الصفحات

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

الطعن 1546 لسنة 26 ق جلسة 28/ 5/ 1957 مكتب فني 8 ج 2 ق 156 ص 567

جلسة 28 من مايو سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

-------------

(156)
الطعن رقم 1546 سنة 26 القضائية

(أ) إعلان. بطلانه. دعوى مدنية.

من له حق التظلم من بطلان الاعلان ؟
)ب) نقض. أثره. دعوى مدنية.

رفض الطعن في الدعوى المدنية. اعتبار طلب وقف التنفيذ غير ذي موضوع.

------------
1 - متى تبين أن الحكم الابتدائي قد أعلن للمتهم المحكوم عليه بالعقوبة ولم يطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن العادية المخولة له في القانون فلا يقبل من المسئول عن الحقوق المدنية التحدث في بطلان إعلان المتهم، ذلك أن التظلم من بطلان الإعلان هو من شئون من وجه إليه الإعلان وادعى بطلانه ولأن القانون لم يمنح المسئول عن الحقوق المدنية حق الطعن إلا في نطاق حقوقه المدنية وحدها.
2 - متى قضى برفض الطعن المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية فان طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية يصبح غير ذي موضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة بكري حميدة عمر بأنه تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل رشدي وديع يني، وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة بسرعة زائدة في شارع مزدحم ولم يستعمل آلة التنبيه وانحرف جهة اليسار فجأة بدون مقتض ولم يحتط فصدم المجنى عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدنى وديع يني حنا والد المجنى عليه وطلب الحكم له قبل المتهم متضامنا مع المسئولين عن الحقوق المدنية مبروك أحمد الرشتاوي وشركة مصر للتأمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه مصري مع المصاريف وأتعاب المحاماة، ثم عاد فقصر طلباته في مذكرته الختامية قبل شركة مصر للتأمين على طلب الحكم في مواجهتها فقط ومحكمة شبرا قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام سالفة الذكر بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وبإلزامه بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا للمدعى بالحقوق المدنية ألفى جنيه مصري مع المصروفات المناسبة ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم طالبا إلغاء الحكم بالتعويض قبله. كما استأنفه المدعى بالحقوق المدنية طالبا الحكم له بما طلبه من تعويض، ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفع بالتضامن مع المتهم للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه والمصروفات المدنية المناسبة عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما خالف ذلك من الطلبات المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبنى طعنه في الحكم على سببين: أولهما أن إجراءات المحاكمة أمام محكمتي الدرجتين وقعت باطلة، وثانيهما أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالقصور، فعن السبب الأول يقول إن المتهم غاب عن جميع الجلسات، وعلى الرغم من غيابه فقد وصف الحكم الابتدائي حضوريا، كما أنه لم يعلن إعلانا صحيحا سواء في الدعوى الجنائية أو في الدعوى المدنية، وقد اعتبرت المحكمة الاستئنافية الحكم الجنائي نهائيا مع بطلانه، ولما كانت مسئولية المسئول عن الحقوق المدنية ترتبط وجودا وعدما بمسئولية المتهم عن الفعل المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلا لبطلان حكم محكمة أول درجة، أما عن السبب الثاني فيقول الطاعن إن الاستئناف المعروض على المحكمة هو عن الدعوى المدنية، وأن لها أن تبحث الموضوع من جهة صحة نسبته إلى المجنى عليه، ولا يمنعها من ذلك كون الحكم الصادر في الدعوى العمومية قد أصبح نهائيا دون أن تبين كيف أن الحكم أصبح كذلك، ولما بحثت مسئولية المسئول، اكتفت بالقول بأن خطأ المتهم أضر بالمجنى عليه، وأدى إلى فقد حياته دون أن تبين الاصابات، وفوق ذلك، فقد ذكر الحكم المطعون فيه أن المجنى عليه وقع بين العجلات الأمامية والخلفية ولم توضح كيف كان يمكن لسائق السيارة أن يوقفها دون أن تصل العجلات الخلفية إلى المجنى عليه، ومع ثبوت أن المتهم توقف بسيارته في الحال، كما قرر الشهود ومع ما دلت عليه المعاينة من ملاصقة جسم المجنى عليه للعجلتين الخلفيتين، ومن غير المعقول أن يسقط شخص بين عجلات سيارة متحركة فتقف قبل أن تصدمه تلك العجلات.
وحيث إن ما يقوله الطاعن خاصا ببطلان إجراءات المحاكمة في الدعوى الجنائية، أمام محكمة أول درجة بالنسبة للمتهم بكرى حميدة عمر لعدم إعلانه بالحضور أمام المحكمة مردود بأن الطعن لعيب في حكم محكمة أول درجة طريقه المعارضة أو الاستئناف اللذين خولهما الشارع للمتهم وكان الطعن الذى يرفعه المسئول عن الحقوق المدنية لا يصح أن يتجاوز هذه الحقوق وفقا للمادتين 403 و420 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان ما يتذرع به الطاعن من أن الحكم في الدعوى المدنية قضى بتضامنه مع المتهم في المسئولية عن التعويض المدني ليس من شأنه أن ينقل حقا يستقل به المتهم إلى غيره من خصوم الدعوى مادام الشارع قد خوّل لكل منهما حقه الخاص بالطعن في النطاق الذي حدّده – لما كان ذلك، وكان الاستئناف المرفوع من المسئول عن الحقوق المدنية ومن المدعى بها قد تعلق بالدعوى المدنية وحدها. كما قالت بحق محكمة ثاني درجة المطعون في حكمها، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها أن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 15 من مارس سنة 1954 قد أعلن للمتهم المحكوم عليه بالعقوبة في 3 من يوليه سنة 1955 مخاطبا مع ابن أخته كامل محمد الذى وقع بإمضائه على أصل الاعلان، كما يبين من كتاب النيابة المؤرخ في 19 من يوليه سنة 1955 أن المتهم المحكوم عليه لم يعارض في الحكم أو يستأنفه – لما كان ذلك، فإن تقرير المحكمة الاستئنافية بأن الحكم الصادر في الدعوى العمومية قد أصبح نهائيا هو تقرير صحيح، ويصبح الجدل حول حقيقة ذلك الحكم الابتدائي غير مؤثر ولا منتجا، مادام المحكوم عليه نفسه لم يطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن العادية المخولة له في القانون، ولما كان التظلم من بطلان الإعلان، هو من شئون من وجه إليه الاعلان وأدعى بطلانه، وهو في صورة الدعوى المحكوم عليه بالعقوبة دون غيره من خصومها، فلا يقبل من المسئول عن الحقوق المدنية أن يتحدث في ذلك، لأن القانون لم يمنحه حق الطعن إلا في نطاق حقوقه المدنية وحدها كما سلف البيان، ولا يقبل منه كذلك قوله إن صالحه وصالح المتهم يتحدان بوحدة غايتهما ولأن مسئولية المسئول مدنيا ترتبط وجودا وعدما بتقرير مسئولية المتهم لا يقبل منه هذا القول لأنه مهما كان مبلغ اتفاق ذلك مع الواقع، إلا أن حق الطعن في الحكم يستقل به من خوله إليه الشارع، ولا يتعداه إلى غيره لأن تمسك الغير بهذا الحق يكون عندئذ تمسكا بمعدوم – لما كان ذلك، وكان ما يدعيه الطاعن في الوجه الثاني من طعنه من أن الحكم لم يبين ركن الخطأ المنسوب للمتهم مردود بما أثبته الحكم المطعون فيه من " أنه من أوجه الخطأ التي نسبت للمتهم أنه انحرف بسيارته فجأة إلى ناحية اليسار بدون مبرر، وأن انحرافه هذا أدى إلى اصطدامها بالمجنى عليه، وأن وقائع الحادث كما ثبتت من المعاينة ومن أقوال شاهدي الاثبات أن المتهم كان يقود سيارته في الناحية اليمنى من الطريق، وانحرف بسيارته فجأة إلى ناحية اليسار، وأنه يعلل ذلك بأن راكب إحدى الدراجات اعترض طريقه، وأنه لمفاداة الاصطدام به انحاز إلى ناحية اليسار، إلا أنه لم يثبت من وقائع الدعوى أن المتهم فوجئ براكب الدراجة، بل إن راكبها كان يسير بها أمام المتهم وعلى مرأى منه، فكان يتعين عليه أن يتمهل في سيره، وأن يتأنى في قيادته حتى يتفادى الدراجة دون أن يضطر إلى الانحراف بها فجأة يمنة أو يسرة لمفاداة الاصطدام بها، وعلى الأخص أن راكبي الدراجات لا يلتزمون الطريق المستقيم في سيرهم وأن شاهد الإثبات الثاني محمد عمر مصطفى قرر بأن المجنى عليه بعد أن اجتاز الرصيف الذى يقع في منتصف الشارع وقف وأنه صدم حال وقوفه، وأنه على فرض أن المجنى عليه استمر في عبوره الطريق وأنه صدم أثناء عبوره إياه، فإنه لا مأخذ عليه في ذلك لأن المتهم كان ملتزما الجانب الأيمن، وأنه لو سار على هذه الطريقة لما وقع الحادث، وأنه لم يكن متوقعا لدى المجنى عليه قبيل وقوعه أن المتهم سينحرف فجأة ناحية اليسار حتى يؤخذ عليه عدم التوقف عند عبوره الطريق.... وأنه ثبت من معاينة السيارة أن فراملها ضعيفة، وأنه مما لا شك فيه أن لولا وجود هذا العيب في الفرامل لأمكن إيقافها على مسافة أقرب من المسافة التي وقفت عندها، ولأمكن مفاداة الحادث سيما وأن المجنى عليه حصر بين العجلات الأمامية، وأن الاصطدام حدث من إحدى العجلات الخلفية" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك يتوافر به ركن الخطأ في جريمة القتل غير المقصود التي دين الطاعن بها، وكان الاستدلال الذى أوردته المحكمة له أصله الثابت في الأوراق – لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي فيما لا يتعارض مع أسباب الحكم المطعون فيه، وكان حكم محكمة أول درجة قد بين إصابات المجنى عليه أخذا مما هو ثابت بتقرير الصفة التشريحية، وما جاء فيه من أن الوفاة حدثت من هرس الرأس والمخ الناشئ عن الاصطدام بالسيارة – لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في وجهى الطعن لا يكون مقبولا مما يتعين معه رفضه.
وحيث إن الطاعن ضمن طعنه أيضا بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية استنادا إلى نص المادة 427 من قانون المرافعات وإلى ما قاله من أن المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية يقتصر حكمها على إجراءات نظر الدعوى المدنية ومتى صدر الحكم فيها يكون خاضعا في تنفيذه للقواعد المرسومة في قانون المرافعات.
ومن حيث إنه متى قضى برفض الطعن فإن طلب وقف التنفيذ يصبح غير ذي موضوع، إلا أن المحكمة ترى إزاء ما عرضه الطاعن من تأويل للنصوص القانونية التي أشار إليها في هذا الشق من طعنه، أن تشير إلى أن ما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن غير سديد، ذلك بأن الدعوى المدنية التبعية تخضع أمام المحاكم الجنائية للإجراءات المقررة بقانون الإجراءات، سواء في ذلك ما يتعلق بالمحاكمة أو الحكم أو طرق الطعن، وآثار هذا الطعن تخضع الدعوى المدنية في كل ذلك إلى القواعد المنصوصة في قانون الإجراءات الجنائية. هذا إلى أن الشارع قد نظم تنفيذ الأحكام الجنائية بما نص عليه من أحكام هذا القانون، ولما كان تنفيذ هذه الأحكام ينبغي أن ينظر إليه على ضوء هذه النصوص الخاصة، ولا يجوز إطلاق قواعد قانون المرافعات على الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية في الدعوى المدنية، لأن الحكم في الدعوى المدنية لا يستقل بنفسه، ولا ينفك عنه وصف صدوره من محكمة جنائية لمجرد أنه متعلق بحقوق مدنية. لما كان ذلك، وكان الأصل في الأحكام هو وجوب تنفيذها، ولم يرد بقانون الاجراءات الجنائية ما يحول دون تنفيذ الحكم الجنائي، إلا ما نصت عليه المادة 469، وما جاء في الباب السابع من الكتاب الرابع بشأن الإشكال في التنفيذ، فان ما جاء بالطعن من تأويل للنصوص على الوجه الذى ذهب إليه الطاعن لا يكون سديدا، وقد جرى على ذلك قضاء هذه المحكمة فيما سبق من أحكامه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق