الصفحات

الأربعاء، 17 يونيو 2020

الطعن 13707 لسنة 59 ق جلسة 24 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 143 ص 1038


جلسة 24 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
--------------
(143)
الطعن رقم 13707 لسنة 59 القضائية

 (1)نيابة عامة. أمر حفظ. دعوى جنائية "قيود تحريكها". دعوى مباشرة. أمر بألا وجه. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إدارياً غير المسبوق بتحقيق قضائي. لا يلزمها. لها الرجوع فيه بلا قيد. ولا يمنع المضرور من الجريمة من الالتجاء إلى رفع الدعوى بالطريق المباشر.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بعد تحقيق الواقعة منها أو من أحد رجال الضبط القضائي المنتدب لهذا الغرض مانع من رفع الدعوى. حد ذلك؟
مثال.
(2) سب وقذف. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 عقوبات ورودها على سبيل البيان لا الحصر.
ترديد المتهم عبارات القذف أمام عدة شهود في مجالس مختلفة بقصد التشهير بالمجني عليه يتوافر به ركن العلانية.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
وزون أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها. عدم التزامها بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه الجدل الموضوعي، غير جائز أمام النقض.
 (4)محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق ولا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو ما كان يتعين على محكمة أول درجة إجراؤه.
سكوت دفاع الطاعنين عن إبداء طلب سماع الشهود أمام محكمة أول درجة اعتباره متنازلاً عنه. أثر ذلك؟
 (5)دعوى مباشرة. دعوى جنائية "قيود تحريكها" سب وقذف. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". حكم "تسبيبه، تسبيب غير معيب"، نقض "أسباب الطعن، مالا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم قبول الدعوى لمضي مدة تزيد على ثلاثة أشهر بين تاريخ علم المطعون ضدهما بوقائع القذف وبين تحريك الدعوى.
 (6)إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.

--------------
1 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة لم تباشر بنفسها ثمة تحقيق في الواقعة كما أنها لم تندب أياً من مأموري الضبط القضائي المختصين لهذا الغرض، وأنها في ضوء ما تضمنته محاضر جمع الاستدلالات أمرت بحفظ الشكوى إدارياً. وهو ما يتفق والتكييف القانوني الصحيح لطبيعة هذا التصرف، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إدارياً الذي لم يسبقه تحقيق قضائي كما هو الحال في هذه الدعوى - لا يكون ملزماً لها، بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية، كما أنه لا يكون حجة على المجني عليه المضرور من الجريمة ويكون من حقه الالتجاء إلى رفع الدعوى بالطريق المباشر - متى توافرت شروطها - وهو على هذه الصورة يفترق عن الأمر القضائي بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة العامة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجري تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناءً على انتداب منها على ما تقضي به المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى إلا إذا ظهرت أدلة جديدة أو ألغاه النائب العام في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره، وإذ كانت المحكمة قد اعتنقت هذا النظر في ردها على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون ويكون هذا الوجه للنعي غير سديد.
2 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، واستدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً مما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن - الطاعنين قد عمدا إلى إذاعة وإعلان الوقائع التي أسنداها إلى المطعون ضدهما بين العديد من الأشخاص وبوسائل مختلفة في أماكن متعددة منها قسم الشرطة وأحد المقاهي وفي الطريق العام وبالاتصال الهاتفي وعرض "شريط فيديو" وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد عبارات القذف أمام عدة شهود وفي مجالس مختلفة بقصد التشهير بالمجني عليه وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية كما هو معرف به في القانون، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير قويم.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من حق المحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها، وأنها غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد بياناً وافياً لأقوال الشهود لا تناقض فيه ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة ولا من المفردات المضمومة أن الطاعنين قد تمسكا أمام محكمة أول درجة بسماع شهود الإثبات وأن أبديا هذا الطلب في مذكرة دفاعهما المقدمة لمحكمة ثاني درجة، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو ما كان يتعين على محكمة أول درجة إجراؤه، وكان الثابت أن دفاع الطاعنين وإن أبدى سماع الشهود أمام المحكمة الاستئنافية إلا أنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى لمضي مدة تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ علم المطعون ضدهما بوقائع القذف وبين تحريك الدعوى وخلص إلى رفضه تأسيساً على أن هذه الوقائع كانت سلسلة متتابعة من الأفعال كان آخرها بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1984 وتم الإبلاغ بشأنها للنيابة العامة في 12 من سبتمبر سنة 1984، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم له سنده الصحيح من أوراق الدعوى خلافاً لما زعم الطاعنان - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون وتضحى دعوى مخالفة الثابت في الأوراق على غير أساس.
6 - لما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول في خصوص إعراض الحكم عن دعوى الشهادة الصادرة عن مستشفى الشرطة تدليلاً على وجوده فيها مع زوجته بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1984 وعلى عدم لقائه بالشاهد في ذلك اليوم، وكذلك إعراضه عن دلالة الإقرار الصادر عن آخر بشأن عدم انفراده بذلك الشاهد في قسم الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.


الوقائع
أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعواهما بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح المعادي ضد الطاعنين بوصف أنهما. قذفا في حقهما وسباهما بأمور لو صحت لأوجبت احتقارهما من الناس. وطلبا عقابهما بالمادتين 302، 308 مكرراً من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح المعادي قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ مع إلزامهما بدفع مبلغ 51 جنيهاً للمدعيين بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت، استأنفا، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً، ثانياً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبنظرها، ثالثاً: برفض الدفع بعدم جواز قبول الدعوى وبقبولها، رابعاً: في الموضوع برفضه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القذف وألزمهما بالتعويض قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك بأن المدافع عنهما دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها تأسيساً على أن الشكوى التي ضبطت عن الواقعة صدر فيها قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية غير أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون وأعرض عن دفاعهما القائم على تخلف ركن العلانية وجاء قاصراً في استظهاره واعتمد في قضائه على دليل وحيد تمثل في أقوال الشهود التي أدلوا بها في التحقيقات التي تقرر حفظها، وحصلها في عبارة مبهمة ورغم ما شابها من تناقض، ولم تجب محكمة الموضوع بدرجتيها الطاعنين إلى طلب سماع هؤلاء الشهود، وخلص الحكم إلى سلامة إجراءات رفع الدعوى على الرغم من أن الثابت من أقوال المطعون ضده الأول بتحقيقات وزارة الداخلية مضي مدة تزيد على ثلاثة أشهر بين علمه بوقائع القذف وبين تحريك الدعوى بشأنها وتساند في ذلك إلى ما لا أصل له في الأوراق، والتفت عن دلالة الشهادة الرسمية المثبتة لوجود الطاعن بإحدى المستشفيات رفقة زوجته في تاريخ معاصر لحدوث بعض الوقائع المنسوبة إليه، وخلت أقوال الشاهد...... مما يستفاد منه أن الحديث قد جرى بينه وبين الطاعن الأول في فناء قسم الشرطة وإلى واقعة عرض المبلغ النقدي على المطعون ضده الأول لإخلاء مسكنه وورد بصحيفة الدعوى والحكم إن لقاء الطاعن الأول مع الشاهد المذكور حدث بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1984 في حين أن الشاهد لم يجزم بذلك التاريخ تحديداً، كما التفت الحكم عن دلالة الإقرار الموثق الصادر عن المقدم...... المتضمن عدم انفراد الشاهد آنف الذكر بالطاعن في قسم الشرطة، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة لم تباشر بنفسها ثمة تحقيق في الواقعة كما أنها لم تندب أياً من مأموري الضبط القضائي المختصين لهذا الغرض، وأنها في ضوء ما تضمنته محاضر جمع الاستدلالات أمرت بحفظ الشكوى إدارياً. وهو ما يتفق والتكييف القانوني الصحيح لطبيعة هذا التصرف. لما كان ذلك. وكان المقرر أن الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إدارياً الذي لم يسبقه تحقيق قضائي كما هو الحال في هذه الدعوى - لا يكون ملزماً لها، بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية، كما أنه لا يكون حجة على المجني عليه المضرور من الجريمة ويكون من حقه الالتجاء إلى رفع الدعوى بالطريق المباشر - متى توافرت شروطها - وهو على هذه الصورة يفترق عن الأمر القضائي بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة العامة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجري تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناءً على انتداب منها على ما تقضي به المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى إلا إذا ظهرت أدلة جديدة أو ألغاه النائب العام في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره، وإذ كانت المحكمة قد اعتنقت هذا النظر في ردها على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون ويكون هذا الوجه للنعي غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، واستدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستمداً مما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن - الطاعنين قد عمدا إلى إذاعة وإعلان الوقائع التي أسنداها إلى المطعون ضدهما بين العديد من الأشخاص وبوسائل مختلفة في أماكن متعددة منها قسم الشرطة وأحد المقاهي وفي الطريق العام وبالاتصال الهاتفي وعرض شريط فيديو وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد عبارات القذف أمام عدة شهود وفي مجالس مختلفة بقصد التشهير بالمجني عليه وتم له ما أراد من استقاضة الخبر وذيوعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية كما هو معرف به في القانون، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من حق المحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها، وأنها غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد بياناً وافياً لأقوال الشهود لا تناقض فيه ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة ولا من المفردات المضمومة أن الطاعنين قد تمسكا أمام محكمة أول درجة بسماع شهود الإثبات وأن أبديا هذا الطلب في مذكرة دفاعهما المقدمة لمحكمة ثاني درجة، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو ما كان يتعين على محكمة أول درجة إجراؤه، وكان الثابت أن دفاع الطاعنين وإن أبدى طلب سماع الشهود أمام المحكمة الاستئنافية إلا أنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى لمضي مدة تزيد على ثلاثة أشهر بين تاريخ علم المطعون ضدهما بوقائع القذف وبين تحريك الدعوى وخلص إلى رفضه تأسيساً على أن هذه الوقائع كانت سلسلة متتابعة من الأفعال كان آخرها بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1984 وتم الإبلاغ بشأنها للنيابة العامة في 12 من سبتمبر سنة 1984، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم له سنده الصحيح من أوراق الدعوى خلافاً لما زعم الطاعنان، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون وتضحى دعوى مخالفة الثابت في الأوراق على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول في خصوص إعراض الحكم عن دعوى الشهادة الصادرة عن مستشفى الشرطة تدليلاً على وجوده فيها مع زوجته بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1984 وعلى عدم لقائه بالشاهد في ذلك اليوم، وكذلك إعراضه عن دلالة الإقرار الصادر عن آخر بشأن عدم انفراده بذلك الشاهد في قسم الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد...... له صداه في أقواله، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون بدوره غير سديد لما كان ذلك، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن مع إلزام الطاعنين المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق