الصفحات

السبت، 4 يوليو 2020

عدم دستورية قرار محافظ الجيزة 6299 لسنة 1999 بحظر تحويل الوحدات السكنية لغرض آخر لعدم نشره

الدعوى رقم 158 لسنة 34 ق "دستورية" جلسة 9/ 5/ 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 158 لسنة 34 قضائية "دستورية" 

المقامة من 
أحمد محمد عثمان حســـن 

ضــد 
1 – رئيس الجمهوريـــــة 
2 - رئيس مجلس الـــوزراء 
3 – محافظ الجيــــــزة 
4 – رئيس حي العجـــوزة 
5 – مدير إدارة التنظيم بحى العجوزة 
6 – روكسان محمد حســن 
الإجـراءات 
بتاريخ السابع من أكتوبر سنة 2012، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة اللائحى رقم 6299 لسنة 1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا : بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا : بعدم قبول الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلى : برفضها. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 


المحكمة 
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 9802 لسنة 61 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد المدعى عليهم من الثالث حتى الخامس، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن قبول والسير في إجراءات الترخيص الخاص بتحويل الوحدة السكنية إلى محل تجارى، وفى الموضوع: بإلغاء القرار رقم 6299 لسنة 1999 الصادر من محافظة الجيزة لمخالفته القانون مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر المدعى – شرحًا لدعواه – أنه يمتلك الدور الأرضى بالعقار رقم (8) تقسيم الجمعية التعاونية لبناء المساكن بمنطقة نادى الزمالك بمحافظة الجيزة، ويحمل رقم (56) تنظيم شارع أحمد عرابى، ورقم (1) شارع محمود عزمى، وقد تقدم بطلب لحى العجوزة لاستخراج ترخيص بتعديل استخدام العين من سكنى إلى تجارى، غير أن إدارة التنظيم بالحى رفضت ذلك؛ استنادًا لصدور قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999، الذى يحظر تحويل الوحدات السكنية للاستخدام التجارى، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه الموضوعية. وبجلسة 25/11/2008، قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك بعد أن كيفت طلبات المدعى فيها بحسبانها وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن السير في إجراءات الترخيص الخاص بتحويل الدور الأرضى من سكنى إلى تجارى مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من الجهة الإدارية فطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 6075 لسنة 55 قضائية عليا، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 26/1/2011، دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية اللائحة الصادرة بقرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999 بشأن حظر تحويل الوحدات السكنية إلى تجارية، وإذ قدرت المحكمة الإدارية العليا جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى؛ تأسيسًا على أن القرار المطعون فيه ليس تشريعًا بالمعنى الموضوعى، بحسبانه لا يُعد قانونًا أو لائحة ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البت في اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على الخوض في شرائط قبولها أو الفصل في موضوعها، وكان الدستور قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وهو ما فصله قانون هذه المحكمة، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح؛ مانعًا أى جهة أخرى من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضمانًا لمركزية الرقابة على الشرعية الدستورية، وتأمينًا لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد لبناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكدًا أن اختصاص هذه المحكمة، في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، ينحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها؛ بما مؤداه ألا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز عامـــة مجـــردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعــات الأصلية التى أقرتهـــا السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التى ناطها الدستور بها. متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه، قد صدر من محافظ الجيزة بتاريخ 30/12/1999، مشيرًا في ديباجته للقانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، والقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته ولائحته التنفيذية، والقانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية، متضمنًا مادتين، نصت أولاهما على أنه "يوقف تنفيذ قرار المحافظة رقم 1530 لسنة 1999 والخاص بجواز تحويل الوحدات السكنية إلى أنشطة تجارية أو إدارية". ونصت ثانيتهما على أنه "يعمل بهذا القرار اعتبارًا من تاريخ صدوره، وعلى الجهات المختصة تنفيذه كل فيما يخصه ويلغى كل ما يخالف هذا القرار من أحكام". منظمًا – بقواعد عامة مجردة، لا تقصد أشخاصًا بذواتهم ولا عقارات بعينها، ولا تستنفد أغراضها بتطبيقها على المخاطبين بأحكامها – حظر تحويل الوحدات السكنية إلى غرض آخر في نطاق مدينة الجيزة والأحياء التابعة لها، وبوقف تنفيذ قرار المحافظة السابق الذى كان يجيز ذلك التحويل؛ ومن ثم فإن القرار المطعون فيه، يُعد – بهذه المثابة – قرارًا لائحيًّا، تنبسط عليه ولاية المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم يكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة على غير سند، قمينًا بالرفض. 

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى من وجهين؛ أولهما: لعدم تقدير جدية الدفع من قبل محكمة أول درجة ( محكمة القضاء الإدارى )، بالمخالفة للمادتين (29، 30) من قانون المحكمة الدستورية العليا. وثانيهما : لعدم توافر المصلحة في الدعوى، لصدور القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء، الذى حظر في المادة (66) منه تغيير استخدام المبنى أو أى وحدة من وحداته دون الحصول على ترخيص بذلك، ومن ثم فإن الضرر الذى يطالب المدعى بدفعه مبعثه تلك المادة وليس قرار محافظ الجيزة المطعون فيه ؛ فإن هذا الدفع مردود في وجهه الأول: بأن المحكمة التى صرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية هى المحكمة الإدارية العليا، وهى التى دفع المدعى أمامها بجلسة 26/1/2011، بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999، وهى التى قدرت جدية الدفع، وبناءً عليه أقام المدعى دعواه الدستورية، ومن ثم فإنه لا صلة لمحكمة القضاء الإدارى بالدعوى الدستورية المعروضة. ومردود في وجهه الثانى : بأن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . ولما كان قرار محافظ الجيزة المطعون فيه قد صدر استنادًا إلى نصى المادتين (11) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته، و(22) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 268 لسنة 1996، اللتين حظرتا إدخال أى تعديل أو تغيير جوهرى في الرسومات المعتمدة يغير من أوجه الاستعمال، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. وإذ صدر القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء، متضمنًا النص في المادة (66) منه على بطلان كل تصرف يكون محله تغيير استخدام المبانى أو أى من وحداتها لغير الغرض المرخص به، قبل الحصـــول على الموافقـــة اللازمة من الجهة المختصة، فإنه لا يكون قد أتى بجديد يخالف ما تضمنه القانون رقم 106 لسنة 1976 السابق عليه، ويظل قرار محافظ الجيزة المطعون فيه قائمًا، ويبقى امتناع جهة الإدارة عن السير في إجراءات الترخيص المطلوب إصداره، مرده ذلك القرار، ومن ثم فإن الفصل في دستوريته سيكون له انعكاسٌ وأثرٌ مباشرٌ على الدعوى الموضوعية، وتتوافر للمدعى المصلحة في الطعن عليه. الأمر الذى يكون معه الدفع المبدى بعدم القبول – في وجهيه - على غير سند، متعين الرفض. 

وحيث إن المدعى ينعى على القرار المطعون فيه مخالفته نص المادة (188) من دستور سنة 1971، على سند من أن هذا القرار لم ينشر بالجريدة الرسمية . 

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية، سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها ، ومن ثم فإن نصوص دستور سنة 1971، الذى صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هي الواجبة التطبيق في هذا الشأن . 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جـرى على أن الدولـة القانونية، على ما تنص عليه المادة (65) من دستور سنة 1971، هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها، أيًّا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه، وأيًّا كان القائمون عليها، لا تعتبر امتيازًا شخصيًّا لمن يتولونها، ولا هى من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها . 
وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد، من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد (1، 3، 4) من دستور سنة 1971، على ضوء المعايير التي التزمتها الدول الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها باطراد في مجتمعاتها، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانًا لحقوق مواطنيها وحرياتهم، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها . 
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية، بمضمونها، يعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها، تبعًا لذلك، يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها . وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان، وإن كان تحقق ثانيتهما معلقًا على وقوع أولاهما، هما نشرها وانقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها. وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية، سواء تضمنها قانون أو لائحة، لا يجوز اعتبارها كذلك، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القاعدة الخلقية، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءًا منها، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها . 
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها، وذيوع أحكامها، واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها. وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواهـا ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا . وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها، وهم من الأغيار في مجال تطبيقها، متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها . 
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن القـــرار المطعون فيه لم ينشر في الجريدة الرسمية " الوقائع المصرية"، وذلك بالمخالفة للنصوص المتقدمة ونص المادة (188) من دستور سنة 1971 ، ومن ثم فإن تطبيقه على المدعى قبل نشره، يزيل عن القواعد التى تضمنها صفتها الإلزامية، فـــلا يكون لها – قانونًا - من وجود .

وحيث إن مؤدى ما تقدم، مخالفة أحكام القرار المطعون فيه ، جميعها، لنصوص المواد (1، 3، 4، 64، 65، 188) من دستور سنة 1971، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته برمته 
فلهـذه الأسبـاب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999 بشأن حظر تحويل الوحدات السكنية إلى غرض آخر في نطاق مدينة الجيزة والأحياء التابعة لها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

هناك تعليقان (2):