الصفحات

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 515 لسنة 34 ق جلسة 30 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 107 ص 542


جلسة 30 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(107)
الطعن رقم 515 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحديد الأشخاص للمسافات. أمر تقديري. ليس من شأن الاختلاف فيه إهدار شهادة الشهود. الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. مثال.
(ب) جريمة. "أركانها".
سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.

--------------
1 - إن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري، وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود، إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اختلاف تقدير الشاهدين لمسافة الإطلاق ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 19/ 8/ 1961 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: أولاً - المتهم الأول قتل عبد الرؤوف السيد درديري عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - المتهم الثاني شرع في قتل أمين محمد إبراهيم خليل عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثالثاً - المتهمان الأول والثاني: أ - أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين بندقيتين (رش) ب - أحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما بإحرازهما أو حيازتهما. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26 و1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1962 عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن الأول والمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة ذاتها المنسوبة إلى المتهم الثاني وبمواد قانون السلاح بالنسبة إلى تهمتي إحراز السلاح والذخيرة المنسوبة إلى كل منهما مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى كل من المتهمين بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم القتل العمد والشروع فيه وإحراز السلاح النارى وذخيرته قد انطوى على خطأ في الإسناد وشابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أسند إلى الطاعنين فيما أورده عن واقعة الدعوى وما خلص إليه بالنسبة إلى جريمة إحراز السلاح أن كلاً منهما كان يحمل بندقية خرطوش مع أن أحداً من الشهود لم يشهد بذلك. كما إن ما رد به الحكم على دفاع الطاعنين في شأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاح بأن المجني عليه الثاني ليس خبيراً في أنواع السلاح تلك الخبرة غير المستلزمة في جميع الأفراد وأن الشاهدين المذكورين قد أكدا أن البنادق خرطوش - ما رد به من ذلك لا يتفق وأقوال المجني عليه الثاني في التحقيق والتي تليت بالجلسة إذ أن هذا الآخر لم يقل ذلك. كما أن أحداً من الشهود لم يؤكد في أقواله أن البندقيتين المستعملتين كانتا من نوع الخرطوش هذا فضلاً عن قصور الحكم وتناقضه في بيان أي من شاهدي الرؤية أكد ذلك كما أن الحكم أطرح دفاع الطاعنين في خصوص سبب الحادث وقولهما إنه لم يثبت بأنه لهما صبية كانوا يرعون أغناماً في مكان الجريمة بأن رد عليه بقوله - إن الطاعن الثاني اعترف بأنه يملك أغناماً وأن صبية كانت ترعاها وهو ما لا يصلح رداً على دفاعهما لأن ما يسنده الحكم إلى الطاعن الثاني من إقرار في هذا الخصوص لا يفيد أن الأغنام التي كانت ترعاها الصبية هي أغنام أي من الطاعنين. ثم إن ما رد به الحكم على دفاعهما في خصوص ما قرره شاهدا الرؤية عن كيفية ارتكاب الطاعنين للحادث ووقت وقوعه وإمكان الرؤية وتقدير المسافات لا يصلح رداً على دفاعهما لابتنائه على مجرد فروض احتمالية وكان من المتعين الاستعانة بشهادة من مصلحة الأرصاد الجوية لبيان حالة الرؤية في الوقت الذي وقع فيه الحادث كما أن البندقيتين المستعملتين في الحادث لم تكونا تحت بصر المحكمة حتى تتحقق عن طريق أهل الخبرة من مداهما وأخيراً فإن ما رد به الحكم في صدد تقرير الشاهدين لمسافة الإطلاق من أن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وأن أقوال شاهدي الرؤية مؤيدة بما قرره الطبيب الشرعي من تحديد لهذه المسافة لا يتفق وأقوال الشاهدين في التحقيق إذ أنها تختلف عما ورد بذلك التقرير عن مسافة الإطلاق وقد جاء الحكم قاصراً في تحديد الشاهدين لتلك المسافة على الرغم من وجوب ذلك حتى يبين وجه مطابقتها للتقرير الطبي الشرعي هذا بالإضافة إلى أن أياً من الشاهدين لم يذكر تعذر تحديد المسافة بالنسبة إلى المجني عليه الثاني كما أن الحكم بعد أن أورد رده في خصوص اختلاف الإفراد في تقدير المسافات بما مؤداه أنه افتراض عدم قدرة الشاهدين على تحديد المسافة عاد وسلم بأنهما قدراها تقديراً محدداً يتفق ومؤدى التقرير الطبي الشرعي وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة السابعة من مساء يوم 18 من أغسطس سنة 1961 بناحية نجع المخالفة من أعمال بلدة الصفيحة مركز طهطا محافظة سوهاج توجه المجني عليه الثاني أمين محمد إبراهيم خليل وسعد مكاوي السيد درديري إلى زراعة السمسم المملوكة لهما لجنيها وشاهدا بعض الصبية يرعون أغناماً بجوار زراعتهما ولما دخلت الأغنام السمسم قاما من فورهما ونهرا الصبية واعتديا عليهم بالضرب وأبعدوا الأغنام عن الزراعة فرجع الصبية باكين إلى بلدتهم نجع المخالفة والتي تبعد عن الزراعة بحوالي عشرين قصبة وبعد حوالي الربع ساعة عاد الصبية وشرعوا في قذفهما بالحجارة وكان معهما المتهمان كرمي سامي عبد الملاك وإبراهيم سليمان عبد الملاك (الطاعنان) يحمل كل منهما بندقية خرطوش وحضر وقتئذ المجني عليه الأول عبد الرؤوف السيد درديري فأطلق المتهم الأول كرمي سامي عبد الملاك عياراً نارياً من البندقية التي كان يحملها أصابت المجني عليه في جنبه الأيمن كما أطلق المتهم الثاني إبراهيم سليمان عبد الملاك عياراً نارياً من بندقيته أصابت المجني عليه الثاني في فخذه الأيمن ثم فر المتهمان هاربين وتوجه مكاوي السيد درديري إلى بلدة الصفيحة التي تبعد عن مكان الحادث بحوالي مائتي قصبة وأبلغ نائب عمدتها أحمد إبراهيم عبد العال الذي تولى بدوره إبلاغ الحادث" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الرؤية (المجني عليه الثاني والشاهد الثاني) وباقي شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير الطبيب الشرعي وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم عرض الحكم إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعنين بشأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاحين المستعملين في الحادث، ورد عليه في قوله بأن هذا الدفاع مردود بما قرره المجني عليه الثاني بأنه ليس خبيراً في أنواع الأسلحة وهذه الخبرة ليست مستلزمة في جميع الأفراد وقد أكد كل من الشاهدين أن البنادق خرطوش وقد تأيدت أقوالهما بما هو ثابت من تقريري الصفة التشريحية والكشف الطبي الشرعي على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما أورده الحكم من إطلاق الطاعنين النار على المجني عليهما من البندقية التي كان يحملها كل منهما له أصل صحيح في التحقيقات، أما ما استطرد إليه الحكم من قول بأن الشاهدين أبديا أن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش وأن أحد هذين الشاهدين وهو المجني عليه الثاني قرر بأنه ليس خبيراً في السلاح وأنهما أكداً بأن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش على خلاف ما ورد على لسانهما من عدم تحديدهما نوع السلاح المستعمل في الحادث واقتصارهما على القول بأن السلاح عبارة عن بندقيتين لم يعرف نوعهما. فهو من قبيل التزيد الذي لا أثر له في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها بما لا يقدح في سلامته واستخلاصه بأن كلا الطاعنين كان يحمل بندقية استعملها في ارتكاب الحادث ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من رد على دفاع الطاعنين في شأن سبب الحادث من أنه لم يثبت أن صبية لهما كانوا يرعون أغناماً في مكان الحادث لا يعيب الحكم بفرض خطأ الحكم فيه ذلك بأن من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة ولا صلة له بجوهر الواقعة التي دين الطاعنان بها ولا يبين من الحكم أن ذلك كان له أي دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو ثمة تأثير في قناعها فيما قضت به في الدعوى. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في شأن منازعتهما فيما قرره شاهدا الرؤية من خروجهما من زراعة الذرة مع أنه لم يكن هناك مبرر لذلك فالزراعة كانت تستر من يحتمي بها حينذاك فما يثيرانه من ذلك مردود بأنه دفاع موضوعي لا وجه لمجادلة المحكمة فيما انتهت إليه في شأنه ومع ذلك فقد فنده الحكم في منطق سليم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما نعاه الطاعنان في أقوال شاهدي الرؤية في شأن تقديرهما للمسافة التي انطلقت منها الأعيرة فرد عليه في قوله إن هذا الدفاع مردود بأن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وقد تأيدت أقوال شاهدا الرؤية من تقرير الطبيب الشرعي الثابت به أن المسافة كانت قريبة بالنسبة للمجني عليه الأول ويتعذر تقديرها بالنسبة للمجني عليه الثاني ومن ثم تطرح المحكمة دفاع المتهمين، وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعنين إن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق