الصفحات

الثلاثاء، 5 مارس 2019

الطعن 7698 لسنة 62 ق جلسة 12 / 7 / 1993 مكتب فني 44 ق 105 ص 667

جلسة 12 من يوليو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
----------
(105)
الطعن رقم 7698 لسنة 62 القضائية
 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". 
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية "قيود تحريكها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نقد. تزييف "تزييف عملة".
قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة ترويج عملة أجنبية مزيفة لا يتوقف على صدور إذن من وزير الاقتصاد أو من ينيبه. ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التعامل في النقد الأجنبي. أساس ذلك؟
(3) تزييف "تزييف عملة". نقد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحماية الجنائية لجرائم التزييف والترويج. شمولها جميع أنواع العملة. وطنية وأجنبية. حد ذلك؟
لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع ظاهر البطلان.
(4) إثبات "اعتراف". استدلال. تحقيق. بطلان.
تمسك الطاعن ببطلان أقواله والمحكوم عليه الآخر بمحاضر الضبط لا يجديه. طالما لا ينازع في سلامة اعترافهما في تحقيقات النيابة التي عول عليها الحكم.
 (5)إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. من سلطة محكمة الموضوع. حقها في الأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
 (7)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختلاف رواية المتهم أو شهود الإثبات أو تضاربها. لا يعيب الحكم. متى حصل تلك الأقوال واستخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
 (8)إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز مطالبة القاضي الأخذ بدليل معين ولو كانت أوراقاً رسمية. ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته.
(9) إثبات "شهود" "اعتراف" "خبرة" "أوراق رسمية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر وما ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير. كفايته لإطراح دليل النفي والقضاء بالإدانة. الخوض في بطلان الاعتراف وتعارض أقوال الشهود. جدل في تقدير الدليل. تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب
------------
1 - لما كان الطاعن الثاني .... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع، وقد أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن والمحكوم عليه الآخر بوصف أنهما روجاً عملة ورقية أجنبية مزيفة من فئة المائة دولار أمريكي مع علمهما بذلك وطلبت عقابهما بالمادتين 202، 203 من قانون العقوبات، وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هاتين المادتين، وقد خلا هذا القانون من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن واقعة ترويج عملة مزيفة أو غيرها من الجرائم الواردة بالباب الخامس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التعامل بالنقد الأجنبي، المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، وعلى هذا فإن قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة ترويج عملة أجنبية مزيفة المنسوبة إلى الطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من وزير الاقتصاد أو من ينيبه، ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التعامل بالنقد الأجنبي.
3 - لما كانت الحماية الجنائية لجرائم التزييف والترويج في قانون العقوبات المصري تشمل جميع أنواع العملة، المعدنية والورقية، سواء كانت عملة وطنية أو أجنبية، والمراد بالعملة وسيلة الدفع القانونية التي تضعها الدولة وتحمل قيمة محددة وتخصصها للتداول في المعاملات وتفرض الالتزام بقبولها، ويستوي في العملة المزيفة والمروجة أن تكون وطنية أو أجنبية، وهو مظهر للتعاون الدولي على محاربة تزييف العملة وترويجها، فضلاً عن أن العملة الأجنبية على الرغم من عدم تداولها القانوني في مصر - بالمعنى المتقدم - فيحدث التعامل بها أو التحويل منها أو إليها بالشروط والأوضاع التي يقررها وزير الاقتصاد وقد ذهبت اتفاقية جنيف في عام 1929 إلى عدم التمييز بين العملة الوطنية أو الأجنبية في صدد الحماية، وجاء القانون رقم 68 لسنة 1956 محققاً هذا الحكم بما أدخله من تعديل على المادة 202 من قانون العقوبات ساوى بمقتضاه بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية فأصبح نصها "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من قلد أو زيف أو زور بأية كيفية عملة ورقية أو معدنية متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج......." وكذا ما نص عليه القانون رقم 29 لسنة 1982 بإضافة المادة 202 مكرراً إلى قانون العقوبات بالعقاب على تقليد أو تزييف أو تزوير العملات التذكارية الأجنبية متى كانت الدولة صاحبة العملة المزيفة تعاقب على تزييف العملة التذكارية المصرية. هذا إلى أن القيود الموضوعة على التعامل بالعملة الأجنبية في مصر لا تلغي صفة التداول القانوني عن هذه العملة ما دامت معترفاً بتداولها داخل الدولة التي أصدرتها، ومن ثم يجب أن تكون العملة المزيفة والمروجة متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج ويتوافر التداول القانوني متى فرض القانون على الجميع الالتزام بقبول العملة في التداول سواء كان ذلك بكمية محدودة أو غير محدودة ويفترض هذا التداول القانوني أن العملة قد صدرت من الحكومة، باعتبارها أنها وحدها التي تملك سلطة إصدار العملة. وإذ كان الطاعن لا ينازع في أن العملة الورقية الأجنبية المزيفة المضبوطة "ورقة من فئة المائة دولار أمريكي" متداولة قانوناً في الخارج، فإن الواقعة موضوع الدعوى مما ينطبق عليه نص المادتين 202، 203 من قانون العقوبات، ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف هذا النظر، قد أصاب صحيح القانون ولا عليه إن التفت عما أثاره الطاعن في هذا الخصوص باعتباره دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان.
4 - لا يجدي الطاعن ما تمسك به من بطلان أقواله والمحكوم عليه الآخر بمحاضر الضبط طالما أنه لا ينازع في سلامة اعترافه والمحكوم عليه الآخر في تحقيقات النيابة العامة الذي استند إليه الحكم في قضائه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه عرض لهذا الدفع ونفى أن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر كان وليد إكراه استناداً إلى خلو الأوراق من أي دليل يفيد أن هناك إكراهاً مادياً أو أدبياً قد وقع على المتهمين أدى إلى اعترافهما باقترافهما الفعل المسند إليهما أمام النيابة العامة، وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وكان الطاعنان لا يزعمان بأنهما قد قدما أي دليل على وقوع إكراه مادي أو معنوي عليهما، وكانت المحكمة قد أفصحت عن أن هذا الاعتراف إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة أي إكراه واقتنعت بسلامته وصحته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم اختلاف رواية المتهم أو شهود الإثبات أو تضاربها في بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت من الحكم أنه قد حصل تلك الأقوال واستخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته
8 - العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المطروحة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.
9 - لما كانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير الأدلة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر وإلى ما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وأطرحت دليل النفي الذي تحمله الأوراق الرسمية والعرفية المقدمة منه للتدليل على صحة دفاعه بشأن بطلان الاعتراف وتعارض أقوال شهود الإثبات من ضباط المباحث بالنسبة لمكان الضبط وظروفه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما روجا عملة مزيفة (ورقة مالية فئة المائة دولار أمريكي) على النحو الوارد بالمحضر. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 202، 203 من قانون العقوبات بمعاقبة كلاً منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنتين ومصادرة الورقة المالية المزورة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن الثاني..... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة ترويج عملة ورقية أجنبية مزيفة قد اعتراه البطلان وشابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الجريمة المسندة إلى الطاعن هي من جرائم النقد وقد رفعت الدعوى دون الحصول على طلب كتابي من وزير الاقتصاد أو من ينيبه طبقاً للقانون رقم 97 لسنة 1976، كما أن العملة الأجنبية المضبوطة ليست محل تعامل ومن غير العملات المتداولة قانوناً في مصر مما يخرج واقعة الدعوى عن نطاق التأثيم المنصوص عليه في المادتين 202، 203 من قانون العقوبات وقد رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الصدد بما لا يصلح رداً، وقد دفع ببطلان الاعتراف لتعدده واختلافه من محضر ضبط إلى آخر على وجه متعارض بما يشير إلى حصوله تحت تأثير الإكراه، إلا أن الحكم أخذه بهذا الاعتراف وأطرح دفاعه هذا بما لا يكفي أو يسوغ إطراحه، وعول على أقوال شهود الإثبات من ضباط المباحث رغم تضارب أقوالهم بشأن وقت الضبط وملابساته وتعارضها مع اعتراف الطاعن، ولم يعرض للصور الفوتوغرافية وملف الجناية الأخرى التي اتهم فيها الطاعنين تدليلاً على دفاعه بشأن بطلان الاعتراف وظروف الضبط ومكانه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة ترويج عملة أجنبية مزيفة التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع، وقد أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن والمحكوم عليه الآخر بوصف أنهما روجا عملة ورقية أجنبية مزيفة من فئة المائة دولار أمريكي مع علمهما بذلك وطلبت عقابهما بالمادتين 202، 203 من قانون العقوبات، وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هاتين المادتين، وقد خلا هذا القانون من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن واقعة ترويج عملة مزيفة أو غيرها من الجرائم الواردة بالباب الخامس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التعامل بالنقد الأجنبي، المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، وعلى هذا فإن قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة ترويج عملة أجنبية مزيفة المنسوبة إلى الطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من وزير الاقتصاد أو من ينيبه، ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التعامل بالنقد الأجنبي، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك وكانت الحماية الجنائية لجرائم التزييف والترويج في قانون العقوبات المصري تشمل جميع أنواع العملة، المعدنية والورقية، سواء كانت عملة وطنية أو أجنبية، والمراد بالعملة وسيلة الدفع القانونية التي تضعها الدولة وتحمل قيمة محددة وتخصصها للتداول في المعاملات وتفرض الالتزام بقبولها، ويستوي في العملة المزيفة والمروجة أن تكون وطنية أو أجنبية، وهو مظهر للتعاون الدولي على محاربة تزييف العملة وترويجها، فضلاً عن أن العملة الأجنبية على الرغم من عدم تداولها القانوني في مصر - بالمعنى المتقدم - فيحدث التعامل بها أو التحويل منها أو إليها بالشروط والأوضاع التي يقررها وزير الاقتصاد وقد ذهبت اتفاقية جنيف في عام 1929 إلى عدم التمييز بين العملة الوطنية أو الأجنبية في صدد الحماية، وجاء القانون رقم 68 لسنة 1956 محققاً هذا الحكم بما أدخله من تعديل على المادة 202 من قانون العقوبات ساوى بمقتضاه بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية فأصبح نصها "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من قلد أو زيف أو زور بأية كيفية عملة ورقية أو معدنية متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج...." وكذا ما نص عليه القانون رقم 29 لسنة 1982 بإضافة المادة 202 مكرراً إلى قانون العقوبات بالعقاب على تقليد أو تزييف أو تزوير العملات التذكارية الأجنبية متى كانت الدولة صاحبة العملة المزيفة تعاقب على تزييف العملة التذكارية المصرية. هذا إلى أن القيود الموضوعة على التعامل بالعملة الأجنبية في مصر لا تلغي صفة التداول القانوني عن هذه العملة ما دامت معترفاً بتداولها داخل الدولة التي أصدرتها، ومن ثم يجب أن تكون العملة المزيفة والمروجة متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج وبتوافر التداول القانوني متى فرض القانون على الجميع الالتزام بقبول العملة في التداول سواء كان ذلك بكمية محدودة أو غير محدودة ويفترض هذا التداول القانوني أن العملة قد صدرت من الحكومة، باعتبارها أنها وحدها التي تملك سلطة إصدار العملة. وإذ كان الطاعن لا ينازع في أن العملة الورقية الأجنبية المزيفة المضبوطة "ورقة من فئة المائة دولار أمريكي" متداولة قانوناً في الخارج، فإن الواقعة موضوع الدعوى مما ينطبق عليه نص المادتين 202، 203 من قانون العقوبات، ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف هذا النظر، قد أصاب صحيح القانون ولا عليه إن التفت عما أثاره الطاعن في هذا الخصوص باعتباره دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن ما تمسك به من بطلان أقواله والمحكوم عليه الآخر بمحاضر الضبط طالما أنه لا ينازع في سلامة اعترافه والمحكوم عليه الآخر في تحقيقات النيابة العامة الذي استند إليه الحكم في قضائه، كما أن الحكم المطعون فيه عرض لهذا الدفع ونفى أن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر كان وليد إكراه استناداً إلى خلو الأوراق من أي دليل يفيد أن هناك إكراهاً مادياً أو أدبياً قد وقع على المتهمين أدى إلى اعترافهما باقترافهما الفعل المسند إليهما أمام النيابة العامة، وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وكان الطاعنان لا يزعمان بأنهما قد قدما أي دليل على وقوع إكراه مادي أو معنوي عليهما، وكانت المحكمة قد أفصحت عن أن هذا الاعتراف إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة أي إكراه واقتنعت بسلامته وصحته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأنه لا يعيب الحكم اختلاف رواية المتهم أو شهود الإثبات أو تضاربها في بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت من الحكم أنه قد حصل تلك الأقوال واستخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال شهود الإثبات من ضابط المباحث بما لا تناقض فيه، ولا ينازع الطاعن في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المطروحة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة، وإذ كانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير الأدلة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر وإلى ما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وأطرحت دليل النفي الذي تحمله الأوراق الرسمية والعرفية المقدمة منه للتدليل على صحة دفاعه بشأن بطلان الاعتراف وتعارض أقوال شهود الإثبات من ضباط المباحث بالنسبة لمكان الضبط وظروفه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق