الصفحات

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

الطعن 1083 لسنة 52 ق جلسة 6 / 2 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 44 ص 185

جلسة 6 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، ممدوح السعيد، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

---------------

(44)
الطعن رقم 1083 لسنة 52 القضائية

 (1)بطلان. بيع. أحوال شخصية.
بطلان تنازل الولي عن مال القاصر بدون إذن محكمة الأحوال الشخصية. مقرر لمصلحة القاصر وحده دون الغير.
(2) دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع "الدفع بعدم القبول". نظام عام. بطلان.
الدفع بعدم القبول لانعدام الصفة. غير متعلق بالنظام العام. ليس لغير من قرر لمصلحته. الاحتجاج به.
 (3)حكم "تسبيب الحكم" "مالا يعد قصوراً". نقض.
دفاع الطاعن غير المستند إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الرد عليه. لا قصور.
 (4)إرث. بيع. نظام عام.
بطلان التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة. تعلقه بالنظام العام. م 131/ 2 مدني.
 (5)نظام عام. نقض "السبب الجديد" "السبب المتعلق بالنظام العام". محكمة الموضوع.
السبب المتعلق بالنظام العام. قبوله لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه. ألا يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
 (6)حكم "تسبيب الحكم". إثبات "عبء الإثبات" محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى". تحكيم.
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. من يدعي خلاف ذلك. عليه إقامة الدليل على مدعاة. حكم المحكمين. كفاية توقيع أغلبية المحكمين عليه طالما عدد المشاركين في المداولة وإصدار الحكم وتراً.
 (7)محكمة الموضوع. تزوير "أدلة التزوير".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أدلة التزوير. عدم التزامها بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة. عدم قضائها من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعى بتزويرها. لا عيب علة ذلك.
 (8)تزوير. حكم. إثبات.
عدم جواز القضاء بصحة المحرر أو بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. القضاء بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج وفي الموضوع معاً. جائز. علة ذلك.
 (9)قضاة "رد القضاة". تحكيم.
القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم. إعمالها على المحكمين بالنسبة إلى أسباب الرد أو عدم الصلاحية فحسب م 503/ 3 مرافعات. رد المحكم لا يكون إلا برفع طلب بذلك.
 (10)تحكيم "مشارطة التحكيم" "ولاية المحكمين".
تحديد ولاية المحكمين. وجوب بيانه في مشارطة التحكيم أو أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. م 501 مرافعات.

--------------------
1 - لا يجوز للطاعن أن يتحدى ببطلان التنازل الصادر من المطعون ضده السابع بصفته ولياً طبيعياً عن الأطيان المملوكة للقاصر بدعوى أنه لم يحصل بشأنها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية إذ أن هذا البطلان نسبي شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير.
2 - الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا شأن له بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته فلا يحق لغيره أن يحتج بهذا البطلان.
3 - إذ كان دفاع الطاعن لا يستند على أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً.
4 - مفاد نص المادة 131/ 2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركه إنسان على قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث.
5 - قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بألا يخالطه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
6 - الأصل في الإجراءات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة وإصدار الحكم لم يكن عددهم وتراً وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله فإن النعي يكون على غير أساس.
7 - لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها ولا عليها إن هي لم تشأ أن تعمل رخصة خولها لها القانون، فلا يعيب الحكم عدم استعمال المحكمة حقها في أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعى بتزويرها عملاً بنص المادة 58 من قانون الإثبات.
8 - لئن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أورده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً جديداً أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج. ففي هذه الحالة انتفت الحكمة التي ترمي إلى الفصل بين الادعاء بالتزوير وبين الحكم الموضوعي، طالما ليس من وراء ذلك تأثير على موضوع الدعوى الأصلية، ولا يكون ثمت داع ليسبق الحكم بعدم قبول الادعاء بالتزوير الحكم في الموضوع.
9 - يدل نص المادة 503/ 3 من قانون المرافعات على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وأنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم.
10 - لئن أوجبت المادة 501 من قانون المرافعات أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم فإن المشرع أجاز أيضاً في هذه المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3514 لسنة 1979 مدني دمنهور الابتدائية للقضاء ببطلان حكم المحكمة رقم 1 لسنة 1978 كلي دمنهور واعتباره كأن لم يكن وقال في بيانها أنه فوجئ بصدور حكم المحكمة سالف البيان قاضياً في أنزعة هي الأطيان الزراعية البالغ مساحتها أربعة أفدنة والمسماة بالتحويله وما ادعته المطعون ضدها السادسة خاصاً بالأطيان البالغ مساحتها تسعة أفدنة بناحية أخماس وموضوع البدل المقال به بين المطعون ضدهما الثامنة والتاسع وطرح النهر البالغ مساحته 12 ط 3 ف وتصرفهما ببيع عشرة أفدنة إلى الطاعن وبإلزامه بأن يؤدي لهما تسديدات مالية رغم أنه لم يسبق ذلك الحكم مشارطة تحكيم مكتوبة ولم تتخذ بشأنها إجراءات الإيداع قلم كتاب المحكمة الابتدائية ولم يراع في اختبار المحكمة ما يجب توافره في قاضي الدعوى من حيده وانتقاء صلة القرابة بينهم وبين أطراف النزاع كما وأنه تناول مسائل لا يجوز فيها الصلح إذ لا شأن للطاعن بمسطح الأربعة أفدنة المسمى بالتحويله لأنها خاصة بأخر لم يمثل في التحكيم كما وأن طرح النهر يربط على الحائز واضع اليد وأن وضع يده على مسطح التسعة أفدنة يستند إلى عقد إيجار وإلزامه حكم المحكمة بإجراء تبادل عن أطيان ليست مملوكة له وبتاريخ 12/ 12/ 1979 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 36 ق الإسكندرية وادعى بتزوير حكم المحكمة موضوع الدعوى على سند من القول أن التوقيعين المنسوبين للمحكمين... و... لم يصدرا منهما وبتاريخ 8/ 2/ 1981 ندبت المحكمة خبيراً لإجراء المضاهاة وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 8/ 2/ 1982 بعدم قبول الادعاء بالتزوير وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الأنزعه الثلاثة التي صدر فيها حكم المحكمة لم يمثل فيها أصحاب الشأن إذ أن الأطيان محل النزاع الأول مملوكة للدولة ومقرر عليها حق انتفاع لـ... ابن الطاعن كما أن... و... لم يتفقوا على التحكيم في خصوص النزاع الثاني وأن التصرف في الأطيان محل ذلك النزاع كان قبل وفاء المورث... مما يعد تصرف في تركه مستقبله كما أن الأطيان المقول بتصرف الطاعن فيها بالبيع محل النزاع الثالث مملوكة للمطعون ضدها الثامنة وحضر عنها المطعون ضده التاسع دون أن تكون له صفة في تمثيلها وإن تنازل المطعون ضده السابع عن الأطيان التي ادعى شراءها بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر... لم يحصل بشأنها على إذن محكمة الأحوال الشخصية وأنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانعدام صفة المحتكمين في تلك المنازعات وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن كون المحتكمين ليسوا أصحاب الصفة في المنازعة التي اتفق في شأنها على التحكيم لا يترتب عليه سوى أنه لا يكون الحكم الصادر فيها حجة على أصحاب الصفة في تلك المنازعة دون أن تؤدي ذلك إلى بطلان الحكم ولما كان لا يجوز للطاعن أن يتحدى ببطلان التنازل الصادر من المطعون ضده السابع بصفته ولياً طبيعياً عن الأطيان المملوكة للقاصر بدعوى أنه لم يحصل بشأنها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية إذ أن هذا البطلان نسبي شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا شأن له بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته فلا يحق لغيره أن يحتج بهذا البطلان ومن ثم فلا يجوز للطاعن التمسك ببطلان الإجراءات المؤسس على أن المطعون ضده التاسع لم تكن له صفة في تمثيل المطعون ضدها الثامنة، ولما كان دفاع الطاعن سالف الذكر لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً يبطله هذا ولئن كان مفاد نص المادة 131/ 2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث عنه إلا أنه لما كان قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروطاً بألا يخالفه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع وكان الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع ببطلان التصرف في الأطيان محل النزاع الثاني الذي فصل فيه حكم المحكمة باعتباره تعاملاً في تركة مستقبلة وكانت هذه المحكمة لا يتسنى لها التحقق من قيام هذا البطلان بالخوض في وقائع ذلك النزاع وصولاً إلى الوقوف على مدى توافر شرائطه وذلك لتحقيق ما إذا كان هذا التصرف قد حصل قبل وفاة المورث... وفيه مساس بحق الإرث عنه وهي عناصر لم تكن معروضة على محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها المطعون فيه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص وإن كان سبباً قانونياً متعلقاً بالنظام العام إلا أنه لما يخالطه من واقع لم تكن عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع يكون غير جائز التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 502/ 2 من قانون المرافعات أوجبت أن يكون عدد المحكمين وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً والثابت أن عدد المحكمين المعينين خمسة في حين أن من وقّع على الحكم أربعة الأمر الذي يستفد منه أن المحكم الخامس لم يشترك في المداولة وإصداراً الحكم مما يبطل هذا الحكم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن من وقع حكم المحكمين أربعة وأنه بهذا يكون صحيحاً لكونهم ممثلون الأغلبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 502/ 2 من قانون المرافعات قد أوجبت أن يكون عدد المحكمين وتراً، وكان الثابت من حكم المحكمين محل الدعوى أنهم كانوا كذلك فإن كانوا خمسة وأنهم اجتمعوا جميعاً وأصدروا الحكم، وكان مفاد نص الفقرة الأخيرة من المادة 507 من القانون المشار إليه أن الحكم يكون صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين وكان الأصل في الإجراءات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة وإصدار الحكم لم يكن عددهم وتراً وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والسادس الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه ادعى بتزوير توقيع اثنين من المحكمين على الحكم محل النزاع هما... و... وأن الخبير المنتدب لتحقيق التزوير انتهى في تقريره إلى عدم وجود توقيع للأول وطلب استكتاب الثاني لتوقيعاته إلا أن المحكمة قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير واستندت في قضائها إلى إقرار صادر من الحكم الثاني بصحة توقيعه دون أن تحقق دفاعه تزوير هذا التوقيع رغم أنه يترتب على ثبوت التزوير بطلان الحكم ولم تعمل المحكمة حقها المقرر في المادة 58 من قانون الإثبات وتقضي من تلقاء نفسها بتزوير ذلك الحكم كما أن قضاءها في الادعاء بالتزوير والموضوع معاً مخالف لما تقضي به المادة 44 من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي ذلك أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها ولا عليها أن هي لم تشأ أن تعمل رخصة خولها لها القانون، فلا يعيب الحكم عدم استعمال المحكمة حقها في أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعي بتزويرها عملاً بنص المادة 58 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968، وهذا وإن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضى بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً جديداً أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج. ففي هذه الحالة انتفت الحكمة التي ترمى إلى الفصل بين الادعاء بالتزوير وبين الحكم الموضوعي، طالما ليس من وراء ذلك تأثير على موضوع الدعوى الأصلية، ولا يكون ثمت داع ليسبق الحكم بعدم قبول الادعاء بالتزوير الحكم في الموضوع. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد ادعى بتزوير توقيع اثنين من المحكمين على الحكم محل النزاع - وتبين للمحكمة خلو ذلك الحكم من توقيع أحدهما وأن توقيع الثاني صحيح واستدلت على ذلك من إقراره بصحته الموثق بالشهر العقاري ومن إيداعه حكم المحكمة محل الدعوى بمحكمة دمنهور الابتدائية وخلصت إلى أن الادعاء بالتزوير غير منتج وقضت تبعاً لذلك بعدم قبوله فإنه لا عليها إذ قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير وفي الموضوع بحكم واحد ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن المحكم الأول والد زوجة المطعون ضده التاسع وزوج أخت الطاعن لأبيه وبينهما خصومات، وأن المحكم الخامس والد زوجة المطعون ضده الرابع وبذلك يكونان غير صالحين لنظر النزاع وأنه اتخذ من ذلك سبباً من أسباب طلبه بطلان حكم المحكمة ولكن الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن أسباب عدم الصلاحية كانت قائمة وقت الاتفاق على التحكيم بما يفيد نزولاً عن طلب الرد وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن المشرع فرق بين أسباب الرد وأحوال عدم الصلاحية إذ الأولى من شأن الخصوم بينما تتعلق الثانية بالنظام العام وهي قاعدة تسري على القاصر تبقي عمله متى كان غير صالح باطلاً ولو باتفاق الخصوم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 503/ 3 من قانون المرافعات على أن "... ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى..." يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وإنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم ولما كان الطاعن لم يدع أنه طلب رد المحكمين فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه رد على ما أثاره من الأسباب المبطلة لحكم المحكمين محل النزاع بأنها ليست من أسباب البطلان التي حددها القانون دون أن يوضح ماهية تلك الأسباب الأمر الذي يقطع بأن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تمحص الدعوى كما وأن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما يتمسك به من بطلان مشارطه التحكيم لما ورد بها من إطلاق ولاية المحكمين بالفصل في كل النزاعات القائمة بين الطاعن والأطراف الأخرى الأمر الغير جائزاً عملاً بنص المادة 501 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استعرض وقائع الدعوى وأورد الأسباب التي استند إليها الطاعن بطلب بطلان حكم المحكمة ثم عرض لتلك الأسباب ورد عليها وانتهى إلى أنها ليست من الحالات التي نصت عليها المادة 512 على سبيل الحصر لرفع دعوى البطلان فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس هذا ولئن أوجبت المادة 501 من قانون المرافعات أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم فإن المشرع أجاز أيضاً في هذه المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. لما كان ذلك، وكان البين من حكم المحكمة أن مشارطة التحكيم بعد أن حددت بعض أوجه النزاع المتفق على عرضه على هيئة التحكيم ورد بها تفويض المحكمة حسم النزاعات القائمة بين الطرف الأول الطاعن وبين باقي الأطراف، وأن أطراف النزاع حددوا طلباتهم في مواجهة الآخر والتزم ذلك الحكم في قضائه حدود تلك الطلبات وهو يستقيم في معناه مع العبارة التي وردت لمشارطة التحكيم والتي تشير إلى أن الهدف منها هو حسم النزاع الدائر بين الطاعن وبين المطعون ضدهم في الأنزعه التي ترافعوا فيها أمام هيئة التحكيم. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان حكم المحكمة لعدم تحديد موضوع النزاع في وثيقة التحكيم لا يكون مستنداً إلى أساس قانوني سليم ولا يعد إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه قصوراً مبطل له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق