الصفحات

الأربعاء، 1 أبريل 2020

الطعن 1159 لسنة 46 ق جلسة 8 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 117 ص 556


جلسة 8 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.
-------------
(117)
الطعن رقم 1159 لسنة 46 القضائية

 (1)مواد مخدرة. جلب. جريمة. "أركانها".
معنى جلب المخدر في حكم القانون 182 لسنة 1960؟
نقل مخدر من مركب أجنبي إلى سفينة في نطاق المياه الإقليمية على خلاف أحكام القانون يتحقق به الجلب.
(2) جريمة "أركانها" قصد جنائي. مواد مخدرة. جلب.
قيام المتهم بفض أجولة ووضعه أكياس النايلون المعبأة بالأفيون التي كانت بداخل هذه الأجولة في مكان خفي بجسم سفينة. يتوافر به علمه بكنه هذا المخدر.

------------------
1 - إن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 – في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها – غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر – ولو في داخل نطاق ذلك المجال – على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشرع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله، وإيجابه على مصلحة الجمارك تسلم هذا الإذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وتحديده كيفيه الجلب بالتفصيل. يؤكد هذا النظر – فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب"، أي ساق من موضع إلى آخر – أن المشرع لو كان يعنى الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة، ولما منعه من إيراد لفظ "استيراد" قرين لفظ "تصدير" على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين نقلا الجوهر المخدر من المركب الأجنبي خارج بوغاز رشيد – في نطاق المياه الإقليمية – على ظهر السفينة إلى داخل البوغاز , على خلاف أحكام القانون المنظمة لجلب الجواهر المخدرة – وأخصها استيفاء الشروط التي نص عليها، والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة التي حددها – فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون.
2 - لما كان الحكم قد أورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعنين الثاني والثالث قاما – بناء على تكليف من رئيس البحارة الطاعن الأول – بفض محتويات الأجولة العشرين التي نقلاها من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة ووضعا أكياس النايلون المعبأة بالأفيون، التي كانت بداخل تلك الأجولة – بواقع أربعين كيساً في الجوال الواحد. في مكان خفي بجسم السفينة، عبارة عن حاجز مفرغ صنع بين حجرة الماكينة وحجرة الثلاجة له فتحة في جدار هذه الحجرة لها غطاء يثبت بطريق الحشر ولا يظهر للعيان، وقد أدخلا كميات الأفيون من الفتحة وأحكما تركيب الغطاء بحيث لم يمكن الاهتداء إليها إلا بعد قيام رجال حرس السواحل بتفتيش السفينة بحثًا عنها قرابة ثلاث ساعات وبعد شروعهم في كسر أجزاء من جدار الثلاجة، ثم استخلص الحكم – من واقع أدلة الثبوت في الدعوى – توافر أركان الجريمة في حق الطاعنين بقوله وإذ يثبت من أدله الثبوت سالفة الإشارة إليها اشتراكهما في تفريغ المخدرات من حمولتها ونقلها إلى المخبأ السري بالثلاجة فهو يفصح عن فعل من جانبهم يسهم بذاته في إتمام عملية جلب المخدر بمدلولها القانوني، لما كان ذلك، وكان هذا الذي ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على توافر علم الطاعنين بكنه الجوهر المخدر المضبوط الذي استخرجاه بأكياسه من الأجولة التي نقلاها من المركب الأجنبي، وأخفياه في مخبأ سرى بالسفينة – توافراً فعلياً – بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الحكم يكون مبرأ من قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعنان.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 9 من أبريل سنه 1970 بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة جلبوا جواهر مخدرة (أفيوناً) بغير ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمواد 1 و2 و3 و4 و33/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1960 والبند 1 من الجدول المرفق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و30 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليهم (الطاعنين) في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع الأسباب التي بنى عليها طعنه. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وإن إيداع أسبابه في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وإن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بنى عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من هذا الطاعن يكون غير مقبول شكلاً لعدم إيداع أسبابه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة جلب جوهر مخدر، قد انطوى على تناقض وخطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب. ذلك بأن الحكم وإن خلص من استعراضه أدلة الثبوت في الدعوى إلى أن الطاعنين قد تسلما الجوهر المخدر من مركب أجنبي وقاما بنقله داخل المياه الإقليمية، مما مفاده أن الحكم ذهب إلى أن النقل قد تم من خارج تلك المياه، إلا أنه في مستهل تحصيله واقعه الدعوى أورد – على عكس ذلك – أن السفينة التي يعمل الطاعنان ملاحين بها حصلت على المخدر في المياه الإقليمية، مع أن هذا الفعل لا يتوافر به الركن المادي لجريمة جلب الجواهر المخدرة إذا هو لا يتحقق إلا باستيراد المخدر من دولة أجنبية. ثم إن الحكم المطعون فيه، مع تسليمه بأن سلطة رئيس البحارة على الطاعنين أثناء الرحلة سلطة مطلقة – في حدود أوامره المشروعة – وبالرغم من أن الأمر الذي صدر منه لهما كان منصباً على نقل أجولة مغلقه من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة، فإن الحكم ساءلهما عن فعل الجلب دون أن يورد ما يدل على توافر علمهما بكنه ما بداخل هذه الأجولة وقت قيامهما بتنفيذ ذلك الأمر.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه – سواء في معرض بيانه واقعه الدعوى، أو في صدد استخلاصه من أدلة الثبوت فيها تحقق فعل الجلب في حق الطاعنين – أنه استقر على أنهما قاما بنقل الجوهر المخدر المضبوط من مركب أجنبي، داخل المياه الإقليمية، إلى السفينة – التي يعملان ملاحين بها – بعد خروجها من بوغاز رشيد إلى عرض البحر، ثم تمت واقعة الضبط بعد عودة السفينة إلى البوغاز ودخولها منه إلى شاطئ المصيف، ومن ثم فلا أثر في الحكم للتناقض الذي يعيبه عليه الطاعنان. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 – في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها – غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدود دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر – ولو في داخل نطاق ذلك المجال – على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشروع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله. وإيجابه على مصلحه الجمارك تسلم هذا الإذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وتحديده كيفية الجلب بالتفصيل. يؤكد هذا النظر – فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب". أي ساق من موضع إلى آخر – أن المشرع لو كان يعنى الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة، ولما منعه مانع من إيراد لفظ "استيراد" قرين لفظ "تصدير" على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين نقلا الجوهر المخدر من المركب الأجنبي خارج بوغاز رشيد – في نطاق المياه الإقليمية – على ظهر السفينة إلى داخل البوغاز، على خلاف أحكام القانون المنظمة لجلب الجواهر المخدرة – وأخصها استيفاء الشروط التي نص عليها، والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة التي حددها – فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيقه غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد في بيان واقعه الدعوى أن الطاعنين الثاني والثالث قاما – بناء على تكليف من رئيس البحارة الطاعن الأول – بفض محتويات الأجولة العشرين التي نقلاها من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة ووضعا أكياس النايلون المعبأة بالأفيون، التي كانت بداخل الأجولة – بواقع أربعين كيساً في الجوال الواحد – في مكان خفي بجسم السفينة، عبارة عن حاجز مفرغ صنع بين حجرة الماكينة وحجرة الثلاجة له فتحة في جدار هذه الحجرة لها غطاء يثبت بطريق الحشر ولا يظهر للعيان، وقد أدخلا كميات الأفيون من الفتحة وأحكما تركيب الغطاء بحيث لم يمكن الاهتداء إليها إلا بعد قيام رجال حرس السواحل بتفتيش السفينة بحثاً عنها قرابة ثلاث ساعات وبعد شروعهم في كسر أجزاء من جدار الثلاجة، ثم استخلص الحكم – من واقع أدلة الثبوت في الدعوى – توافر أركان الجريمة في حق الطاعنين بقوله "وإذ ثبت من أدلة الثبوت سالفة الإشارة إليها إشتراكهما في تفريغ المخدرات من حمولتها ونقلها إلى المخبأ السري بالثلاجة فهو يفصح عن فعل من جانبهم يسهم بذاته في إتمام عملية جلب المخدر بمدلولها القانوني". وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على توافر علم الطاعنين بكنه الجوهر المخدر المضبوط الذي استخرجاه بأكياسه من الأجولة، التي نقلاها من المركب الأجنبي، وأخفياه في مخبأ سرى بالسفينة – توافراً فعلياً – بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الحكم يكون مبرأ من قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعنين. لما كان ما تقدم، فإن طعنهما برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق