الصفحات

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

الطعن 2913 لسنة 54 ق جلسة 3 / 4 / 1985 مكتب فني 36 ق 88 ص 524

جلسة 3 من ابريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ فوزى احمد المملوك - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب، ومحمد احمد حسن، والسيد عبد المجيد العشرى، والصاوى يوسف.

-----------------

(88)
الطعن رقم 2913 لسنة 54 القضائية

 (1)تفتيش. قبض. دستور.
لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق.
الحرية الشخصية. حق كفله الدستور. مؤدى ذلك؟
(2) جمارك. قانون "تفسيره". تفتيش "التفتيش الادارى". مأمورو الضبط القضائى.
ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين نوع من التفتيش الادارى الذى يختلف عن التفتيش المنصوص عليه في الدستور وقانون الاجراءات الجنائية.
النص في القانون 66 لسنة 1963 على قصر أجراء هذا التفتيش على موظفي الجمارك. مفاده؟
(3) جمارك. مواد مخدرة. تفتيش "تفتيش بغير اذن". تلبس. مأمورو الضبط القضائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". شروط توافر حالة التلبس؟

 (4)تفتيش "تفتيش بغير اذن". مأمورو الضبط القضائي. تلبس.
تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائي. لا ينبئ بذاته عن توافر حالة التلبس. مثال.

----------------

1 - لا يضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل الا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع، ويصدر هذا الامر من القاضي المختص او النيابة العامة وفقا لأحكام القانون.
2 - من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وامتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإداري الذى يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذى عناه الشارع في المادة 41 سالفة البيان، وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق اجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفي الجمارك، فان مفاد ذلك أن يبقى سائر مأموري الضبط القضائي فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية، خاضعين للأحكام العامة المقررة في هذا الشأن في الدستور وقانون الاجراءات الجنائية.
3 - من المقرر أن حالة التلبس تستوجب يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدته أثرا من آثارها ينبئ بنفسه عن وقوعها أو بإدراكها بحاسة من حواسه، واذ كان الحكم المطعون فيه - فيما خلص اليه من بطلان القبض على المطعون ضدهما وتفتيشهما - قد التزم هذا النظر، فانه يكون قد طبق القانون على وجه الصحيح واصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة غير سديد.
4 - إن تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائي يهم باللحاق بهما لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه.


الوقائع

اتهمت النيابة المطعون ضدهما بأنهما: أحرزا بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا "حشيشا" في غير الاحوال المصرح بها قانونا. وأحيلا لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976، 30 من قانون العقوبات، 304/ 1 أ ج ببراءة المتهمين مما نسب اليهما وبمصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه انه اذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة احراز المواد المخدرة المسندة اليهما فقد أخطأ في تطبيق القانون وفى الاسناد، ذلك بأنه أقام قضاءه على وجوب تقيد رجال الجمارك فيما يقومون به من اجراءات القبض والتفتيش داخل نطاق الدائرة الجمركية بالقيود والضوابط المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية مع أن الصحيح وفق احكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم صفة مأموري الضبط القضائي غير مقيدين فيما يجرونه من ضبط وتفتيش داخل الدائرة الجمركية بتلك القيود بل يكفى ان تتوافر لديهم فطنة التهريب فيمن يوجد في هذه المنطقة ليحق لهم ضبطه وتفتيشه، كذلك فقد اقام الحكم قضاءه على ان القبض على المطعون ضدهما قد تم قبل تخليهما عن المخدر مع مخالفة ذلك لما حصله من اقوال الشهود وكان ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى واقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهما من التهمة المسندة اليهما في قوله "وحيث انه لما كان الثابت من استقراء اوراق الدعوى وتحقيقاتها وما قرره الشاهدان..... انهما اذ كانا في الكمين المعد من قبل للقبض على من توافرت التحريات عن قيامهم لتهريب بضائع، شاهدا المتهمين ومعهما شخص ثالث - قادمين في مواجهة الكمين فبادراهما والشاهد الثالث بمحاولة القبض عليهما وعند ذلك القى المتهمان بحملهما، وكان الضابط ومرافقاه من غير موظفي الجمارك الذين منحتهم القوانين الجمركية حق تفتيش الاشخاص في اثناء قيامهم بتأدية وظائفهم داخل الدائرة الجمركية او في حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا ما قامت لديهم دواعي الشك او فطنة التهريب فيمن يتواجدون بداخل تلك المناطق ومن ثم فانه - بوصفه من مأموري الضبطية القضائية - يبقى مطالب بالالتزام بضرورة توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية، وعلى نحو ما تجيزه المادة 34 منه لمأموري الضبطية القضائية في احوال التلبس بالجنايات او الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر من القبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه وهو ما يبيح له وفقا للمادة 46 من ذلك القانون، تفتيش المتهم واذ كان المتهمان لم يشاهدا في حاله من حالات التلبس بارتكابهما جريمة ما، ولم تكن ثمة مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكابهما جريمة معينه مما يجيز القانون القبض عليهما، ذلك أن مجرد وجودهما أو سيرهما في مكان الضبط لا ينم وحده عن ارتكابهما جريمة وليس من شأنه أن يوحى الى رجل الضبط بقيام امارات او دلائل على ارتكابهما حتى يسوغ له القبض عليهما بغير أذن من السلطة المختصة قانونا، ولا يقدح في هذا ما تذرع به الضبط بشأن قالته عن تحريات لم يثبت جديتها او مدى صحتها، عن توقع تهريب بضائع من هذا المكان ما كان حريا به أن يبسط ما اشاعته تحرياته على سلطة التحقيق المختصة لاستصدار اذنها بضبط جريمة التهريب ومرتكبيها اما وهو لم يفعل فيضحى قبضه على المتهمين في هذه الحالة - بغير مسوغ من القانون، ويكون القاؤهما ما كانا يحملانه وتخليهما عنه وليد هذا الاجراء غير المشروع اذ اضطرا اليه اضطرارا عند محاولة القبض عليهما - في غير حالاته - لا عن ارادة وطواعية واختيار من جانبهما ومن ثم فان ضبط المخدر على اثر ذلك الاجراء الباطل تنتفى معه حالة التلبس بالجريمة لوقوعه على غير مقتضى القانون... لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل الا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع، ويصدر هذا الامر من القاضي المختص او النيابة العامة وفقا لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وامتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإداري الذي يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذي عناه الشارع في المادة 41 سالفة البيان، وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق اجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفي الجمارك، فان مفاد ذلك أن يبقى سائر مأموري الضبط القضائي فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية، خاضعين للأحكام العامة المقررة في هذا الشأن في الدستور وقانون الاجراءات الجنائية. لما كان ذلك وكانت المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه بغير امر قضائي - اعمالا للمادة 46 من القانون ذاته - الا في احوال التلبس وبالشروط المنصوص عليها فيها، وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدته أثر من اثارها ينبئ بنفسه عن وقوعها أو بإدراكها بحاسة من حواسه، واذ كان الحكم المطعون فيه - فيما خلص اليه من بطلان القبض على المطعون ضدهما وتفتيشهما - قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح واصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة غير سديد. لما كان ذلك وكان ما تثيره النيابة العامة الطاعنة بشأن خطأ الحكم إذ أورد أن تخلى المطعون ضدهما عن المخدر كان لاحقا للقبض عليهما مخالفا ما حصله من اقوال الشهود من أن هذا التخلي كان سابقا على هذا القبض مردودا من ناحية بأن ما حصله الحكم عن واقعة التخلي واضح الدلالة على أنها تمت عند محاولة القبض عليهما أي قبل تمامه على خلاف ما تدعيه بوجه النعي كما أنه مردود من ناحية اخرى بأنه بفرض صحة ما تذهب اليه فان تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائي يهم باللحاق بهما لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق