الصفحات

الأربعاء، 5 يونيو 2019

الطعن 6649 لسنة 62 ق جلسة 2 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 142 ص 899


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
------------------------
(142)
الطعن رقم 6649 لسنة 62 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)إعدام. نيابة عامة. نقض "ميعاده".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
 (3)قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
 (4)سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ لتوافر سبق الإصرار.
(5) قتل عمد. سرقة. إكراه. ظروف مشددة. عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاقتران".
كفاية أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتغليظ العقاب عملاً بنص المادة 234 عقوبات. تقدير ذلك. موضوعي.
(6) إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر لا يغني عنه ولا يجزى عن ذلك الخطاب الذي أرسله المحكوم عليه وضمنه ملاحظاته على الحكم.
2 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم من ظروف الدعوى وملابساتها ومن اعترافه بأنه قصد قتل المجني عليهما والخلاص منهما للاستيلاء على السيارة ومن قيامه بضربهما بشدة ضربات عديدة في مقاتل منها الرأس والوجه وبأداة من شأنها إحداث القتل - ساطور - وقد أحدثته فعلاً، ولم يتركهما إلا بعد أن تيقن من موتهما". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في استظهار نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
4 - لما كان الحكم قد استظهر سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله، "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهم من إعداده آلة من شأنها أن تحدث القتل - ساطور - ومن اعترافه بأنه فكر في قتل المجني عليه الأول قبل الحادث بيومين للاستيلاء على السيارة التي يعمل قائداً لها ومما كشفت عنه التحقيقات من أنه دبر مقتل المجني عليهما للاستيلاء على السيارة - من مغادرة مدينة المنصورة إذ طلب من قائد السيارة الذهاب إلى طريق عزبة أبو جلال ثم أجهز عليهما على نحو ما سلف بيانه الأمر الذي يقطع بأنه لم يقدم على جريمته إلا وهو هادئ البال من إعمال فكر وروية". وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره.
5 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
6 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران على ما هما معرفان به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام - والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم وصدور هذا الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً أبيض (بلطة) واستدرجه بالسيارة قيادته إلى الطريق الموصل إلى تل أبو جلال والذي تأكد من خلوه من المارة وما أن ظفر به حتى انهال عليه ضرباً بآلة حادة "بلطة" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك السلاح سالف الذكر وما أن أجهز على المجني عليه الأول حتى استدرج الثاني من ذات السيارة وانهال عليه ضرباً بالأداة المشار إليها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وقد تلت الجنايتين المذكورتين جناية أخرى هي أنه في ذات المكان وفي الطريق الموصل إلى تل أبو جلال سرق السيارة رقم.... المملوكة.... لـ.... قيادة المجني عليه الأول حال كونه يحمل سلاحاً ظاهراً "بلطة" وكان ذلك ليلاً. ثانياً: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (بلطة) دون مسوغ للضرورة الشخصية أو الحرفية وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 سنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم واحد المرفق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم.... لسنة..... القضائية). ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً. ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة "هيئة أخرى" قضت حضورياً عملاً بذات مواد الاتهام وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وبمصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه ولا يجزى عن ذلك الخطاب الذي أرسله المحكوم عليه وضمنه ملاحظاته على الحكم.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى في قوله "أنه ومن حوالي خمسة عشر يوماً سابقة على الحادث فكر المتهم....... في سرقة سيارة نقل ركاب وقتل صاحبها وصور له خياله العريض وتفكيره الإجرامي أن في ذلك حلاً لضائقته المالية المستهلكة، وفكر قبل الحادث بيومين أن يقتل المجني عليه.... لما تربطه به من صداقة تجعله يطمئن إليه - ويستولي على السيارة التي يعمل سائقاً عليها وفي سبيل ذلك اشترى سلاحاً - ساطور - وخبأه في ورقة من ورق الصحف وانتظر المجني عليه الأول يوم.... بميدان المحطة بمدينة المنصورة وعندما قابله طلب منه توصيله بالسيارة إلى رأس البر فوافق لقاء مبلغ ثلاثين جنيهاً، واستقل معه السيارة وركب فيها بجواره ومعهما مساعد السائق - التباع - ..... في طريقهم إلى رأس البر - وفي الطريق طلب من المجني عليه الأول أن يتجه إلى قرية أبي جلال لاصطحاب أسرته معه وعند تل أبو جلال طلب منه أن يتوقف وأن يصحبه إلى منزله، وأثناء سيرهما ضربه بالساطور على رأسه قاصداً من ذلك قتله وما إن سقط على الأرض وإلى الاعتداء عليه حتى تيقن من موته، ورجع إلى..... مساعد السائق وطلب منه أن يصحبهما إلى منزله بدلاً من مكوثه بالسيارة بمفرده، وأثناء سيرهما وقبل الوصول إلى جثة السائق انهال عليه ضرباً بالساطور على رأسه قاصداً إزهاق روحه فارتكز على ركبتيه واضعاً يده على رأسه اتقاء للضربات متوسلاً إليه أن يكف من الاعتداء عليه ولكنه لم يأبه بذلك وظل يضربه حتى لقي حتفه - وعندئذ تخلص من آلة الاعتداء بأن ألقاها في أحد المصارف ووضع الجثتين بداخل السيارة وظل يتجول بها حتى وصل إلى جسر ترعة البلامون حيث توجد زراعات غاب كثيفة وألقى بهما فيها وقاد السيارة إلى مكان هادئ وقام بغسلها وأزال ما عليها من دماء كما اغتسل هو منها وقد توجه إلى منزل خالته وأزال ما بملابسه من دماء وبات ليلته وإذ سأله ابن خالته عن مصدر السيارة أخبره بأنه اشتراها وعن مصدر الدماء قال إنها من حادث طريق، وفى الصباح غادر منزل خالته وتوجه بالسيارة إلى قرية الضهرية وباع شبكتها التي تعلوها وغير أرقام وعلامات السيارة بأن جعلها أجرة دمياط وأزال ما عليها من علامات قد تدل عليها وظل يعمل بها في طريق رأس الخليج ميت أبو غالب إلى أن تم ضبطه فاعترف تفصيلاً بارتكاب الحادث وأرشد عن مكان إلقاء الساطور الذي استعمله في ارتكابه فتم ضبطه" وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة، أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم، ومن اعتراف المتهم في التحقيقات، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بإيراده في مدوناته ما مؤداه أنه ثبت في يقين المحكمة أن هذا المتهم في ليلة....... بالطريق العام قتل.... عمداً مع سبق الإصرار، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان قتل..... عمداً مع سبق الإصرار، وأنه تليت الجنايتين سالفتي الذكر جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق السيارة رقم..... والمملوكة لـ.... حالة كونه يحمل سلاحاً ظاهراً فضلاً عن إحرازه بغير ترخيص سلاحاً أبيض "ساطور" دون مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية تقتضي حمله الأمر المؤثم بالمواد 230 و231 و234/ 2 و315 ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، وأنزل عليه عقاب الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 7 من يناير سنة 1992 أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون بذلك قد وفرت له حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم من ظروف الدعوى وملابساتها ومن اعترافه بأنه قصد قتل المجني عليهما والخلاص منهما للاستيلاء على السيارة ومن قيامه بضربهما بشدة ضربات عديدة في مقاتل منها الرأس والوجه وبأداة من شأنها إحداث القتل - ساطور - وقد أحدثته فعلاً، ولم يتركهما إلا بعد أن تيقن من موتهما". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في استظهار نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله، "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهم من إعداده آلة من شأنها أن تحدث القتل - ساطور - ومن اعترافه بأنه فكر في قتل المجني عليه الأول قبل الحادث بيومين للاستيلاء على السيارة التي يعمل قائداً لها ومما كشفت عنه التحقيقات من أنه دبر مقتل المجني عليهما للاستيلاء على السيارة - من مغادرة مدينة المنصورة إذ طلب من قائد السيارة الذهاب إلى طريق عزبة أبو جلال ثم أجهز عليهما على نحو ما سلف بيانه الأمر الذي يقطع بأنه لم يقدم على جريمته إلا وهو هادئ البال من إعمال فكر وروية". وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران في قوله "أن المتهم قتل....، ثم اتبع ذلك بقتل.... ثم قام بسرقة السيارة ليلاً من طريق عام حالة كونه يحمل سلاحاً - وقد ارتكب كل جريمة من هذه الجرائم بفعل مستقل - فكونت كل منهما جريمة قتل قائمة بذاتها فضلاً عن جناية السرقة المشار إليها، وقد جمعتها رابطة الزمنية ومن ثم فإن ظرف الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات يكون قد تحقق" فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران على ما هما معرفان به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام - والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم وصدور هذا الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق