الصفحات

الخميس، 2 يناير 2020

الطعن 20066 لسنة 60 ق جلسة 9 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 56 ص 381


جلسة 9 من إبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره.
-----------------
(56)
الطعن رقم 20066 لسنة 60 القضائية

 (1)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. قانون "تفسيره". ضرب "أفضى إلى الموت".
لا عقوبة على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله. المادة 245 عقوبات.
 (2)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. قانون "تفسيره". دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرب "أفضى إلى الموت".
الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال؟ المادة 246 عقوبات.
الحالات التي يباح فيها القتل العمد استعمالاً لحق الدفاع الشرعي عن المال في مفهوم المادة 250 عقوبات؟
إدانة الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون تفنيد دفاعه القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن مال الغير. قصور.
 (3)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حق الدفاع الشرعي. شرع لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته.
عدم النظر إلى تناسب فعل الدفاع مع الاعتداء. إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي. ثبوت قيام هذه الحالة وتحقق التناسب. أثره: براءة المدافع.
زيادة فعل الاعتداء زيادة غير مقبولة. يعد تجاوزاً لحق الدفاع مستوجباً للعقاب.
مثال لتسبيب معيب لنفي حالة الدفاع الشرعي عن مال الغير.

-------------------
1 - لما كانت المادة 245 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله.
2 - وقد بينت المادة 246 من ذات القانون الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال ومن بينها الأفعال التي تعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون وهي الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة ملك الغير، وكانت المادة 250 من قانون العقوبات تنص على أن "حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية: أولاً: وثانياً: وثالثاً - الدخول ليلاً في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته ورابعاً - فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة". لما كان ذلك وكان الثابت مما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى أن المجني عليه كان على سطح منزل....... ليلاً وأن المتهم - وهو خفير نظامي مكلف بحفظ الأمن وحماية أرواح الأشخاص وممتلكاتهم - حين شاهده، على هذه الحالة وهو فوق السطح أطلق عليه المقذوف الناري الذي أودى بحياته، وكانت صورة الواقعة على هذا النحو الذي أورده الحكم تتوفر فيه بلا شك جميع معاني الدخول في المنزل، ثم لما كان النص المتقدم ذكره لا يشترط في عبارة صريحة أن يكون الدخول بقصد ارتكاب جريمة أو فعل آخر من أفعال الاعتداء، وهذا مفاده بالبداهة أن القانون يعتبر أن دخول المنازل ليلاً بتلك الطريقة يحمل بذاته قرينة الإجرام بحيث يصح للمدافع أن يعده اعتداء على المال أو النفس أو فعلاً يتخوف منه الأذى ويحق له رده كما ترد سائر الاعتداءات ما لم يقم الدليل على أنه كان يعلم حق العلم أن دخول المجني عليه كان بريئاً خالياً من فكرة الإجرام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الفضي إلى الموت من غير أن تفند المحكمة دفاعه على ضوء ما تقدم فإنه يكون مشوباً بالقصور.
3 - من المقرر أن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته، وتناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عد المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب بالشروط الواردة في القانون. لما كان ذلك وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين. ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه وليس فيه ما ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي فإنه يكون قاصر البيان في الرد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً...... بأن أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن الجريمة المسندة إليه هي الضرب المفضي إلى الموت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه من بين ما قام عليه دفاعه أنه كان في حالة دفاع شرعي عن مال الغير، إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع رداً قاصراً ومخالفاً للقانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى في قوله إنها تخلص "في أنه في الساعة الثانية والنصف من صباح يوم 14/ 5/ 1979 كان المجني عليه معتلياً سطح منزل بناحية الجلاتمة مركز إمبابة وأحست المذكورة بوجوده فاستغاثت وبعد نحو عشر دقائق حضر المتهم الذي يعمل خفيراً نظامياً بالناحية وتحادث مع المجني عليه الذي رفض النزول فأطلق عليه عياراً من بندقيته الميري عهدته وأصابه في ظهره فتوفى في الحال وسقط خلف المنزل من ناحية الزراعة "وبعد أن ساق الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة عرض لما أبداه الطاعن من دفاع ورد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي بقوله: بأن المتهم وهو خفير بدرك من دركات القرية كان يعرف المجني عليه رغم كونه من بلدة أخرى ويعلم أن صاحبة المسكن تعرفه وتستعين به لنقل حمولات بسيارته وإذ صح قوله أنه لم يكشف عن شخصيته لانتشار الظلمة وقت الحادث فإن إطلاق المتهم العيار الناري صوب ظهر المجني عليه لم يكن لازماً لدرء خطر الفعل الذي ارتكبه المجني عليه بتواجده فوق سطح المسكن إذ لم يكن مع الأخير سلاح ناري يهدد بالخطر وكان في مكنة المتهم تهديده بإطلاق أعيرة نارية للإرهاب أو لتنبيه زملائه من رجال الأمن في الدركات المجاورة أو إيقاظ الأهالي للقبض على المجني عليه أو دفعه على الهرب ومن جهة أخرى فإنه من المقرر بأنه إذا كان في الوسع درء الخطر بفعل معين فلا يباح درأه بفعل أشهد جسامة وأن فعل الدفاع يكون متناسباً مع جسامة الخطر (وبالتالي مباحاً) إذا انطوى على استخدام قدر من العنف لا يجاوز القدر الذي كان يستخدمه شخص معتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت بالمدافع، لما كان ذلك وكانت الظروف التي أحاطت بالمتهم لم تكن تتناسب وفقاً للمعيار الموضوعي مع قدر العنف الذي استخدمه مع المجني عليه ومن ثم لا يتناسب مع جسامة الخطر ويكون التمسك بتطبيق المادة 250 من قانون العقوبات في غير محله" لما كان ذلك، وكانت المادة 245 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله.......".
وقد بينت المادة 246 من ذات القانون الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال ومن بينها الأفعال التي تعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون وهي الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة ملك الغير، وكانت المادة 250 من قانون العقوبات تنص على أن "حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية:
أولاً: وثانياً: وثالثاً - الدخول ليلاً في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته.
ورابعاً - فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة". لما كان ذلك وكان الثابت مما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى أن المجني عليه كان على سطح منزل ليلاً وأن المتهم - وهو خفير نظامي مكلف بحفظ الأمن وحماية أرواح الأشخاص وممتلكاتهم - حين شاهده، على هذه الحالة وهو فوق السطح أطلق عليه المقذوف الناري الذي أودى بحياته، وكانت صورة الواقعة على هذا النحو الذي أورده الحكم تتوفر فيه بلا شك جميع معاني الدخول في المنزل، ثم لما كان النص المتقدم ذكره لا يشترط في عبارة صريحة أن يكون الدخول بقصد ارتكاب جريمة أو فعل آخر من أفعال الاعتداء، وهذا مفاده بالبداهة أن القانون يعتبر أن دخول المنازل ليلاً بتلك الطريقة يحمل بذاته قرينة الإجرام بحيث يصح للمدافع أن يعده اعتداء على المال أو النفس أو فعلاً يتخوف منه الأذى ويحق له رده كما ترد سائر الاعتداءات ما لم يقم الدليل على أنه كان يعلم حق العلم أن دخول المجني عليه كان بريئاً خالياً من فكرة الإجرام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الفضي إلى الموت من غير أن تفند المحكمة دفاعه على ضوء ما تقدم فإنه يكون مشوباً بالقصور هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته، وتناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عد المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب بالشروط الواردة في القانون. لما كان ذلك وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه وليس فيه ما ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي فإنه يكون قاصر البيان في الرد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث وجه الطعن الآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق