الصفحات

الأربعاء، 1 يناير 2020

الطعن 3813 لسنة 61 ق جلسة 20 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 184 ص 1174


جلسة 20 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس والبشري الشوربجي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(184)
الطعن رقم 3813 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "خبرة" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها. عدم التزامها بندب خبير آخر ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر من جانبها موجباً لاتخاذ هذا الإجراء.
 (2)إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات وإنما إلى إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة. موضوعي.
 (3)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
 (4)إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
 (5)إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. أساس ذلك؟
تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة. لا تأثير له على سلامة الحكم. أساس ذلك؟
إغفال كاتب التحقيق الابتدائي التوقيع على بعض صحائفه. لا يفقدها قيمتها في الاستدلال. جواز اعتبارها محضر جمع استدلالات. يجوز التعويل عليها.

--------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وهي لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
2 - لا يعيب الحكم عدم تحقيقه الدفاع غير المنتج - بل عدم الرد عليه - بعد أن اطمأنت المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي للأسباب السائغة التي أوردتها، ولا يعدو ما يثيره الطاعنون من قالة القصور أو الإخلال بحق الدفاع - أن يكون جدلاً موضوعياً، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لم يكن يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر نية القتل في حق الطاعنين في قوله "إن الثابت من التحقيقات أن الخلاف السابق بين المجني عليه والمتهمين الأول والثاني والذي انتهى إلى دفعهما ألفي جنيه قد أثار حفيظتهما وملأ قلبيهما غيظاً حسبما قررت والدة المجني عليه، وقد أعدوا العدة للخلاص من المجني عليه انتقاماً منه فأعد كل منهما مطواة "قرن غزال" طول سلاحه عشرة سنتيمترات وينتهي بطرف مدبب وما أن ظفروا به حتى سدد إليه المتهم الأول طعنة نفذت إلى القلب، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافرة لدى المتهمين من الآلة المستعملة وشدة الضربة ومكانها ونفاذها داخل التجويف الصدري ثم خلال الجدار الأمامي للأذين الأيسر للقلب حتى بلغ تجويفه بعد أن أحدث كسراً قطعياً بالجزء الغضروفي الأمامي للضلع الرابع الأيسر والجزء المتصل به من عظمة الفص" وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذا ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - بسياقه المتقدم - تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين، فإن ما يثيرونه في هذا الصدد يكون غير سديد ولا محل له.
4 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
5 - لما كان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، وما دامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى، وأياً كان وجه القول في إغفال كاتب التحقيق الابتدائي التوقيع على بعض صحائفه، فإن هذه الصحائف لا تفقد كل قيمة لها في الاستدلال وإنما يئول أمرها إلى اعتبارها - في الأقل - محضر جمع استدلالات - مما يجوز للمحكمة التعويل عليه في قضائها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض أداتين صلبتين حادتين "مطواتان قرن غزال". وتربصوا له في الطريق الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أمسك به المتهم الثالث وشل حركته بينما قام المتهمان الأول والثاني بطعنه بالآلتين سالفتي الذكر قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الثالث: أحدث عمداً بـ....... الإصابة الموصوفة بالقرير الطبي والتي أعجزتها عن أشغالها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام عصا. ثالثاً: المتهمان الأول والثاني: أحرز كل منهما بغير ترخيص من وزير الداخلية سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وأحالتهم جميعاً إلى محكمة جنايات بني سويف لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت......... عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المجني عليه بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232، 242/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه، ومعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة لما أسند لكل منهما ومصادرة المطواتين المضبوطتين - ثانياً: وفي الدعوى المدنية بإلزامهم بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنهم نازع خلال المحاكمة - في وقت حصول وفاة المجني عليه وأنها لم تقع في الساعة التي قال بها شهود الإثبات وإنما في وقت لاحق - نظراً لما جاء بتقرير الصفة التشريحية من وجود الجثة في حالة تيبس رمي بالرغم من مرور يومين قبل التشريح - وأن هذه المنازعة إنما تتضمن طلباً لتحقيق هذا الدفاع بواسطة خبير بيد أن الحكم أعرض عن هذا الطلب ورد عليه بما لا يدحضه، كما دلل الحكم على نية القتل في جانبهم بما لا يصلح للتدليل عليها، ولم يبين مضمون التحريات التي عول عليها في إدانتهم وأحال في بيانها إلى أقوال والدة المجني عليه وابنه، وأطرح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة لعدم توقيع كاتب التحقيق على بعض صحائفها عملاً بالمادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية - بما لا يستقيم به إطراحه. وذلك كله يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة مستمدة من أقوال والدة المجني عليه، وابنه....... وشيخ الخفراء ومأمور مركز الشرطة، والتحريات وتقرير الصفة التشريحية، وتقرير المعامل الكيماوية بشأن فحص دماء آدمية على السلاحين المضبوطين - عرض لما دفع به الحاضر مع المتهمين (الطاعنين) من أن وقت الحادث غير معلوم وأطرحه بقوله (إنه إزاء ما قرره شهود الحادث أنه كان بعد عصر يوم 28/ 4/ 1990 وتم تشريح الجثة يوم 30/ 4/ 1990 وقد انتهى التقرير الطبي الشرعي إلى أنه كان قد مضى على الوفاة لحين إجراء الصفة التشريحية نحو يومين)، ومن ثم فإن هذا الوجه من الدفاع يكون على غير سند من الواقع، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وهي لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فلا يعيب الحكم عدم تحقيقه الدفاع غير المنتج - بل عدم الرد عليه - بعد أن اطمأنت المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي للأسباب السائغة التي أوردتها، ولا يعدو ما يثيره الطاعنون من قالة القصور أو الإخلال بحق الدفاع - أن يكون جدلاً موضوعياً، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لم يكن يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر نية القتل في حق الطاعنين في قوله "إن الثابت من التحقيقات أن الخلاف السابق بين المجني عليه والمتهمين الأول والثاني والذي انتهى إلى دفعهما ألفي جنيه قد أثار حفيظتهما وملأ قلبيهما غيظاً حسبما قررت والدة المجني عليه، وقد أعدوا العدة للخلاص من المجني عليه انتقاماً منه فأعد كل منهما مطواة "قرن غزال" طول سلاحه عشرة سنتيمترات وينتهي بطرف مدبب وما أن ظفروا به حتى سدد إليه المتهم الأول طعنة نفذت إلى القلب، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافرة لدى المتهمين من الآلة المستعملة وشدة الضربة ومكانها ونفاذها داخل التجويف الصدري ثم خلال الجدار الأمامي للأذين الأيسر للقلب حتى بلغ تجويفه بعد أن أحدث كسراً قطعياً بالجزء الغضروفي الأمامي للضلع الرابع الأيسر والجزء المتصل به من عظمة الفص" - وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذا ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - بسياقه المتقدم - تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين، فإن ما يثيرونه في هذا الصدد يكون غير سديد ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في بيانه للتحريات أنها أكدت حدوث الواقعة على نحو ما شهدت به والدة المجني عليه وابنه - بعد أن ساق مضمون شادتهما - وكان الطاعنون لا ينازعون في أن ما أورده الحكم من أقوال هذين الشاهدين له معينه الصحيح من الأوراق، وأن مدلول التحريات يتفق وما استند إليه الحكم من تلك الأقوال، فلا يعيب الحكم إحالته إليها في بيان التحريات، ويكون ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص غير ذي محل. لما كان ذلك، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، وما دامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى، وأياً كان وجه القول في إغفال كاتب التحقيق الابتدائي التوقيع على بعض صحائفه، فإن هذه الصحائف لا تفقد كل قيمة لها في الاستدلال وإنما يئول أمرها إلى اعتبارها - في الأقل - محضر جمع استدلالات - مما يجوز للمحكمة التعويل عليه في قضائها، ويضحى ما يثيره الطاعنون من تعييب الحكم بهذا الخصوص غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق