الصفحات

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 808 لسنة 46 ق جلسة 12 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 211 ص 929


جلسة 12 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدى عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
-------------
(211)
الطعن رقم 808 لسنة 46 القضائية

 (1)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغا.
(2) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
معنى جلب المخدر في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960.
متى يلتزم الحكم بالتحدث عن القصد من جلب المخدر ؟

---------------
1 - لما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شؤون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
2 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى، إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدر من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الإسكندرية، جلب جوهرا مخدرا (حشيشا) إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، كما أخطأ في القانون. ذلك بأنه ساق للتدليل على علم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط ما لا يكفى لتوافر هذا العلم في حقه، ورد على دفاعه في هذا الخصوص بما لا يصلح ردا هذا إلى خطئه في معنى الجلب خطأ أدى به إلى إغفال استظهار قصد الاتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن قدم من بيروت إلى ميناء الاسكندرية وأثناء قيام مساعدة مأمور الجمرك بتفتيش أمتعته، عثرت بداخل حقيبة منها على عشرة أنابيب معجون تحوى مخدر الحشيش. وإذ واجهته بذلك، فقد أقر بأنه تسلم عشرين أنبوبة من آخر وسلم عشرا منها إلى طفل من ركاب الباخرة للخروج بها من الجمرك. ولما أنبأت أحد الضباط بهذه الواقعة وتمكن من ضبط الطفل وتولت هي تفتيش حقيبته، عثرت بداخلها على تسع أنابيب معجون قال الطفل إن الطاعن كلفه الخروج بها وتبين أنها تحوى بدورها مخدر الحشيش وأنها من النوع المضبوط ذاته. وبعد أن ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من شهادة مساعدة مأمور الجمرك والضابط المشار إليه ومن اعتراف الطاعن في التحقيق بإحضاره الأنابيب من بيروت وبتسليمه إلى الطفل ما ضبط معه منها، ومن أقوال هذا الطفل وتقرير التحليل والمحضر الذى أسفر عن أن المخدر زنته 588.7 جراما، عرض إلى دفاع الطاعن - القائم على أنه تسلم الأنابيب من آخر في بيروت وهو يجهل ما بداخلها وكان يهدف من الاستعانة بالطفل التخلص من دفع مبلغ كبير من الرسوم الجمركية - ورد عليه بقوله: "وحيث إن دفاع المتهم - الطاعن - مردود بما هو ثابت من التحقيقات أن المتهم إذ سئل في تحقيق النيابة عن المدعو .... الذى زعم أنه سلم إليه هذه الأنابيب لنقلها للإسكندرية قرر أنه جارى البحث عنه والاستدلال على اسمه الحقيقي ومحل إقامته، مما تستظهر منه المحكمة أن هذا الاسم الذى قاله المتهم هو اسم وهمى إذ لا يعقل أن يحمل المتهم التسع عشرة أنبوية التي ضبط بها المخدر الحشيش لينقلها لحساب شخص لا يعرفه معرفة حقيقية ولا يعرف محل إقامته الذى سيسلم فيه هذه الأشياء ويستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود في الأنابيب المذكورة فأراد أن ينسبها لشخص لم يستطع الإرشاد عنه وثبت بإقراره أنه لا وجود له. يضاف إلى ذلك أن التسع عشرة أنبوبة لو كانت بها معجون أسنان أو معجون حلاقة فإنه لا يحصل عليها رسوم جمركية كبيرة كما يدعى المتهم التى تدعوه إلى إعطاء تسع أنابيب منها للطفل للخروج بها من الجمرك الأمر الذى يستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود بهذه الأنابيب وأنه حاول اخراج جزء منها مع الطفل المذكور واستبقى جزء معه حتى لا يلفت النظر بكثرة الأنابيب فيقوم مأمور الجمرك بفتحها فيكشف كنه المخدر الذى بها. هذا علاوة على أن المتهم قرر أن صناعته بحار على البواخر التجارية وهذا الشخص له من الدراية والتجربة ما يدعوه إلى الحرص فلا يستساغ أن يحمل شيئا لينقله لشخص دون أن يعلم كنه ما بداخل الأنابيب المضبوطة وأن بداخلها مخدر "الحشيش". لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى - إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك - وهو ما لم يتحقق في الدعوى المماثلة - لما كان ما تقدم - فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق