الصفحات

الأحد، 21 يونيو 2020

الطعن 1002 لسنة 36 ق جلسة 5/ 12/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 223 ص 1182


جلسة 5 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي.
---------------
(223)
الطعن رقم 1002 لسنة 36 القضائية

إجراءات. "الأعمال الإجرائية". تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". تلبس. اختصاص. بطلان.
الأعمال الإجرائية تجرى على حكم الظاهر. هي لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع.

----------------
الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع. وقد أعمل الشارع هذا الأصل، وأدار عليه نصوصه، ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفا يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم جريمته بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بني الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص، وإن تراخى كشفه، من ذلك ما نصت عليه المواد 163 و362 و382 من قانون الإجراءات الجنائية. مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه، تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن تفتيش المتهم لعلة صدوره من نيابة الأحداث حين لم يكن حدثا، دون أن يلفت إلى أن هذا الإذن قد صدر أخذا بما ورد في محضر التحري من أن المتهم حدث، الأمر الذي أيده هو نفسه ولم تنكشف حقيقته إلا بإجراء لاحق على صدور الإذن حين عرض على الطبيب الشرعي، فإن الإذن يكون صحيحا، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 13/ 6/ 1963 بدائرة قسم كرموز: أحرز جوهرا مخدرا - حشيشا - في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/1 و34/1- أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق، فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الإسكندرية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة الأحداث بالرغم من أن المتهم لم يكن حدثا وقت إصداره، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 12 مايو سنة 1965 عملا بالمواد 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية و30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما اسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده تأسيسا على الإذن بتفتيشه الصادر من وكيل نيابة الأحداث قد وقع باطلا لأن المتهم لم يكن حدثا وقت إصداره، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العبرة في صحة الإذن بالتفتيش هي بالإجراءات السابقة عليه، والتي أنبأت بأن المتهم حدث وهو ما أيده المتهم نفسه في مستهل التحقيق، وليس من شأن الإجراءات اللاحقة التي كشفت عن أنه جاوز سن الحداثة أن يبطل الإذن السابق عليها مما يؤدي إلى إفلات الجاني من العقاب، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في أن ضابط مكتب حماية الأحداث استصدر من نيابة الأحداث في 13 يونيه سنة 1963 إذنا بتفتيش المتهم - المطعون ضده - باعتباره حدثا، وإذ قبض عليه عثر في يده على ثلاث قطع من جوهر الحشيش، وبجيب بنطلونه على مطواة، ثم عرض الحكم إلى ما دفع به المتهم من بطلان الإذن الصادر من وكيل نيابة الأحداث بتفتيشه تأسيسا على أنه لم يكن مختصا بإصداره لأنه لم يكن حدثا وقت صدوره إذ زاد عمره عن خمسة عشر عاما، وأخذ بالدفع وسوغ قضاءه بقوله: "وحيث إنه من المستقر عليه فقها وقضاء أن ولاية وكيل النيابة تتخصص بدائرة النيابة التي ندب لها ولا يكون له أن يباشر أعمال وظيفته في دائرة نيابة أخرى وأن أي إجراء له خارج حدود ولايته يعتبر باطلا ولا يتفق وروح القانون، ومن ثم يكون الإذن الصادر من وكيل نيابة الأحداث بشأن ذلك المتهم باطلا ولا يعول على الدليل المستمد منه. وحيث إن الثابت من الأوراق أن الإذن الصادر بضبط وتفتيش المتهم وسنه يزيد عن الخمس عشرة سنة قد صدر من وكيل نيابة الأحداث وأن هذا الإجراء منه خارج عن ولايته ومن ثم يكون الإذن الصادر منه بضبط وتفتيش المتهم باطل ولا يعتد به وبالتالي يكون ما انبنى عليه من إجراء الضبط والتفتيش باطلين وترتيبا على ذلك يبطل الدليل المستمد من ذلك الإجراء الباطل. وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى بطلان الإذن وبطلان ما تلاه من إجراءات والدليل المستمد منه ومن ثم فالتهمة المسندة للمتهم من إحرازه للمخدر المضبوط تأسيسا على تلك الإجراءات الباطلة وعلى الدليل الباطل المستمد منها قد خلت من دليل في الأوراق يؤيدها ومن ثم تكون التهمة المسندة إلى المتهم محل شك ويتعين لذلك الحكم ببراءته". وهذا الرأي الذي اعتنقه الحكم المطعون فيه لا يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل، وأدار عليه نصوصه، ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفا يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم لجريمته بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بنى الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه، من ذلك ما نصت عليه المادة 163 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "لجميع الخصوم أن يستأنفوا الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص، ولا يوقف الاستئناف سير التحقيق، ولا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق" وكذلك ما نصت عليه المادة 382 من أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أو الواقعة كما هى مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" وهكذا ألزم القانون محكمة الجنايات الاختصاص بالحكم في الجنحة التي لبست - بحسب ظاهرها - ثوب الجناية، ولم يجز لها من بعد الحكم بعدم الاختصاص بناء على ما تتبينه من حقيقتها بعد التحقيق. وكذا ما نصت عليه المادة 362 الواردة في "محاكمة الأحداث" من أنه إذا حكم على متهم على اعتبار أن سنه أكثر من خمس عشرة سنة ثم تبين بأوراق رسمية أنها دون ذلك يرفع النائب العام الأمر للمحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه... وإذا حكم على المتهم بعقوبة من العقوبات الخاصة بالمتهمين الأحداث ثم تبين بأوراق رسمية أن سنه تزيد عن خمسة عشرة سنة، جاز للنائب العام أن يطلب من المحكمة التي أصدرت الحكم أن تعيد النظر في حكمها وتحكم وفقا للقانون، وإذ لم يتناول النص الإجراءات السابقة على الحكم وإعادة النظر بالبطلان فإن مفاد ذلك صحة الإجراءات أخذا بظاهر سن المتهم، مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه، تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن تفتيش المتهم لعلة صدوره من نيابة الأحداث حين لم يكن حدثا، دون أن يلتفت إلى أن هذا الإذن قد صدر أخذا بما ورد في محضر التحري من أن المتهم حدث الأمر الذي أيده هو نفسه ولم تنكشف حقيقته إلا بإجراء لاحق على صدور الإذن حين عرض على الطبيب الشرعي، فإن الإذن يكون صحيحا ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه. ولما كان هذا الخطأ في حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق