الصفحات

الاثنين، 11 مايو 2020

الطعن 527 لسنة 46 ق جلسة 1 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 186 ص 811


جلسة أول نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، وإسماعيل محمود حفيظ.
---------
(186)
الطعن رقم 527 لسنة 46 القضائية

 (1)مسئولية تقصيرية. خطأ. ضرر قتل خطأ. إصابة خطأ.
صيانة العقار وترميمه واجب على مالك العقار. مسئوليته عن الضرر الذى يصيب الغير عنه التقصير في الصيانة.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية مدنية. مسئولية جنائية. خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنيا وجنائيا. موضوعي.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية مدنية. خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تراخى جهة الإدارة في إخلاء عقار آيل للسقوط. وبعد صدور قرار بإخلائه. لا يعفى المالك من المسئولية.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "إخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الظاهر بالبطلان.

--------------
1 - من المقرر أن مالك العقار مطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة والترميم فإذا قصر كان مسئولا عن الضرر الذى يصيب الغير بهذا التقصير.
2 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
3 - لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره في شأن مسئولية جهة الإدارة - لجنة أعمال الهدم والبناء - عن تراخيها في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخلاء العقارين من سكانهما بالطريق الإداري بعد أن تحقق لها خطر سقوطهما، ذلك أن تقدير وجوب هذا التدخل أو عدم وجوبه موكول للسلطة القائمة على أعمال التنظيم فإذا جاز القول بأن خطأها في هذا التقدير يعرضها للمسئولية من ناحية القانون العام فإن ذلك إنما يكون بوصفها سلطة عامة ذات شخصيه اعتباريه من أخص واجباتها المحافظة على الأمن وعلى أرواح الناس، كما أنه بفرض قيام هذه المسئولية فإن هذا لا ينفى مسئولية الطاعنة طالما أن الحكم قد أثبت قيامها في حقها.
4 - لما كان دفاع الطاعنة - بأن خطأ مهندس لجنة أعمال الهدم والبناء وخبير الدعوى المستعجلة هو وحده الذى تسبب في الحادث - هو دفاع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب فلا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية تسببت بغير قصد ولا تعمد في قتل ..... وآخرين وفى اصابة ..... وآخرين وكان ذلك ناشئا عن إهمالها وعدم احتياطها بأن تراخت عن صيانة وترميم العقارين المبينين بالتحقيقات وفقا للأصول الفنية وهي ملزمة بذلك إذ تقوم على إدارتهما وحراستهما مع علمها بتصدعهما وحاجتهما إلى الإصلاح من تقارير الخبرة الهندسية الأمر الذي نتج عنه انهيارهما وإصابة المجني عليهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة من توفى منهم. وطلبت عقابهم بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات وادعى كل من ..... و.....و..... مدنيا قبل المتهمة بمبلغ واحد وخمسين جنيها لكل منهم على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح محرم بك الجزائية قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهمة سنة واحدة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وبإلزامها بأن تدفع لكل من المدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطرق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانها بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن دفاعها أمام المحكمة الاستئنافية قام على أنها لم تخطر - من جانب السلطات الإدارية المختصة بالإشراف على العقارات المهددة بالسقوط - بخطورة حالة العقارين أو تنبه - من جانب أحد المستأجرين - إلى إجراء ترميمات ضرورية بهما منعا لانهيارهما حتى تقوم مسئوليتها في حالة امتناعها عن تنفيذ الترميم المكلفة به أو تراخيها في انجازه في الموعد المحدد له، وأن الخطأ الذى أدى إلى وقوع الحادث هو خطأ المهندسين وحدهم فلقد ثبت لمهندس لجنة أعمال الهدم والبناء أن العقارين مهددان بالسقوط، ومع ذلك فلم يسارعوا في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بهدمهما بالطريق الإداري، كما أن الخبير المنتدب في الدعوى المستعجلة التي أقيمت على المستأجرين لإخلائهم كان من واجبه أن ينتهى في تقريره إلى تأييد قرار اللجنة بهدمهما لا إلى ترميمهما - مما يرفع المسئولية عن الطاعنة لانتفاء ركن الخطأ في جانبها إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري ولم يعرض له بما يفنده.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ركن الخطأ وأثبته في حق الطاعنة بقوله "وما كانت المتهمة قد أقرت بإدارتها للعقارين بعد أن تنازل باقي الورثة لها عن ريعهما وأنها استجابت لما انتهى إليه خبير الدعوى المستعجلة من ضرورة إجراء ترميمات بالعقارين، فقد قام علمها وتحقق بأن العقارين في حاجة إلى ترميم أوضحه خبير الدعوى المستعجلة فإذا ما قعدت عن إجراء هذا الترميم فقد قامت مسئوليتها عن الأضرار الناجمة عن انهيار العقارين، أما ما ذهب إليه التقرير الفني المقدم من الدكتور... من أن الانهيار نتيجة تحلل المعرفة وهو أمر لا تلاحظه المتهمة فمردود عليه بأنها وقد استصدرت قرارا من لجنة توجيه أعمال البناء والهدم بهدم العقارين فقد اكتشفت حالة العقارين عن علم ويقين وإلا فما الذى دعاها إلى استصدار مثل هذا القرار الذى يصدر - كما ثبت من التحقيقات - بناء على رغبة من ذوى الشأن، وكان لزاما عليها وهى على علم بحالة العقارين أن تقوم باتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع سقوطهما والتي أفرغت في تقرير خبير الدعوى المستعجلة التي أقامها شقيقها - وحيث إنه متى تقرر ما تقدم، وكانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت علم المتهمة بحالة العقارين وقعودها عن اتخاذ وإجراء الترميمات الكفيلة بصيانتهما حتى انهارا وأصيب وقتل المجنى عليهم فإنه يكون من المتعين عقابها بمواد الاتهام... وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف قوله "وحيث إن الثابت من تقرير خبير الدعوى المستعجلة سالفة الذكر أنه يوجد ميول بالأرضيات وأنه يجب التأكد من المجاري لأنه في غالب الأمر يوجد بها تلف تسبب في هبوط الحوائط - وحيث إن المتهمة لم تحرك ساكنا طوال مدة ستة سنوات أي في الفترة من تاريخ تقديم الخبير تقريره في 30 من مايو سنة 1965 وتاريخ انهيار المنزلين في 10 من ديسمبر سنة 1971 فلم تقم بالكشف عن المجاري أو محاولة معرفة سبب هبوط بعض الحوائط، كما أنها قامت ببعض الإصلاحات السطحية ولم تستعن بأحد الفنيين أثناء قيامها بتلك الإصلاحات - وحيث إنه ثابت من تقرير اللجنة الفنية التي ندبتها النيابة لمعاينة العقارين وإبداء سبب انهيارهما أنه يرجع إلى عدم قيام المتهمة بتنفيذ ما جاء بتقرير الخبير وعدم الاستعانة بأحد الفنيين" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مالك العقار مطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة والترميم فإذا قصر كان مسئولا عن الضرر الذى يصيب الغير بهذا التقصير، وكان من المقرر أيضا أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وإذ ما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن الطاعنة كانت على علم بوجود خلل في العقارين المنوط بها حراستهما وحاجتهما إلى الإصلاح - من استصدارها قرارا بهدمهما من لجنة أعمال الهدم والبناء وعلمها بما تضمنه تقرير الخبير المقدم فيها - وهو ماله أصله في الأوراق - وأنها تراخت عن صيانتهما وقعدت عن ترميمهما وفقا للأصول الفنية حتى سقطا على من فيهما - وهو ما يوفر قيام ركن الخطأ في جانبها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، - وكان لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره في شأن مسئولية جهة الإدارة - لجنة أعمال الهدم والبناء - لتراخيها في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخلاء العقارين من سكانهما بالطريق الإداري بعد إذ تحقق لها خطر سقوطهما، ذلك أن تقدير وجوب هذا التدخل أو عدم وجوبه موكول للسلطة القائمة على أعمال التنظيم فإذا جاز القول بأن خطأها في هذا التقدير يعرضها للمسئولية من ناحية القانون العام فإن ذلك إنما يكون بوصفها سلطة عامة ذات شخصية اعتبارية من أخص واجباتها المحافظة على الأمن وعلى أرواح الناس، كما أنه بفرض قيام هذه المسئولية فإن هذا لا ينفى مسئولية الطاعنة طالما أن الحكم قد أثبت قيامها في حقها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن المهندس المنتدب في الدعوى المستعجلة قد أثبت في تقريره أنه عاين العقارين في أول أكتوبر سنة 1965 فوجد تشققات ببعض حوائطهما وميل وهبوط أجزاء من أسقفيهما وأن السبب الرئيسي الذى أدى إلى ذلك هو - حدوث تلف بأنابيب صرف المجاري الرئيسية الخاصة بهما والممتدة في الأرض تحتهما نتج عنه تسرب مياه الصرف إلى الأرض المقام عليها البنائين الأمر الذى كان من شأنه هبوطهما وظهور العيوب التي أسفرت عنها معاينته وأنه يمكن إصلاح العقارين إصلاحا شاملا تبلغ نفقاته 1200 جنيه ويستغرق مدة شهرين، وكان الثابت من مدونات الحكم أيضا أن تقرير اللجنة الفنية التي ندبتها النيابة لمعاينة العقارين بعد انهيارهما - والذى اطمأنت إليه المحكمة - قد جاء مؤيدا لتقرير المهندس المنتدب في الدعوى المستعجلة وموضحا أن الفحص الذى أجراه الخبير يعتبر مقبولا لتحديد حالة العقارين وأن حالتهما لم تكن تنذر بالانهيار وقت معاينته لهما وأن الترميمات التي اقترحها تعتبر مجدية لو نفذت تحت إشراف فنى من مهندس ذو خبرة خلال الثلاث سنوات التالية لتقريره وكان من شأن تنفيذها أن يمنع الانهيار، وأن ما قامت به الطاعنة من إصلاحات تعتبر سطحية وغير جوهرية ولا تمت إلى الاصلاحات والترميمات الأساسية التي كانت لازمة لحفظ العقارين من الانهيار التي اقترحها الخبير في الدعوى المستعجلة، إذ كان ذلك فان ما يثيره الطاعنة من خطأ الخبير في الدعوى المستعجلة يكون غير سديد. لما كان ذلك - وكان دفاع الطاعنة - بأن خطأ مهندس لجنة أعمال الهدم والبناء وخبير الدعوى المستعجلة هو وحده الذى تسبب في الحادث - هو دفاع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب فلا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق