الصفحات

الأربعاء، 9 يناير 2019

الطعن 2983 لسنة 82 ق جلسة 1 / 10 / 2013 مكتب فني 64 ق 116 ص 770

جلسة 1 من أكتوبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد محمد سعيد ، عثمان متولي حسن ، محمد متولي عامر وأحمد أحمد محمد خليل نواب رئيس المحكمة .
-------------
(116)
الطعن 2983 لسنة 82 ق
 (1) إعدام . نيابة عامة . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام . غير لازم لقبول عرضها للقضية . اتصال محكمة النقض بها بمجرد عرضها عليها . دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " موانع العقاب " " الجنون والعاهة العقلية " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية . موضوعي . ما دام سائغاً . الجدل فيه أمام محكمة النقض . غير جائز .
الدفع بانعدام مسئولية الطاعن لآفة عقلية لحقت به . غير مقبول . حد ذلك؟
 صدور القانون 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي وإضافته حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية . غير قادح في ذلك . ما دام الطاعن لم يدفع به .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع بانعدام مسئولية الطاعن لآفة عقلية لحقت به .
(3) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل .
(4) ظروف مشددة . سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
سبق الإصرار . ماهيته ؟
البحث في توافر سبق الإصرار . موضوعي . شرط ذلك ؟
(5) قانون " تفسيره " . مسئولية جنائية . أسباب الإباحة وموانع العقاب " موانع العقاب " " الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور ".
الغيبوبة المانعة من المسئولية في مفهوم المادة 62 عقوبات . ماهيتها ؟
الفصل في امتناع مسئولية المتهم لغيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة . موضوعي .
(6) رابطة السببية . إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
ثبوت قيام علاقة السببية . موضوعي . ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه .
إثبات الحكم قيام علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه . لا قصور .
دفع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
 (7) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " " سلطتها في تقدير الدليل " . استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق . ولو تخالفت .
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها .
لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته . لا ينال من جديتها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اعتماد الحكم على الأدلة بحيث ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى . غير لازم .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .
(9) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرر إجراءات . لا تثريب عليها .
طلب سماع شهود نفي . دفاع موضوعي . وجوب أن يكون الفصل فيه لازماً للفصل في موضوع الدعوى وإلا فالمحكمة في حل من الاستجابة إليه أو الرد عليه صراحة .
(10) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة وإن عرضت الدعوى الماثلة على هذه المحكمة - محكمة النقض - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، مشفوعة بمذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ، دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على أنه رُوعي عرضها في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنته مذكرة النيابة العامة - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في موعده المحدد قانوناً أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن ما زعمه من آفة عقلية لحقت به واطرحه في قوله : " .... لما كان من المقرر أن لهذه المحكمة أن تستبين من وقائع الدعوى وظروفها أن المتهم سليم العقل ومسئول عما وقع منه ، فهي ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقرير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله ومن حالته بإجاباته على ما وجهته إليه من الأسئلة ، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، وكان البين من مسلك المتهم من مصاحبته للمجني عليه في التوجه سوياً إلى حفل الزفاف وتقدم المتهم إلى عريس الحفل لمصافحته وتهنئته بالزواج ثم قيامه بتهيئة سلاحه الناري وتصويبه إياه إلى جسد المجني عليه بالكيفية التي بانت في الأوراق تدل على أن المتهم كان بحالة إدراك ووعي لحظة إقدامه على فعله وساندته تحريات المباحث في عدم إصابته بأية عاهة عقلية ، كما أن المحكمة قد ناقشت المتهم بجلسة المحاكمة ووجهت له العديد من الأسئلة وقام المتهم بالإجابة عنها والتي استبانت منها بجلاء أن المتهم لا يعاني من أي عاهة عقلية وأنه كان في حالة إدراك تام ووعي كامل وبالتالي تكون مسئوليته كاملة عما وقع منه من أفعال القتل ، ومن ثم ترى المحكمة طرح طلب الدفاع " . لما كان ذلك ، وكان البين من أسباب الطعن أن ما أثاره الطاعن حاصله انعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به ، فإن ما انتهى إليه الحكم - على السياق المتقدم - يكون صحيحاً في القانون ، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهو ما لم تخطئ في تقديره ، ويكون ما أثاره الطاعن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن قانون رعاية المريض النفسي الصادر بتاريخ 13 من مايو سنة 2009 - وكان تحت بصر المحكمة قبل صدور الحكم المطعون فيه - والذي نص في مادته الثانية على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات وأضاف في ذلك التعديل حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية عن الشخص الذي يعاني منها وقت ارتكاب الجريمة وهو ما لم يدفع به الطاعن ، بل أثار أنه لحقت به آفة عقلية ، وكانت المحكمة قد تناولت الرد على هذا الدفع على السياق المتقدم وخلصت في أسباب سائغة لدى تقديرها لأدلة الدعوى إلى تحقق مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم إدانته عنها باعتبار أن ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها .
3- لما كان الحكم قد عرض للتدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأحداث والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم من وجود خلاف بين المتهم والمجني عليه لم تكشف الأوراق عن ماهيته واستعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته (فرد خرطوش) وفي تصويبه هذا الفرد إلى المجني عليه في مقتل (جانبه الأيمن) ومن مسافة قريبة لم تجاوز مدى تجمع الرش والذي قدره الطبيب الشرعي في تقريره بحوالي من مثلي إلى ثلاثة أمثال طول ماسورة السلاح الناري المذكور وما أدت إليه من تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير ، ومن كل ما سبق فإنه يدل على أن المتهم قد أراد من إطلاق العيار الناري على المجني عليه إزهاق روحه .... " . لما كان ذلـك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
4- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاً ، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توفر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن ما أثير في هذا الشأن لا يكون سديداً .
5- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بامتناع مسئوليته إذ كان تحت تأثير مخدر تم دسه عليه وقت الحادث واطرحه لأسباب سائغة ولأنه كان أهلاً لمسائلته جنائياً إذ توفر له الإدراك والاختيار وقت مقارفته للفعل المجرم الذي ثبت في حقه ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية بموجب المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 هي تلك الناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقتها بحيث تفقده الشعور والاختيار فيما يفعل وقت ارتكاب الجريمة ، وكان الفصل في امتناع مسئولية المتهم تأسيساً على أنه كان في غيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه .
6- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أودت بحياته والتي أوردها تفصيلاً تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، إذ أثبت أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً صوب الجانب الأيمن منه قاصداً قتله فأصابه بتهتك بالرئة اليمنى والكبد وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية ، وإذ كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط معنوياً بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي لما انتهى إليه ، ومن ثم يكون الحكم قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله وما ترتب عليه ، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها .
7- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق ، كما أن لها التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو تخالفت ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها ، هذا إلى أنه لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت - كحال الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى جديتها ، ولا ينال من ذلك ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تلك التحريات ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له معينه الصحيح في الأوراق ، وقد اطمأنت المحكمة إلى صورة الواقعة كما وردت في أقوالهم معززة بتحريات الشرطة ، فضلاً عن أن الحكم لم يعول على أقوال شقيق المجني عليه فلا يجوز إثارة ثمة تعارض بين أقواله وتحريات الشرطة ، ومن ثم ينحل ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة التي لها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم يكون ما يثار في شأن تعويل الحكم على تقرير الصفة التشريحية في معرض تدليله على ثبوت الواقعة لا محل له .
9- لما كان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمته المادة 214 مكرر المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إلى قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن بسماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أي أن يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن غير مقبول .
10- لما كان البين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن ، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون من حضور مدافعين توافرت فيهم الشروط المقررة وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1969 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام ، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ، ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، فيتعين لذلك ، قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه : 1- قتل عمداً المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " محلي الصنع وما إن ظفر به حتى هيأ سلاحه للإطلاق وأطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخناً ( فرد خرطوش ) على النحو المبين بالتحقيقات . 3- أحرز ذخائر ( عدد واحد طلقة ) مما تستعمل في السلاح الناري موضوع الوصف السابق دون أن يكون مرخصاً له على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى والد وشقيق المجني عليه مدنياً بمبلغ 10001 عشرة آلاف وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة قررت بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الأراء وعمـلاً بالمادتين 230 ، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/5،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) المرفق بالقانون الأول ، بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة .
فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة

أولاً : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية :
حيث إن النيابة العامة وإن عرضت الدعوى الماثلة على هذه المحكمة - محكمة النقض - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، مشفوعة بمذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ، دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على أنه رُوعي عرضها في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنته مذكرة النيابة العامة - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في موعده المحدد قانوناً أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى .

ثانياً : بالنسبة لطعن المحكوم عليه :
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، وران عليه الفساد في الاستدلال ، وعابه الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه دفع بانعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به طالباً عرضه على مستشفى الأمراض العقلية واطرح الحكم دفعه بما لا يسوغ ، كما دلل على توافر نية القتل في حقه بما لا يكفي ، مستدلاً على ذلك باستخدام سلاح قاتل وإصابة المجني عليه في مقتل ، ودلل على توافر سبق الإصرار لخلافات سابقة بينه وبين المجني عليه الأمر الذي خلت منه تحريات الشرطة وأقوال شقيق المجني عليه بما لا يسوغ سنداً لقيامه ، واطرح الحكم بما لا يصلح دفاعه بأنه كان فاقد للشعور والإدراك وتحت تأثير مخدر دسه عليه المجني عليه ، كما لم يستظهر توافر رابطة السببية بين فعله وما لحق بالمجني عليه ، وتساند إلى تحريات الشرطة رغم دفعه بعدم جديتها وتناقضها مع أقوال شاهدي الإثبات وشقيق المجني عليه ، وجهالة مصدرها ، كما عوّل على تقرير الصفة التشريحية في إسناد الاتهام رغم كفاية ذلك ، كما لم تجبه المحكمة لطلب سماع الشهود الذي سماهم ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال .... ، و.... ، والضابطين / .... ، و.... ، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية والأسطوانة المدمجة الخاصة بحفل الزفاف الذي حدثت فيه الواقعة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم ، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن ما زعمه من آفة عقلية لحقت به واطرحه في قوله : " .... لما كان من المقرر أن لهذه المحكمة أن تستبين من وقائع الدعوى وظروفها أن المتهم سليم العقل ومسئول عما وقع منه ، فهي ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقرير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله ومن حالته بإجاباته على ما وجهته إليه من الأسئلة وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، وكان البين من مسلك المتهم من مصاحبته للمجني عليه في التوجه سوياً إلى حفل الزفاف وتقدم المتهم إلى عريس الحفل لمصافحته وتهنئته بالزواج ثم قيامه بتهيئة سلاحه الناري وتصويبه إياه إلى جسد المجني عليه بالكيفية التي بانت في الأوراق تدل على أن المتهم كان بحالة إدراك ووعي لحظة إقدامه على فعله وساندته تحريات المباحث في عدم إصابته بأية عاهة عقلية كما أن المحكمة قد ناقشت المتهم بجلسة المحاكمة ووجهت له العديد من الأسئلة وقام المتهم بالإجابة عنها والتي استبانت منها بجلاء أن المتهم لا يعاني من أي عاهة عقلية وأنه كان في حالة إدراك تام ووعي كامل وبالتالي تكون مسئوليته كاملة عما وقع منه من أفعال القتل ، ومن ثم ترى المحكمة طرح طلب الدفاع " ، لما كان ذلك ، وكان البين من أسباب الطعن أن ما أثاره الطاعن حاصله انعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به ، فإن ما انتهى إليه الحكم - على السياق المتقدم - يكون صحيحاً في القانون ، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهو ما لم تخطئ في تقديره ، ويكون ما أثاره الطاعن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن قانون رعاية المريض النفسي الصادر بتاريخ 13 من مايو سنة 2009 - وكان تحت بصر المحكمة قبل صدور الحكم المطعون فيه - والذي نص في مادته الثانية على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات وأضاف في ذلك التعديل حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية عن الشخص الذي يعاني منها وقت ارتكاب الجريمة وهو ما لم يدفع به الطاعن ، بل أثار أنه لحقت به آفة عقلية ، وكانت المحكمة قد تناولت الرد على هذا الدفع على السياق المتقدم وخلصت في أسباب سائغة لدى تقديرها لأدلة الدعوى إلى تحقق مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم إدانته عنها باعتبار أن ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها . لما كان ذلـك ، وكان الحكم قد عرض للتدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأحداث والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم من وجود خلاف بين المتهم والمجني عليه لم تكشف الأوراق عن ماهيته واستعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته (فرد خرطوش) وفي تصويبه هذا الفرد إلى المجني عليه في مقتل (جانبه الأيمن) ومن مسافة قريبة لم تجاوز مدى تجمع الرش والذي قدره الطبيب الشرعي في تقريره بحوالي من مثلي إلى ثلاثة أمثال طول ماسورة السلاح الناري المذكور وما أدت إليه من تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير ، ومن كل ما سبق فإنه يدل على أن المتهم قد أراد من إطلاق العيار الناري على المجني عليه إزهاق روحه .... " ، لما كان ذلـك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن . لما كان ذلك ، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاً ، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توفر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن ما أثير في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بامتناع مسئوليته إذ كان تحت تأثير مخدر تم دسه عليه وقت الحادث واطرحه لأسباب سائغة ولأنه كان أهلاً لمسائلته جنائياً إذ توفر له الإدراك والاختيار وقت مقارفته للفعل المجرم الذي ثبت في حقه ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية بموجب المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 هي تلك الناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقتها بحيث تفقده الشعور والاختيار فيما يفعل وقت ارتكاب الجريمة ، وكان الفصل في امتناع مسئولية المتهم تأسيساً على أنه كان في غيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أودت بحياته والتي أوردها تفصيلاً تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، إذ أثبت أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً صوب الجانب الأيمن منه قاصداً قتله فأصابه بتهتك بالرئة اليمنى والكبد وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية ، وإذ كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط معنوياً بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي لما انتهى إليه ، ومن ثم يكون الحكم قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله وما ترتب عليه ، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق ، كما أن لها التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو تخالفت ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها ، هذا إلى أنه لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت - كحال الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى جديتها ، ولا ينال من ذلك ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تلك التحريات ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له معينه الصحيح في الأوراق ، وقد اطمأنت المحكمة إلى صورة الواقعة كما وردت في أقوالهم معززة بتحريات الشرطة ، فضلاً عن أن الحكم لم يعول على أقوال شقيق المجني عليه فلا يجوز إثارة ثمة تعارض بين أقواله وتحريات الشرطة ، ومن ثم ينحل ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة التي لها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم يكون ما يثار في شأن تعويل الحكم على تقرير الصفة التشريحية في معرض تدليله على ثبوت الواقعة لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمته المادة 214 مكرر المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إلى قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن بسماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أي أن يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن ، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون من حضور مدافعين توافرت فيهم الشروط المقررة وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1969 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام ، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ، ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، فيتعين لذلك ، قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق