الصفحات

الثلاثاء، 15 يناير 2019

الطعن 782 لسنة 39 ق جلسة 6 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 197 ص 1014


برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانة, ومصطفى محمود الأسيوطي.
-----------
- 1 سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
المراد بالسب في أصل اللغة وفي اصطلاح القانون؟
المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
- 2  سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك: أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها. مثال.
من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. ولما كان يبين أن لفظ "أخرس" الذي وجهه الطاعن إلى المطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفاً له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته ويصمه في اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه. والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذ أعتبر ما تلفظ به الطاعن سباً يكون قد مسخ دلالة اللفظ كما أورده فضلاً عن خطئه في التكييف القانوني.
- 3  سب وقذف. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". أسباب الإباحة. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون".
حكم المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه. سريانه على العبارات التي تصدر سواء أمام المحاكم أو سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة.
جرى قضاء محكمة النقض على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة، ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه. وما فاه به الطاعن من طلب السكوت من جانب المطعون ضده أدنى وسائل الدفاع عن نفسه في مقام اتهامه أمام الشرطة باغتصاب أثاث زوجته ورميه بأنه يريد أن يعيش من مالها.
----------
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة مصر القديمة الجزئية ضد الطاعن متهما إياه بتاريخ 11 يناير سنة 1967 أثناء تحقيق الشكوى رقم 536 سنة 1967 إداري مصر القديمة بنقطة شرطة ...... تعدى عليه الطاعن بالسب بأن قال له (إخرس) وطلب عقابه بالمادة 306 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت - والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بالمادتين 171 و306 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرة جنيهات مع إلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض, وقضي في معارضته عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات بقبولها شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة السب، قد شابه الخطأ في القانون، ذلك بأنه اعتبر إلزامه المطعون ضده الصمت بقوله "اخرس" سباً مع أن هذا اللفظ لا يقصد به المساس بشرف المجني عليه أو اعتباره بل طلب الكف عن الاسترسال في الكلام ولم يسقه الطاعن إلا ذوداً للمجني عليه عن الاستمرار في إهانته أثناء مثولهما أمام مأمور الضبط في مقر الشرطة، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه أن الطاعن زوج لحفيدة المطعون ضده -المدعي بالحقوق المدنية- الذي شكاه في الشرطة بدعوى اغتصابه لأثاث زوجته وملابسها، وأن الطاعن قال له "اخرس" ردا على ما رماه به من أنه يريد أن يعيش من مال زوجته. لما كان ذلك، وكانت المادة 306 من قانون العقوبات التي دين الطاعن بمقتضاها قد نصت على أن "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب في الأحوال المبينة بالمادة 171 بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين". والمراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص عند نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره. وإذ كان من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سبا أو قذفا أو عيبا أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. ولما كان يبين أن لفظ "اخرس" الذي وجهه الطاعن إلى المطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفا له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته، ويصمه في اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذ اعتبر ما تلفظ به الطاعن سبا يكون قد مسخ دلالة اللفظ كما أورده، فضلا عن خطئه في التكييف القانوني. ومن جهة أخرى فإن قضاء هذه المحكمة -محكمة النقض- قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة، ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه. وما فاه به الطاعن من طلب السكوت أدنى وسائل الدفاع عن نفسه في مقام اتهامه أمام الشرطة باغتصاب أثاث زوجته ورميه بأنه يريد أن يعيش من مالها. ومن ثم فإن ما وقع منه لا جريمة فيه ولا عقاب عليه، مما يتعين معه نقض الحكم وبراءته مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق