الصفحات

الأحد، 29 ديسمبر 2019

الطعن 1208 لسنة 54 ق جلسة 3 / 12 / 2011 مكتب فني 57 ج 1 توحيد المبادئ ق 1 ص 15


برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الله سعيد أبو العز عمران رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ فريد نزيه حكيم تناغو وعصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومحمد إبراهيم محمد قشطة ومجدي حسين محمد العجاتي ود. محمد عبد الحميد مسعود ويحيى أحمد راغب دكروري وعبد الله عامر إبراهيم وإبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب ومحمد عبد العظيم محمود وفايز شكري حنين. نواب رئيس مجلس الدولة

-------------------
دعوى
الحكم في الدعوى– مسَوَّدة الحكم– جواز كتابتها كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر( )، على أن توقع نهاية المسودة من أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم.
----------------
الوقائع
في يوم الأربعاء الموافق 31/10/2007 أودع السيد/ ...... المحامي وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 9082 لسنة 29 ق بجلسة 22/10/2007، الذي قضى بقبول تدخل/ ..... خصما منضما لجهة الإدارة، وبقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة انتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي التي أجريت يوم 4/5/2007، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والأمر بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها مجددا هيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وتدوول الطعن أمام هذه المحكمة (الدائرة الأولى فحص) التي قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 3/7/2010 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع)، التي قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 18/12/2010 إحالة الطعن الماثل إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مکررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984؛ لإعادة النظر في مبدأ سابق لها أقرته في حكمها الصادر بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/1/2009 في الطعن رقم 18006 لسنة 53 ق. عليا، الذي انتهت فيه إلى: "جواز كتابة مسودة الأحكام القضائية بواسطة جهاز الكمبيوتر إذا تمت الكتابة بمعرفة أحد أعضاء الدائرة التي أصدرته، متى تضمنت البيانات الأساسية ومنطوق الحكم خط اليد". وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم صحة كتابة مسودة الحكم القضائي كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر – على النحو المبين بالأسباب – وإعادة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.
وتدوول الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/10/2011 قررت الدائرة حجز الطعن للحکم فيه بجلسة 12/11/2011، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن مقطع النزاع في المسألة المعروضة يكمن في مدى صحة كتابة مسودات الأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر.
ومن حيث إنه سبق لهذه الدائرة أن قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/1/2009 في الطعن رقم 18006 لسنة 53 ق. عليا "بجواز كتابة مسودة الأحكام القضائية بواسطة جهاز الكمبيوتر إذا تمت كتابة المسودة بمعرفة أحد أعضاء الدائرة، متى تضمنت البيانات الأساسية ومنطوق الحكم بخط اليد ...."، على سند مؤداه أنه يتعين الرجوع في الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة فيما لم ينص عليه قانون مجلس الدولة إلى أحكام قانون المرافعات، وقد أوجب قانون المرافعات أن تكون المداولة في الأحكام القضائية سرا بين قضاة الدائرة، وأن تشتمل مسودة الحكم على منطوقه وأسبابه، وأن توقع من جميع القضاة الذين استمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة.
ومن حيث إن مسودة الحكم لا تعدو أن تكون ورقة من أوراق المرافعات تكتب عقب انتهاء المداولة وقبل النطق بالحكم تمهيدا لتحرير نسخة الحكم الأصلية التي يوقع عليها رئيس الدائرة وكاتبها، وتكون هي وحدها دون مسودة الحكم المرجع في أخذ الصور الرسمية والتنفيذية وعند الطعن عليه من ذوى الشأن؛ باعتبار أن نسخة الحكم الأصلية هي التي يحاج بها ولا تقبل المجادلة في بياناتها إلا عن طريق الطعن عليها بالتزوير. ومن حيث إنه يتبين من مطالعة قوانين المرافعات والإجراءات الجنائية أن المشرع لم يشأ مطلقا تحديد ماهية مسودة الحكم أو تنظيم وسيلة كتابتها، وإنما أورد لفظ "المسودة" في نصوص قوانين المرافعات والإجراءات الجنائية بصورة عامة، وأن المشرع تطلب – فحسب – أن تشتمل مسودة الحكم على منطوقه وأسبابه، وتوقيع القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة، ولم يشأ المشرع أن يرتب أي بطلان على الوسيلة التي تكتب بها مسودة الحكم، ولم ينص صراحة أو ضمنا على كتابة المسودة بخط يد القاضي أو القضاة الذين أصدروا الحكم. ومن حيث إنه ولئن كان العمل قد جرى على أن تكتب مسودة الحكم بخط يد أحد القضاة الذين اشتركوا في المداولة فإنه لا يجب الوقوف عند المعنى الحرفي للفظ "كتابة" وتجريده من مضمونه وغايته؛ إذ يجب أن تفهم هذه الكلمة في إطار الهدف منها، فليس المقصود بكتابة مسودة الحكم بيد القاضي أن يكون ذلك باستعمال أي من الأقلام أو الأحبار فحسب، بل يكون القاضي كاتبا لمسودة الحكم إذا توصل إلى ذلك باستخدام الكمبيوتر أو آلة الكتابة، مادام أنه قام بذلك بنفسه، ولم يعهد به إلى آخرين من غير القضاة الذين اشتركوا معه في المداولة، فإذا أجاد القاضي استخدام جهاز الكمبيوتر بنفسه في كتابة مسودة الحكم فعندئذ يكون الحكم نابعا عن شخص القاضي، ومكتوبا بيده لا بيد غيره؛ ذلك أن كتابة القاضي مسودة الحكم بجهاز الكمبيوتر لا تتم إلا بضغط من أنامله وأصابعه على الحروف مستكملا الكلمة توصلا إلى الجملة التي يصوغ بها وقائع وأسباب ومنطوق الحكم، كما يصح أن يكون جهاز الكمبيوتر مجهزا بتلقي صوت القاضي نفسه، ويقوم الكمبيوتر بنقل الصوت على الورقة كتابة، فهو إذن وسيلة للكتابة لا تختلف عن وسيلة الكتابة باستعمال القلم بأنواعه المختلفة. وقد غدا استخدام جهاز الكمبيوتر في يد القضاة – وخاصة الشباب منهم – وسيلة فعالة لإنجاز العديد من الأحكام. وليس من عيب في استخدام جهاز الكمبيوتر في كتابة مسودة الأحكام، بل هناك محاسن كثيرة؛ إذ تسهل قراءة المسودة ولا تختلط عباراتها أو تضطرب، كما يسهل على القاضي تسجيل أفكاره وترتيبها وتنسيقها وسرد الوقائع على نحو أفضل. ولا وجه لإلزام القاضي كتابة مسودة الحكم بخط اليد وباستخدام القلم وحده مع حظر استخدام الكمبيوتر في الكتابة بعد أن اتصل العديد من القضاة بالثورة المعلوماتية والتقنية العلمية، حتى غدا استعمال جهاز الكمبيوتر جزءا من منظومة عملهم القضائي، مما يجب أن يترك للقاضي حرية التعبير عن أفكاره في كتابة مسودات الأحكام بالوسيلة التي تحقق له اليسر والسهولة. والعبرة في المحافظة على سرية الأحكام قبل النطق بها علانية، وعدم إفشائها أو مشاركة غير القضاة في كتابتها. ومن حيث إن مركز المعلومات القضائي بوزارة العدل، وكذلك مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، قد أعد كل منهما دراسة فنية انتهت إلى أن استخدام الحاسب الآلي في كتابة مسودة الأحكام لا يؤثر في سرية المداولة، وأنه يؤدي إلى سهولة التحرير والمراجعة والتعديل قبل طباعة المسودة، بجانب توفير أكبر فرصة للقاضي للتأمل الهادئ في الموضوع الذي يعالجه، وأن استخدام القاضي لجهاز الكمبيوتر في كتابة مسودة الحكم لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة من وسائل الكتابة لترجمة ما استقر في وجدانه، فالقلم والكمبيوتر كلاهما وسيلة للتعبير، ولن تتغير طبيعة المسودة وسريتها بكونها كتبت بخط اليد أو على الآلة الكاتبة أو على الحاسب الآلي؛ لأن السرية ليس لها علاقة بوسيلة الكتابة، وإنما تتوقف على إفشاء سر المداولة من أحد القضاة الذين حضروا المداولة ووقعوا على المسودة، وأنه في حالة استخدام القاضي لجهاز الحاسب الآلي في كتابة المسودة توجد برامج للسرية تمنع غيره من الاتصال أو الاطلاع أو استرجاع ما سطره بمسودة الحكم مادام هو الذي يستخدمه بنفسه، ويستحيل على غيره أن يطلع على ما دَوّنه على حاسبه بدون استخدام كلمة السر التي لا يعلمها غير القاضي. ومن حيث إنه إذا كان الأمر كذلك، وكانت الجهات الفنية قد أكدت – على نحو ما تقدم – أن كتابة مسودة الحكم بجهاز الحاسب الآلي المزود ببرامج السرية تحول دون اتصال الغير أو الاطلاع أو استرجاع ما دَوّنه القاضي بمسودة الحكم، مما يجعل كتابة المسودة بجهاز الكمبيوتر أمرا لا غبار عليه، وأنه يكتفي بالتوقيعات الممهورة بها مسودة الحكم وورودها في نهاية المسودة دون اشتراط تعددها بتعدد أوراق وصفحات المسودة، وهو الأمر الذي استقر عليه الفقه والقضاء العادي والقضاء الإداري، إلا أن المحكمة ترى مع ذلك أنه "يلزم على القاضي أن يكتب البيانات الأساسية للحكم وهي رقم الدعوى وتاريخ إيداع العريضة وأسماء الخصوم وكذلك منطوق الحكم بخط يده دون استخدام جهاز الكمبيوتر" وانتهت المحكمة (دائرة توحيد المبادئ) إلى حكمها المبين سالفا.
ومن حيث إنه إزاء ما سلف ذكره وكانت كتابة مسودة الحكم باستخدام جهاز الكمبيوتر لا تؤثر في سرية المداولة وسرية الحكم حتى النطق به علانية، فمن ثم لا يكون ثمة لزوم للتفرقة في حكم جواز كتابة مسودة الأحكام القضائية كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر بين أي من مدونات مسودات هذه الأحكام، بحيث يستوي في ذلك كتابة بياناته الأساسية كرقم الدعوى وتاريخ إيداع العريضة وأسماء الخصوم وكذا منطوق الحكم، وكتابة غير ذلك من هذه المدونات، الأمر الذي ترى معه المحكمة العدول عما سبق أن قررته بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/1/2009 في الطعن المشار إليه سابقا في هذا الشأن، والحكم بجواز كتابة مُسودات الأحكام القضائية كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر، على أن توقع نهاية المسودة من الدائرة التي أصدرت هذه الأحكام.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بجواز كتابة مسودات الأحكام القضائية كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر، على أن توقع نهاية المسودة من الدائرة التي أصدرت هذه الأحكام، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة للفصل فيه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق