الصفحات

الاثنين، 3 يونيو 2019

الطعن 19739 لسنة 61 ق جلسة 3 / 10 / 1993 مكتب فني 44 ق 115 ص 740


جلسة 3 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره نائب رئيس المحكمة.
---------------
(115)
الطعن رقم 19739 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيان واف. لا قصور.
(2) مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها قوامه: علم الزارع بكنه تلك المادة. وفى جريمة حيازة المواد المخدرة. قوامه: علم الحائز بكنه تلك المادة. تحدث الحكم استقلالاً عنه. غير لازم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم دالاً عليه.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
زراعة نبات الخشخاش بقصد الإتجار. واقعة مادية استقلال قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً.
 (4)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال:
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم ما دام قد استخلصت أقوالهم بما لا تناقض فيه.
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليه.
مثال:
 (7)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة.
تقدير قوة الدليل. موضوعي.
 (8)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الإعراض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم ندبها خبيراً زراعياً. عدم قبوله ما دام لم يطلب منها ذلك. عدم جواز إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام النقض.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
 (11)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً طالما لم يكن له من أثر في منطقة أو النتيجة التي انتهى إليها.
مثال:

 (12)تلبس. جريمة "أركانها". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
التلبس. حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها.
قيام حالة التلبس في جريمة. أثره؟
ما يكفي لتوافر حالة التلبس؟
تقدير الأدلة على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومدى كفايتها. لرجل الضبطية تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع
 (13)دفوع "الدفع ببطلان الإجراءات". بطلان. نقض "الصفة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. أساس ذلك؟
(14) استدلالات. مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
 (15)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تلبس. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن. مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات. علة ذلك؟
تفتيش المزارع. لا يحتاج لإذن من النيابة العامة ما دامت غير متصلة بالمساكن.
عدم جدوى النعي بعدم جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. ما دامت الجريمة في حالة تلبس.

---------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها، واستخلص في بيان واف كاف من أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات بأنه القائم بزراعة الأرض المضبوط بها المخدر والذي تواجد بها عند الضبط قائماً بتقليع النبات، أنه هو الزارع له. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور وفساد في الاستدلال في هذا الصدد يكون ولا محل له.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات الممنوع زراعتها، كما أن القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة. إنما هو علم الحائز بأن المادة التي يحوزها هي من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة البنات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته أو بأن ما يحوزه مخدر.
3 - من المقرر أن زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما أثبته - في معرض استخلاصه توافر قصد الاتجار - من أن عدد الشجيرات المضبوطة تسعة آلاف خلافاً للثابت بمعاينة النيابة العامة من أن عددها ثمانية آلاف شجرة فقط، مردوداً بأن البين فيما أورده الحكم - حال سرده لمضمون الدليل المستمد من المعاينة أنه قد أثبت أن عدد الشجيرات ثمانية آلاف شجرة، وهو ما لا ينازع الطاعن في صحته، فمن ثم لا يعيب الحكم أن يكون قد ذكر في بعض مواضعه أن عددها تسعة آلاف شجرة، إذ أن ما ذكره من ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطقه ولا ينال من النتيجة التي انتهى إليها.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أنه لا يقدح من سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
6 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهه يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي، ما دامت لا تثق بما شهدوا به، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير زراعي، فليس له من بعد أن ينعى عليهما قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه، ولا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
11 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه من منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يذكر المشرف الزراعي بين شهود الإثبات وهو يعدد أدلته على قيام الجريمة التي دان الطاعن بها، إلا أنه في معرض إيراده، مؤدى هذه الأدلة عرض تزيداً لأقواله فذكر أنه قرر أن والد المتهم هو الحائز لقطعة الأرض محل الضبط وأن نجله المتهم يشاركه زراعتها، فإن ذلك لا يقدح في سلامة الحكم بعدما استوفى دليله من الأدلة التي عددها - على ما مر ذكره وليست هذه الأقوال المقرر لا المشهود بها قوام جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ولم يكن لها من أثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة.
12 - من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ومتى قامت في جريمة صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء أكان فاعلاً أم شريكاً، ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً. وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها هو من الأمور الموضوعية البحث التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع - وفقاً للوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقومات والوقائع التي أثبتتها في حكمها لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقبض على الطاعن ويفتشه إلا عندما تحقق من اتصاله بالجريمة إذ شاهده في الأرض التي دلت التحريات على زراعة النبات المخدر فيها، قائماً بتقليع ذلك البنات، بما يكفي لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش - يكون صحيحاً في القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
13 - لما كانت التحريات وإذن التفتيش عن غير الطاعن، فلا صفة له في الدفع بعدم جدية التحريات التي انبنى عليها هذا الإذن، لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء في الدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه.
14 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصداره فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
15 - من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط، وليس تفتيش المزارع بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة إذا كانت غير متصلة بالمساكن كما أن كون الجريمة في حالة تلبس والمتهم ضالع في ارتكابها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - ما لا جدوى معه، من بعد، من إثارة الدفع بعدم جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية بأنه: زرع وحاز بقصد الاتجار نباتاً ممنوعاً زراعته "خشخاش" وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28، 29، 34/ ب، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 2 من الجدول الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
وحيث إن مجمل تقريري أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة زراعة وحيازة نبات الخشخاش بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال فضلاً عن خطئه في الإسناد وفى تطبيق القانون، ذلك أنه لم يعن ببيان ركني الجريمة سواء ما تعلق بالفعل المادي وهو مباشرة الطاعن للزراعة أم القصد الجنائي وهو العلم بكنه المخدر المضبوط، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر قصد الاتجار في حقه وأثبت في معرض استخلاصه توافر هذا القصد أن عدد الشجيرات المضبوطة تسعة آلاف شجرة، خلافاً للثابت بمعاينة النيابة العامة من أن عددها ثمانية آلاف شجرة. هذا إلى أن الحكم أغفل تناقض أقوال شهود الإثبات مع ما أثبتته المعاينة في شأن بيان حدود قطعة الأرض محل الضبط واختلافهم بشأن سند حيازة والده لها، وعول على رواية الضابط بأنه شاهد الطاعن يقتلع النبات على الرغم من أنه ثبت من معاينة النيابة ألا أثر لاقتلاع أشجار، كما استند إلى أقوال باقي الشهود من أن الطاعن يزرع ووالده مع أن أقوالهم مرسلة خلت من رؤيتهم له وهو يقوم بزراعة النبات المخدر كما التفت عن أقوال والده بأنه يزرع الأرض وحده وأن النبات من متخلفات العام السابق والتي سبق ضبط الأرض مزروعة به منذ عام، مما كان لازمه ندب خبير زراعي، كذلك أسند إلى المشرف الزراعي قوله أن الطاعن يزرع الأرض في حين خلت من ذلك أقواله في التحقيقات. كما لم يعرض إيراداً ورداً لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس. وأخيراً فإن إذن النيابة العامة بالتفتيش - بفرض استصداره قد انبنى على تحريات غير جدية، إذ تعلقت بوالد الطاعن وخلت من أن الطاعن يشاركه زراعة الأرض محل الضبط. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن قسم مكافحة المخدرات بأسيوط استصدر إذناً من النيابة العامة بتفتيش أشخاص ومساكن وزراعات المتحرى عنهم المذكورين بالإذن ومنهم........ والد المتهم، وبتاريخ 9/ 2/ 1982 توجه القائم بالضبط إلى قطعة الأرض حيازة المذكور فوجدها منزرعة بنبات الخشخاش وشاهد أحد الأشخاص يقوم بتقليع النباتات المخدرة منها فقام بضبطه وتبين أنه المتهم........ نجل المأذون بتفتيشه وبمواجهة المأذون بتفتيشه أقر بحيازته للأرض محل الضبط وقرر أنه يقوم بزراعتها ونجله بالنباتات المخدرة بقصد الاتجار في متحصلاتها وتبين أن مساحتها ثمانية قراريط بها 9000 شجرة". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال ضابط الشرطة وشيخي الناحية وجيران الأرض محل الضبط وملاحظات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها، واستخلص في بيان واف كاف من أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات بأنه القائم بزراعة الأرض المضبوط بها المخدر والذي تواجد بها عند الضبط قائماً بتقليع النبات، أنه هو الزارع له. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور وفساد في الاستدلال في هذا الصدد يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات الممنوع زراعتها، كما أن القصد الجنائي في جريمة حيازة المواد المخدرة. إنما هو علم الحائز بأن المادة التي يحوزها هي من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة البنات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته أو بأن ما يحوزه مخدر. وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على علم الطاعن بكنه النبات المضبوط فإن منعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار واستظهره في قوله "وحيث إنه عن قصد الاتجار فهو متوافر في حق المتهم من كبر مساحة الأرض محل الضبط وكثرة الشجيرات التي بلغت تسعة آلاف شجرة" وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن زراعة الطاعن لنبات الخشخاش وحيازته كانا بقصد الاتجار، وكان ما أورده الحكم في ذلك كافياً لإثبات هذا القصد، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التدليل على توافره لا يكون سديداً. وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما أثبته - في معرض استخلاصه توافر قصد الاتجار - من أن عدد الشجيرات المضبوطة تسعة آلاف خلافاً للثابت بمعاينة النيابة العامة من أن عددها ثمانية آلاف شجرة فقط، مردوداً بأن البين فيما أورده الحكم - حال سرده لمضمون الدليل المستمد في المعاينة أنه قد أثبت أن عدد الشجيرات ثمانية آلاف شجرة، وهو ما لا ينازع الطاعن في صحته، فمن ثم لا يعيب الحكم أن يكون قد ذكر في بعض مواضعه أو عددها تسعة آلاف شجرة، إذ أن ما ذكره من ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطقه ولا ينال من النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. وما دامت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وإلى صحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صحة هذا التصوير بدعوى تعارضه مع ما جاء بمعاينة النيابة - بفرض صحته - لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي، ما دامت لا تثق بما شهدوا به، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير زراعي، فليس له من بعد أن ينعى عليهما قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه، ولا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناوله من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، ولا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه من منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يذكر المشرف الزراعي بين شهود الإثبات وهو يعدد أدلته على قيام الجريمة التي دان الطاعن بها، إلا أنه في معرض إيراد مؤدى هذه الأدلة عرض تزيداً لأقواله فذكر أنه قرر أن والد المتهم هو الحائز لقطعة الأرض محل الضبط وأن نجله المتهم يشاركه زراعتها، فإن ذلك لا يقدح في سلامة الحكم بعدما استوفى دليله من الأدلة التي عددها - على ما مر ذكره وليست هذه الأقوال المقررة لا المشهود بها قوام جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ولم يكن لها من أثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن زراعة وحيازة نبات الخشخاش للأدلة السائغة التي أوردها، عرض لما أثاره بشأن بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وفنده في قوله "أن المتهم ضبط داخل الأرض محل الضبط يقوم بتقليع النبات المخدر أي أن ضبطه كان في حالة تلبس مما يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض عليه....... - ومن ثم تكون الدفوع المبداة من محامي المتهم على غير أساس من الواقع والقانون ويتعين لذلك الالتفات عنها". وهذا الذي أثبته الحكم صحيح في القانون، ذلك أنه من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ومتى قامت في جريمة صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء أكان فاعلاً أم شريكاً، ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً. وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع - وفقاً للوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقومات والوقائع التي أثبتتها في حكمها لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقبض على الطاعن ويفتشه إلا عندما تحقق من اتصاله بالجريمة إذ شاهده في الأرض التي دلت التحريات على زراعة النبات المخدر فيها، قائماً بتقليع ذلك البنات، بما يكفي لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش - يكون صحيحاً في القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت التحريات وإذن التفتيش عن غير الطاعن، فلا صفة له في الدفع بعدم جدية التحريات التي انبنى عليها هذا الإذن، لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء في الدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه - فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصداره فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. هذا إلى أنه من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط، وليس تفتيش المزارع بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة إذا كانت غير متصلة بالمساكن كما أن كون الجريمة في حالة تلبس والمتهم ضالع في ارتكابها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - ما لا جدوى معه، من بعد، من إثارة الدفع بعدم جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق