الصفحات

الخميس، 7 مايو 2020

الطعن 650 لسنة 46 ق جلسة 8 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 194 ص 858


جلسة 8 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدي إسكندر وعزت، وفاروق محمود سيف النصر، واسماعيل محمود حفيظ.
--------------
(194)
الطعن رقم 650 لسنة 46 القضائية

 (1)محكمة الموضوع. " سلطتها في تقدير الدليل ". إثبات. " بوجه عام ". حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة شرطه. أن يكون استخلاصا سائغا وله أصله في الأوراق.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" .دفاع ."الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسببه تسبيب غير معيب" مسئولية جنائية "قيامها".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع ظاهر البطلان.
عدم جواز إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة. أمام النقض.
3)،4 ) ضرب أفضى إلى موت. رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية. " قيامها ".
(3) رابطة السببية في المواد الجنائية. علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمدا.
 (4)مسئولية الفاعل عن جميع النتائج المحتملة. ما لم يثبت أن المجنى عليه تعمد تجسيم المسئولية.
 (5)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيب. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. طالما أنها واجهت عناصر الدعوى وأتت بها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة سماعية عن آخر. متى اطمأنت إليها.

-------------
1 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - وإذا كان الدفاع ظاهر البطلان وبعيدا عنه محجة الصواب، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه دون أن تتناوله في حكمها، ولما كان ذلك وكان الطاعن لم يثر شيئا في شأنه أمام محكمة الموضوع. فلا يسوغ له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها.
3 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وإذ كانت هذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه.
4 - الطاعن يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه، ما لم يثبت أنه كان يقصد تجسيم المسئولية.
5 - المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ كان ما أوردته في حكمها يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، فإن ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال أحد الشهود، وإعراضه عن تحصيل الحالة التي كان عليها المجنى عليه عقب إصابته ويوم وفاته لا يكون له محل إذ لم يكن له أثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهت إليها.
6 - ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، لما كان ذلك الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجنى عليه والشهود، وعول على ما نقلوه عنه من أنه قال إن الطاعن هو ضاربه، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز ناصر محافظة بنى سويف: ضرب عمدا...... بفأس في رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله، ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات بنى سويف قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم أغفل في تحصيله لواقعة الدعوى ما جاء على ألسنة الشهود وصفا لحالة المجنى عليه عقب إصابته يوم 3/ 7/ 1972 إذ سعى بنفسه وهو في صحة طيبة إلى ضابط الشرطة شاكيا في اعتداء الطاعن عليه بالضرب فأحاله إلى المستشفى وبعد الكشف الطبي عليه وإجراء اللازم له لم تستوجب حالته إبقاءه فيها فعاد إلى منزله وواصل عمله، كما لم يعنى الحكم ببيان حالته يوم وفاته في 7/ 7/ 1972وما كان عليه من هياج وقيء مستمر وشره لشرب المياه، وأعرض عن إيراد ما جاء على لسان الطاعن بالتحقيقات من أن وفاة المجنى عليه كانت نتيجة وضع سم له في الطعام من جانب زوجته - رغم - ما لذلك كله من دلالة وأهمية في تحديد رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن والنتيجة التي وقعت، كما اطرح الحكم بأسباب غير سائغة ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن وفاة المجنى عليه كانت بسبب أجنبي هو الإهمال في العلاج من جانب الطبيب المعالج بالمستشفى، هذا إلى أن المحكمة في صياغتها لحكمها لم تفضل بين الواقعة والدليل عليها و ولم تورد اقوال المجنى عليه في محضر جمع الاستدلالات، وتساندت إلى رواية نقلها الشهود عنه من أن الطاعن هو ضاربة، وأغفلت ما شهد به الشاهد.... مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه في يوم 3/ 7/ 1972 أبلغ المجنى عليه نقطة شرطة دلاص أن ابن أخيه - الطاعن - ضربه بفأس على رأسه فأحدث إصابته وذلك لنزاع بينه وبين أخيه على الميراث، ولدى سؤاله بمحضر الشرطة ردد مضمون ما جاء ببلاغه، وبتوقيع الكشف الطبي عليه وجد لديه جرح قطعي بمنتصف الرأس طوله 1 سم وقد تم تحويله للمستشفى لإجراء اللازم. وما لبث أن توفى في 7/ 7/ 1972 وجاء بتقرير الصفة التشريحية أن إصابة الرأس كانت عبارة عن كسر شرخي مضاعف بعظام القبوة تحدث من المصادمة الشديدة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها نتيجة الاعتداء بمثل طورية - بفأس - أو ما شابه ذلك وأن الوفاة إصابية نتيجة الإصابة المذكورة وما ضوعفت به من التهاب مائي صديدي والتهاب رئوي ركودي، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة - في حق الطاعن - أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الواقعة والتقارير الطبية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ومن التقارير الطبية، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة. أنه وإن جاء على لسان الطاعن بتحقيقات النيابة أن زوجة المجنى عليه لم تكن على وفاق معه وأنها دست لزوجها السم في الطعام للتخلص منه، إلا أن البين من تقرير الصفة التشريحية أن التحليل المعملي لأحشاء جثة المجنى عليه أثبت عدم العثور بها على التوليدول ومركبات الكلور والفسفور العضوي كما وجدت خالية من السموم المعدنية العادية وأشباه القلويات المخدرة والسامة - مما ينفى ادعاءه في هذا الصدد ويجعله عاريا من دليلة، وإذ كان هذا الدفاع ظاهر البطلان وبعيدا عنه محجة الصواب، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها، ولما كان الطاعن لم يثر شيئا في شأنه أمام محكمة الموضوع، فلا يسوغ له أن يثيره، لأول مرة أمام محكمة النقض، ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن دفع بانتفاء مسئوليته عن الوفاة تأسيسا على أنها ما كانت لتحدث لولا إهمال المجنى عليه والطبيب في العلاج، وقد عرض الحكم إلى هذا الدفاع وأطرحه في قوله "أن الأصل أن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت هذه النتائج قد حدثت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه" - وما انتهى إليه الحكم سديد في القانون، ذلك بأنه من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وكانت هذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه أحدث بالمجنى عليه إصابة برأسه بأن ضربه بفأس، ودلل على توافر رابطة السببية بين الإصابة والوفاة بما حصله من تقرير الصفة التشريحية من أن إصابة المجنى عليه برأسه عبارة عن كسر شرخي مضاعف بعظام القبوة تحدث من مثل الاعتداء عليه بفأس وأن الوفاة إصابية نتيجة الإصابة المذكورة وما ضوعفت به من التهاب سحائي صديدي والتهاب رئوي ركودي، فإن الطاعن يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الاهمال فيه، ما لم يثبت أن المجنى عليه كان يتعمد التجسيم في المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له في الأوراق، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد - لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان ما أوردته في حكمها يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، فإن ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال أحد الشهود، وإعراضه عن تحصيل الحالة التي كان عليه المجنى عليه عقب إصابته ويوم وفاته - لا يكون له محل إذ لم يكن له أثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهت إليها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم لعدم فصله بين الواقعة والدليل عليها - أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم بيان الحكم فحوى شهادة المجنى عليه بمحضر الشرطة فمردود بأن الحكم أوضح ذلك عند تحصيله للواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به المجني عليه والشهود، وعول على ما نقلوه عنه من أنه قال إن الطاعن هو ضاربه، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق