الصفحات

الأحد، 8 ديسمبر 2019

عدم اختصاص مجلس الدولة بمنازعات الانتفاع بمسقاة خاصة

القضية رقم 10 لسنة 17 ق "تنازع" جلسة 3 / 2 / 1996
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 3 فبراير 1996 م الموافق 14 رمضان 1416 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور حنفي على جبالي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدي أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 17 قضائية "تنازع"
المقامة من
السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد
ضد
1- السيدة / خديجة فرحات نصر الدين
2- السيد / السيد محمد عبد المجيد البهواش
الإجراءات
بتاريخ 16 مارس سنة 1995 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الفصل في التنازع الإيجابي موضوعها والقضاء باختصاص جهة القضاء الإداري بنظرها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد / محمد خواص أحمد عبدالمجيد، كان قد أقام الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية "تنازع" مبدياً بها أن السيد/ السيد محمد عبد المجيد البهواش، أقام الدعوى رقم 933 لسنة 1987 مدنى أشمون أمام محكمة أشمون الجزئية ضد السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد والسيدة / خديجة فرحات نصر الدين، وقال في صحيفتها أنه يملك أرضاً زراعية بناحية القناطرين، وكان يقوم بريها من مسقاه تمتد في أرض المدعى عليهما، إلا أنه فوجئ بقيامهما بهدم هذه المروى ليحولا دون وصول المياه إلى أرضه مما يهددها بالبوار، وحداه ذلك لرفع دعواه هذه عملاً بنص المادة 809 من القانون المدنى ، طالباً في صحيفتها الحكم بإعادة تلك المسقاه إلى حالتها السابقة على هدمها، وتمكينه من الانتفاع بها - من خلال حق الشرب - لرى أرضه الزراعية .
ومن جهة أخرى كان السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد، قد أقام الدعوى رقم 3184 لسنة 41 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مدير عام رى المنوفية رقم 9 لسنة 1987 الصادر إعمالاً لنص المادة 23 من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984، وذلك فيما تضمنه هذا القرار من إعادة المروى المهدومة التى تمر بأرضه إلى أصلها حتى تصل إلى أرض السيدة / خديجة فرحات نصر الدين. وإذ انتهت محكمة القضاء الإدارى - المؤيد حكمها من المحكمة الإدارية العليا - إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على ما تبين لها - من ظاهر الأوراق - من أن المروى محل النزاع لم ينتفع بها خلال السنة السابقة على تقديم تلك السيدة لشكواها إلى مدير عام رى المنوفية ، فقد ارتآى المدعى أن ثمة تنازع إيجابى في شأن الاختصاص بين كل من جهتى القضاء العادى والقضاء الإدارى ، مما يحتم تدخل المحكمة الدستورية العليا لتعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بنظر النزاع.
وبجلسة 4 فبراير سنة 1995 قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية " تنازع " بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن قضاء محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار مدير عام رى المنوفية رقم 9 لسنة 1987 هو قضاء في الشق المستعجل من النزاع على ضوء ما بدا لنظرتها العابرة ، ليكون حكمها مؤقتاً بطبيعته، مرتبطاً ببقاء الظروف التى اتصل بها دون تغيير فيها، قائماً على ضوء ما استبان لها من ظاهر الأوراق المطروحة عليها، ودون قضاء قاطع يتعلق بمضمونها، فلا يكون لعناصره من قوام يكفل ثباتها، وذلك على خلاف قضاء محكمة أشمون الجزئية في الدعوى رقم 933 لسنة 1987، إذ خلص إلى إعادة المسقاة محل النزاع الموضوعى إلى حالتها السابقة على هدمها مع تمكين المدعى من الانتفاع بها لرى أرضه الزراعية ؛ وكان بذلك فاصلاً في النزاع الموضوعى ، قاطعاً في أن تظل المسقاة متصلاً مجراها بالأرض التى يملكها المدعى البعيدة عن مورد المياه، لضمان وصول ما يكفيها منها لريها، وكافلاً بالتالى للمدعى حقين هما حق الشرب والمجرى المنصوص عليهما في المادتين 808 و 809 من القانون المدنى .
وحيث إن المدعى ذهب إلى القول بأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية "تنازع" كان مبناه أن أحد الحكمين المتنازعين - وهو حكم محكمة القضاء الإدارى - غير فاصل في الشق الموضوعى من النزاع. وقد صار هذا الحكم نهائياً بعد أن تناول هذا الشق وفصل فيه، وهو ما يستنهض - في تقديره - ولاية المحكمة الدستورية العليا من جديد للفصل في التنازع الإيجابى على الاختصاص، وتعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بنظره.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقاً للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابى هو أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة القضائية المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إن من المقرر أن الأحكام التى تصدرها محكمة القضاء الإدارى في شأن طلبات وقف التنفيذ التى تعرض عليها، لا تقتصر حجيتها على ما فصلت فيه في شأن هذه الطلبات قبولاً أو رفضاً، وإنما تمتد حجيتها كذلك إلى المسائل الفرعية التى يكون الفصل فيها سابقاً بالضرورة على البت في تلك الطلبات، كتلك المتعلقة باختصاصها ولائيا ونوعياً بنظرها، وتوافر شروط قبولها أو انتفائها، بما مؤداه أن وقفها تنفيذ القرار المطعون فيه، هو قضاء منها باختصاصها بإلغاء هذا القرار.
وحيث إن المادة 23 من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 تنص على أنه [ إذا قدم مالك الأرض أو حائزها أو مستأجرها شكوى إلى الإدارة العامة للرى بسبب منعه أو إعاقته بغير حق من الانتفاع بمسقاة خاصة أو مصرف خاص أو من دخول أى من الأراضى اللازمة لتطهير تلك المسقاة أو المصرف، أو لترميم أيهما، جاز لمدير عام الرى إذا ثبت أن أرض الشاكى كانت تنتفع بالحق المدعى به في السنة السابقة على تقديم الشكوى أن يصدر قراراً مؤقتاً بتمكين الشاكى من استعمال الحق المدعى به مع تمكين غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم على أن يتضمن القرار القواعد التى تنظم هذه الحقوق ······ ويستمر تنفيذه حتى تفصل المحكمة المختصة في الحقوق المذكورة .
وحيث إن البين من نص المادة 23 المشار إليها، أن مدير عام الرى لا يفصل في الحقوق المدعى بها في شأن الانتفاع بمسقاة خاصة سواء بإثباتها لمدعيها أو بنفيها، وإنما ينظر في الأوضاع السابقة فعلاً على تقديم الشاكى لشكواه، فإذا دلَّ الواقع على أن الشاكى كان منتفعاً بمسقاة خاصة خلال السنة السابقة على تقديم شكواه، وأنه أعيق من الانتفاع بها أو من المرور في أرض للغير من أجل تطهيرها أو ترميمها، كان لهذا المدير أن يمكن الشاكى وغيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم، بما مؤداه أن القرار الصادر بالتمكين، هو إبقاءً للأوضاع على حالتها الظاهرة قبل صدوره، دون تَقَصَّ لتوافقها أو تعارضها مع الحقوق المقررة قانونا في شأن هذه المسقاة ، ليكون بالضرورة قراراً مؤقتاً، وقلقاً، ومتوقفاً مصيراً على القضاء الصادر من المحكمة المختصة بالفصل في الحقوق المذكورة .
وحيث إن من المقرر أن حقوق الانتفاع بمسقاة خاصة تدور أساساً حول حقى الشرب والمجرى المنصوص عليهما في المادتين 808 و 809 من القانون المدنى ، سواء نُظر إلى هذين الحقين بوصفهما من القيود القانونية التى يقتضيها التنظيم العام لحق الملكية ، أم باعتباره ما من حقوق الارتفاق التى تخرج عن إطار هذا التنظيم فلا يألفها، وكان من المقرر قانوناً أن كل قرار يصدر عن هيئة إدارية عامة ، لا يعتبر بالضرورة قراراً إدارياً مما يختص القضاء الإدارى بإلغائه أو وقف تنفيذه، بل يتعين لتحقق هذا الوصف أن يكون القرار إدارياً بحكم موضوعه· ولا كذلك أن يكون القرار دائراً حول مسألة من مسائل القانون الخاص؛ وكان ثابتاً كذلك أن القرار الصادر من الجهة الإدارية بتمكين الشاكى - مؤقتاً - من الانتفاع بمسقاة خاصة ، وكذلك القضاء القطعي الصادر من المحكمة المختصة فصلاً في الحقوق المدعى بها في شأن هذا الانتفاع سواء بإثباتها لمن يدعيها أو لغيره، يتعرضان كلاهما لأوضاع ولحقوق تقع جميعها في منطقة القانون الخاص، وينظمها هذا القانون ابتداءً وانتهاءً لتعلقهما بمصالح خاصة لأطرافها، فإن القرار الصادر موقتاً بالانتفاع بتلك المسقاة لا يكون قراراً إدارياً، ولا يدخل إلغاؤه أو التعويض عنه بالتالى في اختصاص جهة القضاء الإدارى ، بل تتولى النظر فيه والتعقيب عليه جهة القضاء العادى بحكم ولايتها العامة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر الدعوى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق