الصفحات

الخميس، 4 يونيو 2020

الطعن 7897 لسنة 60 ق جلسة 22 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 141 ص 1017


جلسة 22 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان وصلاح عطية ورضوان عبد العليم نواب رئيس المحكمة وحسن أبو المعالي.
---------
(141)
الطعن رقم 7897 لسنة 60 القضائية

 (1)نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المكاني".
اختصاص وكيل النيابة الكلية بجميع أعمال التحقيق في دائرة النيابة الكلية التابع لها. أساس ذلك؟
 (2)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون التحريات أسفرت عن أن المتهم يتجر في المواد المخدرة ويحوز كمية كبيرة منها يخفيها مع شخصه بوسيلة انتقاله الخاصة بقصد الاتجار. إصدار الإذن بضبط وتفتيش الطاعن ووسيلة انتقاله. مؤداه: صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها.
(3) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
 (6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال متهم على آخر ولو وردت في محضر الشرطة. متى اطمأنت إلى صدقها. وإن عدل عنها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل، غير جائز أمام النقض.
(7) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إقناعية الدليل في المواد الجنائية. مؤداها. حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
 (8)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة والتي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه. غير لازم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام النقض.
 (9)مواد مخدرة. مسئولية جنائية. قصد جنائي.
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة؟
(10) نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في حقيبة السيارة. ما دام الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه.
(11) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار، واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
اقتناع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز كمية المخدر كان بقصد الاتجار. النعي عليها بالقصور في التسبيب. غير سديد.
 (12)نقض "المصلحة في الطعن". مصادرة.
نعى الطاعن على الحكم بشأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر لأنها مملوكة للغير. لا مصلحة له فيه. أساس ذلك؟

----------------
1 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق بما مؤداه أن التحريات السرية دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويروجها بمحافظة الشرقية ويستخدم في ذلك وسائل نقل مختلفة وأنه يحوز كمية كبيرة منها يخفيها مع شخصه بوسيلة انتقاله الخاصة بدائرة الشرقية بقصد الاتجار فيها، وقد أذنت النيابة - بناءً على المحضر الذي تضمن هذه التحريات - بضبط وتفتيش الطاعن ووسيلة انتقاله أثناء تواجده بدائرة محافظة الشرقية لضبط ما يحرزه أو يحوزه من مواد مخدرة. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على ما سلف إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أنه هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمله على عدم الأخذ بها.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كنت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال....... قائد السيارة في حقه وتعويل الحكم عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - إن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
8 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، من ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم ملكيته للسيارة التي ضبط المخدر في حقيبتها - بدلالة الشهادة الصادرة من مرور الإسكندرية وعدم إيراد الحكم لمضمون تلك الشهادة - لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض.
9 - من المقرر أن مناط المسئولية في حيازة المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة أما بحيازته حيازة مادية أو بوضع اليد على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.
10 - انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط في حقيبة السيارة ما دام وصف التهمة التي دين بها يبقي سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر والمضبوط في جيب سترته التي كان يرتديها.
11 - إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمه على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "ومن حيث إنه عن قصد المتهم من الإحراز فإنه لما كان الثابت من تحريات الشرطة أن المتهم الماثل يتجر في المواد المخدرة ويروجها على عملائه وقد تم ضبطه حائزاً ومحرزاً لمائة وإحدى عشر طربة من مخدر الحشيش بالإضافة إلى قطعة أخرى متوسطة الحجم من ذات المخدر وهي كمية كبيرة نسبياً فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى أنه أقر لرجال الضبط باتجاره فيها فإن كل ذلك يقطع في الدلالة على أن قصد المتهم من الإحراز هو الاتجار" وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى التي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن وحيازته للمخدر كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره بدعوى القصور في التسبيب لا يكون سديداً.
12 - لا مصلحة للطاعن في نعيه على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر إذ قرر أنها ملك لمن تدعى..... فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك عليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامها - لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل النيابة دون أن يثبت فيه حدود اختصاصه مكانياً ولابتناء الإذن على تحريات غير جدية سبقته بدلالة أن مستصدر الإذن لم يورد بمحضره بيانات كافية عن الطاعن والسيارة التي كان يستقلها لصدور الإذن عن جريمة مستقبلة إلا أن الحكم أطرح كل ذلك بغير مبرر سائغ، وقد تساند في الإدانة إلى أقوال........ قائد السيارة (السابق محاكمته) على الرغم مما تمسك به الطاعن من أن هذه الأقوال لم تصدر منه عن طواعية واختيار وإنما أكره على الإدلاء بها ورفضت المحكمة هذا الدفاع بما لا يؤدي إليه، كما أن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أنه لا صلة له بالسيارة التي ضبط المخدر في حقيبتها وأنه لم يكن يستقلها بدلالة الشهادة الصادرة من إدارة مرور الإسكندرية التي قدمها للمحكمة - والتي تفيد عدم ملكيته للسيارة بيد أن الحكم لم يورد مضمون تلك الشهادة ولم يعن بالرد على دفاعه، كما أن الحكم فسد استدلاله حين نسب إليه حيازة المادة المخدرة والتي ضبطت في حقيقة السيارة، ويضاف إلى ذلك أن ما ساقه الحكم للتدليل على توافر قصد الاتجار في حقه لا يكفي في إثبات هذا القصد، هذا إلى أن الحكم قضى بمصادرة السيارة المضبوطة على الرغم من ثبوت ملكيتها لأخرى وهي من الغير حسن النية، وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره من وكيل نيابة غير مختص وعن جريمة مستقبلة ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه فيما يتعلق ببطلان الإذن لصدوره بشأن جريمة مستقبلة ومن غير مختص فهو مردود بأن الواقعة كما هي ثابتة بمحضر التحريات التي صدر الإذن بناءً عليه أن التحريات السرية دلت على أن المتهم يتجر في المواد المخدرة ويروجها على عملائه بدائرة محافظة الشرقية وأن لديه بالفعل كمية منها يخفيها مع شخصه وبوسيلة انتقاله، وصدر الإذن من السيد وكيل نيابة الزقازيق الكلية بضبط وتفتيش شخص المتهم ووسيلة انتقاله أثناء تواجده بدائرة محافظة الشرقية لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أي أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة وقد صدر الإذن من وكيل للنائب العام مختص قانوناً بإصداره ومن ثم يكون الدفع في غير محله". لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، وذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت - على ما تقدم - أن السيد وكيل نيابة الزقازيق الكلية هو مصدر الإذن لضبط وتفتيش شخص الطاعن ووسيلة انتقاله أثناء تواجده بدائرة محافظة الشرقية وكان الطاعن لا يمارى في أن هذا الذي أورده الحكم له صداه في الأوراق. وكان ما أثبته الحكم يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره فإن ما يثيره الطاعن بالقصور بصدد إطراحه هذا الشق من الدفع لا يكون سديداً. لما كان ذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق بما مؤداه أن التحريات السرية دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويروجها بمحافظة الشرقية ويستخدم في ذلك وسائل نقل مختلفة وأنه يحوز كمية كبيرة منها يخفيها مع شخصه بوسيلة انتقاله الخاصة بدائرة الشرقية بقصد الاتجار فيها، وقد أذنت النيابة - بناءً على المحضر الذي تضمن هذه التحريات - بضبط وتفتيش الطاعن ووسيلة انتقاله أثناء تواجده بدائرة محافظة الشرقية لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على ما سلف إلى أن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على شواهد الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات بقوله "وحيث إنه فيما يتعلق بالدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات فهو مردود بأنه محضر التحريات الذي صدر الإذن بناءً عليه قد تضمن الاسم الكامل للمتحري عنه وعمره ومحل إقامته وعمله ونشاطه المتمثل في الاتجار في المواد المخدرة وترويجها على عملائه بدائرة محافظة الشرقية مستخدماً وسائل نقل مختلفة وكل هذه معلومات كافية وتحريات جدية شاملة مسوغة لإصدار الإذن ولا ينال منها عدم ذكر الأماكن أو الأشخاص الذي يتردد عليهم ولا بيان رقم مركبة النقل التي يستخدمها ولا سوابقه كما أن بحسبه أن يرد به في معرض بيان محل إقامة المتحري عنه أن يذكر أنه يقيم بمركز فوة محافظة كفر الشيخ وأنه لم يثبت أنه يقيم في غير هذا المكان بل على العكس ثبت بالتحقيقات أن المتهم يقيم بالعنوان سالف البيان ومن ثم يكون الدفع في غير محله متعيناً الالتفات عنه". ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن في هذه الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن عدم ملكيته للسيارة التي ضبط بها المخدر وما نعى به على أقوال قائدها وأطرحه بقوله "ومن حيث إنه فيما يتعلق بما أثاره الدفاع من أن السيارة ليست ملكاً للمتهم وبالتالي لا يمكن نسبة المخدر المضبوط بها إليه وأن أقوال قائد السيارة أكره عليها وأنها كاذبة، فهو في جملته مردود بأنه من المقرر قانوناً أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ما دام هذا الدليل له أصل ثابت في أوراق الدعوى كما أن من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال متهم على غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحبتها ومطابقتها للحقيقة والواقع وكانت معززة بأدلة أخرى حتى لو عدل عنها في أي مرحلة من مراحل الدعوى وبتطبيق ذلك على واقعة الدعوى نجد أن المحكمة اطمأنت على نحو ما سلف إلى ما قرره قائد السيارة......... من أن السيارة حيازة المتهم......... وأن المخدر المضبوط بحقيبة السيارة خاص بهذا الأخير وأنه أي قائد السيارة مجرد سائق أجبر لم يكن يعلم شيئاً عن كنه المضبوطات سيما وأن هذه الأقوال صدرت من المذكور عن طواعية واختيار وجاءت منزهة عن مظنة الإكراه من أي نوع إذ لم يثبت ذلك من التحقيقات، ومفاد ذلك أن السيارة المضبوطة وما تحمله من مخدر كانت في حيازة المتهم الماثل وتحت سيطرته التامة وإشرافه وقت الضبط ولا يقدح في ذلك ثبوت ملكيتها الرسمية لآخر كما لا ينال من هذا الأمر وجود قائد السيارة ذلك أن هذا الأخير ما هو إلا تابع له يعمل تحت أمرته فهو بمثابة أداة شأنه شأن السيارة ذاتها، ولا يسلبه حيازته لها أو سيطرته عليها حتى مع وجود مفتاح الحقيبة ضمن باقي مفاتيح السيارة إذ أنه أمر معتاد ويتفق مع المجرى العادي للأمور" لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أنه هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمله على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كنت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال........ قائد السيارة في حقه وتعويل الحكم عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، من ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم ملكيته للسيارة التي ضبط المخدر في حقيبتها - بدلالة الشهادة الصادرة من مرور الإسكندرية وعدم إيراد الحكم لمضمون تلك الشهادة - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حيازة المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازته حيازة مادية أو بوضع اليد على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان الحكم المطعون فيه على ما تقدم - قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط في حقيبة السيارة التي يستقلها فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون على غير سند، هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط في حقيبة السيارة ما دام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيب سترته التي كان يرتديها. لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر أو حيازته بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمه على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "ومن حيث إنه عن قصد المتهم من الإحراز فإنه لما كان الثابت من تحريات الشرطة أن المتهم الماثل يتجر في المواد المخدرة ويروجها على عملائه وقد تم ضبطه حائزاً ومحرزاً لمائة وإحدى عشر طربة من مخدر الحشيش بالإضافة إلى قطعة أخرى متوسطة الحجم من ذات المخدر وهي كمية كبيرة نسبياً فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى أنه أقر لرجال الضبط باتجاره فيها فإن كل ذلك يقطع في الدلالة على أن قصد المتهم من الإحراز هو الاتجار. وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى التي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن وحيازته للمخدر كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره بدعوى القصور في التسبيب لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن في نعيه على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسيارة التي كان بها المخدر إذ قرر أنها ملك لمن تدعى...... فإن هذه الأخيرة وحدها هي صاحبة المصلحة في ذلك وعليها أن تتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كانت حسنة النية وكان لها حق في استلامها - لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق