الصفحات

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 20181 لسنة 70 ق جلسة 13 / 4 / 2008


باسم الشعب
محكمـة النقــض
الدائـــرة الجنائيـــة
الأحـد " ب "
ــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / أحمد علـى عبد الرحمن       " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة المستشارين  /  مجـدى أبـو العــلا   و هانــى خليــــل
                                   وأحمــد الخولـــى    " نواب رئيس المحكمة "    
                                                     وتوفيــق سليــم
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / شريف منير
وأمين السر السيد / رجب على  
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأحد 7 من ربيع الآخر سنة 1429 هـ الموافق 13 من أبريل سنة 2008 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 20181 لسنة 70 القضائية .
المرفـوع مــن :
......                                 طاعــن  "محكوم عليه"
ضـــد
النيابة العامة                                مطعون ضدها
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 19166 لسنة 1999 مركز القناطر الخيرية ( المقيدة برقم 3010 سنة 1999 كلى بنها ) بأنه فى يوم 29/8/1999 بدائرة مركــز القناطـر الخيرية ـ محافظة القليوبية : (1) أحدث عمداً اصابة ..... بأن قام بختانها فنتج عنه الاصابة الموصوفة بتقرير الطب الشرعى والتى نشأ عنها عاهة مستديمة هى إزالة البظر على النحو المبين بالتحقيقات . (2) هتك عرض المجنى عليها سالفة الذكر التى لم تبلغ الثامنة عشر عاماً بغير قوة أو تهديد بأن أرقدها على ظهرها وباعد بين فخذيها فكشف بذلك عورتها على النحو المبين بالتحقيقات . (3) زاول مهنة الطب بأن قام بختان المجنى عليها سالفة الذكر دون ان يكون مقيد بسجل الاطباء .
وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين  بأمر الإحالة .
       والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 8 من مايو سنة 2000 عملاً بالمادتين 240/1 ، 269/1 من قانون العقوبات والمادتين 10،1 من القانون رقم 415 لسنة 1954 مع اعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 22 من مايو سنة 2000  وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 5 من يوليه سنـة 2000 موقعاً عليهــا مـــن الأستاذ / ... المحامى . كما أودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 8 من ذات الشهر موقعاً عليها من الأستاذ / ....المحامى . وبذات التاريخ أودعت مذكرة ثالثة موقعاً عليها من الأستاذ / .... المحامى . كما أودعت مذكرة أخرى بأسباب الطعن بذات التاريخ موقعاً عليها من الأستاذ / ..... المحامى .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .  
المحكمــــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة قانوناً .
       من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
      ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحداث جرح عمد نشأت عنه عاهة مستديمة وهتك عرض فتاة لم تبلغ سنها ثمانى عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد ومزاولة مهنة الطب دون أن يكون مقيداً بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن دانه على الرغم من عدم توافر القصد الجنائى فى حقه ، وقام دفاعه على انتفاء رابطة السببية بين فعله والعاهة وارجع حدوث العاهة إلى إهمال والد المجنى عليها فى علاجها والتداخل الجراحى الذى تم لها بمستشفى .... بعد يومين من عملية الختان ، خاصة وأن التقرير الطبى الشرعى لم يبين سبب ووقت حدوث النزيف والصلة بينه وبين عملية الختان بالرغم من جوهرية ذلك باعتبار أن ثمة تدخل جراحى لاحق تم للمجنى عليها بالمستشفى الذى دخلته ولم يبين ضرورة هذا التدخل الجراحى ومداه وحجمه وأثره فى إحداث إصابة المجنى عليها ، فضلاً عن أن هذا التقرير اعتمد بصفة أساسية على التقرير المحرر بمعرفة مستشفى .... الذى لم يذكر فيه أن إزالة بظر المجنى عليها تم فى تاريخ سابق على دخولها المستشفى مما مفاده انه ازيل نتيجة التدخل الجراحي الذى أجرى لها بتلك المستشفى بيد ان الحكم لم يعرض لهذا الدفاع برد سائغ ولم تجر المحكمة تحقيقاً فى هذا الشأن تستجلى به حقيقة الأمر ، واغفل دفاعه القائم على ان إصابة المجنى عليها لا تعد عاهة مستديمة وان الواقعة لا تعدو ان تكون جنحة إصابة خطأ ، ولم تجبه المحكمة إلى تعديل القيد والوصف على هذا الأساس مخالفاً بذلك نص المادة 60 من قانون العقوبات باعتبار ان ما نسب إليه تبيحه الشريعة الإسلامية وغير مخالف لها ، واطرح دفاعه القائم على تصالح والدى المجنى عليها معه وتنازله صراحة عن اتهامه بما لا يصلح أو يسوغ به إطراحه ، ولم تراع المحكمة أثر هذا التنازل عند تقدير العقوبة المقضى بها عليه ، وأعمل فى حقه ما تقضى به المادة 32 من قانون العقوبات وأخذه بعقوبة الجريمة الأشد دون أن يبينها ، ولم يستظهر أركان جريمتى هتك العرض بغير قوة ومزاولة مهنة الطب دون أن يكون مقيداً بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الاطباء البشريين وأخيراً أحال فى بيان أقوال شاهده الإثبات الثالثة إلى ما شهد به شاهدى الإثبات الأولى والثانى دون أن يورد مضمون أقوالها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائى العام  وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائى فى هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى ـ كما أوردها الحكم ـ وهو ما تحقق فى واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذى قارفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فمتى فصل فى شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه . وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها فى ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكان من المقرر أيضاً إن أى مساس بجسم المجنى عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله على إجازة علمية طبقاً للقواعد واللوائح ، وهذه الإجازة هى أساس الترخيص الذى تتطلب القوانين الخاصة بالمهنة الحصول عليه قبل مزاولتها فعلاً وينبنى على القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، أن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من جروح وما اليها باعتباره معتدياً ـ اى على أساس العمد ـ ولا يعفى من العقاب الا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية . ولما كان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الادلة السائغة التى أوردها ، والتى لا يمارى الطاعن فى أن لها معينها الصحيح مـن الأوراق ، قد خلص إلى إحداث الطاعن جرحاً عمداً بالمجنى عليها بقيامه بإجراء عملية الختان لها دون أن يكون مرخصاً له بإجرائها ، ودلل على تخلف العاهة المستديمة نتيجـة فعله ، وكانت حالة الضرورة منتفية فى ظروف الدعوى المطروحة ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وفنده واطرحه بأسباب سائغة التزم فيها التطبيق القانونى الصحيح ، وكان لا يجدى الطاعن ما يثيره من إهمال والد المجنى عليها فى علاجها بعد إجراء  عملية الختان والتدخل الجراحى الذى تم للمجنى عليها بالمستشفى الذى دخلته لأنه فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة إن المدافع عن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره فى أسباب طعنه ـ فإنه بفرض صحته ـ لا يقطع رابطة السببية لأن المتهم فى جريمة الضرب أو إحداث جرح عمد يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ـ كإطالة أمد علاج المجنى عليه أو تخلف عاهة مستديمة به أو الافضاء إلـى موته ـ ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخى فى العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية أو كانت قد تداخلت عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة ، ومادام الطاعن لا يدعى بأن ما نسبه إلى والد المجنى عليها من إهمال كان لتجسيم مسئوليته أو تداخل عوامل أجنبية غير مألوفة بين فعله والنتيجة ، فإن منعاه على الحكم فيما سلف جميعه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق من قبيل ما أثاره بأسباب طعنه فليس له من بعد النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى لزوماً لإجرائه . لما كان ذلك ، وكانت العاهة فى مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هى فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعة أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية بصفة مستديمة ، ولم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذى يكفى وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر فى ذلك لتقديـر قاضى الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى الرأى الفنى الذى قال به الطبيب الشرعى وخلص منه إلى أنه نشأت بالمجنى عليها عاهة مستديمة فإن هذا حسبه ، ومن ثم فإن هذا النعى يكون غير مقبول ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النعى بأن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة إصابة خطأ وليست جناية عاهة مستديمة لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما أتاه كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه عن نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات ، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ، فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح واطرحه بقوله " وحيث انه عن تصالح المتهم مع والد المجنى عليها ، فإنه لما كانت التهمة الثانية والثالثة مما لا يجوز الصلح فيها ذلك أنها تؤثر على مصلحة وكيان المجتمع ككل ويتعين على المحكمة أن تراعى ذلك فى إنزال العقاب على المتهم وأن تراعى فلسفة المشرع فى ذلك خاصة وأن أمثال هذه الجرائم قد كثرت وانتشرت خاصة فى مجتمع الريف مما تلتفت معه المحكمة عن هذا الصلح حماية لمصلحة أعلى وأسمى من المصلحة الشخصية وهى مصلحة المجتمع ككل " . فإن ما أورده الحكم سائغ وكاف لطرح دلالة محضر الصلح المقدم ، لما هو مقرر من أن الصلح الذى يتم بين المجنى عليه والمتهم لا يعدو قولاً جديداً من المجنى عليه يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو يدخل فى تقدير محكمة الموضوع وسلطتها فى تجزئة الدليل فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه ، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة وعدم قيامها هو من إطلاقات محكمــة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التى قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل فى حقه حكم المادة 32 من قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد تلك الجرائم فإنه يكون قد طبق القانون على وجه الصحيح ولا يؤثر فى سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد ، مما يكون معه النعى على الحكم فى هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهى جريمة إحداث العاهة المستديمة وأوقع عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما ينعاه بشأن قصور الحكم بشأن توافر أركان جريمتى هتك العرض بغير قوة أو تهديد ومزاولة مهنة الطب دون ترخيص . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه منها ، وكان الطاعن لا يجادل فى أن أقوال الشهود قد اتفقت مع ما أستند إليه الحكم منها ، فإن نعيه فى هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهـــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق