الصفحات

الجمعة، 1 مايو 2020

الطعن 1563 لسنة 29 ق جلسة 10/ 5/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 84 ص 424


جلسة 10 من مايو سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان, ورشاد القدسي المستشارين.
---------------
(84)
الطعن رقم 1563 لسنة 29 القضائية

(أ) أمر بألا وجه. العودة إلى التحقيق.
متى يعد الدليل جديداً؟ عندما يكون مجهولاً من المحقق أو استوفى عناصره التي حالت دون تحقيقه.
(ب) قتل عمد. الظروف المشددة للعقوبة.
ارتباط القتل بجنحة: الفصل في قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234/ 3 ع أو عدم قيامه أمر موضوعي يستقل به قاضي الدعوى.

-----------------
1 - قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها، أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر له من قبل - إما لخفاء الدليل نفسه أو فقدانه أحد العناصر التي تعجز المحقق عن استيفائه.
2 - قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض - فإذا كان الحكم بحسب ما استظهرته المحكمة لم ير قيام ارتباط بين جناية الشروع في القتل وبين جناية السرقة بإكراه، فإن ما يثيره المتهمون بشأن الفقرة الثالثة من المادة 234 لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاًًًًً من: 1 - محمود عبد الرحيم أحمد 2 - حمادة عبد الرحيم أحمد 3 - أحمد شعراني أحمد 4 - حسن مرعي حسن 5 - خطاب عبد الرحيم أحمد بأن المتهمين الأربعة الأول سرقوا بالإكراه القطن والساعة والمبالغ المبينة الأوصاف والقيمة بالمحضر من المجني عليهم في الطريق العمومي حالة كونهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة وذلك بان اعترضوا السيارة النقل قيادة المجني عليه الأول في الطريق وأوقفوها وهددوا المجني عليهم باستعمال الأسلحة التي كانوا يحملونها بقصد تعطيل مقاومتهم فتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من ارتكاب جريمتهم، وشرعوا في قتل القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش البوليس ورجال البوليس المرافقين له والمبين أسماؤهم بالتحقيقات عمداًًًًً بأن أطلقوا عليهم أعيرة نارية قاصدين قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكامهم الرماية، واستعملوا القوة والعنف والتهديد في حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها - وذلك بأن أطلقوا عدداًًًًً من الأعيرة النارية على القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش البوليس والبكباشي إبراهيم إبراهيم عوض مأمور مركز قنا والصاغ عبد التواب إبراهيم خليل رئيس مباحث مديرية قنا وبقية أفراد القوة المرافعة لهم والمبين أسماؤهم بالتحقيقات، وشرعوا في قتلهم ليمنعوهم من ملاحقتهم وضبطهم بالمسروقات بعد ارتكابهم جريمة السرقة موضوع التهمة الأولى ولم يبلغوا مقصدهم لتعزيز قوة البوليس، وأحرزوا الأسلحة النارية المبينة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بغير ترخيص، كما أحرزوا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بدون ترخيص. والمتهم الخامس شرع مع مجهولين في قتل عبد السميع محمد محمد ومحمود حسب الخير عمداًًًًً بان أطلقوا عليهما الأعيرة النارية قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو إسعاف المجني عليهما بالعلاج، واستعمل مع مجهولين القوة والعنف في حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بان أطلقوا أعيرة نارية على عسكري البوليس عبد السميع محمد محمد والمرافقين له ليمنعوهم من نقل جثة "محمود عبد الرحيم حسان" إلى سيارة الإسعاف ولم يبلغوا مقصدهم لتعزيز قوة البوليس الموجودة لهم، وأحرزوا سلاحاًًًًً نارياًًًًً مششخناًًًًً بدون ترخيص. وطلبت إحالة المتهمين الأربعة الأول إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و109 مكرر و234 و315/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بقانون رقم 546 لسنة 1954 وبإحالة المتهم الخامس إلى المحكمة المذكورة لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1 و109 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً - عملاًًًًً بالمواد 109 مكرر و45 و46 و234/ 1 و315/ 1 - 3 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 قسم أ وب والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والثالث وبالمواد 45 و46 و234/ 1 و109 مكرر و36/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 قسم أول بالنسبة للمتهم الخامس بمعاقبة كل من المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراوي أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وبمعاقبة كل من المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراني أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن باقي التهم المسندة إليهم وبمعاقبة المتهم خطاب عبد الرحمن أحمد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه من تهم، وببراءة المتهم حسن مرعي حسن مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
عن أسباب الطعن الواردة بالتقرير المقدم من الطاعنين بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1955.
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في هذا التقرير البطلان في الإجراءات والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الدعوى الجنائية أحيلت من رئيس نيابة أمن الدولة إلى محكمة الجنايات مباشرة استناداًًًًً إلى المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - وكان يجب أن تحال الدعوى من رئيس نيابة قنا إلى غرفة الاتهام وهى التي تأمر بإحالتها إلى محكمة الجنايات ولذا فقد كان أمر الإحالة في هذه الدعوى باطلاًًًًً بطلاناًًًًً يتعلق بالنظام العام إذ لو صح تفسير النيابة لنص المادة 214 من قانون الإجراءات لانبنى عليه تفويت مرحلة غرفة الاتهام في عدد كبير من الجنايات لمجرد الارتباط - ولو كان بسيطاًًًًً - وبذلك يصبح الاستثناء قاعدة الأمر الذي لم يقصده الشارع، كما يترتب عليه أن تتركز إحالة جنايات الرشوة وإحراز الأسلحة وذخائرها وما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى في نيابة أمن الدولة بحجة أن القانون رقم 113 لسنة 1957 قد روعيت فيه مصلحة الأمن العام - وفي هذا مخالفة لأحكام توزيع الاختصاص المركزي بين أعضاء النيابة وما يترتب عليه من الإضرار بالمصلحة العامة إذ عندما ترتبط الجرائم برباط يجعلها وحدة لا تتجزأ يتعين توحيد الإجراءات بشأنها في التحقيق وفي الإحالة والمحاكمة وذلك لتمكين المحكمة من الحكم بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد والأصل هو إتباع الإجراءات العادية في حالة الارتباط وعلى الأقل إتباع تلك الإجراءات بالنسبة لأشد الجرائم على اعتبار أن الحكم ينصرف إليها - وبتطبيق هذه القاعدة على الوقائع المسندة إلى الطاعنين يبين أن الجريمة الأشد هي جريمة السرقة أو الشروع في القتل لأنه لم يثبت من التحقيق على وجه قاطع أن أحداًًًًً معيناًًًًً من الطاعنين هو الذي أحرز السلاح المششخن ما دام أنه قد ضبط بمحل الحادث سلاح غير مششخن كذلك. ولما كانت المادة 214 إجراءات لا تشتمل على جرائم السرقة والقتل فقد وقعت إجراءات رفع الدعوى باطلة، وكان على المحكمة أن تقضي ولو من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى. كما أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن الرابع بعد أن انقضت بالقرار الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامتها ولم يستجد بعد ذلك من الأدلة ما يبعثها من جديد وقد أبدى الطاعن هذا الدفع أمام المحكمة فردت عليه بقولها أن هذا المتهم لم يكن قد ضبط قبل صدور القرار المذكور حتى كان يمكن التحقق من شخصيته - وبذلك تكون المحكمة قد اعتبرت ضبط الطاعن دليلاًًًًً جديداًًًًً وهو ما لم يقل به أحد. وقد اعتمد الحكم في إدانة الطاعنين الثلاثة الأول عن جريمة السرقة على أقوال شاهد واحد هو قائد السيارة يعقوب مجلع مع أن هذا الشاهد قد قطع بأن ظروف الحادث ما كانت لتسمح له بالتعرف على أحد سوى ذلك الذي هدده بالسلاح وما كان للمحكمة أن تصدق ما أسفرت عنه عملية الاستعراف لأنها مصطنعة فكان عليها أن تطرحها لفسادها، يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعنين عن تهمة إحراز السلاح ومقاومة رجال البوليس إلى مجرد استدلالات وقرائن لا ترقى إلى مرتبة الدليل الكافي إذ لم يثبت أن أحداً رأى الطاعنين وهم يحرزون الأسلحة المضبوطة ولما كانت الرؤية على المسافة المذكورة في التحقيق لا تسمح بالتعرف على أحد من الجناة، ولم توجد بالطاعنين آثار تفيد أن أحدهم استعمل سلاحاًًًًً - وكل ما في الأمر أن البوليس ضبط بمحل الحادث أربعة أسلحة وخمسة أشخاص توفى أحدهم فوزعت الأسلحة على الباقين بعملية حسابية خاطئة - وقد أخطأ الحكم في تطبيق القانون إذ لم يوقع على الطاعنين الثلاثة الأول عقوبة واحدة إذ أن جريمة الشروع في القتل المسندة إليهم قد قصد بها التخلص من عقوبة جناية السرقة مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات، كما أن الحكم استند في التدليل على توافر نية القتل إلى عبارات التهديد التي وجهت إلى رجال القوة وإلى مرور الأعيرة بجانبهم وعلى مستوى منخفض مع أن هذه النية لم تخطر على بال الطاعنين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "حيث إن وقائع الحادث تخلص في أن المتهمين محمد عبد الرحيم أحمد "الطاعن الأول" - وحمادة عبد الرحيم أحمد "الطاعن الثاني" وأحمد شعراني "الطاعن الثالث" وكان معهم المتهم المتوفى محمود عبد الرحيم وآخران مجهولان اعترضوا السيارة رقم 177 نقل قنا في ليلة 4/ 10/ 1957 حوالي الساعة الحادية عشر وكان يقودها السائق يعقوب مجلع ويعمل عليها الحمالان مرزوق كندس وأنور حنون - في اتجاههم بها من قنا إلى جرجا محملة بأكياس القطن وإذ تجاوزت السيارة محطة سكة حديد أولاد عمرو بمسافة تقدر بكيلو متر اعترضها جذع نخلة يسد الطريق ثم ظهر ستة أشخاص يحملون الأسلحة النارية كمن أحدهم في بطن الجسر وتقدم الآخر نحو سائق السيارة يهدده ببندقية صوبها في اتجاه بطنه وكان الأربعة الباقون يلتفون حول السيارة من كل جانب - وتمكن من صوب عليه السلاح بهذه الوسيلة من الإكراه من نزع ساعة يده ومن أخذ مبلغ ثلاثة جنيهات من محفظته بينما تمكن الباقون بالإكراه أيضاًًًًً من قطع الحبال التي تثبت أكياس القطن - ثم تمكنوا من حمل ثلاثة أكياس من القطن على التوالي ووضعوها في الجانب الشرقي من الجسر كما تمكنوا من سرقة مبلغ ثلاثة جنيهات من مرزوق كندس ومبلغ مائة وعشرة قروش من أنور حنون وسمحوا للسائق بعد ذلك بالانصراف بالسيارة فتوجه في الحال إلى مركز دشنا حيث أبلغ مأمورها بما وقع من الجناة - وعلى إثر هذا البلاغ توجه القائمقام حلمي المهدي سلامه مفتش التحقيقات بمديرية قنا لمتابعة التحريات والتقصي عن هذا الحادث - إلى نقطة أولاد عمرو وهناك علم من السيد رئيس المباحث أن مرتكبي الحادث هم محمود عبد الرحيم وإخوته وآخرين وأنهم يتحصنون في ماكينة ري قريبة - فتوجه في أثرهم على رأس قوة تضم عدداًًًًً من الضباط والعساكر وكانت الساعة قد جاوزت الرابعة والنصف صباحاًًًًً وكان النهار قد أشرق نوره وظهرت معالم الطريق واضحة - وكانت هناك آثار من القطن متناثرة من مسافة إلى أخرى تجاه تلك الماكينة - وقد فوجئ الضباط ومن معهم من قوة تبلغ حوالي 25 عسكرياًًًًً بالأعيرة النارية تطلق في اتجاههم من أربعة أشخاص كانوا يقفون قرب الماكينة وكان ضوء النهار قد بدأ ينشر نوره وكانت المسافة بين الجناة وبين رجال القوة تتراوح بين خمسين متراًًًًً ومائة متر وعند ذلك واصلت القوة سيرها في اتجاه المتهمين بعد أن حذرهم رئيسها بعدم التعرض لرجال القوة وكان المتهمون من جانبهم يواصلون إطلاق الأعيرة لإرهاب قوة البوليس ومنعها من التقدم بل وكان الأربعة يحذرون رجال البوليس بقتلهم وبإطلاق الرصاص عليهم في المليان إذا هم صمموا على الاقتراب منهم وإزاء ذلك أمر رئيس القوة رجاله بإطلاق النيران في اتجاه المتهمين في الهواء للإرهاب فامتثلوا ولكنهم وجدوا المتهمين يتحصنون في زراعة قصيرة "دراو" ويطلقون النار على رجال القوة قاصدين قتلهم فجاوبتهم القوة بإطلاق الرصاص على نفس المتهمين الأربعة وكانت المسافة بين الطرفين لا تزيد عن 25 متراًًًًً واستمرت هذه المعركة الرهيبة بعضاًًًًً من الوقت وانجلت عن هزيمة المتهمين وتوقفهم عن الضرب وإلقائهم أسلحتهم وإسراعهم إلى الهرب فطاردتهم قوة البوليس وضبطت المتهمين الثلاثة محمد عبد الرحيم أحمد وحمادة عبد الرحيم أحمد وأحمد شعراني أحمد - كما وجد الرابع محمود عبد الرحيم ملقى بالزراعة المذكورة مصاباًًًًً من أعيرة رجال البوليس وما لبث أن توفى بعد ذلك ووجد بجواره بندقية ملطخة بالدماء - كما ضبط بنفس الزراعة ثلاث بنادق أخرى - اثنين منها مما تطلق الرصاص والثالثة خرطوش ذات ماسورتين كما ضبطت القوة بعض الطلقات التي أطلقها الجناة - وبعض الطلقات التي لم تستعمل بعد في المكان الذي كان يتقهقر فيه المتهمون أثناء إطلاقهم أعيرتهم على رجال البوليس كما ضبط المتهم حسن مرعي حسن بجوار الماكينة فطلب رجال البوليس من المتهمين المضبوطين التعرف على جثة القتيل فأجابوا بأنهم لا يعرفونه ثم حضر مالك الماكينة السيد أحمد عبد الرسول نائب الدائرة واصطحبه أحد الضباط إلى الجثة فتعرف عليها وقرر إنها للمدعو محمود عبد الرحيم ابن شريكه والقائم بحراسة الماكينة مع إخوته وحدث بعد انتهاء هذه المعركة وبعد القبض على المتهمين أن تجمع الأهالي على الجسر وكان لا يفصلهم عن رجال القوة إلا ترعة صغيرة وكان يقف على رأسهم المتهم الخامس خطاب عبد الرحمن "الطاعن الرابع" وكانوا يتساءلون عما إذا كان المتهم محمود عبد الرحيم قد مات من عدمه كما كانوا يدفعون النساء لعبور الترعة للتحقق من ذلك ولكن القوة كانت ترد النساء ولما علموا من النائب أحمد أحمد عبد الرسول بوفاة المصاب بدأ الشر يملؤهم وبدأوا يكيلون الشتائم للقوة ورئيسها ولما طلب هذا الأخير من المتهم الخامس إبعاد هذا الجمهور المزدحم - وجه إليه شتائمه وتهديداته - فلم تر قوة البوليس بداًًًًً من سرعة الانسحاب بالجثة إلى الجسر العمومي ليتم نقلها إلى نقطة البوليس - ولقد وصلت النقالة التي وضعت عليها جثة القتيل محمود عبد الرحيم وحملها بعض العساكر وأحد الأهلين ويدعى محمد حسب الخير - بينما تولى البعض الآخر حراسة المتهمين المضبوطين وبدأوا سيرهم في اتجاه الطريق العمومي - ولكن الأهالي المتجمهرين تمكنوا من جمع الأسلحة وبدأوا يطلقون النيران على رجال القوة وكان على رأسهم المتهم الخامس خطاب عبد الرحمن الذي شوهد يطلق أعيرة نارية وكانوا جميعاًًًًًًًًًً يقصدون قتل من يستطيعون من رجال القوة أخذاًًًًً بالثأر لقتل محمود عبد الرحيم - كما كانوا يقصدون في نفس الوقت التغلب على القوة ومنعها من نقل الجثة، وكان بعض مطلقي هذه الأعيرة ظاهراًًًًً للشهود وأن البعض الآخر كان يطلق الأعيرة من زراعة الذرة المجاورة لمكان انسحاب القوة ولقد أصيب فعلاًًًًًًًًًً من هذه الأعيرة كل من العسكري عبد السميع محمد محمد والمدعو محمود حسب الخير". واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أدلة استمدها من أقوال الشهود يعقوب مجلع سائق السيارة والحمالين مرزوق كندس وأنور حنون رمسيس والعقيد حلمي المهدي سلامه والمقدم إبراهيم إبراهيم عوض ورئيس مباحث المديرية وباقي من سئل من رجال القوة ومن المعاينة والتقريرين الطبيين الشرعيين. لما كان ذلك، وكانت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - تنص في فقرتها الثالثة على ما يأتي "ومع ذلك إذا كانت الجناية من الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرراًًًًً والثالث والرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة". ويبين مما استحدثه المشرع في هذه الفقرة أنه رأى - لاعتبارات تتعلق بالأمن والنظام العام أن يجيز للنيابة العامة - استثناءً من الأصل العام المبين بالفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن ترفع الدعوى الجنائية في الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة وعما يكون مرتبطاًًًًً بها من جرائم أخرى شملها التحقيق إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة، ومن المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا غموض فيها فإنه يجب أن تعدّ تعبيراًًًًً صادقاًًًًً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عن ظاهر دلالة نصها عن طريق التفسير والتأويل لأنه لا اجتهاد مع صراحة النص، وقد جاء التعبير بكلمة "الارتباط" عاماًًًًً مطلقاًًًًً من كل قيد في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة مما لا يمكن معه أن ينصرف - إلى غير المعنى الذي قصده الشارع وأرشد عنه في المادة 32 من قانون العقوبات - خصوصاًًًًً وأن القوانين الجنائية تفسر على سبيل التضييق لا التوسع وأن المذكرة الإيضاحية لم تشر من قريب أو من بعيد إلى ما يمكن أن يجعل لكلمة "الارتباط" معنى جديداًًًًً يخالف المعنى الذي يتلاءم مع القاعدة العامة، مما مفاده أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو عدة جرائم بينها ارتباط لا يقبل التجزئة وكانت إحدى تلك الجرائم جناية تدخل في عداد الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة أياًًًًً كانت العقوبة المقررة لها بالقياس إلى الجرائم الأخرى - جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم الحضور أمامها مباشرة، وهذا هو المستفاد من سياق النص وعبارته وما قصد إليه المشرع من التعديل الذي أدخله على هذه المادة بالقانون رقم 113 لسنة 1957. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن تهمة استعمال العنف والقوة وتهمة إحراز السلاح والذخيرة وتهمة الشروع في القتل المسندة إلى الطاعنين الثلاثة الأول كلها تهم مرتبطة ببعضها ارتباطاًًًًًًًًًً لا يقبل التجزئة وتجمعها وحدة الغرض واعتبر أن هذه التهم واحدة وأوقع على هؤلاء الطاعنين عقوبة واحدة، كما اعتبر أن تهمتي الشروع في القتل واستعمال العنف المسندتين إلى الطاعن الرابع مرتبطتين بتهمة إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص المسندة إليه وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد، فإنه لا يكون ثمة بطلان في الإجراءات. لما كان ذلك، وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاًًًًً للمادة 209 لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاًًًًً للمادة 197" وكان نص المادة 197 المذكورة يجري على أن الأمر الصادر من قاضي التحقيق أو من غرفة الاتهام بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية - ويعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم تعرض على قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام ويكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي لظهور الحقيقة. لما كان ذلك، وكان قوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر له من قبل - إما لخلفاء الدليل نفسه أو فقدانه أحد العناصر التي تعجز المحقق عن استيفائه - كما هو الحال في واقعة الدعوى - وقد قالت المحكمة في ذلك "إن الدفاع عن المتهم الخامس "الطاعن الرابع" دفع التهمة بطلب الحكم بعدم قبول الدعوى العمومية المرفوعة على المتهم خطاب عبد الرحمن لأن رئيس نيابة أمن الدولة حفظ التهمة بالنسبة لهذا المتهم في 6/ 1/ 1958 وقرر بعدم كفاية الأدلة ولم تثر في القضية أدلة جديدة تبرر العدول عن هذا القرار. وحيث إنه رداًًًًً على هذا الدفع فإن القائمقام حلمي مهدي سلامة عندما شهد هو والبكباشي إبراهيم عوض في تحقيقات النيابة عن المتهم خطاب عبد الرحمن باعتباره فاعلاًًًًً أصلياًًًًً في جريمتي استعمال العنف والشروع في القتل لم يكونا يعرفان اسمه بل قررا أن شخصاًًًًً يدعى خطاب هو الذي هدد القوة وأطلق النار مع آخرين مجهولين على رجالها فأصيب محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد نتيجة إطلاق هذه الأعيرة كما أن خطاب هذا لم يضبط حتى يمكن التحقق من شخصه لمعرفة إن كان هو الذي أطلق العيارات أم شخص خلافه ولم يذكر أحد اسمه كاملاًًًًً إلا شيخ الخفراء الذي قرر أن للمتهمين قريباًًًًً يدعى خطاب عبد الرحمن وأن رجال البوليس بحثوا عن خطاب عبد الرحمن فلم يوجد ومن ثم أصبح الاتهام قاصراًًًًً عن معرفة ما إذا كان خطاب عبد الرحمن هو مطلق الأعيرة على وجه اليقين أم أنه شخص آخر خلافه كذلك فإن أقوال المصابين محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد وأقوال القائمقام حلمي المهدي سلامه لا يمكن القطع إن كانت متجهة إلى خطاب عبد الرحمن أو سواه - أما وقد ضبط خطاب عبد الرحمن وسئل عن التهمة فأنكرها ثم عرض على الشاهد القائمقام حلمي المهدي سلامه فأكد أنه هو الذي كان يطلق الأعيرة على رجال القوة مع آخرين مجهولين وأن هذه الأعيرة هي التي أصابت المدعو محمود حسب الخير وعبد السميع محمد محمد فهذه الإجراءات التي دبرت لضبط المتهم وأخذ أقواله ثم بالتحقق من شخصه وأنه يدعى خطاب عبد الرحمن ثم بعرضه على الشاهد القائمقام حلمي مهدي سلامه عرضاًًًًً قانونياًًًًً وتأكده أنه هو بذاته الذي اشترك في الحادث كل هذه الدلائل الجديدة التي لم يسبق عرضها على المحقق وكان من شأنها تقوية الدلائل السابقة وزيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة وهي التي تبرر إلغاء القرار السابق ورفع الدعوى العمومية على المتهم عملاًًًًً بالمادتين 197 و213 من قانون الإجراءات الجنائية فيتعين رفض الدفع" ومن ثم يكون ما خلصت إليه المحكمة من اعتبار هذا الدليل جديداًًًًً صحيحاًًًًً من ناحية القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى بما في ذلك القرائن، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعنين، وكانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من فساد في الاستدلال هو مما يتعلق بتقدير الأدلة وليس في حقيقته إلا مجادلة في موضوع الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الفصل في قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك قيام الارتباط السببي المشار إليه في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم بحسب ما استظهرته المحكمة من وقائع الدعوى وظروف الجرائم التي دانت بها الطاعنين لم ير قيام ارتباط بين جناية الشروع في القتل وجناية السرقة بالإكراه، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن الفقرة الثالثة من المادة 234 عقوبات لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تعرض لتوافر نية القتل لدى الطاعنين وقال في ذلك بالنسبة للطاعنين الثلاثة الأول ما يأتي "وحيث إنه بالنسبة لتهمة الشروع في القتل فالثابت من شهادة ضابط البوليس ورجال القوة المرافقين لهم أن الجناة قد وجدوا من القوة تصميماًًًًً على التقدم نحوهم والبحث عن المسروقات قرب الماكينة التي يتولون حراستها وقد وجدوا أن مجرد إطلاق الأعيرة للإرهاب لن يثني القوة عن عزمها فصمموا على قتل من يستطيعون من أفراد القوة فارتكزوا على الأرض عند زراعة الذرة القصيرة "الدراو" وأخذوا يطلقون الأعيرة من بنادقهم التي ضبطت بعد الحادث وثبت إطلاقها فعلاًًًًً - لا إلى أعلا للإرهاب بل نحو أجسام رجال القوة وأن نية القتل ثابتة عليهم من إطلاقهم تلك الأعيرة نحو الضابط والجنود ومن إفصاحهم عن تلك النية في جرأة واقتدار بقولهم لرجال القوة أنهم سيقتلونهم وييتمون أطفالهم وأن الأعيرة على حد شهادة هؤلاء الشهود كان من شأنها أن تصيبهم لولا حذرهم ولولا عناية الله..." كما قال الحكم في خصوص توافر تلك النية لدى الطاعن الرابع ما يأتي "إن نية القتل ثابتة في حقه من إطلاق الأعيرة وإصابة أحد أفراد القوة وشخص كان متطوعاًًًًً بها - إصابة في مقتل بقصد إزهاق روحيهما - إصابة سبقها من جانب هذا المتهم الشتم والتهديد للقوة ورئيسها بالقتل" وهذا الذي أورده الحكم سائغ في استخلاص هذه النية لدى الطاعنين ويؤدي عقلاًًًًً إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاًًًًً عن أنه لا جدوى للطاعنين فيما يثيرونه في هذا الشأن لأن الحكم المطعون فيه دانهم كذلك عن تهمتي إحراز السلاح واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهم أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وأوقع عليهم عقوبة واحدة عن هذه التهم الثلاث.
عن أسباب الطعن المقدم من الطاعنين بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1958.
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في هذا التقرير المقدم منهم البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب وهو ما يتفق والأوجه الثاني والثالث والسادس من التقرير السابق في خصوص بطلان رفع الدعوى الجنائية على الطاعن الرابع خطاب عبد الرحمن وانتفاء نية الشروع في قتل عبد السميع محمد ومحمود حسب الخير والأخذ بشهادة يعقوب مجلع - وقد سبق الرد على هذه الأوجه فيما سلف كما ينعون على الحكم الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في التدليل - وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم اعتمد في إثبات واقعة تهديد الطاعن الرابع خطاب محمد أحد رجال البوليس بالقتل على أقوال القائمقام حلمي المهدي سلامه ومن سئلوا معه من ضباط البوليس مع أنه بالرجوع إلى مدونات الحكم يبين أنه لم يذكر أن السيد محمد فريد جمال ضابط المباحث أو الملازم أول طه محمد سعيد أو جميل مصطفى أو الأميرالاي سعيد إبراهيم قد أسند إلى الطاعن شيئاًًًًً من ذلك - كما أنه كان من بين ما اعتمد عليه الحكم في إدانة الطاعنين أقوال الملازم أول طه محمد سعيد وجميل مصطفى عزيز ورجال الشرطة نور الدين يوسف وخلف ثابت وحسن محمد سليمان وأبو اليمين بسطه جبرائيل ولكنه لم يورد مضمون هذه الأقوال ولا الوقائع التي انصبت عليها ولم يبين مدى مطابقتها لأقوال الشهود السابقين - يضاف إلى ذلك أنه ورد بتقرير الطبيب الشرعي أن إصابة الشرطي عبد السميع محمد تحدث من عيار ناري - إذ ثبت من التحقيق أنه كان يرتدي وقت الحادث "الجاكتة" التي قدمها فيما بعد - وذلك على خلاف ما ورد بالتقرير الطبي الأول من أن إصابة المذكور قد تحدث من آلة راضه كالعصا، وقد أغفل الحكم ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي ولم يقم الدليل على أن الشرطي المذكور كان يرتدي هذه الجاكتة وقت الحادث. وقد اقتضب الحكم المطعون فيه أقوال الدفاع وسردها بصورة تخالف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة وأسند إلى المدافع عن الطاعنين الثلاثة الأول أنه سلم بأنهم أطلقوا الأعيرة النارية على رجال الشرطة بحسب أنهم من اللصوص حال أن الدفاع لم يورد هذا القول إلا على سبيل الفرض الجدلي، ولم يرد الحكم على ما قال به الطاعنون عن كيفية وقوع الحادث مما تمسك به الدفاع مستدلاًًًًً على صحته بشهادة والد القتيل كما أطرح الحكم دفاع الطاعنين الثلاثة الأول من أن جريمة السرقة المسندة إليهم لم تقع أصلاًًًًً واستند الحكم في إلصاقها بهم على مجرد الظن والاحتمال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين عرض لما أسند للطاعن الرابع خطاب عبد الرحمن قال في شأنه "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الخامس خطاب عبد الرحمن فالثابت من شهادة من سمعوا من الشهود من ضباط البوليس أن هذا المتهم خطاب عبد الرحمن كان يوجه إليهم السباب والشتائم والتهديد بالقتل وكان يحرض عليهم الأهالي وأن القوة عندما بدأت في الانسحاب كانت جمهرة الأهالي قد جمعت كثيراًًًًً من الأسلحة واتفق أفرادها على إطلاق النيران على رجال القوة بصفة عامة وعلى من يحملون نقالة القتيل بصفة خاصة وكانوا يقصدون قتل من يستطيعون من أفراد القوة أخذاًًًًً بالثأر ولمنع نقل الجثة بالقوة وأنهم أطلقوا على رجال القوة أعيرة كثيرة لا حصر لها..." ثم قال الحكم "وترى المحكمة أن وجود المتهم خطاب عبد الرحمن فوق الجسر أمام رجال القوة وتهديدهم للشاهد القائمقام حلمي مهدي سلامة بالقتل واقعة ثابتة من شهادة هذا الشاهد وشهادة من سئلوا معه من ضباط البوليس المبينة شهادتهم آنفاًًًًً - ليس ذلك فحسب بل إن المتهم حمادة عبد الرحيم قرر في تحقيقات النيابة أن ابن عمه خطاب كان فعلاًًًًً يقف مع المتجمهرين فوق الجسر أمام رجال القوة - كما ترى المحكمة أن واقعة إطلاق الأعيرة النارية مع باقي المتجمهرين ممن كانوا معه وممن دخلوا في الزراعة - على جانب القوة وأمامها واقعة ثابتة وقد أكدها القائمقام حلمي مهدي سلامه - لا أمام المحكمة فحسب بل في تحقيقات النيابة يوم وقوع الحادث - وفي تحقيقات النيابة عندما عرض عليه هذا المتهم بعد ضبطه". ولما كانت المحكمة قد أوردت قبل ذلك مؤدى أقوال الشهود وأخذت في حدود حقها بما اطمأنت إليه من روايتهم في التحقيقات وفي الجلسة, وكان للمحكمة أن تأخذ بهذا الذي تطمئن إليه من أقوال الشهود, لما كان ما تقدم, وكان ما ذكره الحكم عن أقوال الشهود له أصله الثابت في الأوراق - وبفرض أن بعض رجال الشرطة لم يعرض لواقعة تهديد الطاعن الرابع لهم بالقتل خلافاًًًًً للقائمقام حلمي المهدي سلامه - الذي أخذت المحكمة من شهادته عماداًًًًً لها في إثبات التهمة، فإن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم بفرض وجوده ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك, وكان القانون لا يستلزم إبراز النص الكامل لأقوال الشهود بل يكفي أن يورد الحكم مضمونها - وإذ كان الحكم قد أورد في مدوناته أقوال الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة وكذا أقوال الشهود الآخرين الذين تليت أقوالهم بالجلسة ممن جاءت أقوالهم مؤيده للفريق السابق من الشهود، فإنه يكون بذلك بريئاًًًًً من شائبة القصور. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون عن إصابة الشرطي عبد السميع محمد لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً في موضوع الدعوى ولم يعرضه الطاعنون على محكمة الموضوع ولا تتأتى إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وترد على كل شبهة يثيرها أو جزئية يتمسك بها استقلالاًًًًً، إذ الرد مستفاد ضمناًًًًً من قضائها بالإدانة للأسباب التي تضمنها حكمها - وواضح من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد دلل في منطق سائغ مقبول على أن ما أسند إلى الطاعنين ثابت في حقهم. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم أنه أورد دفاع الطاعنين الثلاثة الأول بما يتفق ودفاعهم الثابت بمحضر جلسة المحاكمة وفنده بالأسباب السائغة التي أوردها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتهمة السرقة المسندة إلى الطاعنين الثلاثة الأول ودلل عليها تدليلاًًًًً سائغاًًًًً مقبولاًًًًً، وكان ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً موضوعياًًًًً يتعلق بتقدير بينات الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا شأن لهذه المحكمة به.
عن أسباب الطعن المقدمة من الطاعنين الثلاثة الأول بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1958.
حيث إن الطاعنين الثلاثة الأول ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وذلك على النحو الوارد بالوجه الثاني من التقرير الأول والوجه الرابع من التقرير الثاني وقد سبق الرد على هذين الوجهين فيما سلف - كما ينعون على الحكم كذلك القصور والخطأ في الإسناد والخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما قاله الدفاع من استحالة نقل أكياس القطن المدعي بسرقتها على النحو الذي ذكره سائق السيارة يعقوب مجلع والحمال أنور جندي لأن ضخامة الأكياس المعبأة بالقطن يستحيل معها جرها في أرض فسيحة مغمورة بالمياه، كما عول الحكم في إدانة الطاعنين على وجود آثار قطن متناثرة على الطريق في محل الحادث وفي اتجاه الماكينة التي كان يخفرها الطاعنون واستند في ذلك على أقوال رجال البوليس مع أن هذا البيان الذي أورده الحكم لا سند له في الأوراق ويخالف الثابت بمعاينة النيابة الأولى لمكان الحادث. وقد فات الحكم المطعون فيه أن الجرائم التي أسندت للطاعنين يربطها غرض جنائي واحد ويعاقب عليها بالعقوبة الأشد المقررة لإحداها مما كان يتعين معه توقيع عقوبة واحدة على الطاعنين خلافاًًًًً لما ذهب الحكم إليه.
ومن حيث إن تقدير الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع وهي غير ملزمة بتتبع دفاع المتهمين في كل جزئية منه والرد عليه استقلالاًًًًً على ما سلف القول ومن ثم فلا يعيب الحكم اعتماده على أقوال الشاهدين يعقوب مجلع وأنور جندي في نقل أكياس القطن وعدم رده على ما قاله الطاعنون تجريحاًًًًً لأقوال هذين الشاهدين إذ في الأخذ بأقوالهما والاطمئنان إليها ما يفيد إطراح هذا الدفاع دون حاجة إلى الرد عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعنون في شأن ما قيل عن وجود آثار قطن متناثرة بمحل الحادث ورد على هذا الدفاع بقوله "وأما القول بأن معاينة النيابة الأولى أثبتت أنه لم يظهر وجود آثار أقطان في المكان الذي قيل بهرب المتهمين فيه للجهة الشرقية فالثابت من الرجوع لتلك المعاينة أنها أجريت حوالي الساعة 3.15 أي بعد غروب القمر في وقت كان ظلام الليل فيه شديداًًًًً والثابت من تلك المعاينة أن المحقق لم يمر في أي طريق أو أرض بعيداًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً عن محل الحادث حتى يقال بوجود آثار أقطان أو عدم وجودها" وكان يبين من أسباب الحكم أنه اعتمد في إدانة الطاعنين عن تهمة السرقة بالإكراه على أقوال السائق والحمالين, فضلاًًًًً عما هو ثابت من أقوال الضابطين إبراهيم عوض ومحمد زيد جمال الدين بمحضر جلسة المحاكمة من أنهما قد رأيا تلك الآثار عقب وقوع الحادث. لما كان ذلك، وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو الذي يرد على أساس الدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة في تكوين عقيدتها، وكان الدليل الذي أشارت إليه المحكمة له أصل ثابت في الأوراق كما سبق القول.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاًًًًً

هناك تعليق واحد: