الصفحات

الجمعة، 13 ديسمبر 2019

الطعن 2 لسنة 2017 هيئة عامة جزائي اتحادي جلسة 13 / 6 / 2017

أصله الطعن 190 لسنة 2017 جزائي
برئاسة السيد القاضي محمد بن حمد البادي – رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة شهاب عبدالرحمن الحمادي ومحمد عبدالرحمن الجراح والبشير بن الهادي زيتون وأحمد عبدالله الملا. 
---------------- 
(1) هيئة عامة " تشكيلها " " اختصاصها ". المحكمة الاتحادية العليا. قانون " تفسيره ". الحكم البات. 
- الهيئة العامة. إجراءات تشكيلها واختصاصاتها وكيفية إصدار أحكامها. حددتها المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية. 
- الهيئة العامة تنظر في النزاع باعتبارها محكمة آخر درجة وأن حكمها هو الحكم البات الذي لا معقب عليه. 
(2) شكوي " قانون " " تفسيره ". دعوى جزائية " تحريكها "" انقضاءها ". سب. تقنية المعلومات. المحكمة الاتحادية العليا " سلطتها في العدول عن مبادئها ". هيئة عامة " سلطتها في التصدي لموضوع الدعوى ". 
- الشكوى في جرائم السب. شرط لجواز رفع الدعوى الجزائية. المادة 10/4 إجراءات جزائية. 
- للشاكي في جرائم السب. أن يتنازل عن الشكوى في أي وقت قبل أن يصدر حكم بات في الدعوى. المادة 16 إجراءات جزائية. 
- قانون الإجراءات الجزائية بصفته الشريعة الإجرائية العامة. المنظم لإجراءات المحاكمة الجزائية التي محلها الجرائم الواردة بقانون العقوبات أو القوانين العقابية الخاصة ما لم يرد نص إجرائي خاص في تلك القوانين. 
- خلو المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات من أي نص إجرائي يمنع إعمال الأحكام الواردة. في قانون الإجراءات الجزائية. أثره : إعمال أحكام المادتين 10/4، 16 إجراءات جزائية على جريمة السب الواردة بالمادة 20 من القانون السالف. 
- عدول الهيئة الهامة للمحكمة الاتحادية العليا عن مبدأ أمام دوائرها يتصل بطعن منظور أمام احدى دوائرها. اقتضاءه: تصديها للفصل في موضوع الطعن دون إعادته إليها. أساس ذلك؟ 
- مثال. 
------------------- 
1- وحيث إنه يتعين بداية التنويه إلى أن هذه الهيئة، هي في حقيقتها إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا. غير أن المشرع حدد تشكليها في المادة 65 من قانون المحكمة، ولم يتركها للجمعية العمومية للمحكمة تشكليها كما هو الحال في باقي دوائرها، إذ هي تتألف من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه رئيسا ومن عضوية أربعة قضاة لا يزيد عدد المناوبين فيهم على قاضيين كما حدد المشرع كذلك اختصاصها بالنظر والفصل فيما يحال إليها من دوائر المحكمة الأخرى – عدا الدائرة الدستورية – من دعاوى أو طعون للعدول عن مبدأ مستقر، أو النظر في المبادئ المتعارضة التي سبق صدورها من المحكمة وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية أربعة قضاة على الأقل. وهي إذ تنظر في الدعوى أو الطعن المحال إليها، وتملك السلطة الكاملة في العدول عن مبدأ إلى مبدأ آخر، أو ترجيح مبدأ قانوني على مبدأ قانوني آخر سبق صدوره، دون أن تحاج أو تواجه بأن العدول قد يضر بمن صدر الحكم في الدعوى أو الطعن لصالحه. ذلك أن الهيئة وهى تنظر في النزاع إنما تنظره باعتبارها محكمة آخر درجة وأن حكمها هو الحكم البات الذي لا معقب عليه. 
2- لما كان من المقرر قانونا وعلى ما جرى به نص المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية " لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية في الجرائم التالية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه:- 4- سب الأشخاص وقذفهم " وجرى نص المادة 16 من ذات القانون على أنه " لمن قدم الشكوى في الجرائم المشار إليها في المادة 10 من هذا القانون أن يتنازل عن الشكوى في أي وقت قبل أن يصدر في الدعوى حكم بات وتنقضي الدعوى الجزائية بالتنازل " وجرى نص المادة الأولى من ذات القانون على أنه " تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية. ." بما مؤداه وجوب إعمال أحكام قانون الإجراءات الجزائية على الدعاوى الجزائية أيا كان النص العقابي المؤثم للواقعة محل الدعوى، باعتبار أن قانون الإجراءات الجزائية يعد الشريعة الإجرائية العامة المنظمة لإجراءات المحاكمات الجزائية ما لم يرد نص إجرائي خاص يقيد من أعمال أحكام هذا القانون وذلك على النحو الذي انتهت إليه الهيئة في المساق المتقدم ولما كانت جريمة سب الأشخاص من الجرائم التي أوجب القانون تقديم شكوى من المجني عليه لرفعها إعمالا لنص المادة 10/4 سالفة البيان وتنقضي الدعوى الجزائية بتنازله عنها قبل صدور حكم بات فيها إعمالا لنص المادة 16 سالف الذكر ولما كانت جريمة السب باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات المنصوص عليها من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات هي من جرائم السب وتشترك في عناصرها وأركانها القانونية مع جرائم السب الأخرى الواردة في قانون العقوبات أو قانون عقابي آخر ومن ثم تسري عليها أحكام المادتين 10/4، 16 من القانون سالف الذكر. 
وحيث إن قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر أو في إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية، فإن الهيئة إذا ما فصلت في مسألة العدول أو التعارض، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة المحيلة، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل فيه بعد أن قالت كلمتها في موضوع الإحالة. 
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيدة أسبابه لأسباب الحكم الابتدائي قد انتهى في قضائه إلى تأييد الحكم المستأنف بانقضاء الدعوى الجزائية قبل المطعون ضده على سند من القول أن المجنى عليه قد تنازل عن شكواه تجاه المتهم حسبما ثبت لدى المحكمة من وجود تنازل مصدق من كاتب العدل، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح الواقع والقانون ويغدو نعي النيابة العامة الوارد بوجه النعي على غير أساس خليقا برفض الطعن. 
------------------
المحكمــــة 
حيث إن الوقائع – على ما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن النيابة العامة أحالت المطعون ضده إلى المحاكمة الجزائية بوصف أنه بتاريخ 23/1/2017 بدائرة أم القيوين استخدم إحدى وسائل تقنية المعلومات " برنامج واتس آب " بأن قام بسب المجني عليه/....... بعبارة السب الواردة في الأوراق وإرسال صور مخلة بالآداب يحمل معناها عزما السب على النحو المبين بالأوراق. 
وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقاً للمواد 1 ،7، 10، 20/1، 42 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وتعديلاته. 
ومحكمة أم القيوين الاتحادية الابتدائية قضت بتاريخ 28/2/2017 بانقضاء الدعوى الجزائية قبل المطعون ضده بالتنازل، استأنفت النيابة العامة قضاء ذلك الحكم بالاستئناف رقم 31 لسنة 2017 مستأنف جزاء أم القيوين للخطأ في تطبيق القانون لعدم انطباق أحكام المادتين 10، 16 من قانون الإجراءات الجزائية على الواقعة الماثلة، ومحكمة أم القيوين الاتحادية الاستئنافية قضت بتاريخ 21/3/2017 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة طلبت في ختامها:- أولا قبول الطعن شكلا. ثانيا:- وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة. على سند من أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حينما أعمل أحكام المادتين 10، 16 من قانون الإجراءات الجزائية بشأن انقضاء الدعوى الجزائية بالتنازل في حين أن الواقعة الماثلة تندرج ضمن أحكام المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن جرائم تقنية المعلومات وهى جرائم لا تسري بشأنها أحكام المادتين 10/4، 16 من قانون الإجراءات الجزائية إذ لا يشترط لتحريكها شكوى من المجني عليه على خلاف الجرائم المشار إليها في المادة سالفة الذكر. 
وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها فوضت فيها الرأي للمحكمة. 
وأثناء نظر الطعن أمام الدائرة الجزائية الشرعية رأت الدائرة العدول عن رأيها الذي أصدرته في الطعون السابقة والذي قرر عدم جواز إعمال أحكام المادتين 10/4، 16 من قانون الإجراءات الجزائية على جريمة سب الأشخاص باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات المعاقب عليها طبقا للمواد 1، 7، 10، 20/1، 42 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقضت بتاريخ 15/5/2017 بإحالة الطعن إلى الهيئة العامة وفقا لأحكام المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه وعلى سند من أن الدائرة أصدرت أحكاما تقرر عدم جواز إعمال المادتين 10/4، 16 من قانون الإجراءات الجزائية على جريمة سب الأشخاص باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات تأسيسا على أن الجرائم الواردة في المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات تُنَظم في قانون خاص جعل لها أحكاما خاصة نحا فيها المشرع إلى تشديد العقوبة وأوجد لها تدابير خاصة تلائمها كما أن الحماية القانونية التي تغياها ترمي إلى حماية الشبكة المعلوماتية ووسائل تقنية المعلومات والتي بواسطتها يتم استخدامها للإساءة للآخرين وأن الأثر يتعدى شخص المجني عليه كما أن طبيعة تلك الجرائم تنطلق في الفضاء الإلكتروني دون السيطرة عليه من طرفي الخصومة في حين أن الجرائم المشار إليها في المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية ومن بينها ما ورد بالفقرة الرابعة منها " سب الأشخاص وقذفهم " قد وردت في قانون عام وأن الحماية القانونية التي قصدها المشرع حماية الأشخاص والتي يملك المجني عليها حق التنازل عنها. واستقر قضاؤها على عدم انقضاء الدعوى بالتنازل أو وجوب لتقديم شكوى من المجني عليه. 
وحيث إن هذا الرأي أوجد انقساما في الرأي بين أعضاء الدائرة وكذلك الاختلاف مع المبادي التي قررتها الهيئات القضائية الأخرى في الدولة والتي ظهرت حول تطبيق القواعد واجبة التطبيق على جميع المسائل الإجرائية الخاصة بالدعوى الجزائية أيا كان نوع الجريمة أو القانون التي تنتظم فيه ما لم يرد نص خاص في تلك القوانين على خلاف ما قررته القواعد العامة. 
وحيث إن الهيئة إذ نظرت الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات فقد قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم. 
وحيث إنه يتعين بداية التنويه إلى أن هذه الهيئة، هي في حقيقتها إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا. غير أن المشرع حدد تشكليها في المادة 65 من قانون المحكمة، ولم يتركها للجمعية العمومية للمحكمة تشكليها كما هو الحال في باقي دوائرها، إذ هي تتألف من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه رئيسا ومن عضوية أربعة قضاة لا يزيد عدد المناوبين فيهم على قاضيين كما حدد المشرع كذلك اختصاصها بالنظر والفصل فيما يحال إليها من دوائر المحكمة الأخرى – عدا الدائرة الدستورية – من دعاوى أو طعون للعدول عن مبدأ مستقر، أو النظر في المبادئ المتعارضة التي سبق صدورها من المحكمة وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية أربعة قضاة على الأقل. وهي إذ تنظر في الدعوى أو الطعن المحال إليها، وتملك السلطة الكاملة في العدول عن مبدأ إلى مبدأ آخر، أو ترجيح مبدأ قانوني على مبدأ قانوني آخر سبق صدوره، دون أن تحاج أو تواجه بأن العدول قد يضر بمن صدر الحكم في الدعوى أو الطعن لصالحه. ذلك أن الهيئة وهى تنظر في النزاع إنما تنظره باعتبارها محكمة آخر درجة وأن حكمها هو الحكم البات الذي لا معقب عليه. 

وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 1992 بشأن إصدار قانون الإجراءات الجزائية قد جرى نصها على أنه " 1- تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية.." وكانت المادة 10/4 من ذات القانون قد نصت على أنه " لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية في الجرائم التالية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو من يقوم مقامه:- 4- سب الأشخاص وقذفهم " ونصت المادة 16 من ذات القانون على أنه " لمن قدم الشكوى في الجرائم المشار إليها في المادة 10 من هذا القانون أن يتنازل عن الشكوى في أي وقت قبل أن يصدر في الدعوى حكم بات وتنقضي الدعوى الجزائية بالتنازل..." فإن مؤدى هذه النصوص مجتمعة أن أحكام قانون الإجراءات الجزائية بصفته الشريعة الإجرائية العامة التي تنظم إجراءات المحاكمة الجزائية الناشئة عن الدعوى الجزائية والتي محلها الجرائم الواردة في قانون العقوبات أو القوانين العقابية الخاصة هو القانون الواجب التطبيق على تلك الدعاوى ما لم يرد نص إجرائي خاص في تلك القوانين يقيد من تطبيق نصوص قانون الإجراءات الجزائية، 
ولما كان موضوع الدعوى الراهنة هي من جرائم سب الأشخاص والمنصوص عليها في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات قد خلا من أي نص إجرائي يمنع إعمال الأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجزائية ومن ثم يتعين إعمال أحكام المادتين 10/4، 16 المشار إليهما آنفا على جريمة السب الواردة في المادة 20 آنفة البيان فيما يتعلق من وجوب تقديم شكوى من المجني عليه وتنقضي الدعوى الجزائية قبل المتهم إذا تنازل المجني عليه عن شكواه، 
ولا يجوز التحدي بأن المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 المذكور آنفا هو قانون خاص أسبغ على الجرائم الواردة فيه أحكاما خاصة أو أن الحماية القانونية تتعدى المجني عليه أو أن طبيعة العقوبات الواردة فيه لها اعتبارات خاصة، ذلك أن هذه الأحكام هي أحكام موضوعية خاصة بعناصر وأركان تلك الجرائم ولا شأن لها بالقواعد الإجرائية المنظمة لإجراءات المحاكمات الجزائية على الدعاوى التي ترفع عنها. 

وحيث إنه ولما كانت دائرة الجزاء الشرعية بهذه المحكمة، قد أصدرت عدة أحكام تخالف هذا النظر نحت فيها إلى عدم جواز إعمال أحكام المادتين 10/4، 16 من قانون الإجراءات الجزائية، فإن هذه الهيئة وإعمالا لدورها القضائي وعملا باختصاصها القانوني، وتأسيسا على ما أفصحت عنها من أسباب، تقر مبدأ وجوب إعمال أحكام المادتين 10/4، 16 سالفي الذكر على جريمة السب باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات المنصوص عليها في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 سالفي البيان دون ما يخالفه من مبادئ. 

وحيث إن قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر أو في إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية، فإن الهيئة إذا ما فصلت في مسألة العدول أو التعارض، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة المحيلة، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل فيه بعد أن قالت كلمتها في موضوع الإحالة. 

وحيث إن الطعن سبق القضاء باستيفائه لشروطه وأوضاعه الشكلية. 

وحيث إن مبنى الطعن بسببه الوحيد يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون حينما أيد الحكم المستأنف بانقضاء الدعوى الجزائية عن جريمة السب باستخدام وسائل تقنية المعلومات المنصوص عليها في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ذلك أن الحكم أعمل أحكام المادتين 10، 16 من قانون الإجراءات الجزائية بشأن تنازل المجني عليه عن شكواه تجاه المطعون ضده في حين أن أحكام المادتين المذكورتين لا تنطبق على الدعوى الماثلة، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه. 

وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر قانونا وعلى ما جرى به نص المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية " لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية في الجرائم التالية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه:- 4- سب الأشخاص وقذفهم " وجرى نص المادة 16 من ذات القانون على أنه " لمن قدم الشكوى في الجرائم المشار إليها في المادة 10 من هذا القانون أن يتنازل عن الشكوى في أي وقت قبل أن يصدر في الدعوى حكم بات وتنقضي الدعوى الجزائية بالتنازل " وجرى نص المادة الأولى من ذات القانون على أنه " تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية. ." بما مؤداه وجوب إعمال أحكام قانون الإجراءات الجزائية على الدعاوى الجزائية أيا كان النص العقابي المؤثم للواقعة محل الدعوى، باعتبار أن قانون الإجراءات الجزائية يعد الشريعة الإجرائية العامة المنظمة لإجراءات المحاكمات الجزائية ما لم يرد نص إجرائي خاص يقيد من أعمال أحكام هذا القانون وذلك على النحو الذي انتهت إليه الهيئة في المساق المتقدم ولما كانت جريمة سب الأشخاص من الجرائم التي أوجب القانون تقديم شكوى من المجني عليه لرفعها إعمالا لنص المادة 10/4 سالفة البيان وتنقضي الدعوى الجزائية بتنازله عنها قبل صدور حكم بات فيها إعمالا لنص المادة 16 سالف الذكر ولما كانت جريمة السب باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات المنصوص عليها من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات هي من جرائم السب وتشترك في عناصرها وأركانها القانونية مع جرائم السب الأخرى الواردة في قانون العقوبات أو قانون عقابي آخر ومن ثم تسري عليها أحكام المادتين 10/4، 16 من القانون سالف الذكر. 

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيدة أسبابه لأسباب الحكم الابتدائي قد انتهى في قضائه إلى تأييد الحكم المستأنف بانقضاء الدعوى الجزائية قبل المطعون ضده على سند من القول أن المجنى عليه قد تنازل عن شكواه تجاه المتهم حسبما ثبت لدى المحكمة من وجود تنازل مصدق من كاتب العدل، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح الواقع والقانون ويغدو نعي النيابة العامة الوارد بوجه النعي على غير أساس خليقا برفض الطعن. 
* * *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق