة الموضوع بالتَصدي له إيراداً ورداً ، وكَانت الطاعنة لم تَكشف بأسباب طعنها عن أوجه التنَاقُض في أقوال شاهد الإثبات ، بل ساقت قولاً مرسلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن يكون مُجهَّلاً ، ومن ثم غير مقبول .

5- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد ضَمَّنَ مواد الاتهام التي عَاقب الطاعنة بمُوجبها نص المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، لنصــها على زيــادة الحد الأدنى للعقوبة المُقرَّرة لأى جريمة ، إذا وقعت من بالغ على طفل ، بمقدار المثل - وهو الحال في الدعوى - والذي انتهى إليه الحُكم – صائباً - عند مُعَاقبته للطاعنة بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات ، فإن منعاها على الحُكم في هذا الصَدد يكون غير مُقتَرِن بالصواب .

6- لمَّا كَان الثابت من مُطَالعة محاضر جلسات المُحَاكمة أن الطاعنة مثلت بها ، وبعد إتمام مُرَافعتها واستيفاء كَامل دفاعها ، حَدَّدت المحكمة جلسة .... في حضورها للنُطق بالحُكم ، وفي هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حُكمها المطعون فيه ، فإن هذا الحُكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعنة ، ذلك أن من البداهة ذاتها ، أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع ، وغيابه كذلك ، واعتبار الحُكم حضوريًا ، أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ، ويُعتَبر الحُكم من محكمة الجنايات في جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذي يَمثُل في جلسة المُحَاكمة ، وتُسمَع البيِّنة في حضرته ، ويتم دفاعه ، أو يسعه أن يتمه ، وأن العبرة في تمام المُرَافعة هي بواقع حالها ، وما انتهت إليه ، أُعلن هذا الواقع في صورة قرار ، أو لم يُعلَن ، ما دامت المحكمة لم تَحتفظ له في إبداء دفاع جديد ، ولم تَأمُر بإعادة الدعوى إلى المُرَافعة لسماعه ، وإذ كَان الواقع في الدعوى الراهنة قد سُمِعَت بياناتها بحضور الطاعنة ، واستوفى الدفاع عنها مُرَافعته ، فإن الإجراء بالنسبة إليها يكون حضوريًا ، ولا يزال هذا الوصف إن تَخلَّفت الطاعنة في الجلسة التالية التي أُجلت إليها الدعوى في مُواجهتها للحُكم فيها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصَدد يكون على غير أساس .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائـع

اتهـمت النيابـة العامـة الطاعنة بأنها :

1– اختطفت الطفل / .... والذي لم يَبلُغ من العمر اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة من غير تحيل ولا إكراه ، بأن عَثرت عليه حال تواجده بالطريق العام واصطحبته برفقتها ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

2– احتجزت المجني عليه الطفل سالف الذكر بعيداً عن ذويه ودون أمر من أحد الحكام المُختَصين بذلك وفي غير الأحوال التي تُصرح بها القوانين واللَّوائح بذلك ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

وأحالتها إلى محكمة جنايات .... لمُحَاكمتها وفقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قَضت حضورياً عملاً بالمادتين 280 ، 289/1 من قانون العقوبات المُعدَّل بالمرسوم بقانون 11 لسنــة 2011 ، والمادة 116 مكرراً من القــــانون رقم 12 لسنة 1996 المُعـــــدَّل بشأن قانون الطفل ، بعد تطبيق نص المادة 32 من قانون العقوبات ، بمُعَاقبتها بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليها .

فطعـنت المحكوم عليها في هذا الحُكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الطاعنة تنعي على الحُكم المطعون فيه إنه إذ دانها بجريمتي خطف طفل لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة من غير تحيل ولا إكراه ، واحتجازه بعيداً عن ذويه بدون وجه حق قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه البُطلان ، وانطــــوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يُورد بياناً كَافياً لواقعة الدعوى ، وأركانها ، وأدلة ثبوتها ، ولم يشر لنص القانون الذي حَكم بمُوجبه ، ورَدَّ بما لا يَصلُح على دفعها بانتفاء أركان الجريمة في حقها ، وتساند في إدانتها إلى أقوال شاهد الإثبات الأول - السماعية - مع تنَاقُضها ، وعدم معقولية تصويره للواقعة ، أو وجود شاهد رؤية ، وإلى تحريات الشرطة - الغير جدية - بعدم إفصاح مُجريها عن مصدرها ، هذا إلى أن الحُكم دانها بموجب المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، دون بيان التُهمَة والعقوبة الواجب إنزالها عليها بمُقتضى هذه المادة ، وأخيراً ، فقد صدر الحُكم المطعون فيه حضورياً ، رغم عدم مثول الطاعنة بجلسة النُطق بالحُكم . وكُل ذلك يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .

        ومن حيث إن الحُكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كَافة العناصر القانونية للجريمتين اللَّتين دان الطاعنة بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات وتحريات الشرطة - أورد الحُكم مُؤداها في بيانٍ وافٍ - وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يُؤديا إلى ما رَتَّبه الحُكم عليهما ، وأشار إلى نصوص القانون التي عَاقب الطاعنة بمُقتضاها ، وكَان مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -كَافياً في تَفهُّم الواقعة بظروفها ، - حسبما استخلصتها المحكمة - ، ومُبيناً لفحوى أدلتها ، ولنصوص القانون التي حكم بمُوجبها ، فإن ذلك يكون مُحققاً لحُكم القانون ، ويضحى منعى الطاعنة عليه بالقصور والبُطلان في هذا المنحى - بشقيه - في غير محله . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أنه يَكفي لقيام واقعة الخطف التي تَتَحقق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته ، وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خـــطف الأطفال يَتحقق بتعمُد الجاني انتزاع المخطوف من يد ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم ، مهما كَان غرضه من ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في حقها ، واطرحه في قوله : " أن الثابت من أقوال شاهد الإثبات الأول ، والتي تطمئن إليها المحكمة ، وقد أيَّدها ما ورد بتحريات الشاهد الثاني والتي جاءت صريحة وواضحة من قيام المتهمة بخطف الطفل حال تواجده بالطريق العام ، وهو ما يتوافر معه أركان الجريمة في حق المتهمة، ويضحى الدفع على غير سند متعيناً الرفض " ، وهو من الحُكم رد كَافٍ وسائغ لاطراح هذا الدفع ، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن ، يكون - بدوره كسابقه - على غير أساس . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تَطمئن إليه ، طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن حقها أن تَستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي إليه اقتناعها ، وأن تَزن أقوال الشهود ، وتُقدِّرها التقدير الذي تَطمئن إليه ، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكَان تنَاقُض الشاهد ، أو تضَارُبه في أقواله لا يعيب الحُكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تنَاقُض فيه ، ولها أن تأخُذ بأقوال الشاهد ولو كَانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لِمَا يكون قد رآه أو سمعه بنفسه ، أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكَانت الطاعنة لا تُماري في طعنها أن والد المجني عليه يَتمتَّع بسائر الحواس الطبيعية ، فلا على الحُكم إن هو أخذ بشهادته ، وكَان لا يُشتَرط لثبوت جريمتي الخطف من غير تحيل ولا إكراه لطفل لم يَبلُغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة ، واحتجازه بعيداً عن ذويه بدون وجه حق ، والحُكم على مُرتكبها ، وجود شهود رؤية ، أو قيام أدلة مُعيَّنة ، بل للمحكمة أن تُكوِّن اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمتين من كُل ما تَطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، وأنه لا تثريب عليها إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر من أن لها أن تُعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة ، التي لا يقدح في جدية ما تَضمَّنته عدم الإفصاح عن مصدرها ، وإذ كَانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليــــــــه - وتحريات الشرطة ، وصحة تصويرهما للواقعة - على النحــــو الذي حَصَّــله حُكمها - فإن كُل ما تثيره الطاعنة من مُنَازعة في صورة الواقعة ، وأقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليه - ، وتحريات الشرطة ، وقولها بعدم وجود شاهد رؤية للواقعة - على نحو ما ذهبت إليه بأسباب طعنها - ينحل - جميعه - إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة ، وتقدير أدلتها ، وهو ما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أنه من المُقرَّر أنه يَتعيَّن لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً مُبيّناً ما يرمي إليه مُقدِّمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، وكونه مُنتجاً مما تَلتزم محكمة الموضوع بالتَصدي له إيراداً ورداً ، وكَانت الطاعنة لم تَكشف بأسباب طعنها عن أوجه التنَاقُض في أقوال شاهد الإثبات ، بل ساقت قولاً مرسلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن يكون مُجهَّلاً ، ومن ثم غير مقبول . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد ضَمَّنَ مواد الاتهام التي عَاقب الطاعنة بمُوجبها نص المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، لنصها على زيادة الحد الأدنى للعقوبة المُقرَّرة لأى جريمة ، إذا وقعت من بالغ على طفل ، بمقدار المثل - وهو الحال في الدعوى - والذي انتهى إليه الحُكم - صائباً - عند مُعَاقبته للطاعنة بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات ، فإن منعاها على الحُكم في هذا الصَدد يكون غير مُقتَرِن بالصواب . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الثابت من مُطَالعة محاضر جلسات المُحَاكمة أن الطاعنة مثلت بها ، وبعد إتمام مُرَافعتها واستيفاء كَامل

دفاعها ، حَدَّدت المحكمة جلسة .... في حضورها للنُطق بالحُكم ، وفي هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حُكمها المطعون فيه ، فإن هذا الحُكم يكون حضورياً بالنسبة للطاعنة ، ذلك أن من البداهة ذاتها ، أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع ، وغيابه كذلك ، واعتبار الحُكم حضورياً ، أو غيابياً فرع من هذا الأصل ، ويُعتَبر الحُكم من محكمة الجنايات في جناية حضورياً بالنسبة إلى الخصم الذي يَمثُل في جلسة المُحَاكمة ، وتُسمَع البيِّنة في حضرته ، ويتم دفاعه ، أو يسعه أن يتمه ، وأن العبرة في تمام المُرَافعة هي بواقع حالها ، وما انتهت إليه ، أُعلن هذا الواقع في صورة قرار ، أو لم يُعلَن ، ما دامت المحكمة لم تَحتفظ له في إبداء دفاع جديد ، ولم تَأمُر بإعادة الدعوى إلى المُرَافعة لسماعه ، وإذ كَان الواقع في الدعوى الراهنة قد سُمِعَت بياناتها بحضور الطاعنة ، واستوفى الدفاع عنها مُرَافعته ، فإن الإجراء بالنسبة إليها يكون حضورياً ، ولا يزال هذا الوصف إن تَخلَّفت الطاعنة في الجلسة التالية التي أُجلت إليها الدعوى في مُواجــــــهتها للحُكم فيها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصَدد يكون على غير أساس . لمَّا كَان ما تَقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، مُتعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق